أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - - المسألة الستالينية - !!















المزيد.....


- المسألة الستالينية - !!


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26 - 22:47
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


قد يخطر ببال القارئ لدى قراء هذا العنوان الغريب على الأسماع عنوان " المسألة الشرقية ". فإذا كان عنوان " المسألة الشرقية " هو عنوان الأطماع الإستعمارية الأوروبية باقتسام ميراث " الرجل المريض "، السلطنة العثمانية، فإن " المسألة الستالينية " هي العنوان الأعرض لإشكالية البورجوازية الوضيعة في طول العالم وعرضه في تقرير مصائر ميراث ستالين. ويتمثل ميراث ستالين بالإشتراكية السوفياتية وبالمعسكر الإشتراكي اللذين لم يتقرر مصيرهما بعد خلافاً لما يتقوّله الأعداء وغير ذوي الإختصاص. لكن البورجوازية الوضيعة وهي مؤئل المكر الوضيع والخديعة تصر على ألا تسمي الأشياء بأسمائها فتختزل تاريخ الحركة الشيوعية منذ أكتوبر 1917 وحتى الإنهيار في العام 1991 بالستالينية بالرغم من أن قادة العمل الشيوعي بعامتهم، سواء منهم من كان في السلطة أم خارج السلطة، كانوا قد أعلنوا براءتهم من ستالين وعداءهم الصريح والمبدئي للستالينية منذ شباط فبراير 1956. هكذا هو مكر البورجوازية الوضيعة التي منها من اعتبرني " ستالينياً جداً " وأنني أشتم كل من لا يقدس ستالين!! يقولون هذا وهم يعلمون تماماً أن المقدس لدي هو الإشتراكية وليس ستالين لكن مكرهم يختزل الإشتراكية بالستالينية، وليس لدي أي حجة لإنكار ذلك فالإنسانية لم تعرف نمطاً من الإشتراكية سوى ذلك الذي بناه ستالين يقود حزباً منتهجاً نهج اللينينية الأصيلة. لكل هذا يترتب علينا أن نتوقف طويلاً أمام هذا المكر الخادع الذي هو من اختصاص البورجوازية الوضيعة ومن صناعتها كيما نعيده إلى أصوله.

قبل الشروع في مقاربة المكر والخداع البورجوازي الوضيع يلزم الإعتراف بوجود ما يمكن تسميته ب" المسألة الستالينية " قبل خطاب خروشتشوف السري في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي عام 56، الذي وضع الأساس للمسألة الستالينية التي نحن بصددها فيما بعد الإنهيار بصورة تسترعي الإنتباه. ولولا وجود ما يمكن تسميته ب " المسألة الستالينية " فيما قبل المؤتمر وخطاب خروشتشوف ما كانت لتكون مسألة بهذا التعقيد بعده. كانت المسألة ما قبل المؤتمر تتمثل بالإيمان المطلق بعبقرية ستالين وبأنها السبب الوحيد في النجاحات الهائلة التي حققها الإتحاد السوفياتي في وقت قصير ومنها قيامه بسحق ألمانيا الهتلرية بعد أن ألحقت هزائم منكرة بأكبر إمبراطوريتين استعماريتين هما بريطانيا وفرنسا. صحيح أن عبقرية ستالين، بجانب تكريسه الإستثنائي لكل حياته من أجل قضية البروليتاريا، كانت السبب الرئيسي فيما تحقق، لكن تلك العبقرية التي شهد لها رجال عظام كمولوتوف وتشرتشل وروزفلت وغيرهم، ما كانت لتتجلى بأبهى صورها بغير اللينينية وهذا ما ظل يؤكد عليه ستالين نفسه إذ كان يبدأ جميع خطاباته تقريباً بالقول . . يعلمنا الرفيق لينين إذ يقول كذا وكذا. لينين كان المفكر الوحيد الذي قرأ الماركسية قراءة عبقرية صحيجة من بين قادة الأممية الثانية المشهورين من مثل كاوتسكي وبليخانوف وبيرنشتاين وغيرهم، وتجسدت عبقرية ستالين بالإعتماد الأمين والكلي على القراءة اللينينية للماركسية التي قرأها هو بدورة قراءة عبقرية. المسألة الستالينية فيما قبل المؤتمر العشرين تجسدت بتغطية عبقرية الماركسية اللينينية بعبقرية ستالين والإيمان المطلق بها. من هنا جاء خطاب خروشتشوف السري يطعن بالإيمان بعبقرية ستالين. لكن بالإضافة إلى كون الخطاب ضربة قاتلة توجهها البورجوازية الوضيعة لقوى البروليتاريا في الصميم، كان أيضاً بمثابة دعوى مساواة ما بين رفاق ستالين من البلاشفة بستالين نفسه وفي هذا ما يحاكي ثقتهم بأنفسهم خاصة وأن ستالين كان في أكتوبر 52 قد وصفهم جميعاً بأنهم ليسوا على قدر وظيفتهم ووجوب الإستغناء عنهم بالتالي. وهكذا بذر خروشتشوف بذور المسألة الستالينية لتنبت في حديقة الشيوعية كأعشاب ضارة تقتل الأعشاب الحميدة في أحد جانبي المسألة الستالينية فيما قبل المؤتمر العشرين.

حبوب المسألة الستالينية التي بذرها خروشتشوف ونبتت في حديقة الشيوعية لم تكن ذميمة فقط بل كانت مصنعة في معمل أكاذيب البورجوازية الوضيعة، كمثل الإدعاء بأن ستالين كان يمارس طقوس عبادة الذات (Personality Cult) في حين أن الخصيصة الأولى التي تميّز بها ستالين عن سائر قادة العالم العظام هي إنكار الذات، فقد خرج من الحياة لا يمتلك شيئا، لا بيتاً ولا عائلة ولا حتى بذلة مناسبة يدفن بها. ثمة مائة واقعة وواقعة تكذّب مزاعم خروشتشوف الباطلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر أنه عندما اجتمع كل رجال الدولة والحزب في قاعة الأعمدة في الكرملين للإحتفال بالإنتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية في 25 تموز يوليو 1945 وهتفوا جميعاً مقترحين النخب الأول في الاحتفال .. " مرحى للرفيق ستالين صاحب النصر الأعظم "، لكن الرفيق ستالين لم يشرب النخب، فصاحوا مرة أخرى وبصوت أعلى مكررين نفس الهتاف، ومرة أخرى لم يشرب الرفيق ستالين النخب ليقول عندئذٍ .. " أريد أن أصحح لكم يا رفاق، صاحب النصر الأعظم ليس ستالين بل هو الشعب الروسي " !! فأي إنكار للذات مثل هذا الإنكار والإنتصار على النازية الهتلرية هو حتى اليوم يعتبر المأثرة الأعظم التي حققتها البشرية على يد الإتحاد السوفياتي بقيادة ستالين، وعلماً بأن الإتحاد السوفياتي ما كان لينتصر في الحرب لولا قيادة ستالين وهو ما يعترف به كافة المارشالات والجنرالات السوفيات، وما كانت الشعوب السوفياتية لتضحي بأكثر من 25 مليون إنسان لولا إيمانها بالنظام وبستالين.
والإدعاء الكاذب الآخر في خطاب خروشتشوف كان اتهام ستالين بالحكم الفردي والتسلط الدكتاتوري؛ وهذا أيضاً إدعاء باطل تكذبه الوقائع إذ ليس هناك قرار رئاسي واحد دخل مرحلة التنفيذ دون موافقة المكتب السياسي للحزب عليه حتى ولو كان القرار يتعلق بأبسط الأمور، بل وحتى القرارات المتعلقة بالعمليات العسكرية كانت تخضع لموافقة المكتب السياسي خلافاً لما تقتضيه أنظمة الحروب. ويقص علينا مولوتوف في مذكراته أن ستالين وقبل شهور من رحيله طرح على المكتب السياسي اقتراحا يقضي بتجميع اليهود السوفييت في جمهورية واحدة غير أن اقتراحه سقط سقوطاً مدويّاً ولم ينل صوتاً واحداً من أعضاء المكتب الأحد عشر، ولعله بفعل الإحباط الشديد وقع ستالين مغشياً عليه لدى نهوضه عن الكرسي. وأكد مولوتوف أنه كان كثيراً ما يعارض ستالين ويناقشه في معظم القرارات طيلة فترة رئاسته للحكومة 1929 ــ 1941. بل إن ما يدحض كل التخرصات حول تفرد ستالين بالسلطة هو أن هناك في أرشيف الحرب السوفياتي أمرأ يومياً مكرراً بتوقيع القائد العام ستالين يمنع فيه منعاً باتاً تصويت الضباط قادة الوحدات على العمليات الحربية قبل التنفيذ، ومع ذلك يقص العقيد شتمنكو سكرتير غرفة العمليات في جبهة القوقاز 1943 أنه حالما انتهت قيادة الجبهة برئاسة المارشال عضو المكتب السياسي كليمنت فورشيلوف من تقرير خطة الهجوم على القوات الألمانية أمر فورشيلوف بدعوة قادة الوحدات للتصويت على الخطة، وعندما نبهه شتمنكو إلى أمر ستالين بمنع التصويت على الأعمال الحربية رد عليه فورشيلوف قائلاً . . " لا عليك إجمع قادة الوحدات! ". لئن كانت حتى الأعمال الحربية تخضع للتصويت، وهو أمر غير وارد في سائر جيوش العالم فكيف لا تكون كل الأعمال المدنية خاضعة للتصويت!!؟

أغوى الشيطان خروشتشوف مقدماً له التفاحة الحلوة وهي رئاسة أعظم دولة في العالم، وبعد وقت قصير رأى خروشتشوف عورته وعرف أن العسكر خلعوا سرواله وكشفوا عن عيبه كما عبّر في مذكراته فقال مقولته الشهيرة .. " كنت فتحت ثغرة في جدار السد الكبير بخطابي السري دون أن أعلم أن مياها كثير ستفيض علينا من خلالها، مياها أخشى أن تغرقنا جميعا ". حقاً فاضت مياه كثيرة وأغرقت جميع الشيوعيين حتى غير البلاشفة منهم وكانت النتيجة انهيار المعسكر الإشتراكي والمشروع اللينيني الذي مثل خشبة الخلاص للبشرية. اعترف خروشتشوف بفعلته الشنعاء التي لا تماثلها إلا خطيئة آدم في أسطورة الفردوس المفقود غير أن السيف كان قد سبق العذل.
ما يثير الدهشة حقاً ويستحث كل ذي عقل راجح على التساؤل والاستقصاء هو أن الثغرة التي ثغرها خروشتشوف لم يتوقف فيض المياه من خلالها بعد أن أغرقت كافة الشيوعيين وقوضت المعسكر الإشتراكي والمشروع اللينيني بل زادت فيضاناً من تلك الفتحة إيّاها. كان خروشتشوف قد اختتم خطابه السري متعقلاً ليقول " لا يسعنا أن ننكر الخدمات الجلّى التي قدمها ستالين لوطننا الإشتراكي "، ثم وصف ستالين بعد سنتين أو أكثر بأنه أعظم من قاوم الإستعمار، وقبل أسابيع من الإنقلاب عليه وطرده من كافة وظائفه شتم أقرانه في المكتب السياسي أثناء الإجتماع بالقول .. " خراء ستالين أفضل منكم ". قال كل هذا ولو بقي حيّاً لصعق من هول الجريمة التي كان قد اقترفها في ثغرة السد وهو يشاهد اليوم الطوفان المتعاظم حتى اليوم متدفقاً من خلال ثغرته الإجرامية. جيوش لجبة تحيط بستالين من كل صوب لتكيل له من الشتائم ما لم يستحقها هتلر ولا جنكيزخان. يشتمونه بكل اللغات القذرة ويقسمون على أنهم ليسوا نازيين ولا من أيتام هتلر المصاب بلوثة العداء للإنسانية. يشتمونه بحقد لا يسمح لهم حتى بالتفكر فيما هم فيه!! الكلاب المصابة بالسعار لا تعرف أسباب سعارها !! لماذا كل هذا السعار وهذا الفيض المتزايد من الشتائم بحق رجل حوّل روسيا من بلاد تعتمد على المحراث الخشبي تجره الحيوانات إلى بلاد صناعية من الدرجة الأولى تسبق كل بلدان العالم على صعيد العلوم والتكنولوجيا، رجل كان الوحيد القادر على توطيد السلم في العالم كما أكد رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشيرتشل، رجل تحتاجه الولايات المتحدة كي تتمكن من الإنتصار على العسكرية اليابانية كما أكد الرئيس الأميركي هاري ترومان !؟ لماذا كل هذه الشتائم بحق هذا الرجل الذي لم يجد فلاديمير لينين بديلاً عنه ليقود الحزب الشيوعي السوفياتي ويدير مشروعه العالمي والتاريخي، مشروع الثورة الإشتراكية العالمية!؟ لماذا كل هذه الشتائم على رجل رحل عن هذا العالم قبل أكثر من نصف قرن !!؟

المرء لا يحتاج لأي ذكاء ليعرف أن الشتائم التي لحقت بستالين، وهي أضعاف ما لحق بوحش النازية وعدو الإنسانية هتلر، رغم أن ستالين هو نفسه من خلص البشرية من ذلك الغول النازي الذي تسبب في قتل أكثر من خمسين مليون إنسان من الشعوب الأوروبية وحدها، لا يحتاج المرء لأي ذكاء ليعرف أن الدافع لتلك الشتائم ليس هو الحرص على الإشتراكية التي بناها ستالين وتسبب في انهيار ما بناه !!؟ وليس هو التعاطف المزعوم مع ضحايا ستالين من قادة الحزب الشيوعي، وخاصة عندما يعلم المرء أن هؤلاء الشتامين ليس لهم أدنى معرفة بطبيعة الإشتراكية العلمية، اشتراكية ماركس وإنجلز، وهم في سوادهم معادون للشيوعية ولكل عمل شيوعي. لو كانوا صادقين في تعاطفهم مع الضحايا، أي ضحايا وليس الضحايا الشيوعيين فقط، لشعروا بامتنان عميق لمن خلص البشرية من ذلك الغول النازي الذي كاد يوشك أن يحقق طموحاته في استعباد البشرية كل البشرية لألف عام لولا ستالين شخصياً، ذلك الغول الذي أعطى تعليمات لقادة جيوشه الغازية بأنه يريد روسيا أرضاً بلا شعب لأنه لن يكون قادراً على إطعام شعبها!! من المؤكد أن هؤلاء الشتامين يعلمون تماماً أنه لولا ستالين شخصياً لانتصر هتلر واستولى على روسيا أرضاً بلا شعب !! يدعي هؤلاء الشتامون بأن شتيمة هتلر أمر مفروغ منه وهو ما يعني أن شتيمة ستالين ليس أمراً مفروغاً منه ولذلك هم يقدمون " معروفاً " للإنسانية كي تعي " إجرام " ستالين فتشتمه كما تشتم هتلر. إلا أن الحقيقة التي لا يستطيع هؤلاء المنافقون تجاوزها هي أن النقيض الأوحد لهتلر كان ستالين وليس تشرتشل أو روزفلت أو غيرهما، وعليه فأن تشتم ستالين فذلك يعني آلياً تسويغ هتلر. ليقرأ هؤلاء الكَذَبَة المنافقون رسالة تشيرتشل إلى ستالين المؤرخة في 6 إبريل 1943 إذ تقول . . " أنا أعي بعمق الحمل الهائل (giant burden) الذي تحمله الجيوش الروسية وتساهم مساهمة لا تدانيها أية مساهمة أخرى في قضيتنا المشتركة ". هل يعي هؤلاء الكَذَبة المنافقون ما يقوله تشيرتشل عدو الشيوعية رقم واحد؟

يفتح التاريخ صفحتين مشرقتين ليوسف ستالين، صفحة تتحدث عن ستالين يبني الإشتراكية وصفحة أخرى تتحدث عن ستالين يسحق النازية. لن يمنح التاريخ أي شخص آخر مجداً مثل هذا المجد. نحن كماركسيين بلاشفة لا نتوقف أمام أي مجد شخصي حتى ولا مجد ستالين الشامخ عبر تاريخ البشرية؛ إلا أننا نقف اليوم مرغمين لنستقصي أسباب أولئك الأعداء للإنسانية في تلطيخ صورة ستالين المشرقة والمجيدة. جميع هؤلاء الأعداء يسوقون حجة واحدة تستند إلى تعاطف كاذب يكنّه هؤلاء المنا فقون مع مئات الألوف الذين أعدمهم ستالين كما يدّعون. لو كان لدى هؤلاء أدنى حس إنساني لما سوّغوا النازية عبر شتيمة ستالين ولما انتصروا للكولاك، كبار ملاكي الأراضي الزراعية، الذين حاربوا البروليتاريا الروسية عبر تجويعها وحرمانها من الخبز عن طريق تبوير أراضيهم الواسعة وحرق محاصيلهم الزراعية وقتل مواشيهم. هؤلاء الأعداء الشتامون عديمو الحس الإنساني، وهم لا يجرؤون على التصريح بعدائهم للإشتراكية ــ ولو أن نفراً منهم يهاجم الإشتراكية السوفياتية هجوماً غبياً قميناً بالسخرية ــ هؤلاء الأعداء يلوذون بتعاطف إنساني كاذب مع الذين أعدمهم ستالين. ولخيبة هؤلاء بالجملة فإن حقيقة الأمر هي أن ستالين لم يعدم أحداً طالما أنه لم يشغل مركزاً رسمياً في سلطات الدولة السوفياتية الثلاث قبل شهر مايو أيار 1941. ولذلك هو لم يحاكم ولم يوقع على إعدام أي شخص. جميع الذين أعدموا حوكموا علنياً أمام القضاء وأمام الصحافة الغربية، باستثناء الجنرالات المتآمرين الذين حوكموا سرياً نظراً لخطورة المعاومات العسكرية، ووقع على إعدامهم رئيس الوزراء فياتشسلاف مولوتوف الذي يصفه الإعلام الغربي بالرجل الطيب (bon home) . من كبرى المآثر التي حققها الشيوعيون البلاشفة بقيادة ستالين كان تجريد الكولاك من ممتلكاتهم الزراعية الكبيرة ونفيهم إلى سيبريا حيث ابتنوا لأنفسهم هناك مدناً كبيرة هي اليوم من أرقى المدن الصناعية في روسيا.

اليوم وقد رحل ستالين قبل نصف قرن وزال المعسكر الإشتراكي قبل عقدين، فلماذا لا تنضب المياه خلف السدّ الذي ثغره خروشتشوف قبل أكثر من نصف قرن وما زالت تزداد فيضاناً وتلقي بكل القاذورات التي تحملها على قبر ستالين. ستالين كان أهم رجل في العالم قبل العام 1953 عام رحيله، فلماذا ما زال هو اليوم أهم رجل في العالم !!؟ يفتح المرء صحيفة يسارية مثل " الحوار المتمدن " فتطالعه في صفحاتها شتائم كثيرة على ستالين. أنا أعلم أن اليسار هو اليوم العدو الأول للشيوعية، لكن لماذا هو العدو الأول لستالين !؟ فهل الشيوعية وستالين صنوان؟ هذا سؤال برسم الإجابة من اليسار.
كل متفحص للمسألة الستالينية الصعبة الماثلة اليوم لا بدّ أن يجد في جيوش الشتامين اللجبة المحيطة بقبر ستالين ثلاثة أصناف هي التالية ـ ـ
[1] كانت الإمبريالية قد استأجرت جيوشاً جرارة من الإعلاميين والعاملين في الفكر والثقافة للقيام بالدعاية ضد الشيوعية. فلول هذه الجيوش لم تنفق بعد حتى بعد نفوق الإمبريالية بحوالي أربعة عقود. اعتاد هؤلاء المجندون على شتيمة الشيوعية وعلمها ستالين. سيظل هؤلاء المأجورون يشتمون حتى يملأ التراب أفواههم. وعلى العموم فإن أذى هؤلاء أقل ضرراً من أذى الصنفين الآخرين.
[2] البورجوازية الوضيعة أو الطبقة الوسطى وهؤلاء أشد عداوة للشيوعية من الرأسماليين، فالرأسماليون ينتجون الشيوعية من خلال تحويل الطبقة الوسطى إلى بروليتاريا من جهة وتعميم الإنتاج الجمعي أو المجتمعي (Associated Production) من جهة أخرى، في حين تستخدم البورجوازية الوضيعة كل الحيل والخداع كي تحافظ على تقسيم العمل ونمط الإنتاج الفردي(Individual Production) وهي بذلك تشكل العدو الأول والأكبر للبروليتاريا وللشيوعية وقائدها الأول ستالين. عصابات اليسار على تباينها تجتمع في هذا الصنف، البورجوازية الوضيعة، وهي لا تصف نفسها باليسارية إلا لأنها لا تتخلى عن تقسيم العمل الذي ينادي الشيوعيون بإلغائه.
[3] أنصاف الماركسيين الذين لا يدركون فحوى الإشتراكية العلمية فيظنونها نظاماً إجتماعياً يقيم العدل والمساواة بينما هي في حقيقتها ليست أقل من محو الطبقات حيث لا عدل ولا مساواة بالمعنى البورجوازي المتداول. وينادي هؤلاء بسبب فقرهم في العلوم الماركسية بما يسمونه " الإشتراكية ذات الوجه الإنساني " وهم لذلك يعتبرون محو الطبقات والصراع الطبقي العنيف الذي يقتضيه عملاً غير إنساني بل وحشياً كما يصفه بعضهم. ولما كانت الإشتراكية ليست أقل من محو الطبقات الذي يقتضي بالضرورة صراعاً عنيفا من أجل نقل البشرية إلى أعلى درجات سلم الأنسنة فهي لذلك الخطوة الأعظم التي تخطوها البشرية على طريق الأنسنة عبر كل التاريخ. بسبب جهلهم المؤسف يتوهم أنصاف الماركسيين بأن ثمة اشتراكيتين إحداهما إنسانية وأخرى غير إنسانية؛ وهذا وهم زائف تشاركهم فيه البورجوازية الوضيعة. ولذلك اشترط ماركس عبور مرحلة الإشتراكية في ظل دكتاتورية البروليتاريا التي فحواها عنف الصراع. تعبّر دكتاتورية البروليتاريا عن أشواقها للوصول إلى الأنسنة المكتملة بزيادتها من مستوى العنف في الصراع. هؤلاء يشتمون ستالين لأنه قاد صراعاً عنيفاً في عبور الإشتراكية وكانت آخر معاركه تلك التي كانت تستهدف محو طبقة الفلاحين في برنامج الحزب الخماسي 1952 ــ 1956 الذي ألغته عصابة خروشتشوف. وهكذا يشكل أنصاف الماركسيين اليوم العدو الأخطر للبروليتاريا وللشيوعية.

هذه هي الأقوام التي تتهيّب في أن تسبّ الإشتراكية فتسب ستالين رغم أنها تعلم علم اليقين أن ليس من اشتراكية أخرى في تاريخ العالم حتى اليوم سوى تلك الإشتراكية التي بناها ستالين. ورب من يقول منهم مثل بعض الجهلة من أنصاف الاركسيين .. " نحن نريد الإشتراكية لكن بلا ستالين "، أي أنهم يريدون اشتراكية بلا صراع طبقي !! نحن نرثي لهؤلاء الأغبياء الجهلة الذين لا يعلمون أن الإشتراكية إنما هي المعركة الأخيرة الأكثر عنفاً وشراسة بين الطبقات، بين البروليتاريا وعدوها الأخير والأكثر مقاومة ومكراً وهو البورجوازية الوضيعة. ولعلنا لا نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا أن الشوط الذي قاده ستالين في مكتب رئاسة هيئة أركان البروليتاريا كان شوطاً قليل الضحايا بالنظر إلى ما تم عبوره من طريق الإشتراكية، بعيداً بالطبع عن ملايين الضحايا الذين توجب على هيئة أركان البروليتاريا أن تتكبدها دفاعا عن سلام البشرية ومنها دولة العمال الأولى في التاريخ، الإتحاد السوفياتي. من ينكر مثل هذه الحقيقة فهو قطعاً لا يعرف ما هي الإشتراكية.

فـؤاد النمري
www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدو الرئيسي للعمل الشيوعي اليوم
- الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية
- ثورة أكتوبر لم تفشل
- - حفّار التاريخ - يسأل أسئلة صعبة
- صيحة الديموقراطية الكاذبة
- البورجوازية طبقتان متايزتان (في البورجوازية العربية)
- الليبراليون لا يعرفون معنى الليبرالية (الحرية)
- تنويراً لأنصاف الماركسيين
- ليس في الماركسية ما يفشل ... لماذا؟
- الإشتراكية السوفياتية ليست رأسمالية الدولة
- رسالة من ستالين إلى الرئيسين روزفلت وتشرتشل
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (5)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (4)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (3)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (2)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . .
- الرسالة الثانية . . ردٌّ على ردّ
- جواب قيادة الحزب الشيوعي الأردني على رسالتي
- رسالة قديمة إلى قيادة الحزب الشيوعي الأردني
- مشروعية السؤال .. ما العمل؟


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - - المسألة الستالينية - !!