فراس الغضبان الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 3195 - 2010 / 11 / 24 - 11:30
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لقد أصيب العراق منذ الإلف الخامس للميلاد حيث كان عصر فجر السلالات وظهور الإمبراطوريات وحتى التاسع من نيسان عام 2003 بكارثة يختصر مفهومها بالعسكرتارية وتعنى تحويل كل موارد البلاد ومستقبل العباد للحروب الدامية التي لم تسجل نصرا ولم تبن مجتمعا أو ترفه وطننا ومواطننا .
إنما ونتيجة لسياسة الاحتراب أصيب العراق بكوارث لا حدود لها وأسهمت في تخلف البلاد وظلم العباد وقد ضرب العراق رقما قياسيا في عدد ضحايا الحروب من القتلى والمفقودين والأرامل وحرمان الناس من ابسط مستلزمات الحياة .
وحدث ذلك منذ عصر سرجون الاكدي وحتى لحظة نهاية صدام التكريتي والكارثة الأكبر إن العهد الجديد ما زال أسيرا لثقافة الحروب والدكتاتورية والعسكرتارية والنبش في الماضي والدليل على ذلك هو الإعلان عن إعادة نصب الجندي المجهول في مكانه القديم .
لقد حاول النحات رفعت الجادرجي ومن خلال أخيه نصير المتنفذ سياسيا إن يعيد البعض من مجده القديم على حساب وتطلعات العصر الديمقراطي الجديد ولان الأول مقاول معروف وتقتضي متطلبات حياته في لندن أموالا طائلة فلم يجد غير بعض المتنفذين في الحكومة العراقية إن يساندوا مشاريعه الخرافية وأولها كان اختيار نموذج للعلم العراقي الذي أثار ضجة كبيرة في الرأي العام لأنه كان أكثر شبها من العلم الإسرائيلي .
واليوم راح صاحبنا نصير ينبش في أوراقه القديمة وعثر على مخططاته السابقة وصوره المنسية التي توضح ملامح الجندي المجهول وسارع فورا إلى أمانة بغداد وهو يحلم بصفقة العمر من خلال إعادة هذا النصب إلى مكانه السابق والذي أزيح عنه عام 1963 .
ويحاول الجادرجي الآن إن يغازل حب الناس للزعيم الراحل عبدالكريم قاسم والرموز التي يتذكرها الشعب ولهذا ابتدع خطة جهنمية اقنع فيها أمين بغداد بأهمية إعادة هذا النصب في ساحة الفردوس مما سيثير الفرحة والسعادة لدى الناس الذين عاشوا تلك السنوات مع رمزهم وملهمهم الزعيم والإبقاء على ساحة الجندي المجهول القريبة من منصة الاستعراض الرئاسي التي كان يقف عليها صدام ملوحا بسلاحه وهو يستعرض الجيش .
لا ندري كيف اقتنع العيساوي بإعادة ملامح ثقافة قديمة لعصر جديد اختلفت فيه الأذواق والثقافات ورغبة الناس بتجاهل ونسيان كل الأنظمة السابقة وما صدر عنها من صفحات دموية من خلال حروب وانقلابات فهم اليوم ليس بحاجة للجندي المجهول وسواه من الرموز التي تذكرنا بالدماء بالسجون والمعتقلات .
الشعب يريد في ساحة الفردوس رمزا يوحي بالشفافية والإنسانية والتسامح والمحبة ورمزا للحياة الآمنة المستقرة ونبذ الطائفية ولم شمل الأمة العراقية الواحدة وليس رمزا يذكرنا بمآسي الحروب والمفقودين والمقابر الجماعية وختاما نقول للجادرجي نحن الآن بحاجة إن ننسى الماضي المؤلم ونبدأ في الحاضر الجديد .
[email protected]
#فراس_الغضبان_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟