أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - الدولة الفاشلة وتحديات التفتيت والوحدة















المزيد.....

الدولة الفاشلة وتحديات التفتيت والوحدة


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3191 - 2010 / 11 / 20 - 18:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تعد ثقافة التفتيت وسياساتها تقتصر في مفاعيلها على المجتمعات المتعددة طائفيا أو مذهبيا، بل صارت البنية القبلية أو البنى العشائرية والطائفية والمذهبية حتى غير المتعددة عموما، من أكثر المناطق ابتلاءا بأدواء التشظية والتفتيت، حيث مجموعة من القوى المحلية والإقليمية والدولية، تُمسك بأعنّة الصراعات التي لا تكاد تختفي واحدتها حتى تظهر الثانية، وهكذا دواليك. وصولا إلى حدود من التداخل والتشابك بين أكثر من مسبّب لمظاهر الصراع الواحد، بمعزل عن مسببات أخرى لمجموعة من مظاهر صراعات أخرى، نتائجها في المحصلة لا تقتصر موضعيا على وضع جزئي، قدر ما تؤثر في مجموع الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام، في محيط إقليمي أوسع من بيئة محلية ليست معزولة، بما تحمله كل هذه من انعكاسات على موازين القوى الداخلية، وعلى وضعية السلطة الحاكمة تحديدا.

لقد هيأت البنية القبلية السائدة في أفغانستان، أرضية خصبة لاختراق قوى خارجية، كـ "تنظيم القاعدة" و"إفرازاته الطالبانية" المدعومة من قبل قوى إقليمية، طوال فترة الاحتلال السوفييتي وبعد انسحاب قواتهم من أفغانستان، ما أدى إلى تفتيت كامل البنى المجتمعية والقبلية التي أنشأها السوفييت، كما جرى ويجري منذ الغزو الأميركي لأفغانستان. حتى أن السلطة وطوال عهدي الاحتلال، لم تكن لتملك سوى خيارها التبعي الوحيد للقوى الدولية المهيمنة على هذا البلد.

وبسبب الوضع الأفغاني، انتقلت عدوى "الإفرازات الطالبانية" إلى الداخل الباكستاني، حيث البنى القبلية التقليدية السائدة؛ تمنع أو تحد من قدرة السلطة المركزية على ممارسة سلطتها على الأطراف والمناطق الحدودية، ما وضع هذه الدولة أمام تحديات تمرد واسع من جانب القبائل التي هيمن عليها "تنظيم القاعدة"، ووضعها وجها لوجه في مواجهة الولايات المتحدة وتدخلاتها العسكرية المزدوجة، ناهيك عن حربها داخل أفغانستان، وتواصل "الإفرازات الطالبانية" على جانبي الحدود، ما وضع النظام وحماته من الأميركيين والغربيين عموما، على محك المواجهة واتساع نطاقها من داخل أفغانستان إلى مناطق الحدود القبلية، حيث الوجود الرئيس لقوة القبائل المدعومة من بعض قوى أمنية وجيش باكستاني وإن بطرق ملتوية وسرّية، وهي السرّية ذاتها التي حكمت دعم بعض النظام العسكري الباكستاني على اختلاف واجهاته السياسية لحركات "المجاهدين الأفغان" منذ الغزو السوفييتي، وحتى التورط الأميركي والأطلسي الواسع، المتواصل في الحرب على "الإرهاب القاعدي" انطلاقا من جبال وكهوف أفغانستان.

أما في اليمن، فيكاد الوضع القبلي هناك، يتشابه ووضع البنى القبلية الأفغانية والباكستانية، من حيث وجود مجموعة ولاءات لأطراف الصراع، يضفي عليها التفتيت المذهبي؛ عناصر "تشاركية" أخرى في تأجيج حروب لا تكاد تنتهي؛ إلاّ لتبدأ، في ظل ضعف بنى السلطة القائمة، وهي بالأساس لم تعد بالمقاييس النسبية متماسكة أو موحدة، لا هي ولا مؤسساتها وأجهزتها الأمنية، فضلا عن المؤسسة العسكرية التي يجري العمل على تفتيتها هي الأخرى، وشراء تبعية العديد من عناصرها لصالح أهداف المتصارعين على الإمساك بأعنة الصراعات المتداخلة؛ على الهيمنة، وعلى السلطة، وعلى النفوذ المحلي والإقليمي، وهو الأهم على ما يبدو حتى الآن، نظرا لصعوبة، إن لم نقل استحالة الإمساك بسلطة نظام فاشل، أو هو بسياساته الخبط عشوائية، يخطّ الآن مزيدا من الفشل في لوحة تحكمه بالسلطة.

إن عدم هيمنة النظام وسلطته على كامل الأراضي اليمنية، وبقاء مجموعة من القبائل خارج سلطة الدولة، يضفي على اللوحة السوداء التي يقبع تحتها النظام، المزيد من الظلال القاتمة، تمردا ورفضا لشرعيته وانسياقا خلف أطروحات معادية له بالمطلق، لا سيما من قبل أفراد "تنظيم القاعدة" الذي بات يجد موئلا له بين مجموعة من القبائل المعدمة، التي لم تعرف للدولة وجودا في مناطقها، هذا فضلا عن "الحراك الجنوبي" ومناطقه التي باتت هي الأخرى مراكز للتمرد، حيث تتداخل فيها "عوامل الحراك" مع "عوامل القاعدة" مع "عوامل تمردية" أخرى، لها علاقة بطابع التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تجاهلت نصيب الجنوب من الثروة والمشاريع والاستثمارات، والصرف على البنى التحتية والخدماتية الهامة .. إلخ. من عوامل لا توفر للدولة في اليمن المزيد من إمكانيات ومقومات استمرار وبقاء الدولة على ما هي عليه، حتى عند نقطة الفشل في إدارة الشؤون العامة.

إن توجه إصلاح اقتصادي جدي، وإصلاح سياسي جذري، لدولة الوحدة اليمنية، يمكنه أن يحدّ من تآكل شرعية النظام في نظر المواطنين، على اختلاف اتجاهاتهم وتوجهاتهم، ويوقف نزيف تسرب المزيد من اليمنيين نحو التمردات القبلية، وفي نفس الوقت، الحد من قدرة "تنظيم القاعدة" على تدخلات أساسية في شؤون اليمن، وفي شؤون إقليمية، وحتى دولية؛ باتت تخضع لحسابات الأمن الدولي، وقدرة الأجهزة الأمنية العالمية وإمكانياتها؛ على منع والحد من أخطار التفجيرات العابرة، والطرود التي قيل أنها أرسلت من اليمن.

وحتى لا تسقط الدولة اليمنية تحت تأثير ضربات "أصوليي القاعدة" وتحالفاتها القبلية، بالرهان أو بانتظار إنهاء تلك الظاهرة أميركيا، عبر القوة العسكرية المباشرة وغير المباشرة؛ إحتلالا أو في ما يشبه الاحتلال. وحتى لا يستمر نزيف التمردات القبلية السياسية والمذهبية، أو تلك التي لها طابع التهميش والإهمال الاقتصادي والاستبعاد الاجتماعي، فإن على رأس النظام وأطرافه التوجه جديا نحو إيجاد صيغة حلول سياسية، تستلهم الإيمان بدور المؤسسات في قيادة عملية تغيير متواصلة في نهج التعاطي مع المشكلات الداخلية أولا، الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، لإعادة اللحمة إلى أطراف المشروع الوحدوي، دونما أي نزوع بيسماركي أو بونابرتي، ودونما تفرقة أو تمييز بين مواطني الشمال ومواطني الجنوب، ومعالجة نزيف الحروب في صعدة مع الحوثيين، قبل أن يستفحل خطر صراع مذهبي مع "جماعات القاعدة"، الجاهزة على الدوام لشن أكثر من صراع، والقيام بحروب غير محسوبة، وعمليات إجرام نوعية مع كل من لا يتفق أو ينحاز إلى فسطاطهم.

على أن الاعتراف بمعطيات الواقع اليمني الراهن، يقتضي من السلطة نبذ الحلول غير السياسية تدريجا، والاتجاه نحو تبني حوارات عقلانية، هدفها إنقاذ دولة الوحدة اليمنية من سوس الانفصال الذي ينخر بنياتها الأساسية التي هي أحوج ما تكون راهنا للتجديد، وتغيير أنماط تعاملاتها مع مواطنيها، والإشكالات التي يخلقها واقع التهميش وإدارة الظهر لبعض مطالب القبائل المحقة، في اعتبار أنفسهم أبناء لدولة، لا لقيم التفتيت القبلية، أو قيم التفتيت المذهبية، وإلاّ فإن هذا هو بالتحديد ما جعل من "تنظيم القاعدة" يلبس لبوس "المخلّص" في نظر بعض أبناء القبائل الذين ما عرفوا، ولا تحسّسوا أي شكل من أشكال الوجود للدولة في مناطقهم.

على رغم كل ذلك، فإن الحل بالتغيير والإصلاح، يتطلب توافر ووجود الإرادات العاملة على توفير مقومات هذا الحل، بدلا من استعادة سردية الانفصال التي سادت يوما، ولم تنجح نظرا لتعدد مكامن صراعات القوى اليمنية ذاتها على النفوذ والهيمنة، لا نظرا لتدخلات خارجية إقليمية أو دولية فحسب، حيث لا يمكن لمؤامرة أو مؤامرات خارجية أن تنجح دون أن تتشكل في تربة الواقع سموم تخصيب أقوى تنحو نحو الانفصال. وما لم تعمل ثقافة الوحدة وتجري ترجمتها على شكل سياسات ومشروعات جماهيرية، وأطر تنظيمية تعبّر عن أوسع شرائح وتطلعات المصالح الوطنية، على تمتين الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإحاطته بسياج من الأمن والأمان، المقرون بالإيمان بديمقراطية ومدنية الدولة، وعقدها الاجتماعي وحكم القانون، فإن نظام الدولة وسلطاتها بسياساتها النقيضة – التفتيتية – هي في المآلات الأخيرة إلى الفشل أقرب.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن أوطان بهويات متعددة
- في أولويات التضاد بين التهويد والمفاوضات
- من نصّب هؤلاء -وكلاء- على دمنا وحياتنا؟
- قانون الولاء و-أسرلة- الأرض.. من تطبيقات -يهودية الدولة-
- خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية
- الأصوليات.. وفتن التآويل الأخيرة!
- يهودية الدولة.. ومهمة طرد -الغزاة الفلسطينيين-!
- الاستيطان.. عقدة مزمنة لاتفاق مستحيل
- في التوازن الحضاري ورهان المستقبل التنويري
- العلمانية.. والخيارات المُرّة
- بين دلالات الاستفتاء التركي وتقديس الاستبداد
- الراعي الأميركي وغلبة -الإجماع الصهيوني-!
- الحزب الشيوعي اللبناني
- مفاوضات مباشرة مستعجلة لتسوية مؤجلة
- مفاوضات الترتيبات الأمنية وآفاقها المغلقة
- الأبارتهايد الإسرائيلي والدسترة البنيوية لكيان التمييز العنص ...
- دولة السلطة الفلسطينية: عنزة ولو طارت!
- أيّ صورة لاحتلال العراق يُعاد تشكيلها؟
- إكراهات التفاوض: -رخصة وطنية- لاستمرار احتلال مقنّع
- رسالة المفاوضات وعنوانها المراوغ


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - الدولة الفاشلة وتحديات التفتيت والوحدة