أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - سبل الحل التوافقي الممكن في الصحراء الغربية















المزيد.....

سبل الحل التوافقي الممكن في الصحراء الغربية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3189 - 2010 / 11 / 18 - 02:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد معقولاً ولا مقبولاً، ونحن نشاهد ما يجري في العالم، أن نواصل التعامل مع قضايانا التاريخية وإشكالياتنا السياسية بالطرق التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم. فهل يُعقَل أن لا تميّز النخب السياسية في الجزائر والمغرب اليوم بين شروط نشأة وتطور أزمة الصحراء الغربية في لحظات تشكلها، وبين مآلها الراهن في علاقاته بالمتغيّرات الجارية سواء في المغرب الكبير أو في العالم ؟
من المفارقات في هذه القضية المعلقة، أنّ الطرفين لا يرحبان بأية جهود أو وساطات عربية لحلها، ولم يسبق أن أُدرجت هذه القضية على جدول أعمال أية قمة عربية. أما بقية دول المجموعة المغاربية، فتبدو وكأنها تخشي التدخل في الخصام بين الدولتين الكبيرتين، خشية أن ينعكس ذلك على أوضاعها الداخلية واستقرارها الإقليمي. أي أنّ المشكلة تحولت إلى ما يشبه القنبلة النائمة، التي يخشى ذوو القربى الاقتراب منها مخافة أن تنفجر.
إنّ نظرة مستقبلية وواقعية إلى مسار العلاقات الجزائرية – المغربية يمكن أن تجنّب البلدين معاً مخاطر الحساسيات المفرطة، في حال توجهت نحو الفرص المتاحة والتحديات الحقيقية.
ومن الواضح أنّ أي حل من شأنه أن يحظى بالقبول، لا بد أن يراعي عدة مقتضيات وشروط أساسية أبرزها:
(1) - إجماع الأطراف الإقليمية المعنية وهي: المغرب والجزائر وموريتانيا.
(2) - التوصل إلى صيغة توافقية بين مطالب الصحراويين الاندماجيين، والصحراويين الانفصاليين (البوليزاريو)، بعد اتضاح لا واقعية ولا جدوى المسار الاستفتائي المفضي إلى أحد خياري الاستقلال التام أو الانضمام التام.
(3) - توفر الغطاء الدولي للتسوية المنشودة، المرهون بتوافق ثلاثة أطراف محورية، هي إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
ومن أجل إنجاح مساعي الحل التوافقي ينبغي إطلاق نقاش معمم ومعمق في موضوع مشكلة الصحراء من مختلف أبعاده، يستند على قاعدة نقد المرجعية السياسية والتاريخية التي ساهمت في تشكله. ونحن نتصور هنا أنّ مرجعية نظام الحرب الباردة تحدد المدخل المناسب لفهم المواقف، وإذا كنا نعي جيداً النهاية الفعلية لأيديولوجيات الحرب الباردة فإننا نفترض أنّ الفعل السياسي البشري في التاريخ قادر، في حال توفر الإرادة السياسية التاريخية والمسؤولة، على تفتيت المكوّنات الصلبة للجغرافية الطبيعية بهدف تحويلها إلى أداة لخدمة المشاريع التاريخية الأكثر مطابقة لطموحات شعوب المنطقة.
ومن أجل إنجاح هذه المساعي أيضاً، أما حان الوقت لأن تبادر قوى المجتمع المدني المغاربي إلى فك العزلة التي تطوق الشعبين الشقيقين بسبب جريمة إغلاق الحدود، وإلى أن تضاعف إطلاق مبادرات التواصل والتبادل، خاصة وأنّ أوروبا الجار الجغرافي والشريك الاقتصادي والتجاري أضحت تبحث، لخلق منطقة للتبادل الحر في المغرب العربي، عن شريك تجاري واقتصادي وسياسي مغاربي متجانس ؟ أليست هذه القوى مجتمعة مطالبة، اليوم، بلعب دور تاريخي من خلال بلورة رؤى مشتركة للتعاطي مع الإشكاليات المستعصية التي تواجه البلدين: فقر، وبطالة، وعنف سياسي، وحريات عامة، وإكراهات قادمة من الاقتصاد المفتوح وتدخل سافر للقوى الأجنبية في إعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، وأزمة الهوية داخل المجتمع، والحركة المتنامية للمواطنة الباحثة عن حلول استعجالية لمعضلاتها، ومواجهة الأنظمة والدفع بها إلى دمقرطة المشهد السياسي وبناء المؤسسات الوطنية الديمقراطية القادرة وحدها، ومن ورائها القوى الاجتماعية بكل ألوان الطيف الذي تمثله، على تقرير مصير الشعوب المغاربية.
إنّ الطرح المغربي، المبني على الواقعية والمرونة، يمكن أن يجنّب مضاعفات وخيمة. وترجع مصداقية هذا الطرح إلى أنه يتحرك من أجل تأمين مصالحه، ولا يهدف إلى إقصاء الغير، ولا إلى الاستفراد بالمزايا. ويستمد مشروعيته من المنطق الذي أصبح يضبط العلاقات الدولية، وهو الطاعة الواجبة لتداخل المصالح. فلا يوجد عاقل يتصور أنّ مستقبل المغرب يمكن أن يُبنى على حساب الجزائر، أو العكس. وينبغي التأكيد دائما أنّ انعدام التفاهم بين المغرب والجزائر، يفوّت على البلدين وعلى المنطقة المغاربية فرص الحاضر، ويهدد المستقبل، ويجر المنطقة إلى أن تهدر وقتاً وجهداً، ويمكّن الآخرين من رسم خارطة الطريق بدلا من/أو بدون مشاركة مغاربية فعالة.
إنّ الحل السياسي المطروح، إذ يروم منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً موسعاً، يكون في جانب منه قد حقق للصحراويين وضعاً خاصاً، تستطيع الجزائر أن تطمئن إليه في حال اعتبار تبنّي قضية الصحراء من منطلقات مبدئية. وبالتالي في إمكان التجربة، في حال نجاحها، أن تشكل أنموذجاً جديداً في التدبير السياسي، يضع حداً للتوتر القائم من جهة، ويفتح باب الأمل الديموقراطي واسعاً أمام شعوب المنطقة.
وفي حال نجاح الحل فإنّ منطقة المغرب العربي تشكل سابقة في انفتاحها على الطرائق العصرية في توزيع الاختصاصات بين المراكز والأقاليم، كما في حال تجارب متقدمة نقلت الدول الأوروبية إلى مصاف التقدم، عبر تكريس نظم الحكم الذاتي في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وغيرها.
وقد لا يكون الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب مستوفياً كل سقف الشروط التي تطرحها جبهة بوليساريو، من قبيل الجدل حول مفهوم تقرير المصير، بيد أنّ مجرد التئام حوار حول المشروع بين الصحراويين، على مختلف مشاريعهم واتجاهاتهم وميولهم الفكرية والسياسية، يعني تمكين السكان المعنيين بحق الاختيار الديموقراطي من إسماع أصواتهم وانتقاداتهم ومطالبهم. ففي أي حال لا يمكن حجب الطابع الديموقراطي لحوار الصحراويين حول قضيتهم بمجرد القول إنّ هناك من يريد تقرير المصير والاستقلال، لأنّ أبجديات تقرير المصير تتعرض للانتهاك حين يتم ربطها بالاستقلال فقط في ضوء معطيات لم تستند إلى أية استشارة شعبية، بيد أنّ الآفاق التي فتحها الحكم الذاتي، من خلال إسناد البحث في معطياته القانونية والسياسية والإدارية إلى السكان المعنيين الذين يشكلون الغالبية، تنم عن توجه يكفل الانتقال بقضية الصحراء من صراع إقليمي إلى قضية ديموقراطية، تتماشى مع النزعة الكونية السائدة لناحية تكريس الحلول الديموقراطية للمشاكل والنزاعات.
إنّ حل قضية الصحراء الغربية يفتح الأفق أمام إقامة التطبيع الكامل بين الجزائر والمغرب، وبالتالي تفعيل بناء الصرح الوحدوي المغاربي، الذي يحتاج بدوره إلى ثورة حقيقية قوامها: تحوّل الأنظمة المغاربية أنظمة ديموقراطية فعلياً، وبالتالي تخليها عن احتكار الوطنية والقبول بنقاش حر وعلني، حول القضايا التي تعيق بناء الاتحاد المغاربي، داخل الهيئات الوطنية المنتخبة في صورة ديموقراطية. فهل أنّ الجزائر والمغرب مستعدتان لإقامة سلام بينهما وحل هذا النزاع الإقليمي وفق رؤية مغاربية وحدوية شاملة ؟
انطلاقاً من الاعتبارات، الموصوفة أعلاه، فإنّ مقترح الحكم الذاتي، الذي قدمته الحكومة المغربية إلى الأمم المتحدة، يستجيب لتوجهين اثنين: أولهما، اعتبار أنه في كل صراع دولي ليس هناك غالب واحد يمكن أن يأخذ كل شيء، مهما كانت شرعية حقوقه، فهناك قاعدة لا غالب ولا مغلوب. وثانيها، أنّ هذا الحل يعتبر أنّ القضية يمكن أن تُحل على أساس أنه لا إلحاق ولا انفصال، بل هناك وضعية خاصة تسمح للسكان بتدبير شؤونهم اليومية دون الارتقاء إلى شخصية دولية منفصلة.
إنّ المنطقة المغاربية لا تحتاج إلى مغامرات، وإنما إلى قناعات تشدها إلى واقع أنّ المعركة من أجل الديمقراطية والتنمية والتكيّف مع تحولات العصر لا ينبغي أن يعلو صوت فوقها. فحرب الصحراء أهدرت قدرات المنطقة وطاقاتها واستنزفت مواردها، واستمرارها عطّل مشروع البناء المغاربي، وأفسح في المجال أمام التكالب الأجنبي الذي يزيد بقدر اتساع التوتر، ومن غير المقبول معاودة إنتاج الأفكار والآليات التي قادت إلى المأزق.
وعسى أن يتعزز الاقتناع بأنّ حل المشاكل الإقليمية والمحلية، من خلال البدء في إقرار تنظيمات اللامركزية هو الأفضل، وسواء اقتصر الموضوع في مرحلة أولى على إقليم الصحراء بسبب طول أمد النزاع أو تعداه في وقت لاحق ليصبح منهجية عصرية في إدارة الشؤون المحلية في أرجاء المنطقة العربية كافة، فإنّ التجارب الإنسانية التي نمت في هذا الاتجاه أوضحت الفرق بين انتكاس بناء الدولة المركزية، الذي يزيد في الأعباء كما في تجارب عدة دول عربية، وبين التطورات التي عرفها الاتحاد الأوروبي في ضوء الحفاظ على خصوصية مكوّناته وتنوعها.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن تعثر الإصلاح في العالم العربي
- قراءة في منظومة المفكر السياسي السوري ياسين الحافظ
- أدوات التنشئة السياسية
- أي مستقبل للشراكة الاقتصادية العربية ؟
- هل يستجيب النظام الإقليمي العربي للتحديات ؟
- هنيئاً لموقعنا الأغر
- البعد الثقافي للمحنة العربية الراهنة
- عندما تقدم النخب الحاكمة مصالحها الشخصية على الحقوق الوطنية
- مقدمات في مسألة الدولة
- نهاية نظام وصاية العسكريتاريا على الحياة السياسية التركية
- في نقد الماركسية السائدة .. عبد الحسين شعبان يحطم مراياه
- حوار الثقافات أم صراع الحضارات ؟
- واقع العرب الراهن .. مصالحة تاريخية بين أطراف السياسة والمجت ...
- الأنظمة الاستبدادية .. العروبة ليست بخير
- الأمن القومي العربي يبدأ من علاقة الدولة بمواطنيها
- كلفة تعثر التنمية في العالم العربي
- فقر الثقافة السياسية العربية
- الدول العربية الفاشلة وشرعية الأمر الواقع
- حين تصبح المؤامرة مشجباً تعلق عليه الأزمات
- ضعف شرعية الحكومات العربية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - سبل الحل التوافقي الممكن في الصحراء الغربية