أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالص جلبي - أسطورة بن لادن















المزيد.....

أسطورة بن لادن


خالص جلبي

الحوار المتمدن-العدد: 206 - 2002 / 8 / 1 - 11:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

 

تتفاوت التكهنات حول مصير بن لادن هل هو ميت فينعى أو حي فيرجى؟ وبقدر تضارب الآراء حول مصيره بقدر تحوله الى اسطورة. والأساطير تلعب دوراً كبيراً في حياة الأمم. ومنذ أيام الكلدانيين في الألف الرابعة قبل الميلاد سمعنا عن اسطورة جلجميش وانكيدو. وبن لادن تحول إلى اسطورة فإن كان حياً فهو مثل روبن هود في الاساطير البريطانية، وان تأكد خبر موته تحول الى شهيد يزور ضريحه الباكستانيون كما فعلوا مع الأفغان العرب فقتلوهم وبكوا عند أضرحتهم. وكما فعل
أهل الكوفة من قبل مع الحسين. فبايعوه وتركوه للنحر هو وآل بيته. وما زال أناس يحتفلون بجلد انفسهم حتى اليوم في الذكرى السنوية لذبح الحسين، بدون أن يرجع الحسين أو ينتصر على يزيد. والقضية التي لا يفهمها بوش وادارته وكثيرون في العالم الاسلامي ان المشكلة لا تقف عند بن لادن بل (فكر) بن لادن. وطالما كانت الثقافة تعيد انتاج نفسها فسوف تفرخ الأرض مثل عشب النجيل أو أرانب استراليا (أبناء لوادن) مثل القصة التي جاءت في فيلم جودسيلا. فبعد القضاء على الوحش اكتشفوا عشاً فيه آلاف البيوض التي تفقس على مدار الساعة. وبن لادن (عينة) من وسط ثقافي مثل عينة الدم التي تؤخذ من مريض مصاب بالملاريا. و(فكر) بن لادن هو افراز من وسط اسلامي مريض عاجز عن حل مشاكله يرى أن القتل سيد الأحكام. وبدراسة (فكر) بن لادن يمكن ان نتعرف على طبيعة المرض كما يفعل الأطباء عندما يقومون بتحليل مفرزات جسم المريض فيعرفون اصابته بالسكري والحمى المالطية وسرطان الدم، ومنذ أيام (سيد قطب) في مصر برز الى السطح كتاب (معالم في الطريق) وكان يمكن ان لا يترك اثره بهذا الشكل لو أن عبد الناصر لم يعدم سيد قطب. ولكن عبد الناصر اعدم صاحب المعالم فحوله الى اسطورة. ولو بقي حياً لأصبح رجلاً عادياً يؤخذ منه ويرد عليه ولكنه الآن (الشهيد) المعصوم، وبذلك قدم عبد الناصر هدية لا تقدر بثمن للفكر المتشدد، وزرعهم في الوقت الذي أراد حصدهم.
وفكر (المعالم) يطل علينا بأفكار في غاية الخطورة. وأهمية تناولها اليوم أنها أدخلت البدن الاسلامي مرحلة (المضاعفات). فكما ان الحمى التيفية لا تكتفي بارتفاع درجة الحرارة بل قد تصيب شغاف القلب. كذلك فإن فكر المعالم امتدت سميته من مصر الى افغانستان، وتطور من مستوى محلي الى ظاهرة كونية. وانقلب الجهاد الافغاني الى خراج يصدر الجراثيم من كل نوع زوجان. وانتقلت (القاعدة الصلبة الواعية) حيث كان يتدرب الشباب على السلاح في صعيد مصر الى كهوف تورا بورا في افغانستان. وتحولت من خلايا تنظيمية مسلحة تحت الأرض لقلب انظمة الحكم بالقوة المسلحة باعتبارها (قوى مادية) طاغوتية تحول دون انتشار الاسلام فيجب اسقاطها كي (يخلى بين الناس والعقيدة) الى فكر (الظواهري) الذي يمثل نقلة نوعية، خلاصتها ان الصراع مع الأنظمة المحلية يستهلك الجهد بدون طائل كمن يريد قتل الحية بقطع ذنبها. وأن الضربة الفعلية هي بضرب امريكا رأس الأفعى. كما يرد في بعض خطب الجمع عن تدمير امريكا وأن يجعلها (غنيمة) للمسلمين، في الوقت الذي سقط كل العالم الاسلامي (غنيمة) في يد أمريكا.
إن الفكر الحدي في المعالم يؤكد على ثلاثة أمور: (1) ان المجتمع جاهلي يجب اعتزاله. (2) وأن أنظمة الحكم جاهلية فيجب مجاهدتها (بالسنان) وليس باللسان. (3) وأن (الجاهلية) عمت الأرض فيجب عدم الثقة بـ(العلوم الانسانية) لأنها قائمة على (غبش في التصورات). كل هذا أدى الى ثالوث فظيع. ويبدو ان الأصوليات تتشابه في عللها. فيجب شن الحرب على العالم. ويجب تربية شباب متشنج مغلق العقل يعيش حالة سبات شتوي مع نصوص فقهاء العصر المملوكي. ويجب الانقطاع عن مسيرة الحضارة لأنها كلها جاهلية في (التصور الاعتقادي والعبادي والتشريع). وقديما ناقش المؤرخ البريطاني (توينبي) ظاهرة الصدمة الحضارية و(التكيف) معها بآليتين مختلفتين تماماً. سماهما نموذج (الزيلوتي) و(الهيرودي). فأما (الزيلوتي) فهو النموذج الذي أزعج المسيح عليه السلام وحرض على قتله فنجاه الله. وكان تمسكهم بالنصوص يجعلهم مثل الصرصور الذي يمر على أسطر الكتاب فينتبه لتعرج الجمل ولا يفقه من السطور شيئاً. وهي ظاهرة ذكرها القرآن: «مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا». وبالمقابل هناك نموذج (الكلب) الذي ان تحمل عليه يلهث وان تتركه يلهث. وهو ما عناه توينبي بالهيرودي. فهو الذي يعلن الحرب على الذات ويحاول سلخ جلده محاولاً التشبه بالثعابين في الوقت الذي لا يملك جلد ثعبان.
يقول توينبي: «ان الهيرودية لعبة خطرة يقوم بها جماعة من الفرسان لتبادل خيولهم اثناء عبورهم لتيار نهر جارف. فالفارس الذي لا يحسن ركوب مطيته الجديدة يهوي ويجرفه التيار الى موت محتم، كالموت الذي يرتقب الزيلوتي عندما يهجم على مدفع رشاش برمحه والترس». ثم يمضي توينبي في تعريف النموذجين: «الزيلوتي هو الرجل الذي يلجأ الى المألوف هرباً من المجهول، وعندما يقاتله اجنبي متفوق عليه نراه يستجيب بالالتجاء الى فنه التقليدي واستعماله ضد عدوه بدقة فائقة. وباستطاعتنا ان نحدد الزيلوتية بأنها حركة رجعية يثيرها ضغط خارجي، وان ممثليها البارزين في الاسلام المعاصر هم (المحافظون). أما الهيرودي فهو الرجل الذي يتصرف بأن أفضل طريقة لاتقاء خطر مجهول هي في السيطرة على سره والتخلي عن فنه العسكري التقليدي، والتدرب على مقاتلة عدوه بخطط هذا العدو وأسلحته».
مع هذا يعترف توينبي ان هناك مقاتلاً في الهيرودية: «وهناك نقطتا ضعف في الهيرودية هما التقليد وعدم الابداع. والنجاح المحدود الذي يهب الخلاص لأقلية».
أما مصير الطائفتين: «فالزيلوتي الذي ينجو من الفناء يتحول الى راسب حضاري متحجر منقرض من حيث طاقته الحيوية «ولكن الهيرودي» الذي ينجو من الغرق يمسي مقلدا للحضارة الحية التي يندمج فيها».
ومعنى هذا ان كلا النموذجين يخفق في مصيره: «والحق فإنه لا الزيلوتي ولا الهيرودي يقدران على أن يشاركا مشاركة خلاقة في زيادة انماء الحضارة الحية».
ويقوم توينبي ببعض التطبيقات لهذا القانون على العالم الاسلامي فيشير الى أمرين: «يمكن ان نشير الى أنه خلال الاصطراع ما بين الاسلام والغرب اصطدمت ردود الفعل الزيلوتية والهيرودية بعضها ببعض فشل احدهما الآخر (حملة محمد علي ضد الوهابيين وثورة المهدي ضد الحكم المصري في السودان الشرقي) كما ان كلا من الاتجاهين عامل الآخر بطريقة أشد قسوة من الأجنبي (القمع المخيف لثورة قبائل الباتان على يد ملك افغانستان عام 1924 وقمع الثورة الكردية على يد كمال اتاتورك عام 1925).
وهذه الثنائية وضعها (مالك بن نبي) على نحو مختلف تحت عنوان (الأفكار الميتة والقاتلة). فالأفكار الميتة هي الأفكار التي فقدت فعاليتها في وسط متعطل. أما الأفكار القاتلة فهي افكار حية في وسطها الأصلي ولكنها نقلت الى وسط مغاير بدون (شروط نقلها) فتتحول الى أداة قتل من حيث خصصت للنجاة. مثل نقل الدم لمريض ينزف بزمرة دموية من نوع
O بإعطائه زمرة دموية من نوع AB.
وكما يوجد في كل قرية مقبرة كذلك يجب معاملة الأفكار الميتة فتودع بجنازة خاشعة الى مقبرتها الخاصة. وفكر بن لادن هو من هذه الجثث التي لم ندفنها بعد ولكن الأمريكيين جاؤوا فأعدوا المقبرة في افغانستان. وجثة نبي الله سليمان بقيت لفترة طويلة مصدر رعب للجن حتى جاءت (حشرة) قرضت عصاه. فما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبين الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين..

[email protected]

 

الشرق الأوسط 31/7/2002



#خالص_جلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الشيعي والسني


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالص جلبي - أسطورة بن لادن