أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض العصري - معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 4















المزيد.....


معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 4


رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)


الحوار المتمدن-العدد: 3184 - 2010 / 11 / 13 - 19:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


4 ـ العمل
وفقا للمنطلقات الفكرية لعقيدة العصر الجديد فان الانسان يتمتع بقيمة انسانية متكاملة عند تحليه بثلاثة ميزات مترابطة مع بعضها وهي ( الفضيلة ، المعرفة ، العمل ) اذ ان الفضيلة قيمة للانسان ، والانسان الذي لا يتحلى بالفضيلة والاخلاق تكون قيمته ناقصة مهما كان علمه ومهما كان عمله , كما ان المعرفة قيمة للانسان ، والانسان الذي لا يعرف القراءة والكتابة والتي هي الحد الادنى من متطلبات المعرفة تكون قيمته ناقصة مهما كانت اخلاقه ومهما كان عمله , كذلك العمل قيمة للانسان ، والانسان الكسول المتعاطل الذي يرفض العمل تكون قيمته ناقصة مهما كانت اخلاقه وعلمه , ومن هنا تتجلى اهمية وقيمة العمل في فكر العصر الجديد في كونه أحد شروط تكامل وسمو القيمة الانسانية ، واننا نميز بين الانسان العاطل وبين الانسان المتعاطل , العاطل هو من يرغب بالعمل ولكن لا يجده , والمتعاطل هو من لا يرغب بالعمل رغم توفره . في الحقيقة ان رحلة الانسان مع مفهوم العمل بدأت منذ فجر الحضارة البشرية ، حيث ان اول عمل مارسه الانسان في فترة ما قبل التاريخ كان الصيد ثم مارس الرعي عندما تمكن من تدجين الحيوانات الاليفة او المستأنسة ثم انتقل الى الزراعة بعد اكتشافها فظهرت على أثرها المجتمعات وحصل بوجودها توسع في انماط العمل واستمر الانسان حتى عصرنا الحالي في رحلته مع العمل ، واصبح العمل شرطا اساسيا من شروط تكامل القيمة الانسانية ، واما بالنسبة لمنطلقاتنا الفكرية فيما يخص مفهوم العمل فهي :
ـ العمل كمفهوم انساني يقوم على فكرة استثمار طاقات الانسان الذهنية والبدنية في انتاج مادي او معنوي من اجل الديمومة والبقاء وتحسين وسائل العيش , وكل انسان له طاقة عمل يستطيع بواسطتها ان ينتج ليستثمر عائد انتاجه في تحسين احواله وتحقيق امانيه وكذلك لازدهار وتقدم مجتمعه
ـ العمل يحقق الاستقرار النفسي والاجتماعي للانسان ، ويحقق منفعة مادية للانسان و للمجتمع وللوطن ومن هنا اصبح العمل شرف للانسان وهو ايضا واجب على كل مواطن بالغ قادر مؤهل ذكر أم أنثى
ـ العائد او المردود المادي للعمل ناجم عن عملية بيع المجهود البدني او الذهني الى الاخرين مقابل أجر أي مقابل المال ، المال هو الوسيلة الشائعة في مقايضة طاقة العمل ، الانسان هنا يشكل عنصر في دائرة مكونة من ثلاث عناصر مرتبطة مع بعضها ترابطا وثيقا في دائرة مغلقة ، العناصر الثلاثة هي الانسان ، طاقة العمل ، المال ، هذا يعني ان طاقة العمل والمال كلاهما من المستلزمات الاساسية لحياة الانسان ، كما ان كل من القوى العاملة والثروة هي اساس نهضة الشعوب واساس ازدهارها
ـ حتى يتحقق الاستثمار الامثل لطاقات العمل يجب الاهتمام المكثف باستثمار ثروات البلد في اقامة مشاريع متنوعة بما يؤدي الى امتصاص كل طاقات العمل في المجتمع ، وفي حالة الضعف في اقتصاديات البلد فانه يتوجب فتح المجال للاستثمارالاجنبي من اجل تشغيل طاقات العمل العاطلة
ـ يتوجب على الدولة اعداد احصائيات سنوية عن واقع القوى العاملة وحالة البطالة ، واحتياجات المجتمع من المهن والوظائف ، ووضع خطط فعالة لمعالجة حالات البطالة
ـ يقع ضمن مسؤولية الدولة تنمية القوى العاملة لديها من خلال توفير فرصة عمل لكل مواطن بالغ ذكرا كان أم أنثى ، واقامة الدورات التأهيلية لاعداد وتوجيه وتطوير طاقات العمل بالاتجاه السليم بما يحقق الاستفادة من الطاقات العاطلة
ـ ان ادارة شؤون المنزل هي من متطلبات الحياة الاسرية وليست مهنة للارتزاق منها ، ومن هنا فان كل امرأة متزوجة تحمل صفة ( ربة بيت ) تعتبر عاطلة عن العمل ويتوجب على الدولة ادخالها في برامج التأهيل لاعدادها لاستلام عمل
ـ يتوجب على الدولة وبحكم مسؤوليتها صرف رواتب للعاطلين عن العمل اذا لم تستطع ان توجد لهم العمل المناسب على شرط ادخال هؤلاء العاطلين في دورات مهنية تأهيلية او تطويرية بما يمكنهم من الحصول على فرص عمل
ـ حتى تتمكن الدولة من الايفاء بالتزاماتها ومسؤولياتها تجاه المجتمع والمواطن فانه يتوجب على كل مواطن يمارس عملا يدر عليه موردا ماليا مهما كان مقدار المورد ان يدفع نسبة من هذا المورد كضريبة الى الدولة ، استنادا الى مبدأ ان الضريبة هي رسم الانتماء الى الوطن ، وكل مواطن له حقوق وعليه واجبات كما ان الدولة لها حقوق وعليها واجبات ، وان الضريبة هي احدى وسائل الدولة في انجاز واجباتها تجاه مواطنيها ، ويتم تقدير نسبة الضريبة وفقا لقواعد يتم تحديدها من قبل لجنة اقتصادية متخصصة تراعي المستوى المعيشي لدافع الضريبة
ـ كل مواطن يعمل لدى جهة ما ( الدولة او القطاع الخاص ) مطالب بأداء عمله بحرص ودقة ومسؤولية ، وان يحترم القوانين والتعليمات الصادرة عن تلك الجهة ، مقابل التزام رب العمل بأحترام حقوق العاملين لديه كاملة ، فلنحرص جميعا على احترام الحقوق واحترام الواجبات
ـ الاعمال التي يمارسها الناس لغرض الارتزاق منها تقع في ثلاثة انواع وهي ( اعمال انتاجية ، اعمال خدمية ، اعمال تجارية )
ـ الاعمال الانتاجية هي الاعمال المختصة باستخراج وتحويل المواد الاولية او الخامات الطبيعية او الصناعية غير النافعة الى منتجات نافعة ، اي ان هدفها انتاج سلع نافعة لتلبية احتياجات المستهلكين ، العمل الانتاجي يقوم على ثلاثة ركائز وهي ( المنتجين + ادوات الانتاج + المواد الاولية او الخامات )
ـ الاعمال الخدمية هي الاعمال التي تقوم على بذل مجهود بدني او ذهني من مقدم الخدمة لغرض تذليل صعوبة او رفع مشقة او تحسين حالة او نقل مادة او خزنها او توصيل فكرة يتحقق من جرائها منفعة لطالب الخدمة ، اي ان هدفها تحقيق خدمات نافعة لتلبية احتياجات طالبيها ، والمنفعة قد تكون منفعة صحية او غذائية او ثقافية اوتعليمية او جمالية
ـ الاعمال التجارية هي الاعمال التي تقوم على اساس مقايضة السلع بالسلع او بالمال ، او ما يطلق عليها اعمال البيع والشراء ، الجهد الاساسي المبذول هنا هو جهد ذهني حيث يتضمن البحث عن افضل الاسعار للسلع المنتجة والمعروضة للمستهلكين ، التاجر هو الحلقة الوسيطة بين المنتج والمستهلك ، العمل التجاري يتميز بظاهرة المنافسة للحصول على افضل السلع من المنتج وافضل الاسعار من المستهلك ، وقد تكون افضل الاسعار في اماكن بعيدة مما يستلزم نقل السلعة اذا كانت من النوع القابل للنقل بوسائط النقل العديدة ، وبالتالي فان هدف الاعمال التجارية ايصال السلع الى مستهلكيها مقابل عوائد مادية مشجعة.
ـ ان اعتماد اسلوب عقد عمل بين العامل ورب العمل بغض النظر عن طبيعة العمل ( انتاجي او خدمي او تجاري ) انما هو اسلوب صحيح ومناسب لتحديد حقوق وواجبات كل طرف ، ويتم اعتماد هذه العقود من قبل جهة رسمية مخولة من قبل الدولة ، وفي جميع انواع العقود يجب ضمان حقوق العامل ان كان في القطاع العام او في القطاع الخاص ، حقوقه في المسكن والمأكل والعلاج والضمان الاجتماعي تحت اشراف ورعاية الدولة
ـ في ما يتعلق باسعار السلع فان القيمة الحقيقية لأي منتوج تحدده قيمة مواده الاولية مضافا اليها قيمة جهد العامل المنتج ، هذه هي القيمة الحقيقية او قيمة التكلفة ثم يضاف اليها هامش فائدة ربحية يفترض ان لا تزيد بأي حال من الاحوال عن ربع القيمة الحقيقية للسلعة لكي تتحول الى القيمة الاستهلاكية ، اي ان مجال المناورة بالاسعار في الاعمال التجارية يجب ان لا يتجاوز ربع القيمة الحقيقية للسلعة ، وعندما يزيد هامش الفائدة الربحية عن ربع القيمة الحقيقية تتحول قيمة السلعة الى قيمة استغلالية ، وخاصة عندما يتم تداول السلعة التي عليها طلب شديد بين عدة وسطاء يتاجرون بها مما يرفع من قيمتها الاستهلاكية أضعافا عديدة عن قيمة التكلفة وهذه اشد حالات الاستغلال وابشعها ، ويجب مكافحة الاستغلال بشتى صوره لانه احتيال وسرقة واعتداء ، هذا ويجب الاخذ بنظر الاعتبار ان أسعار السلع الاساسية لغذاء الانسان يجب ان لا تصبح هدفا للمناورات اوالمزايدات اوالمضاربات التجارية ، بل يجب تحديد هامش الربح فيها بما لا يزيد عن عشرة في المئة حرصا على سلامة واستقرار الاحوال المعيشية للمواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود .
ـ الهدف الاول للسياسة الاقتصادية للدولة يجب ان يكون تحقيق قدرة شرائية لمواطنيها تمكنهم من الاكتفاء في حاجاتهم الاساسية من الغذاء والملبس والعلاج والتعليم ، وان مستوى القدرة الشرائية يتوقف على مستوى كل من الاجور والاسعار ، عندما تعجز الاجور عن سداد تكاليف الاحتياجات يحصل عجز في القدرة الشرائية ، ونحن نعتقد ان من واجب الدولة ان تراقب حركة الاسعار وتقيّم الاجور وفقا لحركة الاسعار ، وحتى يكون هناك استقرار في المجتمع يجب ان تكون الاجور متناسبة مع مستويات الاسعار ، ويجب ان يكون هناك حد ادنى للاجور يتم تحديد مقداره من قبل جهة اقتصادية مختصة بما يمكن الانسان من العيش باكتفاء وبقدرة شرائية معتدلة ، وفي المقابل نحث المواطن على الالتزام بترشيد الاستهلاك والابتعاد عن التبذير والاسراف
ـ نعتقد انه من المناسب ان يتم تحديد مقدار الحد الادنى من الاجر وفقا لمعادلة خاصة تربط الاجور بالاسعار وهذا الحد الادنى يسري على القطاعين العام والخاص ، ونحن نعلم مقدار صعوبة تحقيق معادلة ترضي المنتجين وترضي المستهلكين في آن واحد لان المنتجين يريدون أجورا أعلى والمستهلكين يريدون أسعارا أوطأ وان سعر أي سلعة مرتبط بتكاليف انتاجها ومن ضمنها أجور منتجيها ، ولكننا نعتقد يمكن وضع معادلة تحدد مقدار الحد الادنى للاجر استنادا الى سعر الوحدة للمادة الاقتصادية الاكثر انتاجا في البلد والتي يعتمد عليها اقتصاد البلد مثل النفط او الذهب او الحديد او النحاس او محاصيل زراعية كالقمح او القطن ... الخ ، ويتم تقييم الاجور وفقا لهذه المعادلة بشكل سنوي
ـ اذا كانت عقيدتنا تقول بان العمل قيمة للانسان وشرف له ، فهل ان كل عمل يمارسه الانسان مهما كانت طبيعته يحمل معاني الشرف ؟ هل ان كل عمل يمارسه الانسان يعتبر مستوفيا للشروط المطلوبة لمتطلبات القيمة الانسانية ؟ ما هي معايير العمل الذي يحظى بالقبول والمشروعية ؟
نجيب على التساؤلات فنقول بان هناك معايير للعمل المقبول والمشروع , كما ان هناك اخلاقيات للعمل او قواعد للسلوك والتي ينبغي ان تسود بيئة العمل لكي يجري العمل بانسجام وتفاهم وهدوء بين كل من العامل ورب العمل ، وسوف نتطرق بالتفصيل لهاتين النقطتين :
ـ معايير العمل الذي يحظى بالقبول والمشروعية هي :
1 ـ عدم تعارض نوع العمل مع قيم الحق
2 ـ عدم تعارض نوع العمل مع قيم الخير
3 ـ عدم تعارض نوع العمل مع قيم الجمال
هذا يعني ان أي عمل يمارسه الانسان يجب ان تتوفر فيه هذه الشروط ليصبح عملا مقبولا ومشروعا ولائقا ويحمل معاني الشرف , وهذه الشروط تتمثل في ان لا تنطوي طبيعة العمل على اغتصاب حقوق الاخرين او اهدارها , ولا تنطوي على اشاعة الشر والاذى والضرر بالممتلكات العامة او الخاصة للاخرين , ولا تنطوي منتوجات العمل على القبح والبشاعة والتشويه بكافة انواعه واشكاله ، وسنقدم هنا توضيح للربط بين مفهوم العمل وبين مفاهيم الحق والخير والجمال لكي يكون واضحا نوع وطبيعة العمل اللائق للانسان والذي يكسب صاحبه الشرف :
مفهوم الحق بشكله المجرد نعرفه بانه حالة وضع كل كائن مادي او معنوي موجود في مكانه الصحيح من الوجود ، أي بمعنى وضع كل كائن ان كان انسانا او كان كلاما او أفعالا في مكانه الصحيح حسب عائديته , الحق كمفهوم له قيم ومعاني عديدة ، فكل انسان موجود في الحياة له حق على الاخرين في احترام حياته لان حياته لها وجود وبالتالي فان حياته حق له ، وكل انسان موجود له قيمة كانسان وله حق على الاخرين في احترام قيمته الانسانية وبالتالي فان احترام القيمة الانسانية حق ، والممتلكات المادية والمعنوية لها قيمة عند صاحبها وله حق على الاخرين في احترام حقه في ممتلكاته وبالتالي فان الممتلكات حق ، ولاحق للاخر في الاستحواذ على ملكية غيره الا بموافقة صاحبها او مالكها وبرغبته وارادته الحرة وليس مرغما , الحق هو كل فعل يعبر عن الصدق والنزاهة والشفافية ، واما كل فعل مخالف للحق فانه يعتبر فعلا باطلا وظالما ، فالاعتداء على حياة الانسان عمل ظالم ، والاعتداء على كرامة الانسان وسمعته عمل ظالم ، والسرقة عمل باطل ، الغش عمل باطل ، الكذب سلوك باطل ، الخداع سلوك باطل ، وكل عمل او قول لا يعبر عن الحقيقة فهو باطل ، وعليه فان العمل الذي يمارسه الانسان للارتزاق منه يشترط فيه ان لا يتعارض او يتناقض مع هذه قيم ومعاني الحق .
اما مفهوم الخير فنعرفه بانه أي خدمة يقدمها الانسان لتحقق فائدة او منفعة مادية او معنوية للاخر دون ان ينال أجرا مقابل خدمته لاسباب عديدة قد تتعلق بعدم قدرة المستفيد على دفع تكاليف الخدمة او تطوعا من مقدم الخدمة محبة خالصة بالمستفيد وليس طمعا به او خوفا منه ، اذ ليس كل خدمة مجانية تعتبر عمل خيري ، فحتى الخدمة المجانية من قبل فاعل الخير عندما تصبح مقابل خدمة مجانية من قبل المستفيد فانها تفقد طابعها الخيري وتصبح مجرد صفقة تجارية ، ومعلوم ان المقايضة هي نوع من انواع العمل التجاري حتى وان لم يكن فيها حركة اموال ، ان قيم ومعاني الخير تتجسد في تحقيق الفائدة والمنفعة ودفع الاذى والضرر ، وان العمل الذي يمارسه الانسان للارتزاق منه يجب ان يعود بالمنفعة عليه شخصيا وعلى مجتمعه او على الاقل لا ينجم عنه ضرر للاخرين ظلما وعدوانا او ضرر للبيئة ، اننا ندعو الى ممارسة الاعمال التي تحمل قيم ومعاني الخيرالتي تتجسد فيها المنفعة على ان لا تتعارض مع قيم ومعاني الحق , فالاموال التي تدفع للفقراء والمحتاجين عندما تكون مسروقة فانها تعتبر باطلة ولا خير فيها ، كما ان غسيل الاموال لاكسابها الشرعية عمل باطل حتى وان كان لاغراض خيرية ، والانسان عموما له الحرية في اختيار نوع العمل الذي يمارسه ولكن هذه الحرية ليست مطلقة لانه عندما يقع الضرر تتوقف الحرية
اما بالنسبة الى مفهوم الجمال فنعرفه بانه مجموعة العناصر او المكونات المادية او المعنوية التي تسبب شعورا بالارتياح واللذة من النواحي النفسية لدى الانسان المتلقي لهذه المكونات من خلال مستقبلاته الحسية ( الحواس الخمسة ) مع الاخذ بنظر الاعتبار ان عمق الاحساس باللذة يختلف من انسان لاخر وفقا لطبيعة تكوين مستقبلاته الحسية وعوامل اخرى تربوية وبيئية واجتماعية تساهم في اختلاف معايير الاحساس بالجمال لدى البشر , و نوضح هنا العلاقة بين طبيعة العمل الذي يمارسه الانسان وبين مفاهيم وقيم الجمال على الشكل التالي : ـ
الجمال مفهوم مرتبط بحواس الانسان أي بالبصر والسمع والشم والتذوق واللمس , فانت قد تنظر الى شيء ما فتراه جميلا فيبهجك منظره وتسرك صورته وقد تنظر الى شيء آخر فتراه قبيحا فتشمئز من منظره وتستقبح صورته , فاذا ما مارست عملا ما فاجعل منتجات هذا العمل حسنة المنظر جذابة ومبهجة ونظيفة المظهر او في أضعف الامكانيات عادية المنظر نظيفة المظهر لان النظافة جزء من القيم الجمالية وهي تليق بالبشر , ونفس الشيء بالنسبة لبيئة العمل اجعلها جميلة ونظيفة , لانك انسان ايها العامل لك قيمة واحترام ولأن من يشاهد منتوجات عملك هم بشر لهم قيمة واحترام .
وقد تسمع صوتا رخيما فتشعر بالارتياح لايقاعه ونمط ذبذباته وقد تسمع صوتا آخر مزعجا فتستنكره وتشمئز من سماعه , ان جمال الصوت ورخامته وعذوبة نغماته وحسن ايقاعه تترك اثرا مريحا في النفس البشرية , فاذا كانت طبيعة عملك او طبيعة منتوجاتك تصدر عنها اصواتا فلتكن هذه الاصوات حسنة الايقاع مريحة الذبذبات , او في أضعف الامكانيات عديمة الصوت لكي لا تسبب ازعاجا , لانك انسان ايها العامل ولان من يسمع اصوات منتوجات عملك هم بشر .
وقد تشم رائحة عطرة زكية فترتاح نفسك لها وعندما تشم رائحة كريهة فان نفسك تشمئز منها , ان العطور تليق بالبشر ، فاذا كانت طبيعة عملك او طبيعة منتوجاتك ذات رائحة فلتكن رائحتها زكية او مقبولة وفي أضعف الامكانيات ان تكون عديمة الرائحة لكي لا تسبب الازعاج ، لانك انسان ايها المنتج ولان من يشم رائحة منتوجات عملك هم بشر.
وقد تتذوق طعم أكلة معينة فتجدها طيبة المذاق ولذيذة ، وتتذوق أكلة أخرى فتجدها سيئة الطعم لا تستسيغها نفسك وتشمئز منها , فاذا ما كان عملك هو صنع الطعام أو الشراب فليكن مذاقه طيبا لذيذا مستساغا وان لا يكون فيه ضرر على صحة الانسان ، لانك انسان ايها العامل ولأن الآكلين لطعامك او الشاربين لمشروباتك هم بشر .
ايها المنتج اجعل منتوجاتك ناعمة الملمس ، مصقولة الاسطح ، مريحة وأمينة لمن يتلمسها او يتفحصها فلا تسبب الاذى , فالمنتوجات المؤذية بملمسها تعكس عدم الشعور بالمسؤولية لمنتجها . وبها نكون قد انتهينا من توضيح معايير العمل المقبول والمشروع وفقا لرؤيتنا
ـ اما في ما يتعلق ببيئة العمل فان هناك قواعد للسلوك داخل هذه البيئة تضبط العلاقة بين العامل ورب العمل لكي يؤدي كل طرف واجباته ويأخذ حقوقه بشكل صحيح وسليم فيتحقق الهدوء والاستقرار داخل بيئة العمل ، وان وصايانا بشأن قواعد السلوك داخل بيئة العمل هي :
ـ ايها الانسان العامل ان اخلاقيات العمل تتمثل في تحقيق المفاهيم الثلاثة ( الاخلاص + الاتقان + المسؤولية ) فاحرص على التمسك بها
ـ ايها الانسان العامل اينما كنت في القطاع العام او الخاص ، عاملا في مصنع ، او مزارعا في حقل ، او موظفا في مكتب ، يجب عليك ان تحرص على اخلاقيات العمل بان تؤدي عملك بكل اخلاص وتفاني وحرص , وان تكون منتجات عملك متقنة ودقيقة الصنع وجيدة الاداء وجيدة النوعية , وان تتحلى بدرجة عالية من المسؤولية تجاه منتجات عملك , ان المنتوج الجيد يشرف منتجه وهذه هي المسؤولية الملقاة على عاتقك ان تنتج سلعة تشرفك , فلا تدع الكسل واللامبالاة يتسللان الى نفسك فيجرداك من هذا الشرف
ـ ايها الانسان العامل طالما انك تقبض أجرا مقابل عملك فانت مطالب بأداء عملك بكل اخلاص واتقان ومسؤولية بغض النظرعن شخصية رب العمل , فلا تفرط باخلاقيات العمل نكاية برب العمل , ولا يكن تمسكك باخلاقيات العمل تملقا لرب العمل , الاخلاق هي قيمة شخصية لك وليست وسيلة للمساومة أو لعقد الصفقات .
ـ ايها الانسان العامل انت تمتلك الحرية التامة في نوع العمل الذي تمارسه , وطالما كان القرار قرارك فمن الواجب عليك ان تحب عملك , وهذا الحب يجب ان يترجم الى اخلاص واتقان وشعور بالمسؤولية .
ـ ايها الانسان العامل ليس من حق احد أن يجبرك على أداء عمل لا رغبة لديك في أدائه , ولكن عندما يكون هناك اتفاق مسبق او عقد مبرم بينك وبين رب العمل فلا عذر للتقاعس والتمرد , عندما تختار يجب ان تلتزم واذا قررت الانسحاب فليكن ذلك بشرف وليس بضرب الاخلاقيات عرض الحائط
ـ ايها الانسان العامل قد تجبرك ظروفك الشخصية على أداء عمل لا تشعر بالرغبة في ادائه لاسباب تتعلق بمقدار الاجر او نوعية العمل او موقع العمل , ولكن اعلم ان هذه الاسباب لا تبرر تخليك عن اخلاقيات العمل , ان اخلاقيات العمل هي قيمة لك فاحفظ قيمتك وصن نفسك
ـ ايها الانسان العامل , عندما تفقد الرغبة في مواصلة عملك لسبب يتعلق بنوعية العمل او موقع العمل او مقدار الاجر الذي تستلمه , فعليك ان تترك هذا العمل وتبحث عن عمل آخر ينال رضاك , فذلك خيرا لك من مواصلة العمل مجبرا , لان الاستمرار في العمل تحت الظروف الجبرية يفسد اخلاقيات العمل
ـ ايها الانسان العامل اذا قررت البقاء في عملك الذي لا رغبة لك فيه فيجب ان لا تنسى التمسك باخلاقيات العمل , وبرأينا ان تؤدي عملا لا تحبه خيرا من البقاء بلا عمل , واذا كان من الصعب الحفاظ على اخلاقيات العمل في مثل هذه الحالة فان ترك العمل يكون خيرا من الاساءة الى اخلاقيات العمل
ـ ايها الانسان العامل ليست مسؤولية رب العمل ان يوفر لك عملا يناسب رغبتك ومزاجك , بل انها مسؤوليتك انت ان تبحث عن عمل يناسب رغبتك ومزاجك , فاخلص في عملك تصون كرامتك وتحسن الى قيمتك كأنسان
ـ ايها الانسان رب العمل احفظ حقوق العاملين لديك فلا تظلمهم ولا تغبنهم في اجورهم ولا يجوز ان تكلفهم باعمال اضافية في غير اوقات العمل او في غير اماكن العمل او في غير الاعمال المكلفين بها الا اذا كان مقابله تعويض مادي مناسب وبرضاهم وموافقتهم . ان العاملين لديك هم بشر لهم حقوق وعليهم واجبات وفقا لما مثبت في عقد العمل الرسمي , فاحترم حقوق الاخرين لكي تحترم حقوقك .



#رياض_العصري (هاشتاغ)       Riad_Ala_Sri_Baghdadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 3
- معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 2
- معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 1
- موقفنا من الفكر الديني
- تعليق حول ( حول اشكالية الوجود والعدم )
- في تفسير التاريخ ( 4 )
- في تفسير التاريخ ( 3 )
- في تفسير التاريخ ( 2 )
- في تفسير التاريخ ( 1 )
- حول اشكالية الوجود والعدم
- في نقد المعتقدات الدينية المسيحية 2
- في نقد المعتقدات الدينية المسيحية 1
- في نقد الفكر الديني
- ما هي عقيدة العصر الجديد ؟
- أضواء حول مقال - نهاية العقيدة الدينية
- نهاية العقيدة الدينية
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 2
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 1
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 3
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 2


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض العصري - معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 4