أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - أسكي شام: استهلالٌ، أو اكتشافُ الأسلاف















المزيد.....

أسكي شام: استهلالٌ، أو اكتشافُ الأسلاف


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3183 - 2010 / 11 / 12 - 19:48
المحور: الادب والفن
    



أيها السابقون:
يا مَن لذتم بالحكايات، قديماً؛
لقد أضحَيتم اليومَ بأنفسكم، حكاياتٍ.

*
أيها الأسلافُ:
النائمون، دهراً، في الأضرحَة المُرَخمَة أو المُهَشمَة؛
لقد أفقتم، الآنَ، لكي تسمعوننا حكاياتكم.

*
أيها الجبلُ، الأولُ:
يا مَن نُذِرْتَ في الأولى، نذيراً للآخرة؛
أكنتَ تدري، أيها المَجوسيّ، أنّ لكَ قريناً، أوحَدَ
ثمّة، في الشام الشريف؟

*
أيتها الشآمُ، الشؤمُ والأملُ:
يا فردوساً مَوعوداً، مَوءوداً؛
أكنتِ على مَوعدٍ، حقا، مع نجم سلالتنا
مع نجم المَجوس؟

*
أيتها السلالة:
يا عِرْقا، نقياً، صافٍ حدّ الجنون؛
أكانَ في خِلدِكِ، يوماً، أنّ دماءَ أحفادكِ
سَتدَجِّنُ بدماء الآخرين
سرياناً
وشواماً
وأعراباً
وبربراً
ولاتيناً
وجرماناً
و..؟

*
أنفتتحُ الكشفَ منَ الرحيل، الأول؛
من " جَرْموك "ـ مَهدِ سلالتنا، الدومليّة
هرَباً بحلاوَة الروح،
قدّام زحف القوزاق، السفاكين..؟
أم من رحيلها، الثاني؛
من " ميقر "ـ لحْدِ أقاربنا من آل " لحّوْ "
المُفارقين أبداً دينهم النصرانيّ، اليعقوبيّ
والمُخلفين وراءهم دَيْراً، كبيراً
( علامَة على القيامَة..؟ )

*
هوَ رحيلٌ، على أيّ حال؛
رحيلٌ، أوصَلَ جزءاً من سلالتنا
إلى شمال القارّة اللدودة، العجوز
إلى
مَراعي
ألمانية
وصقيع
اسكندينافية
( أهوَ الرحيلُ الأخير، في آخر الأمر..؟ )

*
يا جدّ أجدادنا، المَجهولَ:
ليسَ الله من يَسكن جُبّة سلالتنا؛
بل هوَ الرحيلُ.
هوَ الرحيلُ، إذاً، من قادَ خطوكَ نحوَ قِبلة التائقين للفردوس الأرضيّ والسماويّ، سَواء؛
نحوَ المدينة الجنة، ذات الأسماء السبعة والأبواب السبعة والآلهة النجوم الحاميَة، السبعة.
سيانٌ، أجئتها أنتَ مُحمّلاً بمفتاح العلم، الدينيّ، أم بسيف الفتح، الدنيويّ:
لقد جئتها، وكفى.

*
سبحانكَ:
من أيّ بابٍ، من أبواب جلّق السبعة، دَخلتَ أنتَ..؟
أمن " باب الفراديس "، مثلاًـ كفأل خير عن الفردوس، الموعود..؟
أم أنه " بابُ السرّ "، غير المَرئيّ، مَنْ حُبيَ بمَشهدَ إطلالتكَ العتيد، ذات يوم ما
من عام ما، من قرن ما..؟

*
سبحانكَ:
أتدري من أيّ بابٍ، من أبواب جلّق السبعة، خرَجَ آخرُ أخلافكَ..؟
ربما من " بابُ اليأس "، غير المَرئيّ أيضاً؛
من ثمة، قادَ المقدورُ خطوي
( أنا الحفيدُ، المَبخوسُ الفأل )
من هناكَ قادَ رحيلي، أبداً، بعيداً عن فردوسنا، المَفقود
إلى فردوس آخرـ كذا، مَوعودٍ..

*
أحقا أنّ لكلّ سلالةٍ قصّاصُ حكاياتها..؟
فلأكن أنا، والحالة تلك، هذا الراوي؛
راوي حكايات الأسلاف، المَجهولين والمَعلومين سواءً بسواء. فلأحْبك حكاياتي، كما حَبَكَ أبي وأعمامي أجوَدَ النسيج؛ البروكار، المُعرّف في تاريخ الشآم باسم وعمل أحد أسلافنا
( أيْ: " برو " من اسم " ابراهيم "، و" كار " من مَعنى العمل أو الحرفة )
لأحبكنّ، إذاً، الروايَة ـ كما حبَكَ أحَدُ أسلاف " برو " ذاك، بفنّ وحَذق وإتقان، ثوبَ سهرة ملكة بريطانية، العظمى.

*
مم حُبكتْ حكاياتنا، في واقع الحال والخيال..؟
أمِنْ نسيج البروكار الزاهي، ذي الألوان السبعة، والمُتناثرَة معاملُ ( عبّاراتُ ) صنعتِهِ في طول الحارَة وعرضها؛ أم من نسيج الجثث، المَسفوح دَمها في صراعات وثارات الكرد التقليديّة، المُعتادة..؟

*
" الكرديّ؛ آغا في النهار وحرامي في الليل "
إنه مَثلٌ شاميّ، مَعروفٌ. إنه يُحيلُ إلى تاريخ مَديد من الدّم والنهب والسلب والهتك، طبَعَ وُجودَ سلالتنا في الشام الشريف، قبل أن يَحظى أخلافها بنعمَة الهدى للعمل الصالح، الشريف. إنه مَقدورُ سلالتنا، أن تمتنعَ إلا أن تكونَ دَمَويّة ً. كذلك كانت، مُذ حلول طلائعها في فردوس الله هذا، على عهد المَنار المُنيف؛ صلاح الدين الكبير، مُحرّر القدس وقاهر الملوك الإفرنج. وأيضاً، وخصوصاً، كانت كذلكَ منذ أن حلّ معظمُ الأسلاف على عهد بني عثمان ـ كآمرين وأفرادٍ لقوات العسكر، الانكشاريّة والمُرتزقة على حدّ سّواء. بتلك الصفة، راحَ أولئك الأسلافُ يُروّعونَ الحاضرَة وبرّها وباديتها. في هذه الأخيرة، كانَ نهبُ قطعان الأغنام من الكثافة، في أحد أعوام القرن الثامن عشر، أنّ مؤرخ الشام الشهير، " الشيخ البديري الحلاق "، نوّه في مدوّنته عامئذٍ برخص أسعار اللحوم على عيد الأضحى: " مع أن أهالي الشام كانوا يَعرفونَ أنّها مالُ حرام؛ بما أنّ كردَ المدينة قاموا بسرقة المواشي من أعراب الباديَة. فلا حول ولا قوّة إلا بالله "ـ على حدّ تعبير عبارة مؤرخنا، الطريفة.

*
ولكن، لئن كان الأسلافُ موعودين بقيامة الله في المُجتبى، الشريف: فمن أين، إذاً، طرأ دَمُ التجديف في عروق أكثرهم؛ حدّ أن يَستبيحَ أحدُ ملوك بني أيوب مكة، المُكرّمة؛ حدّ أن يموت آخرُ منهم سُكراً في ليلة العيد، المُبارك؛ حدّ النهب والسلب والفتك والهتك..؟
ومن زمن الأسلاف، الأوائل، إلى زمن الأخلاف، المُتأخرين: أينَ مكان " مسجد سعيد باشا "، المركون في رأس الحارَة. ثمّة، عندما نزل من سيارته " بديع ديركي "، صديقُ عُمْر والدنا، ثملاً ومُغضباً، لكي يبدأ برمي طلقات طبنجته على مئذنة المسجد. حتى أوقفَ السّكرانُ الساخط من لدُن الجيران، بعدما تناهى عويل استنجاد شيخ المسجد؛ " عبد الجليل البوطي ".
" ولكن ماذا دهاكَ، بحقّ السماء؟ "، يسأل هؤلاءُ صاحبَ المسدس بلغتهم القوميّة. فيجيبهم هذا بنفس اللغة مُحنقا، مُشيراً إلى جهة المئذنة:" كلّ مرّة أعودُ فيها من المَشرب، إذا بذاك الشيخ اللعين يُزعجني بندائه للصلاة.. "
" وما هوَ ذنبه، إذا كنتَ أنتَ تحضر إلى بيتكَ على موعد آذان الفجر..؟ ".

*
بيْدَ أنّ ذاكَ الأخرق، صديقَ والدنا، لم يملكَ جواباً ولا غرو.
كما أنّ صديقَ عمّنا، " ريسور ، لم يكُ يملك جواباً في حكايَة أخرى؛ مَعروفة في الحارَة باسم " ظهيرَة الغجريّة ": آنذاك، لم يكن العمّ قد تابَ إلى الربّ، إثر الحجّ لبيته المعمور. وإذاً، كانَ هوَ في ظهر ذلك اليوم، الصيفيّ، بصُحبة " الشيخ عيد " في شرفة منزل صديقهما ذاك، الحميم. على حين فجأة، تصاعدَ من أسفل صوتٌ أنثويّ، رخيمٌ. وبما أنهم، آنذاك، كانوا في زمن يُحرّم بتاتاً أيّ حضور نسَويّ، مَظهراً وصوتاً؛ فلم يكن غريباً أن تتلاقى نظراتهم عند سؤال واحد: " أهيَ بائعة أوراق الحظ..؟ ". هذه الفتاة، كانت من ملة الغجر؛ المُتداولة نسوتها هكذا أعمال لدى حلولهنّ في الحاضرة. على ذلك، ما أسرَع أن لبّتْ هيَ نداءَ صاحب البيت، الغندور. بُعيدَ مساومة قصيرَة، قبلتْ البنتُ المسكينة عرضَ المُضيف. توجّه هذا من ثمّ بالبنت مع العمّ إلى الحّمام، لكي يَجعلا فتنتها مُورّدة بالنظافة والرائحة الطيّبة. أمّا فضيلة الشيخ، وهوَ بالمناسبة مؤذن " مسجد ملا قاسم "، فإنه لزم مكانه على الشرفة. برهة أخرى، على الأثر، وإذا بأحدهم يُنادي على فضيلته من الأسفل.
" أينَ صديقكَ..؟ "، قالَ حمو " ريسور " عند الباب الخارجيّ ما أن فتِحَ على إطلالته المُهيبة. تلعثم الشيخ في الإجابَة: " لا أدري.. أعني، ربما هوَ في الحمّام ". وبما أنّ حمي صاحب المنزل على درايَة بخلق صهره، الماجن، فإنه لم يتردّد في التوجه من فوره إلى ذاك المكان، المَعلوم. ثمّة إذاً، اتفقَ أنّ الصهرَ هوَ من فتح باب الحمّام، في اللحظة التي رمى فيها العمّ فوطة على الفتاة الغجريّة مُخفياً هيئتها عن عينيّ الرجل الدّخيل، المُقتحم على غرّة.
" من هيَ هذه المرأة، بحقّ الشيطان؟ "
" إنها.. إنها امرأتي "
" إذا كانت هذه زوجتكَ حقا؛ فماذا يفعلُ ذلك العديم الناموس، إذاً..؟ ".

***
> مستهلّ الجزء الأول، " المَسالك "، من السيرة السلاليّة، " أسكي شام "؛ التي سَتنشر مُتسلسلة..



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعمالي غير الكاملة في موقع متكامل
- خاتمَة السيرَة: الشام القديمَة
- الأمكنة الكمائنُ 14: المَبغى المُقدّس
- الأمكنة الكمائنُ 13: الجدرانُ الأخرى
- الأمكنة الكمائنُ 12: السّفح المُتسكع
- الأمكنة الكمائنُ 11: المَخطر المَشبوه
- الأمكنة الكمائنُ 10: الجوار المُتأجّج
- الأمكنة الكمائنُ 9: المَحفل المُزدوَج
- الأمكنة الكمائنُ 8: أسطحُ الأصحاب
- الأمكنة الكمائنُ 7: خرائبُ الرّغبة
- الأمكنة الكمائنُ 6: أوابدُ الوَجاهة
- الأمكنة الكمائنُ 5: بيتُ بَديع
- الأمكنة الكمائنُ 4: مَأوى آموجنيْ
- الأمكنة الكمائنُ 3: كهف الفتوّة
- الأمكنة الكمائنُ 2: حجرة الحَديقة
- الأمكنة الكمائنُ: جنينة جَميل
- الأوانس والجَواري 5
- الأوانس والجَواري 4
- الأوانس والجَواري 3
- الأوانس والجَواري 2


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - أسكي شام: استهلالٌ، أو اكتشافُ الأسلاف