أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد بقوح - علاقة المقهى بثقافة الإنسان العربي














المزيد.....

علاقة المقهى بثقافة الإنسان العربي


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 3183 - 2010 / 11 / 12 - 02:41
المحور: المجتمع المدني
    


ثمة ظاهرة أكاد أقول أنها بدأت تنتشر بقوة في حياة الإنسان العربي . أعني بها ظاهرة الجلوس في المقهى و مراقبة الشارع ، بما يعنيه هذا الشارع من مستعملي رصيف المرور ، و السيارات المتسارعة و كأنها في سباق مفترض . ضجيجها الصارخ لم يعد يشكل بالنسبة للقابعين في المقاهي أية مشكلة . و كذلك أدخنة السيارات المتصارعة هنا و هناك . لسنا ضد الجلوس في المقهى إذا كان وظيفيا و يخدم الإفادة و الإستفادة . لكن التعامل مع فضاء المقهى ، كما لو كان نادي اجتماعي فهذه وضعية يمكن تفسيرها بحالة سيكولوجية سيج بها المعنيون بالأمر " وهمهم " في إطار التموقع داخل جماعة بشرية . أي أن التواجد ضمن جماعة منشغلة بعين الهمّ و نفس الاهتمام ( المراقبة الجماعية لمرور الشارع ، الفرجة التلفازية ، ممارسة لعبة الكلمات المتقاطعة .. إلخ ) يكفي أن يشعر الفرد المعني داخل المقهى بإحساس الوجود الواقعي و الزمني اللحظي ، و بالتالي التخلص من ضغط الحياة اليومي ، سواء منه المتعلق بضغط العمل أو الشأن الأسري و المنزلي . يمكن اعتبار هذا السلوك الأخير الذي نعده بمثابة رد فعل لحاجة نفسية طبيعية و انفعالية ، و هو على أي اختيار لصاحبه ، حركته منطلقات ثقافية من أجل تحقيق أهداف سيكولوجية و اجتماعية ، لكن دون أن يكون هذا الموقف الشخصي مؤسس على مرجعية فكرية عميقة ، يراد منها التحكم الفعلي و الثقافي في حسن توظيف و استخدام فضاء المقهى ، كفضاء اجتماعي من أجل التبادل الفكري و التفاعل المعرفي ، تحقيقا للتقدم الحضاري و المعرفي الحقيقي الوطني و البشري .

و يبدو أن ثقافة كرة القدم و الديربيات الأوربية سكرت العقول و أفسدت أذواق الرقي الرفيع ، و باتت هذه الثقافة ( المخدر ) من الفرجات الممتعة و المستحسنة من طرف رواد المقاهي العربية ، و المقهى المغربي نموذجا ، بحيث يمكن لرائد المقهى أن يستغني عن نشاط ثقافي في نفس المقهى أو قريب منه ، كيفما كان نوعه أو منشطوه ، و يختار الجلوس أمام الشاشة الكبرى لتتبع مبارة كروية على المستطيل الأخضر تتبعا يخيل إليه و كأنه داخل الملعب . إنها إشكالية فكرية و عقلية في عمقها . لماذا هذا السقوط التلقائي السريع و الانبطاح المتهافت الرخيص تحت أرجل أيديولوجة الأسياد و المتحكمين عنوة و باختيارنا الشعوري و الاشعوري في حياتنا المصيرية . و الأخطر في الموضوع عندما تلاحظ أو تنتبه فجأة لاختفاء مكتبة لبيع الكتب الفكرية ، لتجد مكانها مقهى جديدا و من النوع الرفيع ، مضافة إلى سلسلة من المقاهي على الشارع العام .
ماذا تنتظر من الإنسان العربي الذي يفكر بالعين و بتاريخ حواسه الإنفعالية ، و بنوازعه الوجدانية البسيطة ، و يستجيب لغريزة البقاء و الحركة داخل نص الجمود و التكرار المركب ، ضمن جماعة شبيهة به من حيث آدميته ، و قد يمقتها في داخله .. و إذا تجرأت فحملت كتابا إلى أي مقهى في مدينتك ، و شرعت في القراءة ، لن تفاجأ بالأجساد الآدمية تقترب منك يمينا و يسارا ، لتشعرك بعد حين باختناق مرعب ، و مع دخان السجائر يزداد الأمر استفحالا غير محتمل ، لتجد نفسك مضطرا لتغيير المكان .

ما موقع العقل العربي ضمن مقولة الزمن السائر و المتحرك و المتغير ..؟ و إلى أي مصير يقودنا وضع ثقافة العطالة الفكرية و الثقافية في عالمنا العربي الفسيح ؟
إذا كان المواطن الغربي يمارس سلوك القراءة ، حتى في الحافلات و القطارات و مختلف المحطات و الفضاءات حتى المكتظة منها بالناس ، موظفا حضوره ضمن الزمن الخارجي عن منزله ، في المقابل يبدو أن المواطن العربي المشبع بالرغبة في الركود و الجمود و الاستهلاك السلبي لكل ما يقع بين يديه ، و يعرض أمام أنظاره من سلع و شباك مزينة ، لا يزال غارقا في سباته المتخلف و المتناقض و المفارق ضد طموحاته .. و يؤسس ، نتيجة لذلك ، و اقتناعا منه بوهمه الصارخ هذا ، ثقافة الانتظار و الاستغلال البشع ، و الثرثرة الفارغة غير المجدية .. و يمشى بطواعية فيها الكثير من العزة بالنفس و الفخر و الرضى الغريبين صوب مشانق الزمن التي حضّرت له بإتقان ، و ساحات المقصلة ليضع النهاية الوشيكة و المفترضة لنوعه الذي يرفضه زمنه ..



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرصفة ( 1 )
- إشكالية التعليم .. و قيم العلم بالمغرب
- علاقة الثقافي بالسياسي في التجربة العربية - وجهة نظر نقدية
- عودة الأنوار - قصة قصيرة
- الحوار المتمدن كمعلمة عقلانية للفكر الحر
- حجارة السماء
- جدلية الفكر و قيم الإنحطاط
- الخفاش الأنيق - قصة قصيرة
- تيمة الجنون في رواية مدن الملح - نص التيه نموذجا - ( بحث )
- الكرسي الأعرج
- قصيدة يسكنها بحر
- هذا المساء ينقب عن وجهه في الشمس
- صهيل السبت الأسود
- غربة الفلسفة من منظور جيل دولوز
- بهاء شذرات نيتشوية
- حديث حول البحر
- قصة قصيرة الميزان العجيب
- نص المدينة و أبوابها الأربعة
- رقصة الأوثان
- كلاب قبيلة الشلال


المزيد.....




- اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب ...
- اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال
- الأمم المتحدة: مقتل نحو 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
- موقع: عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين ...
- ??مباشر: مجلس الأمن يعقد جلسة للتصويت على عضوية فلسطين الكام ...
- لازاريني: حل الأونروا يهدد بتسريع المجاعة وتأجيج العنف بغزة ...
- الأونروا تحذر من حملة خبيثة لإنهاء عملياتها
- اقتحام بلدتين بالخليل ورايتس ووتش تتهم جيش الاحتلال بالمشارك ...
- مفوض عام الأونروا: -المجاعة تحكم قبضتها- على غزة
- موعد غير محسوم لجلسة التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتح ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد بقوح - علاقة المقهى بثقافة الإنسان العربي