أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - امين يونس - بينَ موتٍ .. وموتْ














المزيد.....

بينَ موتٍ .. وموتْ


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3182 - 2010 / 11 / 11 - 00:07
المحور: كتابات ساخرة
    


هنالك قولٌ شائع ، حول ان " الموت يجعل الجميع مُتساوين " ، فالوزير يموت والغفير يموت ، لكنني لا أتفقُ مع هذا الرأي ، فَقبلَ أيام كنتُ ذاهباً الى مكتب منظمة الحقوق المدنية ، والكائن مُقابل إحدى المساجد الكبيرة في المدينة ، وإذا بالشارعِ المؤدي الى هناك وعلى بُعد مئة متر ، مقطوع بحواجز وعدد من الشرطة المُسلحين الذين أّشّروا بالذهاب في الاتجاه الآخر ، وذهبتْ أدراج الرياح محاولاتي لإقناعهم باننا ذاهبون الى المنظمة ، حيث اجابوا ببرود : ممنوع ، لأن هنالك تعزية أحد أقرباء المسؤول الفلاني في الجامع ، وهنالك شخصيات مهمة مع حماياتهم ولا مجال لدخول اي سيارات اخرى !. إضطررتُ الى النزول من التكسي حاملاً كيسَين ثقيلين من الكُتب والمشي قائلاً : لا حول ولا قوةَ إلا بالله ! . بعد ساعتين وعندما خرجتُ من المنظمة ، كان الإزدحام لايزال على أشدهِ عند الجامع ، والساحة القريبة مليئة بالسيارات ، ومجموعة من المُعّزين تخرج والاخرى تدخل . لم يبقى أحدٌ فيهِ رائحة الأهمية الوظيفية او العشائرية او الاغنياء او الذين في نيتهم ان يصبحوا مسؤولين او اغنياء ، لم يبقى احدٌ من هؤلاء ، لم يقم بواجب التعزية ، وإذا إفترضنا ان 25% فقط منهم ، قرأوا سورة الفاتحة فعلاً بصورةٍ صحيحة وكاملة ، فمن المُحتمل ان يُساهم ذلك في إدخال المرحوم الى الجنةِ من أوسعِ أبوابها !.
وكما يبدو ، فان الحضور لأكثر من مرَة واحدة في اليوم ، ضروري ، ثم ان المُعّزي يستطيع الخروج من الدائرة متى شاء بهذهِ الحجة الذهبية ، فهل هنالك مُديرٌ بمقدورهِ الإعتراض على ذهابهِ لهذهِ التعزية ؟ . ومن الأفضل ان يُثير إنتباه المسؤول راعي المُناسبة ، برفع ذراعيهِ عالياً وتلاوة الفاتحة بصوتٍ مسموع ، أما إذا أكرمهُ بقولهِ : الله بالخير ! ، فذلك مُنتهى المُنى وربما يعني انه راضٍ عنه .
ان جزءاً كبيراً من الثواب ، لابُد ان يُصيب المسؤول نفسه ، لسببٍ بسيط ، وهو انه بواسطتهِ إنتعشتْ أعمال العديد من المواطنين ، فرغم ان المناسبة حزينة ، فان سيارة بيك آب كانت مُخصصة لجلب أقداح الماء المُعلبة الباردة وتوزيعها على المُعزين ، وعدة مطاعم كانتْ محجوزة بالكامل على مدى ثلاثة ايام ، ومن الطبيعي ان العمال والسواق والخدم حصلوا على مكافآت مُجزية ، تقديراً لجهودهم ... وكُل هذا بفضل كَرَم السيد المسؤول .
وبالمُقابل ، فان عزرائيل كان له موعدٌ مع شخصٍ آخر في نفس التوقيت ، ولكن الامور كانتْ مُختلفة تماماً . فالمرحوم الآخر هذا كان No body ، اي قميئاً عادياً ، أبناءه الصغار حمّالين وصباغي أحذية ، غُسِلتْ جثة الفقيد وكُفِنتْ في الحمام الصغير في ركن حوش المنزل . نُقلَ جثمانه الى المقبرة ب بيكاب جيرانهم إضافةً الى تراكتور عمهم الذي حّمله ببضعة أنفارٍ من اقرباءهم . بعد رجوعهم من الدفن ، جلسوا في البيت وتحدثوا بإقتضابٍ عن موت المرحوم وتبادلوا بعض الاحاديث المتفرقة ، ثم غادرَ كُلٌ الى منزلهِ . إنتهت المراسيم بهذا الشكل البسيط والمتواضع . حتى " الملا " الذي رافقهم الى المُقبرة ، كان رث الثياب ونصف اُمي ، وربما كان مجموع الآيات التي تُلِيتْ على روح المرحوم ، لم تتعدى العشرات ، فكيف يُقارن بالفقيد الآخر أعلاه ، الذي إنهالتْ على روحهِ آلاف المرات سورة الفاتحة على مدى أيام ؟ !
............................................
هذا ما يحدث هنا في الواقع ، فرقٌ شاسع بين حياة ، ونوعية التعزية والدفن بين فلان وفلان ... لكنني لا أستطيع الجزم بما سيحدث " هناك " بعد الموت ! .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة أربيل ... ولبن أربيل
- إسلاميو البصرة وسيرك مونت كارلو
- دهوك ... مُجّرد أسئلة
- مرةً اُخرى ..تأخُر إستلام الكتب المدرسية في اقليم كردستان
- ضراط السياسيين مُخالف للقوانين البيئية !
- الرئيس الألماني المسكين
- للنساء ... للرجال
- من دهوك الى بغداد
- نفوس العراق 45 مليون نسمة !
- أنتَ تنتَقِد .. إذن انتَ غير مُخْلص !
- هل المطالب الكردية عالية السقف ؟
- احزاب الاسلام السياسي والتضييق على الحريات
- حكومة قوية ..معارضة قوية ، وليس حكومة مُشاركة
- إعتراف ... عدم إعتراف !
- أثرياءنا ... وتطوير البلد
- البعثيون يخافون من التعداد السكاني العام
- اُم كلثوم وتشكيل الحكومة العراقية !
- حاجتنا الى ثورة في التربية والتعليم
- مليارات الدولارات - الفائضة - في العراق
- إستفتاء تركيا وإستفتاء جنوب السودان ..وكُرد العراق


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - امين يونس - بينَ موتٍ .. وموتْ