أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال شاكر البيابي - أنا أفكر، إذن أنا موجود














المزيد.....

أنا أفكر، إذن أنا موجود


نضال شاكر البيابي

الحوار المتمدن-العدد: 3181 - 2010 / 11 / 10 - 09:00
المحور: المجتمع المدني
    


التنوير وفقا لكانط يعني خروج الإنسان من القصور الذي يرجع إليه هو ذاته، بمعنى أن القصور هو عدم القدرة على استخدام الفهم الذاتي دون قيادة الغير واستعارة فهمهم الخاص وتبنيه كبديل للفهم الذاتي ." تجرأ على استخدام فهمك الخاص"والقصور بهذا المعنى ليس غيابا للقدرة على الفهم ، بقدر ما هو تغييب للعزم والجرأة في امتشاق الفهم الذاتي والتعويل عليه ، فخلق الرأي واتخاذ موقف معين إزاء قيمة أو قضية ما ، هو خرق لتابو "الاتباع الأعمى والتداعي الحر والتسليم المطلق..، وكل ذلك يقتضي أسبقية الإيمان على الفهم " بينما الخيار الآخر الذي قد يكون الأكثر سلامة هو التداعي الحر لقيادة الآخرين وسطوتهم في تقييد الفهم وتحديد مساحة الرأي .
وكما يقول ديكارت " أنا أفكر، إذن أنا موجود" وفيض الوجود هنا يستمد دفقات حياته من خلال التفكر، الشك ، والرأي ، والنقد الحر ، لا الحياد المصطنع واستلاب الوعي للآخرين والقبول الخانع.
بيد أن الوصاية على أفكار الناس ونواياهم لا تتمخض إلا من مجتمع يقتات صباح مساء على موائد الخوف والاتكالية والتعويل عند الأزمات على الحلول الغيبية، أوالموضعية والقصيرة الأمد ، التي يحترف الأوصياء ابتكارها وترويجها على نطاق واسع على هيئة مسلمات لا تخلو في مضمونها من فكرة إقصائية " الحقيقة المطلقة وما عداها باطل ورجعية و تطرف..إلخ ".
ويقتضي ذلك بالضرورة الطعن والتشكيك بكل محاولة جريئة للخروج عن سطوة الأنساق على أنها لغو وتطرف. والمصطلح يسيس بطبيعة الحال خدمة لأجندة الأوصياء ، أو حراس النسق، فالتطرف أواللغو يخلع على كل فكر أو سلوك لا يتماهى مع أجندتهم، بصرف النظر عن حقيقة الفعل في ذاته أكان صوابا أم خطأ ، لأنهم المسؤولون عن شرح المصطلح وتحديد أطره ودلالاته ، فما وافقهم كان صوابا وما خالفهم كان خطأ.
والدور الفعلي للأوصياء في أي مجتمع يسودون فيه ، هو تحوير القيم والمفاهيم عن دلالاتها الحقيقية ، أو عن سياقاتها التاريخية الفعلية، وتحويلها بعد ذلك ، إلى مطلقات ومتعاليات ، غير قابلة للتداول ثقافيا في نطاق المراجعة الفكرية المنهجية ، لأن أية محاولة جدية لسبر أغوار المطلقات قد تؤدي للكشف عن مدى هشاشتها ورجعيتها ، وقد تتساقط هالات القداسة عن بعضها ، أو على أقل تقدير قد تكشف عن ثقوب تحتاج إلى إعادة النظر ، فضلا عن الاستفهامات المعلقة والمعتقة حتى إشعار آخر!!
ويفترض في المثقف المسكون بقلق المعرفة أن تكون عقيدته البحث عن الحقيقة ولا شيء سواها ، فلا شيء أسمى من الحقيقة ، ولا إيمان يسبق الفهم ، ووفقا لذلك تكون مهمته التحرر الفعلي من سطوة الأنساق والأفكار الجاهزة، وشكل ذلك التحرر يبدأ من خلال فتح الأبواب المغلقة وطرح القضايا الشائكة والعالقة للنقاش الجدي والمراجعة الموضوعية ، كنحو المفاهيم والقيم ، التي تتداول ببغائيا بين الجماعة على أنها مسلمات خارج نطاق المراجعة أو الشك (كبعض العادات والتقاليد)، لا أن يتحول المثقف إلى حارس للأنساق ومردد ببغائيا للرجعية والاستبداد وللأفكار المعلبة ولكن بخطاب ذي صبغة ثقافية حداثية مشوهة..!
وهذا ما عبر عنه علي حرب بــ"حراسة الأفكار". فالحرية والعدالة والحقيقة والسلطة والمسلمات برمتها ، هي مفاهيم تختلف باختلاف البيئة الثقافية والاجتماعية التي انبجست منها حتى تحولت عبر سيرورة زمنية إلى قناعات راسخة ومتجذرة ، وهنا يأتي دور المثقف من خلال تسليط الضوء على المفاهيم المتعالية على نطاق التفكير، والتي هي بطبيعة الحال لها انعكاسات سلوكية على أرض الواقع، وتسليط الضوء لن يتأتى إلا من خلال صوغ الأسئلة الجدية الجديدة والمغايرة فكرا ووممارسة، ومن ثم بلورة حقل نقدي مؤسس على البحث عن علل الأشياء ، بدءا بـمحاولة فهم الواقع وتدبره وتشخيص أمراضه والتساؤل حيالها ، واستقصاء بدايات انبثاقها الفعلية ، فضلا عن محركاتها ، عبر صيرورتها التاريخية ، وفهم اللامعقول وعقلنته، قبل تكوين الانطباع أوإطلاق الأحكام أو القبول أو الرفض ، بعيدا عن التماهي والتسليم المطلق لما يرشح من قيم ومفاهيم عن النسق الذي يكاد يكون سائدا.
والسؤال الأهم في تقديري الذي ينبغي أن يطرح في هذا السياق:هل قوالبنا الفكرية ، والبنى الاجتماعية والدينية والسياسية والاقتصادية، خضعت لمحاولات جادة للفهم والنقد والتفكيك البنيوي والمراجعة الموضوعية واستشراف عللها ، إن كان على مستوى القيم والمفاهيم المتعالية على نطاق التفكير الجمعي ، أو على مستوى انعكاساتها المتمثلة في الممارسات السلوكية ، أم أنها ما تزال تتوارث جيلا بعد جيل على أنها مسلمات غير قابلة للدحض ؟!



#نضال_شاكر_البيابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يوجد في البنات صغيرة !!
- من يذكي النزعات الطائفية في أوطاننا ؟!
- حرق القرآن الكريم..كلنا ندين بشدة ولكن..!
- الهيئة عندما تنتهك إنسانيتنا!
- شخصنة الاختلاف
- عندما يتحول المثقف إلى روزخون ..!
- مجتمعنا السعودي وبعبع الحرية
- البريك والرغاء الطائفي وتأصيل الكراهية..!
- الكارثة الأخلاقية..تكريم الجلادين..!
- انتظار المخلص..وأسئلة حائرة
- شات القنوات الفضائية والحب المحرم
- (المرأة ومجتمع التناقضات)


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال شاكر البيابي - أنا أفكر، إذن أنا موجود