|
عندما يبكي الرجال في غزة
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3180 - 2010 / 11 / 9 - 17:25
المحور:
القضية الفلسطينية
أبواب البكاء تفتح على جميع الجهات ، الماً ، حزناً ، ضحكاً ،غيظاً، استهتاراً ..الخ لكن عندما تسيل دموع الرجال تغلق الجهات وتتحول الى ينابيع من الصدق المخيف ، الحذر ، فوراء كل دمعة رجل ، جبل ينهار وحجارة تسقط في وادي الرفض ، دموع النساء تختلف كلياً بمعناها ومذاقها ومواعيدها وطريقة سيلانها ، _هذا قد يغضب الجمعيات النسوية _ . قليلة هي دموع الرجال في التاريخ العربي القديم والحديث ، اشهرها - حسب رأيي- دموع ابو عبدالله الصغير آخر الملوك العرب في الاندلس حين وقف فوق هضبة (البادول ) او كما اطلقوا عليها صخرة ( تنهيدة العربي الأخير ) وبكى مودعاً غرناطة بعد حصار طويل من قبل الاسبان سنة 1492 ، وهنا ثارت ثائرة والدته وقالت بيت الشعر المشهور :
ابك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال
ورغم النكبات والمذابح التي ألمت بالتاريخ العربي القديم والحديث ، بقيت دموع الرجال عصية ، سدوداً حديدية مانعة -لا نتكلم عن الزعماء والملوك العرب لأن وظيفتهم ابكاء شعوبهم – بل نتكلم عن المواطن العربي العادي . قد يفلت البكاء منه هنا وهناك، وتسيل الدموع من العيون التي لم تستطع البقاء في ظل الكبت والقهر ، ومحاولة ستر العيب والخوف من مزج قيمة الذكورة العالية بضعف الأنوثة الطاغية ، لكن عندما يبكي الرجال لابد من التقاط هذه الصور لأنها تسجل تاريخاً وحكاية. دموع الرجل الفلسطيني تختلف في المواقف والأماكن ، من دموع العزة والكرامة الى الفخر والتضحية الى دموع الحيرة والتخبط . التقيت به بعد خروجه من السجن ، عشرون عاماً ذهبت من عمره وراء القضبان ، التهمة الأمنية التي سجن بسببها لم ترق الى مستوى التهمة التي تستحق عشرين عاماً ، يعترف ان العقاب كان شديدا ًوالمحكمة الاسرائيلية انتقمت منه ، لكن الأشد من ذلك العقاب، نسيانه ، اكتشف انه مثل السجناء الأمنين الآخرين ، منسي، مجرد رقم في أوراق مرمية ، والعث قد أكل المبادىء التي آمنوا بها ، وحولتهم الى حالات هرمة تعبث مع الزمن الهزيل ، والأيام تجر السنوات ، دون ان ينبعث الأمل في تحريرهم من الأسر . انهم يبكون ، نعم هناك يبكون ، اتركي صور البطولات والتصريحات الوهمية ... قال بغضب ، انا عشت معهم وتناقشت معهم وقد كتبنا على الجدران – حين يبكي الرجال يموت كل شيء -واضاف بحزن مشحون ، في النهار تنعكس أشعة الشمس على الملامح فيحاول كل سجين تخبئة دموعه ينسج وراء كل دمعة ضحكة . لكن في الليل حين تهدأ الحياة في الخارج تنبعث الأحلام في السجون ، الليل يأتي بالدموع والبكاء على العمر الذي ينزف بعداً عن الأحباب وعن الحياة وتفاصيلها الجميلة والتعيسة . وتابع ان الأسرى في السجون الاسرائيلية يعيشون في الطقس الواحد واللون الواحد ، وهذا يكفي لكي يبكون ، اعترف بأعلى صوتي انني كنت ابكي وابكي ، ليس جبناً ولا خوفاً ، بل لأن القادة اصغر من القضية . وقاماتهم ونياشينهم لاتصل الى ركبة الحلم الذي راود الملايين . لأن بكاء الرجال غال ومحير ويفضح المواقف ، لذلك تصر اسرائيل دائماً ان تبقى في سباق - دفع الفلسطيني الى البكاء- ، هاهي ستقوم قريباً بشن حرب على غزة – كما اكد الجنرالات في اسرائيل - وستطلق على هذه الحرب – بكاء الرجال - ، القصد من وراء العنوان والتسمية هو التركيز على آخرمعاقل الرجال هو الصمود وعدم البكاء . ان هذه الحرب رهان مع رجال غزة هل سيبكون ؟؟
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما اتعس الوطن حين نصبح اشجارا للقطع
-
وانا مالي يا بوي وانا مالي
-
اليوم الكئيب الذي يفلت من السنوات الاربعين
-
بكم تباع كيلو الأنوثة ؟؟
-
بعد الموائد العامرة مشاعر متضاربة
-
ارزة وزيتونة في حبة قطايف
-
قانون الجرافات فوق المواطن
-
الثعلب على موائد رمضان
-
-بيل غيتس- امام موائد الرحمن
-
باب الحارة يؤدي الى الكازينو
-
الموت في اسرائيل
-
في زمن الشعير نلجأ الى الحمير
-
باب توبة العملاء من البلاستيك
-
شعوب رهينة لمزاج الحكام
-
احسد شاليط
-
ابشر أيها الفلسطيني ، وصلت القصيدة
-
واكا.. واكا في الحديقة الخلفية للثورة الفلسطينية
-
فضائيات تبث من تحت التنورة
-
دهشة ستذهب مع الريح
-
نتكلم من داخل برميل القمامة
المزيد.....
-
عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
-
واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و
...
-
-حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال
...
-
هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
-
اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو)
...
-
أعراض غير اعتيادية للحساسية
-
دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
-
مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر
...
-
ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
-
الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|