أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (11 ) : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )















المزيد.....

من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (11 ) : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 22:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القرآن الكريم لغة الحياة ، وما يقوله القرآن عن البشر يتجسد واقعا في حياة الناس ولا تملك إلا أن تقول ، صدق الله العظيم "
فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا
القاضى العباسى ( أبو حسان الزيادي ) هو: ( الحسن بن عثمان بن حماد بن حسان بن يزيد) المتوفى عام 242 هجرية . قال عنه ابن الجوزى فى تاريخ ( المنتظم ) : ( كان من العلماء الأفاضل صالحًا دينًا كريمًا مصنفًا وله تاريخ حسن وولي قضاء الشرقية ‏.‏ ).
كانت له حكاية يتجلى فيها الواقع القرآنى فى قوله جل وعلا. ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )، فلقد وقع فى أزمة مالية عسيرة وموقف حرج للغاية ، ولكن جاءه اليسر مع اشتداد العسر . ونقرأ تفاصيل القصة التى حكاها ابن الجوزى :
( أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر الخطيب قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عمران المرزباني قال‏:‏ أخبرنا عبد الواحد بن محمد الخصيبي قال‏:‏ حدثنا أبو حازم القاضي وأبو علي أحمد بن إسماعيل قالا‏:‏ حدثنا أبو سهل الرازي قال‏:‏ حدثني أبو حسان الزيادي قال‏:‏
( ضقت ضيقة بلغت فيها إلى الغاية ، حتى ألحّ علي القصاب والبقال والخباز وسائر المعاملين ولم تبق لي حيلة) أى تعرض لضائقة مالية شديدة حتى أصبح الجزار والبقال وغيرهم يطالبونه بالديون وهو عاجز عن السداد ، ولم تعد لديه حيلة .
( فإني ليومًا على تلك الحال وأنا مفكر في الحيلة إذ دخل علي الغلام فقال‏:‏ حاجي بالباب يستأذن) أى مسافر للحج من خراسان مار فى طريقه على بغداد ، وقد وقف بباب أبى حسان يستأذن فى الدخول .
( فقلت له‏:‏ ائذن له فدخل الخراساني فسلم ، وقال‏:‏ ألست أبا حسان ؟ قلت‏:‏ بلى ، فما حاجتك ؟ قال‏:‏ أنا رجل غريب أريد الحج ومعي عشرة آلاف درهم واحتجت أن تكون قبلك حتى أقضي حجي وأرجع، فقلت هاتها فأحضرها وخرج بعد أن وزنها وختمها). أى إن ذلك الراغب فى الحج خاف على ماله من غارات قطاع الطرق من الأعراب فأراد أن يودعها عند رجل أمين فى بغداد ، وقد سأل فدلوه على بطل القصة أبوحسان ، فأودع عنده عشرة آلاف درهم ، على أن يستلمها منه عند عودته من الحج ومروره ببغداد . لم يعرف أن أبا حسان كان يمرّ بأزمة مالية خانقة ، ويطارده البقال والجزار والدائنون .
( فلما خرج فككت الخاتم على المكان ثم أحضرت المعاملين فقضيت كل دين كان علي ، واتسعت وأنفقت ، وقلت‏:‏ أضمن هذا المال للخراساني وإلى أن يجيء يكون قد أتى الله بفرج من عنده ، فكنت يومي ذلك في سعة وأنا لا أشك في خروج الخراساني). أى بمجرد خروج الخراسانى فتح أبو حسان صرّة المال ، وسدّد ديونه ، وهو على أمل أن يأتى الفرج بعدها بحيث يرد مال الخراسانى . ولكن حدثت المفاجأة المفجعة :
( فلما أصبحت من غد ذلك اليوم دخل علي الغلام فقال‏:‏ الخراساني الحاج بالباب يستأذن ، فقلت‏:‏ ائذن له ، فدخل فقال‏:‏ إني كنت عازمًا على ما أعلمتك ثم ورد علي الخبر بوفاة والدي وقد عزمت على الرجوع إلى بلدي فتأمر لي بالمال الذي أعطيتك أمس ‏.‏ ). اى عاد الخراسانى فى اليوم التالى يطلب ماله فقد ألغى مشروع الحج ، وعزم على العودة لخراسان بعد أن علم بوفاة والده .
(‏ فورد علي أمر لم يرد علي مثله قط ، وتحيرت فلم أدر ما أقول له ولا بما أجيبه ، وفكرت فقلت‏:‏ ماذا أقول للرجل ثم قلت‏:‏ نعم ، عافاك الله تعالى ، منزلي هذا ليس بحريز ، ولما أخذت مالك وجهت به إلى من هو قبله ، فتعود في غد لتأخذه ). عقدت المفاجأة لسان أبى حسان الزيادى ، ثم نطق متعللا بأنه أودع المال فى مكان أكثر أمنا ، وطلب من الخراسانى مهلة يوم ليعود ويأخذ ماله .
(فانصرف وبقيت متحيرًا ما أعمل .!! إن جحدته قدمني فاستحلفني وكانت الفضيحة في الدنيا والآخرة وإن دافعته صاح وهتكني ، ) أى إحتار الزيادى ، فلا يستطيع الكذب ، وهو يخشى الفضيحة . وأبو حسان الزيادى نموذج للطبقة ( المستورة ) من العلماء ، له إسم وصيت ، ولكن علاقته بالثروة ليست على ما يرام ، ولكى تتحسن علاقته بالثروة لا بد من المحافظة على المظهر الشكلى بأن يظل له بيت وبغلة و غلام شأن الميسورين . وفى الفقرات التالية نعرف أن له خادما مملوكا وبغلة ، وبيت بالطبع ، مع أنه مفلس .!!
( وغلظ الأمر علي جدًا وأدركني الليل وفكرت في بكور الخراساني إليّ ، فلم يأخذني النوم ولا قدرت على الغمض ، فقمت إلى الغلام ، فقلت له‏:‏ أسرج البغلة، فقال‏:‏ يا مولاي هذه العتمة بعد وما مضى من الليل شيء ، فإلى أين تمضي ؟ فرجعت إلى فراشي فإذا النوم ممتنع فلم أزل أقوم إلى الغلام وهو يردني حتى فعلت ذلك ثلاث مرات ، وأنا لا يأخذني القرار( الراحة والهدوء ) وطلع الفجر فأسرج البغلة وركبت وأنا لا أدري أين أتوجه ، وطرحت عنان البغلة وأقبلت أفكر وهي تسير بي حتى بلغت الجسر فعدلت بي فتركتها فعبرت ثم قلت‏:‏ إلى أين أعبر وإلى أين أمضي ولكن إن رجعت وجدت الخراساني على بابي دعها تمضي إلى حيث شاءت ، ومضت البغلة فلما عبرت الجسر أخذت بي يمنة إلى ناحية دار المأمون فتركتها إلى أن قاربت باب المأمون ، والدنيا بعد مظلمة ، فإذا بفارس قد تلقاني فنظر في وجهي ثم سار وتركني ثم رجع إلي ، فقال‏:‏ ألست بأبي حسان الزيادي ؟ قلت‏:‏ بلى، قال‏:‏ أجب الأمير الحسن بن سهل ، فقلت في نفسي‏:‏ وما يريد الحسن بن سهل مني ؟ ثم سرت معه حتى صرنا إلى بابه ، فاستأذن لي عليه فأذن لي، فقال‏:‏ أبا حسان ما خبرك وكيف حالك ولم انقطعت عنا؟ فقلت‏:‏ لأسباب وذهبت لأعتذر ‏.‏
فقال‏:‏ دع عنك هذا أنت في لوثة أو في أمر ، فإني رأيتك البارحة في النوم في تخليط كثير. فابتدأت فشرحت له قصتي من أولها إلى آخرها إلى أن لقيني صاحبه ودخلت عليه، فقال‏:‏ لا يغمك يا أبا حسان قد فرج الله عنك . هذه بدرة للخراساني مكان بدرته ، وبدرة أخرى لك تتسع بها ، وإذا نفذت أعلمنا . فرجعت من مكاني فقضيت الخراساني واتسعت وفرج الله .وله الحمد ‏.‏ )
موجز ما سبق أن أبا حسان فى محنته ركب بغلته لا يدرى أن يتوجه بها وهو فى حال يرثى له ، لا يستطيع العودة للبيت خوف ملاقاة الخراسانى ، ولا يعرف أين يذهب ، والبغلة تسير به وهو ذاهل ، الى أن لحقه فارس كان يبحث عنه ، وعرف من الفارس أن الوزير الحسن بن سهل وزير المأمون يبحث عنه . وذهب به الفارس الى دار الوزير ، وأعلمه الوزير أنه رآى أبا حسان فى المنام فى رؤيا مزعجة فقلق عليه وبعث بالفارس ليحضره . فحكى له أبو حسشان محنته ، فأنعم عليه الوزير بمال كثير فرّج به كربته .
ونحن هنا نتحدث عن عصر كانت فيه مروءة و نخوة ، وليس كعصرنا ، نتحدث عن زمن كان فيه العلم رحم بين أهله من العلماء ، وليس مثل زمننا الذى لم يعد فيه علماء بل كلاب سلطة يتخفون فى زى العلماء يفتون للمستبد باستحلال التعذيب والنهب و السلب .
ومع ذلك فان الله جل وعلا غالب على أمره ولو كره المبطلون ، ورحمته تصل الى المحسنين وتنقذ المظلومين ، ووعده قائم بأن (يسرا ) قادم مع (العسر) حتى لو كنا فى عصر(العسكر) .!!



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكل نفس بشرية جسدان (9 ): الزوجية والحور العين وملائكة الجحي ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى ) 10) ( سيجعل الله ...
- لكل نفس بشرية جسدان (8 ): عذاب الجسد المادى وعذاب الجسد الأخ ...
- لكل نفس بشرية جسدان (7)( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ ...
- من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى ) 9 )( سيجعل الله ب ...
- القاموس القرآنى : الأذى
- الحكم بغير ما أنزل الله ..!!
- ست الملك ولغز الحاكم بأمر الله الفاطمى
- لكل نفس بشرية جسدان ( 6 ): كيفية بعث الجسد الآخر
- ( العباسة أخت الرشيد) هل كانت السبب في نكبة البرامكة.؟
- ثقافة العار وعقدة الخواجة :
- الخوارج
- لكل نفس بشرية جسدان ( 5 ): الكون : تنظيم ثم تدمير ثم بعث
- عبد الله بن المبارك : أحد صنّاع الدين السّنى .
- أخلاق عشوائية
- لكل نفس بشرية جسدان ( 4 ) بعث الجسد الآخر: خلق وموت وبعث الك ...
- لقمة العيش
- تعليق على مقال ( الخليفة الذى مات من التخمة )
- الخليفة الذى مات من التخمة
- سلطان


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - من علوم القرآن :القرآن والواقع الاجتماعى (11 ) : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )