|
... وإنهم لمُتحَرِشون
حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 20:46
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
خصصت قناة CNN نصف ساعةً من إرسالِها لتحقيقٍ عن التحرشٍ بالإناثِ في الشارع المصري، وتزامنت معه أكثرُ من رسالةٍ في بريدِ الجمعة بالأهرام عن مراودةِ رجال أعمالٍ ورؤساءِ عملٍ لمرؤوسيهم من النساءِ عن أنفسِهن مقابل استمرارهن في العملِ. لم تُفَرِق التجاوزاتُ الذكوريةُ في حق المرأةِ بين صغير وكبير، يافعٍ وناضجٍ، بزبيبة وذقن وبدونهما، كلهم في النظرةِ للمرأة متساوون.
المرأةُ في المجتمعِ الشرقي كيانٌ منقوصُ الفهمِ والإحساسِ، مُسَخرٌٌ لخدمةِ الرجلِ و"تظبيط" دماغه، لا تعاني أو تتألم إذا تعدي عليها بلفظٍ أو فعلٍ، ولا يجوز، شأنها شأنٍ القططِ في المنازل. الرجلُ الفحلُ من حقِه الأبيضُ الشفافُِ من الملبسِ، أما المرأةُ فليس لها إلا الأسودُ ولو في عز الحرِ والظلمةِ. المرأة في هذا المفهومِ، وفقاً للثقافةِ الصحراويةِ التي انتشرَت بفعلِ عقودِ العملِ الاستعباديةِ وفضائياتِ الرفضِ والإظلامِ، محددةٌ الغايةُ منها، الإبقاءُ علي النسلِ ودغدغة ونعنشة سي السيد وعياله، في مقابل ذلك هي الدرةُ المكنونةُ والجوهرةُ المصونةُ في مملكتِها، البيتُ، حتي لو كان عشةَ فراخٍ فارغةً من الأساسيات.
كيف يحترمُ فتي في بداياتِ حياتِه الأنثي وهو يري والدَه يسيء معاملتَها، زوجةً كانت أو إبنة؟ كيف يتعاملُ مع الأنثي بهدوءٍ وهو يري أبطال الأفلام العربيةِ يلطعونها بالقلمِ علي وشها كي تتبدي بالقَوي رجولتُهم؟ كيف ينظرُ لها باحترامٍ وهي آداةُ الإعلانات الرئيسيةِ بدءاً من السيراميك وصولاً لمعجونِ الأسنانٍ؟ فضائياتُ التنفيرِ تصورُ الأنثي علي أنها مستودعُ إفسادِ الرجلِ، لا مخَ له ولا إرادةَ، لا بدَ من تغطيتِها وحبسِها. المناخُ العام لا يحضُ علي احترامِ الأنثي، لماذا إذن لا يستبيحُها ويتحرشِ بها بكل ما يمكنُه؟
في المجتمعاتِ الغربيةِ حيث الإباحيةِ والحريةِ علي مصراعيها يستحيلُ التحرشُ بالإناثُِ، تكادُ تنعدمُ جرائمُ الاغتصابِ، لماذا؟ لأن الحدودَ بين حرياتِ الأشخاصِ قاطعةٌ فاصلةٌ، التعدي عليها مستحيلٌ، عقابُه بتارٌ؛ المرأةُ كائنٌ مكتملُ الإحساسِ، حقاً، ليست كنظيراتِها من دُررِِ المجتمعاتِ الشرقيةِ اللائي يتعرضن لكل أنواعِ القهرِ لمجردِ الإنعامِ عليهن بالزواجِ. حكايةُ اللحمِ المكشوفِ التي اخترعَها مفتي أستراليا، وبسببِها عُزِل، أخفقت في تبريرِ انعدامِ التحرشِ في الغربِ ومعه لماذا في الشرق العربي السعيدِ يتبادلُ الأزواجُ والزوجاتُ المكسياتُ القتلَ؟ فَبركةُ كلامٍ، الحكايةُ إذن ليست في اللحمِ المكشوفِ إنما في الاقتناعِ الحقِ لا الإكراهَ.
ألم يقل أحد الصحفيين، المتخصصين في القضايا والبلاغات الجدليةِ، في حديثٍ له بإحدي الفضائيات أن الله عاقبَ كوندوليزا رايس، وزيرةُ الخارجيةِ الأمريكيةِ السابقةِ، بأن أبقاها بدون زواج!! دخل سيادتُه في عقلِها وفقاً للمفهوم القبلي الصحراوي السائد وفكرَ ومخمخَ، يستحيلُ أن يتخيلَ أنها اختارَت حياتَها وأولياتها. إذا كان نمطُ تفكيرِ المصنفين مثقفين علي هذا المنوالِ سائراً فكيف يكون مسلكُ من لا يقرأون ومن يُسلمون قيادَ ما في أدمغتِهم لمفتيي الفضائياتِ؟
الاعتداءاتُ الجنسيةُ في مدارس الذكورِ شائعةٌ في المجتمعاتُِ الصحراويةِ القائظةِِ، عرفَتها المدارسُ عندنا، سكتَت عنها فضائياتِ الفتاوي والوعظ في الفاضية والمليانةِ، لماذا؟ لا توجدُ أنثي يُلقون اللومُ عليها. لا يُعرَضُ باستفاضة ٍإلا ما يتعلقُ بمدارسِ البناتِ، الغرضُ، ليجلسن في بيوتهن، انتظاراً للفارسِ إياه حتي لو كان عرجان كحيان صدمان تعبان عدمان خَرفان.
العيدُ علي الأبوابِ، يُحيونه بقلةِ الأدبِ، موسمٌ للتحرشِ، جحافلٌ من الصبيةِ والشبابِ ستغزو المدن، القاهرة والأسكندرية، من أين يأتون عادةً؟ من العشوائياتِ؟ من الأريافِ المتاخمةِ؟ يحتمون في أعدادِهم، يجدون في كثرتِهم شجاعةً، يتحرشون بالإناثِ، ببجاحةٍٍ وفُجر، واستباحةٍ، المجتمعُ كرسَ هذا المفهومَ الَمرَضي فيهم، البيت أولاً، ثم الفضائياتِ التنفيريةِ، وفي الإعلامِ، فاضل إيه؟ المجتمعُ من ضبابيتِه اعتبرَ الإناثَ مسؤولاتٍ عن التحرشِِ بهن!! نفسُ منطقِ فضائياتِ الإظلامِ، الرجلُ كائنٌ لا يستطيعُ السيطرةَ علي نفسِه، أمام الأنثي هو عيلٌ، و ورقة كمان!!
التحرشُ جريمةٌ مصريةٌ، في الأفاقِ عُرِفَت، سيتكررُ ويتكررُ، في نفسِ الأماكنِ، في نفسِ المواعيدِ، لأننا في مجتمع بالفُصامِ مصابٌ، بعين واحدةٍ وبنصف دماغ يري مشاكلَه، يري المرأةَ سبباً لكلِ المشاكلِ، لا جزءاً منها. علي الأمن دورٌ مهمٌ، لكن يسبقُه المجتمعُ بالتربيةِ والقدوةِ، بلا شعاراتٍ هلاميةٍ متكررةٍ نمطيةٍ.
أهلاً بالعيدِ، وللتحرشِ الاحتقارُ، كلُ تحرشٍ،،
مدونتي: ع البحري www.albahary.blogspot.com
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرس الجامعي ... كارت أحمر؟!
-
دكتوراة من السعودية...
-
أنا وأنا ثم أنا...
-
تقرير جريدة التايمز بأفضل 200 جامعة الصادر في 16/9/2010
-
خناقةُ الشرطةِ والمالِ....
-
في بنك الدولة؟!
-
كِده وكِده...
-
بالقلم علي وشها...
-
اختيار القيادات الجامعية...بين الكياسة والسياسة
-
التعليقاتُ الإلكترونيةُ ...
-
هندسة ب٦٧٪...يا بلاش!!
-
الإدارة بالأستيكة ...
-
نصر حامد أبو زيد ... لماذا؟
-
اِِنفَلَتَ ينفَلِتُ مُنفَلِتون...
-
مكافآة نهاية خدمة...
-
قافلةُ الحريةِ .. مَبرومٌ علي مَبرومٍ!!
-
عندما يتوه الحقُ وتضيعُ الحقيقةُ...
-
إسمي خان...
-
بُركانُ أيسلندا..
-
امتحان اللغة العربية للثانوية العامة لعام 2010
المزيد.....
-
“بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر
...
-
ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-
-
شوفوا الفيديو على قناتنا وقولولنا رأيكم/ن
-
دراسة تكتشف سببا غير متوقع وراء الرغبة الشديدة في تناول السك
...
-
تجدد حملة القمع ضد النساء في إيران من قبل شرطة الأخلاق بسبب
...
-
سوريا.. انتهاكات وقتل جماعي في مراكز احتجاز
-
جانيت.. طفلة سودانية رضيعة تعرضت للاغتصاب والقتل في مصر
-
بعد وفاة امرأة بالسرطان.. شاهد مفاجأة صادمة لعائلتها عند الق
...
-
دخل شهري.. رابط التسجيل في دعم الريف للنساء 1446 والشروط الم
...
-
“احصلي على 15 ألف دينار”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الما
...
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|