|
أرْغْنُ سيِّدَة النجاة
علي شايع
الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 17:01
المحور:
الادب والفن
لِلْنَّجَاةِ أَرْغُنٌ وَكَنِيسَةْ.. أَمَّا الْأُرْغَن فَحَمَلَهُ بَاعَةٌ تَرَكٌ إِلَى مَلِكٍ قَدِيْمٍ.. حَجَّ بِبَغْدَادَ دُوْن أَن يَدْخُلَ بِجُنْدٍ أَو مَوْكِبٍ. كَانَت بَغْدَادُ كُلَّهَا مَوْكِبُ الْضَيَفِ..وَكَان الْأُرْغَنُ تَتَهَادَى مُوْسِيْقَاهُ صَوْبَ ضِفَاف دِجْلَة.. وَكَان لِأَبِي نُؤَاس مُرُوْر الْسَّكْرَان، يُغْنِي مُوْسِيْقَى قُدَّاس مُنْتَصَف الْلَّيْل : " يَتْلُوْنَ إِنْجِيْلُهُم وَفَوْقَهُم..سَمَاء خَمْرٍ نُجُوْمَهَا الْحَبَبُ.". * يُغْنِي قَصِيْدَتِه، وَهَل يَطِيْب الْغِنَاءُ إِلَا عَلَى مَشَارِفِ الْمَاء؟. تَتَهَادَى إِلَيْه مِن بَعِيْد آَنَـّاتُ نَاقُوْسٍ، حَنَّ ابْن أُبَي طَالِب لَه مِن قَبْل، وَهُو يَقُوْل: يَبْكِي الْنَّاقُوْس مَهَابَة فَاسْمَعُوْه؛ "حَقّاً حَقّاً ..صِدْقاً صِدْقاً. يَبْكِي الَنُؤَاسِي لِعَلِي وَعَلَي لِلنَاقُوس..وَرَاهِب الدَّيْر، بِالْنَّاقُوْس، مُنْشَغِل.. سَأَقِف بَعْد مِئَات الْسِّنِيْن عَلَى ضَفَّة لَا تَعْبُرُهَا الْمَوْجَة مَرَّتَيْن، فَلِكُل مَوْجَةٍ فِي نَهْر دِجْلَة هُوِيَّتِهَا وَسِحْرُهَا..سَأَقِف مَسْحُوْرَاً لَأُغْنِي: عَلَّمَتْنِي شَفَتَاه..إِن هَذَا الْسِّحْر كَان.. سَيَدْخُل ظَالِم بِحِزَامٍ نَاسِفٍ. قُرْب شَمْعَدَانٍ الْأُرْغَن، عُيُوْن صَبِيَّة تَمْلَئ إِطْلَالْتِهَا فَضَاء الْشَّمْعَة، يَقْتَرِب الشَّر، فَيَسْأَل نَاج مِن الْمَشْهَد : هَل كَان يُدَاعِبُ الْشَّمْعَة أَم يُعَذِّبُ الْنَّار؟.. سَتَفِر طُيُوْر الْحَي.. يَعْلُو الْرَّمَاد.. سِرْب طُيُوْر يَرْسُم شَكْل الْوَرْدَةِ، أَم وَرْدَة تُسْعِدُ إِنْسَانَاً بِإِنْسَان؟. مَشْهَد الْطَّيْر لَا يَفْقَهُه الْطَّائِر بِحِزَام نَاسِف. مِثْلَمَا يُعْصِيه سَرّ حِنَّاءٍ الْجَنُوْبِ عَلَى شَمَال الدَّيْر. عُيُوْن الْصَّبِيَّة تَهْطِلُ كَمَطَرٍ أَخْضَرٍ فِي سَمَاء الْكَنِيْسَة، لَا تَصِلُ قَطْرَةٌ مِنْه إِلَى الْأَرْضِ..يَبْقَى مَخْفِيـّاً، يَتَرَدَّد فِي الْذِّكْرَى كَسُؤَال: مَا عِشْنَاهُ مِن حَبٍ فِي الْخَفَاءِ، هَل هُو مَوْجُوْدُ حَقّاً وَصِدْقَاً فِي الْعَلَنِ؟..هَل هُو مَوْجُودٌ خَارِجَ أَنَّة الْنَّاقُوْس؟.. سَأَقِف لاحِقأ فِي فَضَاءٍ أَخْضَرٍ مُغَنِّيَاً : إِن مِتُ فَدَيْتُكَ مِن مَطْلَبِ..فَلَيْسَ غَيْرُكَ مَن سَبَبِ.. أَقْتَرِب مِن دَهْشَتَهَا وَأَنَا أَقُوْلُ: يَا سَمْرَاءَ قَوْمِ عِيْسَى..هَذِه الْقَصَائِدُ لَا تَكْتَمِلُ، لَا تَصِلُ الْأَرْضَ مِثْلَ بَقَايَا عُيُوْنِكِ الْبَهِيَّة..هَذِه الْقَصَائِدُ لَا تَكْتَمِلُ، لِأَنَّهَا لِأَجْلِكِ.. الْأُرْغَن، يَهْوِي، عَلَى مَفَاتِيْحُهُ قَفَلُ لَحْظَةِ الانْفِجَارِ. يُقْفَلُ الْزَمَنُ عَلَى عُيُوْنِ الْصَّبِيَّةِ، تُقْفَلُ الْأَيَّامُ عَلَى دُمُوْعِ عَلَيٍّ..عَلَى صَوْت الْنَّاقُوْس.. عَلَى صِدْقِه. الأَيَادِي الْمَرْفُوْعَة لِلْدُّعَاء تَبْقَى مَاثِلَة فِي الْتَّرْتِيْلَة، حَتَّى كَأَن فَيْرُوْز تُغْنِيْهَا بِبَغْدَادَ، تُنْجِيْنَا بِهَا إِلَى رَبٍ وَاحِدٍ، وَتُنْجِي الْرَّبَ إِلَى أَرْوَاحُنَا فَرْداً فَرْداً :" الْيَوْمُ عَلَقَ عَلَى خَشَبَة، الَّذِي عَلَّقَ الْأَرْضَ عَلَى الْمِيَاه. إِكْلِيْل مِن شَوْكٍ وُضِعَ عَلَى هَامَة مُلْك الْمَلَائِكَة"..وَإِكْلِيلٌ مِن رَمَادٍ أَثْقَلَ مَعْدِنَ الْنَّاقُوْسِ..أَثْقَلَ وَحْدَانِيَّةَ الْرَّبِ. سَيَدْخُل الَنُؤَاسِي فِي آَخِرِ الْمَشْهَدِ وَهُو يُغْنِي: "يَهُوْدِيَّةُ الْأَنْسَابِ مُسْلِمَةُ الْقُرَى شَآمِيَةُ الْمَغْزَى عِرَاقِيَّةُ الْمِنَشا" * فَنُرَدِّد مَعَه عَن الْصَّبِيَّة الْعِرَاقِيَّة ، يَوْم عُلِّق شَبَابِهَا عَلَى خَشَبَةٍ..سَنَنْسَى إِن كَانَت يَهُوْدِيَّةَ الْأَنْسَابِ أَم مُسْلِمَةُ الْقُرَى، أَم عِرَاقِيَّةُ الْمَنْشَأ، لَا نَتَذَكَّرُ سِوَى سْمِّرَتِهَا، وَعُيُوْنَهَا الَّتِي هَطَلَت كَمَطَر أَخْضَرٍ فِي سَمَاءِ الْكَنِيْسَة.
* أبيات لأبي نؤاس
#علي_شايع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرض المريض وقرظه!
-
إن سعيكم لشتى!
-
انتصار إنساني
-
كلّه قبر مالك
-
نقص القادرين
-
علاج المدمن .. مهمة الدولة
-
آثارهم!
-
نبرة اليمين..تشدّد واقع
-
سعادة العمل
-
في العراق..كلّنا طبيب نفسه!
-
كتابة للنسيان
-
إرهاب الدواء في العراق!
-
طائر التمساح!
-
جدل بيزنطي
-
المعارض الايجابي
-
المحكمة الإعلامية
-
خطوات لتحجيم القاعدة
-
آثار المسؤول
-
عمّاتهم وعمّاتنا
-
نجوى العاطل
المزيد.....
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
-
عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر
...
-
-مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم
...
-
منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|