أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - ممَ نخاف وعلى ماذا؟!















المزيد.....

ممَ نخاف وعلى ماذا؟!


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 16:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأوطان يصنعها الإنسان،إن ماتت يعيد لها الحياة، إن دُمرت يبنيها من جديد، إن انهار اقتصادها فهو قادر على إعادة طواحين المصانع والمزارع إلى عجلة الإنتاج وإعادة برمجة الخطأ واستيعاب النقص وتلافيه لتعود مياه النمو إلى تدفقها وسيولتها في سواقي الحياة اليومية للبشر ، إن تضخم سوق العمل يعيد حساباته وعلاقاته في الاستيراد والتصدير، يحمي ماينتج بقوانين أكثر حزماً وتشدداً، يحمي أسواقه من المنافسة وإنتاجه الوطني...يمنح الفرص لأموال شقيقة أو صديقة كي تتدفق في مشاريع تنموية تعيد للسوق نضارته وللقوة الشرائية قوتها بعد أن تستوعب أسواق الوطن كوادر شبابه المهيأ للانتاج والكفوء..يمنحه فرص التطور والإبداع يفتح أمامه سبل التفوق والمنافسة... يعيد النظر بقوانينه القديمة..والتي لم تعد صالحة لا للمواطن ولا للدولة ولالحركة العصر ومجرياته، لأنها في النهاية توضع من أجل إنصاف المواطن ، ومن أجل حقوقه وثقته بعدالة وطنه..لأنها تمثله وتساوي بين أفراده ، يحترمها لأنه مشارك في وضعها...كل ماذكرته آنفاً، مخالف ومغاير لواقع الأمر على أرض الوطن ــ وعلى الدوام هاجسي الأول وطني الأم سوريةــ
مسيرة الحياة في الدول غالباً ماتصاب بالشلل أو الوهن والضعف ، أو الحصار..أو ينخرها الفساد ويستشري...لكن مهما طال الأمر على بعضها فلابد لها من يوم يقظة ، يوم تحرر ، يوم انعتاق، يوم إعادة نظر وإصلاح ..سياسي، قانوني، اقتصادي ، تشريعي..الخ
إلا هذا الوطن المصاب ببلاء عمره يمط ويطول بعمر الاستبداد ، الذي غسل الوطن وسلبه من أي فعل...لأن كل الأفعال وكل منابع الحياة مصدرها السياسة والقائمين عليها.
لا أخاف على الوطن بامكانية خروجه من الأزمات المتعدة والمتنوعة ، التي وَلَّدها نظام القمع والاستبداد، لا أخاف على الزراعة ولا الصناعة...لا أخاف على الوطن، لكني أخاف على الإنسان ...المواطن فيه....مم ولماذا؟
من هذه الثقافة التي نزعت منه كل أخلاقه وقيمه وحرثت فيه حتى الأعماق حتى قلبت تربته النظيفة إلى تربة لاتصلح إلا للأعشاب الضارة والطحالب القاتلة، عزلته عن السياسة، عن الفعل ، شلت حركته، شلت عقله..وميزانه وتوازنه وتركيبته السكانية..أعادته للتقوقع نحو أوطان أصغر وأقل دون الوطنية...بررت لكل أنواع الفصل والعزل كي تسود، فتحت أبواب النهب دون حساب، وأيقظت أنواع الفساد وجعلته ميسوراً أمام من والاها ومن تتمحور مصالحه حولها...فاستمرارها وبقائها منوط بهؤلاء، منحت كل الحريات لتثبيت كل خزعبلات التدين والتطييف..فتحت أبواب الانخراط في تدين اجتماعي...يسرت لهم امتلاك الشارع..لاعتقادها أنها من الخلف تمسك بياقاتهم ورقابهم!...في المدارس مازال الدين وتعاليمه سيد الموقف، ومازال تخريج الآلاف من معلمين ومدرسين موالين شكلا للنظام ومغايرين ممارسة لتنفيذ أوامره على الأرض...وليثبت أنه مختلف مع النظام يمرر ويمارس سلطة الدين على تلاميذه فيخرجون مسلوبي العقل ومسلوبي الضمير وكوادر صالحة للموت والفساد الخلقي والسياسي مرسوم ومرهون إما للسلطة أو للتطرف المذهبي.
كيف نبني وطناً سُحِب كل الخير من نفسه وعقله، امتصته أيدي سلطوية أو دينية؟ ..مَن ينقذ عدة أجيال لاتعرف ولم تتعرف سوى على وحدة اللون السياسي وقهر القانون الاجتماعي ولا عدالة القانون المطبق والسائد ..وتنافر هذه العدالة حسب ميزات الفرد ، قربه أم بعده عن الموالاة..موته المحتوم أو عزلته الاجتماعية لو بذل جهداً أكبر كي ينشيء لنفسه قناعة تختلف عن السائد وعما تريده سلطة الأمر المفروض واقعاً محتوماً مخصصاً لهذا الشعب، فيدفع الثمن باهظاً هو ومن حوله ليكون درساً وعبرة لمن يخرج عن صراط النظام غير المستقيم..؟!
نظام سجل كل مافي الوطن باسمه وتحت رحمته...الإعلام له وله فقط ومن أجل الدعاية لكل مايقوم به على أنه السليم والصحيح، وماعلى المواطن إلا الرضوخ والتطبيل والتهليل...شعاره يبذل دمه وروحه رخيصة كي يسود النظام ولو خربت كل بصرات الكون أو احتل جولانه أو سرق وانتهى أمر اسكندرونه ولن يعودا...البقاء لله وللنظام وربما الثاني قبل الأول في سلم أولويات السلطة، كلام وشرعنة لأ قلام وإعلام مدجج بسلاح اللغة المتعملقة والمصفقة لبطولات وانتصارات لم يُرَ منها على الأرض سوى الهزائم والخسائر لكنها تصبح أوسمة ممانعة وصمود ومقاومة في وجه عدو ممسك بزمام المنطقة وزمام مستقبلها.
حتى الطفولة نُزعت منها البراءة وسخرت للتطبيل وتقديس الزعيم الأوحد فمثلنا الأكبر هو " كوريا الشمالية" لأن نظامنا شقيقها بالرضاعة..لهذا كيف لانخشى على الشباب وقد صودرت منهم كل أنواع المحاكمة وروح المناقشة ومعنى إبداء الرأي وحرية التعبير في القول والفعل، حتى النقابات مسجلة في خانة التأميم السلطاني..
انقلبت كل آيات الإيمان، فصار الموت رمزاً للبطولة والانتحار رمزاً للوطنية ، والشرف مرهون عند المرأة ومكرس بقوانين تحمي القاتل وتصون " شرفه"...فهل هناك أجمل وأكثر سعادة من وطني..ومن مواطنه، حين يتلذذ القانون بحماية شرف الدولة...وتموضعه بين فخذي المرأة " نصف المجتمع"؟!...تصفق له عشرات النساء في مجلس سمي ب" مجلس الشعب" وترفع يديها موافقة على استمرار قانون الطواريء واستمرار مسيرة سَلبِها من كل دور عام وفاعل كإنسانة..وتسجيلها في خانة الحيوان...وتقديس تضحياتها باعتبارها أم...لكن كل الاعتبارات الأخرى سلبت منها كبشر..فهل هناك أسعد من وطني؟، وكيف لا أخاف على إنسانه؟
حين تختفي الضمائر وتحتجب خلف تبريرات يتصدرها الدين ويتمسح فيها المتدين..ويقنع نفسه والمجتمع...بأن مايفعله حلال زلال...لأنه يسرق من سرقوه!!، كل هذا التغير والانقلاب ألا يخيفني ويخيف من يملك ضميراً وطنيا بعد ؟..ألا يخيفنا كيف نتمكن من التغيير...وكيف نتمكن من الدخول إلى لب الإنسان بعد أن عم الخراب نفسه وعقله واستوطن كيانه؟
كيف لا أتوجس من المصير ومن الغد وأنا أرى انتشار الكره وتعميم التشرذم وتقليص مفردات اللغة وتطويع العلم وتسخيره من أجل سلطة القوة والعسكر وسلطة السلطان...؟ كيف لا أخاف على الإنسان في وطن يخسر كل يوم نفسه ، يدمن الذل ويرتاح لمرور يومه دون ضيق..رغم كل التضييق على حريته الفردية والعامة؟
كيف لايساورني الشك في امكانية خروجه من عنق الزجاجة أو قعرها...وأنا أرى موت معنى الحياة في عيون الشاب والفتاة...في عيون الآباء والأمهات حين أقرأ خوفهم الدائم ورعبهم المتواصل منذ عدة عقود؟
كيف لا أخاف من إنسان وطني على نفسه، وقد بالغ في الهوان أكثر مما هو مطلوب منه؟ بالغ في الانقاص والنيل من كرامته..ليرضي سيده؟ بالغ في الاحتقان وفي الكره كما بالغ في عض النواجذ والصمت والعمى على كل مايجري حوله وفي محيطه...وآثر سلامة الرأس فقط...وانعدم لديه الحس العام ..اي أنه يمارس أكثر مما يُراد له أن يفعل..أقفل كل الأبواب راضياً أو مكرهاً...لكنه محني الرأس ومحدودب الظهر أمام كل العواصف، وكأنه لاينتمي لهذه البقعة من الأرض إنما لعالم آخر؟...هل من أمل؟ ...ربما.. لكن المخاض مرعب..والمنافذ قليلة وأشعة الشمس مازالت تفارقنا كما المطر أعلن حربه على هذه البقعة ...يمتد التصحر في الأماكن كما داخل النفوس والعقول...فهل يمكننا أن نجد كوة ننفذ منها إلى هذه القلوب ، المصابة بصقيع أبدي ، وإلى هذه العقول المعطلة منذ الولادة والمستأجرة إما للسلطة الدينية أو السلطانية؟...هذا هو خوفي..فهل سنخرج إلى النور يوماً؟ هل سنتمكن من إشعال شمعة في درب طويل مظلم؟
هل للخوف علاقة في نوع وعمر الجيل؟..خوفي يرتكز ويتركز على الأجيال الشابة..كما أملي يتعلق بأهدابه...كيف السبيل للدخول إلى عالم المدرسة وعالم المجتمع...عالم السياسة...وكلها عوالم ممنوعة على العين اليقظة..وعلى الرأي المختلف وعلى النوع المختلف؟
أسئلة مشروعة ...أطرحها على نفسي وعلى القاريء ابن البلد أو ابن المنطقة فالتشابه كبير ...والمصير مرتبط ومرهون...وعلينا تتوقف الخطوة الأولى نحو دائرة الخوف المغلقة دوننا...وعلى ايجاد الكيفية لكسر جدرانها الموصدة بوجه الجرأة والحرية ، بوجه الانعتاق من حكم الاستبداد.
ــ باريس 07/11/2010
م ــ سأغيب عنكم بحكم السفر لمدة تفوق الخمسة أسابيع...للحوار كل التقدم والمزيد من الفرح بحصاد لشقاء وعمل دؤوب وللكتاب والقراء المزيد من المحبة والعطاء والفكر الحر في هذا الميدان الحر



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوركيسترا عربية تغني الموت أو السجن
- ( المسلمون يقتلون أبناءهم، الذين من صلبهم)!
- ماذا يقول الجيل الثاني في المنفى؟!
- من حديقة - مارون الراس- إلى - حديقة إيران - دُر.
- حرية الفرد( المواطن السوري)!.
- قناديل طل الملوحي ومعاول البعض
- الحكاية ، حكاية صراع وجود وبقاء
- سيدا- آيدز- أو - نقص المناعة- الوطنية السورية
- الحب = العهر = الموت !
- الوجوه المتعددة لانتصارات الإسلام الاجتماعي والسياسي الجديد!
- هل يمكن الغفران؟
- اعتراف واعتراض موجه للمعارضةالسورية
- حساسية
- حجاب، نقاب، جلباب، تشادور، برقع، بوركة، قناع، ملاية...!
- مَن سيدفع ثمن الحرب القادمة، وأين ستقع؟
- ذئاب تشن حرباً على الكلام
- جنتهم ونارنا!
- حكاية المارستان والأسوياء الأحرار
- الثالوث المقدس عند العرب، الذي يدفعهم لاستخدام العنف والقتل ...
- لعبة الكشاتبين الثلاث في الشرق الأوسط ، كشتبان فارسي، كشتبان ...


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - ممَ نخاف وعلى ماذا؟!