أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار بيرو - وطن واحد وعالمين مختلفين















المزيد.....

وطن واحد وعالمين مختلفين


نزار بيرو

الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال الصيف و عندما كنت في زيارة إلى كوردستان، شدت الرحال من دهوك إلى أربيل، و في أثناء السفر وعلى جانبي الطريق كنت أمتع ناظري بمنظر الأقظية والنواحي والقرى التي تغيرت معالمها وتوسعت، وكذلك بلوحات إعلانات الشركات المحلية وشركات دول الجوار و التي كانت ُترَوجُ لبضائع استهلاكية جلها من تلك الدول، ما عدى المياه النقية لينابيع جبال كوردستان، و التي بدورها يمكن ان تكون قد تلوثت بعد أن أصبح تعبى في قناني بلاستيكية، من خلال أساليب التعبئة الغير الصحيحة، أو بفعل نوع الحبيبات التي تصنع منها تلك القناني. هذا في غياب جهاز متخصص و مختبرات خاصة لفحص و مراقبة تلك المواد، وغيرها من البضائع الرخيصة و الواردات التي لا تعرف مصادرها ولا المواد الداخلة في تصنيعها ان كانت صالحة للاستخدام أم ملوثة، وخاصة و أسواق الإقليم مليئة بالسلع و المنتجات التي لا تنطبق عليها مقاييس الجودة و السيطرة النوعية.
وعند مروري على الطريق الجديد ( به رده ره ش، خبات، أربيل ) و التي أصبح بمثابة الطريق الدولي الذي يربط العاصمة أربيل بمحافظة دهوك، وقبل وصولنا إلى جسر خبات و بمحاذاة نهر الزاب، كان هناك ضاحية، بيوتها كثيرة و متناثرة على طرفي الشارع، و في مكان لا يبعد إلا خطوات من الشارع، كان هناك بيتاً صغيراَ مبني من الطابوق و الطين ، سقفها مكسوة بصفائح من ( الجينكو و الطين و الأحجار ) و يوجد حولها أدغال من النباتات المحروقة بفعل حرارة أشعة الشمس و عقب السجائر من السيارات المارة. و الذي جذب انتباهي إلى هذا البيت هو علم كوردستان، الذي كان يرفرف على لوحة موضوعة على سقف البيت و كُتب عليها باللغة الكوردية ( مدرسة كه ورسور ).
وعندما تداركت نفسي من التفكير فيما رأيت و أردت أن أخذ للمدرسة صورة و لكن تداركنا الوقت و نحن نعبر الجسر إلى الجانب الأخر باتجاه العاصمة أربيل، على أمل أن أحصل لها على صورة عند الرجوع . و في الجانب الأخر من العاصمة وعلى الطريق الدولي الأخر الذي يربط العاصمة بإيران، وفي منحدرات خانزاد في الطريق بين أربيل و مصيف بيرمام ( صلاح الدين )، وبالقرب من منتجع و فندق خانزاد و الفلل الفخمة و المتناثرة هنا و هناك وعلى جانب الطريق، رأيت أبنية حديثة و حدائق تلتف حولها أسوار و نقاط حراسة و لوحة تشير على إنها أيضاً مدرسة. و القاسم المشترك بين هذه المدرسة و تلك التي رأيتها في الجانب الأخر، هو ان المدرستين تقعان على طريقين دوليين، وليس هناك فارق في البعد بينهما و بين العاصمة، و ألقاصي و الداني من ضيوف العاصمة و زوار الإقليم بل حتى رئيس الإقليم و رئيس الحكومة و وزير التربية لا يمكن إنهم لم يلاحُ المدرستين لموقعيهما و قربيهما من الشارع . عندها توقفت و أردت أن أخذ لهذا الصرح التعليمي العملاق صورة، ولكن أسرع باتجاهي أحد عناصر الحراسة و قال لي، أن التصوير ممنوع .
عند التعذر في أخذ صورة للمدرسة، تأملت ان أحصل لها على صورة في الشبكة العنكبوتية، وفكرتُ أنه لا بد ان يكون لهذا الصرح التعليمي موقعاً على تلك الشبكة . و أثناء رجوعي، وفي الجانب الأخر توقفت عند مدرستي الأولى عسى أن أخذ صور لها، بل لابد ان احصل على صورها لأنه لو تعذر ذلك، فأنه ليس من المعقول الحصول على صورٍ لمدرسةٍ في الشبكة العنكبوتية، وهي في الأساس ليس لها وجود لا على الخريطة، ولا في ضمير و وجدان المسئولين الذين يمرون أمامها بسياراتهم الحديثة!
عندها لمحت شخصاً يأتي باتجاهي و بادرَ بالسؤال
( ماموستا ) أستاذ ... ستبنون لنا مدرسة ؟
صمتتُ قليلاً، لأفكر في جواب مناسب، فكان الجواب
إنشاء الله...
وكان ذلك فرصة لكي أسأله بعض الأسئلة
كم عدد الطلاب في هذه المدرسة ؟
حوالي مائتي طالب. وأستمر بالحديث بعفويةِ و بساطةِ المواطن البسيط،
الفلاح أو العامل أو القروي الملهوف و المقدر لقيمة العِلم الذي حرم منه هو، ليطلبه لأطفاله، قائلاً
نحن بنيناها، المدرسة مِن عِندِنا، و المعلمين من الحكومة.
و بعد أيام ، ومن خلال شبكة النت وخلال محاولاتي الحصول على صور المدرسة التي لم يتسنى لي تصويرها قرأت المانشيتات التالية
السيد رئيس الحكومة يفتتح مدرسة نموذجية، لأطفال الشهداء.
رئيس الحكومة يتفقد قاعات و أقسام المدرسة.
وفي مكان آخر، وفي موقع (المدرسة النموذجية)* على النت، كان هناك صور لطلاب وطالبات المدرسة وهم جالسين في الطائرة أثناء رحلة مدرسية. هناك صور لطلاب المدرسة وهم على ظهور الجمال أمام الأهرامات في مصر. هناك صورهم وهم يسبحون في مسا بحَ في لبنان أو مصر.
عند رؤيتي لهذه الصور، تذكرت رحلتي و تلك المدرسة التي رأيتها بمحاذاة نهر الزاب، و تذكرت النهر و طلاب المدرسة وأطفال القرية وهم يسبحون في مياههِ الجارفة، والذي يجرف معه برعما من براعم القرية، كل صيف. وتذكرت قصة قصيرة لزميلي و صديقي حسن إبراهيم، قمت بترجمتها من الكوردية إلى العربية، و القصة كأنها تحاكي مدرسة القرية. و القصة أقتبسها الكاتب من إحدى حلقات برنامج شعاع على ( كوردستان تي في) ، و القصة تقول...
القرية ليست ببعيدة عن المدينة، أزقتها كانت في زمن مضى ، ساحة حرب للديناصورات. بيوتها بُنيت في زمن النياندرتال. تتوجه عدسة الكامرة صوب إصبع المخرج ، وقعت العدسة على كوخ ذو غرفتين، كانت أحداها مدرسة، والأخرى زريبة للبقر. دخلت الكامرة إلى غرفة بلا باب، و بلا أثاث. مجموعة من الأطفال جالسين على ألواح خشبية رديئة. معلمة ذات قامة رشيقة وعيون سوداء و كبيرة، واقفة أمام لوحة خشبية معلقة على جدار فسخته مياه أمطار السنة الماضية ، المعلمة عيونها ممتلئة بالأمل، تركت حبيبها في المدينة لكي تدرس أطفال القرية.
هيا قولوا معي...... وطن
أكثر من صوت، صاحت.... وطن....وطن
أشرق وجه المعلمة بالفرح .
جميل جداً.... من يعرف، ما هو الحرف الأول من كلمة وطن ؟
بقوا صامتين .
أشارت المعلمة بإصبعها نحو أمل !
أمل ، هل تعرفين، ما هو الحرف الأول من كلمة وطن ؟
وقفت أمل وفكرت بعمق . ألتفتت إلى الكلمة المكتوبة على اللوحة الخشبية التي تغيرت لونها من الأسود إلى الأحمر، لقدمها و كثرة استعمالها. ألتفتت إلى أصدقائها. ثم ركزت بنظراتها على عيون معلمتها، ثم إلى سقف الغرفة وهي خائفة من ما تحدثه الفئران من أصوات في سقف الغرفة .
أمل، كادت أن تفقد الأمل، في الغرفة المجاورة، أصدرت البقرة خوارها
عوووووو...... وكالعادة، أمتلئَ الصف بالضحك، وأمتلئ معهم وجه أمل بالابتسامة و الأمل، فقالت مع نفسها....
شكراً يا عزيزتي البقرة، وقالت وهي تضحك.....ووووو
صفقت لها المعلمة، و كل أطفال الصف و هم يضحكون.
ملأت ضحكتهم الكوخ. صدى ضحكتهم وصل إلى القرية و التلال القريبة.
في نفس المساء، صدى ضحكتهم وصلت مشارف المدينة.
في المدينة، كان كِبار المسئولين و تجار الدولة مجتمعين في حفل غنائي ساهر.
أحدى المغنيات الجميلات، كانت تسرق أفكارهم وعقولهم معاً، بألحانها وكلماتها المسروقة.
وفي منتصف الليل و عندما ينام الأطفال وهم جائعين، يتسامروا هم حول مناضدهم المليئة بالخمر و الملذات، و يتحدثوا حول مشاريعهم الخاصة.
و يتهامسوا، كيف يخبئون أموالهم
في بنوك أوروبا السرية!!!



#نزار_بيرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن
- تركومان العراق ، إني أعتذر !
- العراقيون غرباء في الداخل و الخارج
- أين نحن من الديمقراطيات و أنصاف الديمقراطيات و الدكتاتوريات ...
- هل يتحول التغيير إلى ثورة ثقافية في كوردستان؟
- قيادات في الديمقراطي الكوردستاني بين الأيمان بنهج القيادة ال ...
- توزيع قطع ألأراضي في دهوك حقق آمال البعض وخيب آمال آخرين
- دوام واستمرارية القائد، في أداءه و مواقفه
- بعد ان أصبحت كوردستان فردوساَ ، كانت فردوسُ قد ماتت !
- ثلاثة أكوام من الحجارة
- فانوس*فاتىٌ
- هل سيحول القيادات الكوردية حق تقرير المصير وفكرة الدولة الكو ...
- مذكرة اعتذار
- رسالة دكتاتور
- طبق العسل التركي و طبق العسل الكوردي
- حكاية عَلَمْ
- قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف ؟
- من أوراق ذكرياتي عن انتخابات عام اثنان وتسعون.
- عصفور النار


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار بيرو - وطن واحد وعالمين مختلفين