أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فرات المحسن - في انتظار جوده















المزيد.....

في انتظار جوده


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3177 - 2010 / 11 / 6 - 12:46
المحور: كتابات ساخرة
    



جوده عراقي أمبلحس طويل، أسمر وخشمه كأي خشم عراقي دفع الله له عوازه فبات ذلك المبجل مثل كبة السراي. جوده أبن حموله وزلمه خشن أخو خيته حسب قول الحجية حبوبة جوده أم حسين، أريحي وحباب وتكول عليه الوادم جادود ومن تريد منه شي وتنخاه راح يوكفلك حزام ظهر.
جوده هذا لا علاقة له بجودو الشخصية المسرحية التي خلقها مستر صموئيل بيكيت في مسرحيته الشهيرة في انتظار جودو. الشيء الوحيد الذي تتشابه به شخصية أخونا جوده بالعزيز جودو هي طول الاختباء بحيث جعل الناس في تعلق مستمر وانتظار طويل وشوق لحضوره. أيضا الغياب المادي والحضور الفكري هما ميزتا جوده ومثيله جودو، ما عدا ذلك فجودو بيكيت أحمر أبرص أو وجهه مكرمش يلعب النفس. وجوده العراقي صحيح مبلحس بس طول وهيبه وأبن عشاير وهو مثل الحمص بكل جدر ينبص أو مثل الطماطة التي تحتاجها جميع القدور ومختلف أنواع المروقات أو الأمراق (جمع مرق) بالرغم من أن المرق يأتي مفرد وجمع.
جوده عنده أخوة وهم محيسن أبو السبح ودكتور مهناوي يعمل حملدار وعبيس مزور جناسي ووثائق وصديد أبو العجايز مهرب غنم وناس وعنده أيضا أخ بالرضاعة أسمه قادر.
يوميه حبوبة جوده أم حسين جارتنه بعد ما تجاوز عمرها الخمس سنوات بعد الثمانين وأطفأت جميع أنوارها الأنثوية، أسمعها صباح كل يوم تصيح.
يمه جوده جاوينك... يمه فدوه جوده ما بيك جيه.. يمه جوده أندارلك صدقه بس تعالو ... بس تعالو ...وفرحو روحي العذبتني تريدكم ... والله لو أحجيلكم ...منول أحجاية تهل ادموعكم... بس تعالو ... لو اجيتو ..كل عزيز بعمري أطشنه فده لعيونكم بس تعالوا... بس تعالو
وبدوري حين أنصت لمثل تلك المناجاة واللوعة الصباحية وهي تخرج من صدر حبوبة أم حسين، ينمرد جبدي وأروح دون أن أدري في نوبة بكاء مر وأكرر فدوه ربي متجيب هذا الجودة حتى ترتاح أم حسين وهمين نعرف أحنه شني ومنهو جوده. شيكدر يسوي وشراح يغير، أشو الصريفة هي الصريفة وكلوبات أم حسين وكلوباتنا من سابع المستحيلات يجي بيهن كهرباء ويشبن مره ثانيه. والزبالة الداير مداير البيوت يرادله سبع شفلات وعشرين لوري ويمكن سنة من العمل حته تنشال. والماي مخبوط بالمجاري ويكولون أنتظر صافيها. والانفجارات حسبالك صعادات لو جراقيات يوم راس السنة أبغداد.

ذاك الصباح المغبر واليباس يلف الشوارع ورائحة عفن طاغية تملأ المكان وأصوات انفجارات متتالية هزت البيوت. خرجت حبوبة أم حسين متلفعة بعباءتها الكالحة ووقفت عند حفرة موحلة أمام الباب وصرخت بأعلى صوتها
ـ يمه يالوادم .. يالناس .. يلحلوين .. يالأجاويد ..فروخ الحلال ... يالحواسم .. يالعلاسة.. يالكواوويد ...يالترسية ... يلبريكية .. من فدوه أندار ألكم محد شاف وليدي جوده... جوده يمه شجاك أشو طولت جيتك..
نظرت إلى أم حسين ثم اقتربت منها وهمست في أذنها، بيبي حجية تره وروحه للحجي محد هنا بالشارع.
تلمست أم حسين طرف نظارتها لتتأكد من وجودها ثم دفعت بيدها نحو صدري وغلت أصابعها المتيبسة فيه. وبعد أن تأكدت من أن عينيها مع النظارات تشاهد كل شيء زجرتني بشدة.
ـ حبوبه سويلم تبقه دومك سليت.. جا مو أنه لابسه نظاره. وخوش، تره بعلمك صدك أنه عيوني رجيجه بس كلبي يشوف كلشي... يمه جوده وينك.. جوده يابعد جبدي وينك.. بس تعالو.. بس تعالو.

تركت الحجية أم حسين تسير متهادية تتلاطم أقدامها بين حفر الشوارع وتلال المزابل. رحت أسير خلفها لأراقبها. كنت أنظر نحوها ويتملكني الخوف من أن ترتكب حماقة أو أن تقع في مأزق، لكنها اتجهت نحو الشارع الرئيسي ومشت بخطا كتبت عليها... ومن كتبت عليه خطا مشاها .. وراحت تردد لازمتها الأبدية

ـ يمه أهل الحلال محد شاف جوده..؟
فيجيبها أحد المارة
ـ يمه جوده راح يصلح الكهرباء بذاك الصوب.

ـ يمه أهل المروه محد شاف جوده؟
ـ حبوبه جوده ديصلح بوريات إسالة الماء بذاك الصوب.

ـ فدوه أل هل الشكل الحلو بهذا الصبح محد شاف جوده؟
ـ بيبي مو اليوم توزيع الحصة التموينية وجوده يراقب الوكلاء ويشرف على التوزيع بذاك الصوب.

ـ حبوبه من فدوه رحتلكم محد شاف جوده؟
ـ ليش بيبي متدرين جوده البارحة كَال بالتفزيون راح نبلط شوارع ذاك الصوب.

ـ الله وكبر.. بروح الحسين.. من صدقه أندارلكم محد شاف جوده؟
ـ يمه وروحه العفلق اليوم شافو جوده يدير عملية مد أنابيب مياه الصرف الصحي بذاك الصوب.
ـ يمه هذي شني عفلج وشنهي صرف مدري شني.
ـ أي يمه هيه نفس الشي.
ـ جا الغسل الغسلك .. أسالك ما شفت جوده تحجيلي رطينه.

ـ يمه يهل الرحم محد شاف جوده .
ـ حبوبه اليوم بذاك الصوب اجتماع على مود النفط
ـ أي والغسل وغمه أل هل طول.. جا جوده يبيع نفط،، تروحوله فدوه أنته وطوايفك.

ـ أندارلكم صدقه محد شاف جوده.
ـ حجيه يكولون بذاك الصوب يجتمع ويه الجيش والشرطة علمود الإرهاب والمتفجرات.
ـ يبوه عليه راح وليدي هل نوب ويه الإرهاب والمفخخات.
ـ لا يمه لتصدكَين تره جوده بذاك الصوب مجتمع عله مود الأراضي المتنازع عليها.
ـ أدري بوليدي جبير أخوته وبسوالف العشاير ما ينكدرله. جا موصعبه عليه.

لفت أم حسين عبائتها حول خصرها وتطلعت نحو السماء وكأنها تناجي الرب في عليائه ثم صرخت.
يمه جوده متى نراكم .....

مدت أم حسين يدها تتلمس الفراغ المعتم الممتد أمامها بسعته وهي تناجي المجهول بصوت مبحوح مكتوم ويائس.
بيبي .. حبوبه فدوه أروحلك، جوده.. ذاك الصوب بعيد وما أندله وأنا رجيجة عين وهاي المناظر صارلها خمسين سنه وبعد ما توالم ،، وأخاف ذاك الصوب صوب الصد ما رد..حبوبه جوده، جا وين زماطك ذاك،،وين وعدك .. وين الوعد وين وعليك ليل أنهار تهمل العينين.
كنت قريبا منها أستمع لها وهي تدندن بكلمات الأغنية وتشير بإصبعها نحو جهة الشمال ثم تستدير لجهة الجنوب ثم الغرب ثم الشرق، يلتف جسدها الناحل في دورانه دون أن تسقط يدها وهي تؤشر نحو جميع الاتجاهات.
وفجأة توقفت وصمتت مطرقة نحو الأرض وكأنها تبحث عن شيء سقط منها.
ـ حبوبه ما تعرف بيا صفحة يصير ذاك الصوب.
ـ بيبي كدامج بس تعبرين الجسر.
ـ ليش يمه هنا أكو جسر.
ـ أي يمه هذا كدامج، جسر طويل عريض ويروح الذاك الصوب.
رفعت أم حسين يديها باتجاه الجسر وصرخت بأعلى صوتها وكأنها تنزع بقايا روح لتقذها بوجه ذاك الصوب.

كتلك يجوده ما تقيديش ... طلابة حكومة وما تفضيش.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيد جوليان آسانج يشرب نقيع وثائقه
- الارتزاق وأجندة دول الإقليم
- من يربح البرلمان
- جيش محمد العاكَول في البغدادية
- النوارس تشدوا للفرح والسلام
- انتخابات الخارج دعوة مفتوحة للسرقات
- طريقان لا ثالث لهما
- انتخابات عجفاء وخيار كسيح
- صباح بهي نسائمه شيوعية
- الفن والثقافة ميوعة وبدعة
- الإقصاء والتهميش ليس خيارا ديمقراطيا
- نبوءة أصحاب الجباه المكوية بالبيذنجان
- الجميع يمتطي ماطور سكلات السيد محمد العسكري
- طوق النجاة للمجلس الإسلامي الشيعي
- تساؤلات حول إجابة السيد رئيس الوزراء
- السلب والقتل والكذب وفق الشريعة
- استغفال جارح للسيد المالكي
- أخوة أبو عمر البصري و أبو عمر الموصلي
- الانتخابات وقانون تنظيم عمل الأحزاب
- أبدا تشدوا النوارس


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فرات المحسن - في انتظار جوده