أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء جاهين - عن ديوان أحوال الحاكي للسمّاح عبد الله














المزيد.....

عن ديوان أحوال الحاكي للسمّاح عبد الله


بهاء جاهين

الحوار المتمدن-العدد: 3176 - 2010 / 11 / 5 - 00:18
المحور: الادب والفن
    


لم يمت الشعر في مصر .. ولا الغناء
بهاء جاهين

يثير ديوان ( أحوال الحاكي ) للشاعر السمّاح عبد الله وهو العمل الذي حصل على جائزة الدولة التشجيعية في شعر الفصحى ، والصادر عام 2002 عن سلسلة كتابات جديدة التابعة لهيئة الكتاب ، يثير قضايا لم يتطرق لها العمل بشكل مباشر ، أو غير مباشر ، لكن جودته ومتانته وعذوبته كعمل مكتوب بالفصحى ، ويحرص على التفعيلة ، التي تكاد هذه الأيام تكون عند البعض شبة ، تأتي بمثابة إثبات لأمرين :

الأول أن شعر الفصحى لم يمت في مصر ، كما يحلو لبعض أشقائنا من الشعراء العرب أن يتصوروا .

والثاني أن شعر التفعيلة مازال قادرا على الوجود والتألق والخصوبة ، وأنه ليس ذلك الجذع العقيم الميت ، كما يحلو لبعض شعراء قصيدة النثر أن داخل مصر وخارجها أن يتصوروا .

ف ( أحوال الحاكي ) ، يصر على الغنائية التراثية الجهيرة ، والموسيقا العروضية الصريحة ، لكنه يعيد صياغة هذه الغنائية ، مستفيدا مما استطاعت قصيدة النثر أن ترسخه من عدم تقديس للقافية مثلا ، وقد توصل السمّاح عبد الله إلى تقنية جديدة وأصر عليها في كل قصائد الديوان ، مما منح العمل وحدة فنية نادرا ما نجدها في دواوين الشعر ، وتتلخص هذه التقنية في اتباع نظام جديد للتقفية ينتظم كل قصائد العمل ، وتتكرر فيه التقفية مرتين فقط في كل قصيدة ، بغض النظر عن طولها ، الأولى في نهاية السطر أو المقطع الأول ، والثانية في نهاية القصيدة ، لكن ذلك التجديد الشكلي لا يصنع في حد ذاته قصيدة متفوقة ، وإنما تصنعها لغة الشاعر الخاصة ذات العبق التراثي ، دون السقوط في العبودية للتراكيب الصياغية القديمة ، وذات الرؤى الفريدة ، التي لا يمكن وصفها بمجرد أنها ( حداثية ) لأن الحداثة ممكنة السقوط ، بل ودائمة السقوط في النمطية .

وقد أفرزت كليشيهاتها من حيث الصورة والصياغة بمنتهى السرعة ، بل نقول إنها رؤى الشاعر الأصيل ، لا يمكن نسبتها لزمن أو جيل أو مصطلح ، بل لمبدعها فقط .
وإليك أيها القاريء قصيدة من الديوان تلخص كل ما قلت ، دون حاجة إلى شرح أو تحليل :

وَتَبْتَدِئَانِ فِي رَفْسِ الْمِيَاهْ


أتتا معا .
........................
إمرأة ٌ
تلبس فستانا نهاريا
له شمسٌ
تضوّي آنة
وتغيب
حتى تهطل الأمطار
وامرأة ٌ
لها زيٌّ مسائيٌّ
له قمرٌ
وبضعة أنجم
وسحابتان
وغابة مهجورةٌ
أتتا من الحقل البعيد
تخوّضان البحر
والمستنقعات
وتعبران على مماشي الزرع
حتى جاءتا الإسفلت
في قلق خريفيّ
وريفيّ
وشمس المرأة الأولى تضوّي
تضحك الأخرى
تشدّ المرأة الأولى
تخاصرها
وتتجهان للبحر بخطو واهن
ذي خلة عرجاء
تشتجران
فيما يشبه الغضب الخفيف
وتقعدان معا
على حجر رخاميّ
لملمسه حرير الزغب الطالع من نهد بدائيّ
وتبتدئان في رفس المياه بفرحة
ظهراهما للناس
والشمس الكبيرة
والطيور الراجعات
وحفنة الشجر المعشق في الخفا
وجهاهما للبحر
والسمك الذي يقفز بين الحين والحين
ترشان على وجهيهما الماء المُندّى
بحنين السمك العريان
حتى يذكر الله النهار الفاتن الواشي
فيقبضه
وتغرب شمسة الأولى
فتنهض
وهي تقفل زر فستان النهار
فتنهض الأخرى
تقول لها :
مواعيدي أنا هلت
وها قمري بدا يصعد في صمت
وبضعة أنجمي برقت على إيقاع خطو سحابتيّ
وها هما أتتا إلينا
كي تدلانا على درب
يوصّلنا
لشجْر الغابة المهجورة
الأولى تقول لها :
مواعيدي
ستأتي مرة أخرى
فلا تتعجلي
وتمهلي
إني
أخاف الغابة المهجورة
الأخرى تراودها على ضجر
وتشتجران
فيما يشبه الغضب الخفيف
وتمشيان معا
بخطو واهن
ذي خلة عرجاء
حتى تدخلا شجرا
يشكّل غابة خربانة
ظهراهما للناس
والقمر الشفيف
وحفنة العربات في جريانها
تتخاصران
وتحلمان
بأن ترشا ورق الأشجار
حتى يلمعا .

خلاصة القول ، هذا شعر يستحق ما هو أكثر من التشجيع ، وهو إثبات جديد أن الشاعر الجيد هو الذي يعطي الشكل شرعيته ، أيا كان هذا الشكل ، وهو الذي يضمن له طزاجة دائمة متجددة ، وأن أحدث الأشكال الشعرية لن يتعدى كونه صياغات سابقة التجهيز بين يدي شاعر يفتقر إلى الأصالة والابتكار ، والقصيدة العمودية التي تحتضر منذ زمن بعيد يعود لها ماء الحياة بين يدي شاعر كبير الموهبة ، وأن هذا الديوان من شعر التفعيلة ، تكذيب عملي للمقولة النظرية بعقم العروض من ناحية ، وإفلاس مصر على صعيد الفصحى ، كما يقول بعض الجيران من الضفاف الأخرى .

بهاء جاهين



#بهاء_جاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة للأب الذي انتحر بسم الفئران منذ أيام بعد أن عجز عن شرا ...


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء جاهين - عن ديوان أحوال الحاكي للسمّاح عبد الله