أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - مواسم الهجرة من النهار الى الليل















المزيد.....

مواسم الهجرة من النهار الى الليل


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3175 - 2010 / 11 / 4 - 22:01
المحور: الادب والفن
    


هذه أرض السلالات السعيدة
وأقاليم الهجرة من النهار الى الليل
والوقوف طويلا
على حافاّت الأجرف .
هذه أرض الشعراء الموتى
الناعقين في قصائدهم
على ماتبقى من البيت
والنائحين على كلماتهم البيضاء
حيث لاحبر ولاقرطاس
والحياة مؤجلة دائما
بأنتظار الموت القادم
من كل شيء
وكل مكان .


***


هذه أرض المعتوهين
حيث النخيل يعاني من " التوحد "
والبساتين مثقلة بفاكهة الأسى
والغبار لازال يافعا في الأزقة المتربة
منذ الطوفان الأول
والكلاب تعبث بالميادين الخالية من الناس
وحيث الرّضع يموتون
من تبعات الكآبة .


***


هذه أرضنا – الحاضنة .
الأرض – الميتم .
الأرض – المرضعة للعابرين
بينما أصلابها
تموت من برد الوحشة
والنكران
والفطام المبّكر .


***



هذه أرض المتاهات المليئة " بالطناطيل " الكرخيّة
وشياطين الأنهر
وجنيّات الأهوار .
هذا وطني ..
هاهنا
حيث تشّن الآلهة هجماتها
على أسوار يحرسها السمك
والمعدان
والبط البرّي .


***



هذا وطني المكتشف توا
حيث الكنائس لاصوت لها
والصلاة غائبة
على أرواح جميع القديسين
النائمين بسلام
في ملكوت الخوف القادم
من الغابة .


***

كيف سيكون طعم الحليب
والمواشي تجتّر أكياس النايلون
في عاصمة الهذيان
والخرف المبّكر ؟
كيف سيكون شكل الوليد
حيث لانسغ صاعد
ولانسغ نازل
ولاحبال مشيمة ؟
كيف سيكون شكل الوليد
وهو يحبو وحيدا
في الأزّقة المظلمة
للأرحام المهجورة ؟



***


هذا أوان الرحيل الى الظلمة
وموسم الهجرة من النهار الى الليل
واللجوء الى الغابة .
هذا ربيع الحشرات
فتناسلوا قبل فوات الأوان
وأنقراض السلالة .


***


أبحث عنك ..
في الوقائع غير المعلنة
لتاريخ العشق .
أبحث عنك ..
في المخطوطات العتيقة
للتلمود البابليّ ..
فلا أجد غير عفن السبيّ
والتهجير قسرا
من القلوب الحبيسة .


***



أمدّ يدي ..
باحثا عن سيّدة تصلح للحب
فلا أجد غير نساء يقترّضن أنوثتهّن
من بنوك أحلام أفلست من زمان بعيد .
أمدّ يدي ..
باحثا عن سيدّة تصلح للهوى
فلا أجد غير نساء يستعرّن رموشهّن
من أبقار سعيدات
بعيون مغمضّة بأتساع المحيطات الممتدّة
من الماء الى الماء .


***



أبحث عن امرأة تصلح للعبادة
فلا أجد غير السخافات المشينة
واللغوّ
والسباب الصفيق
وشيء من الخيانات المعلنة
ورائحة البول
والعّفة الزائفة .
أبحث عن حلم
يصلح للحلم
فلا أجد غير نساء يستلفن فحولتهّن
من رجال كالأكباش المخصيّة في ربيع قادم
وقبل أوان التناسل
بوقت طويل .
أبحث عن أنثى لاتلد كالخفافيش
وتحبني وحدي
حبا جما .


***



ياقنديل الحزن الطافح بالسخام
ورائحة النارنج
والتمر اليابس .
ياصوت " الحافظ خليل "
وهو يتلو " سورة الكهف "
في مدن مليئة بالكهوف
والسلالات المستبدّة .
أيتها القرى الهامشيّة
التي تمرّغنا بروثها بانتشاء زائف
لنكيد لبغداد قليلا
ونعلن انها لم تكن مدينتنا يوما
ولم تكن ...
لامدورّة
ولا مستطيلة .


***



يامخترع المنفى
أعد انتاج مساقط الرأس
وأنتبذ لنا مكانا
نودع فيه
حبال مشيماتنا من جديد .



***


حين أحببتها أول مرّة
كانت تشبه الحب قليلا
وكان في عينيها سرّ المجرّات
البعيدة جدا عن الليل
ثم كبرنا ..
وكبر الحب
وأصبح مابيننا يشبه الحب كثيرا
وكان في عينيها سرّ
أبعد من السماوات السبع بقليل
والنجوم كانت أكثر من أن تحصى .
وبقيت أحبها ..
وبقيت تحبني
وبقينا نكبر
ولم ينقص من الحب شيء .
فلماذا الآن لانجد من نحب
حتى على مستوى النخل
والسماوات الخفيضة .
وحين نكبر أكثر
ثم أكثر
لانجد من يحبنا
حتى وأن كان عشب الحديقة .



***



كنت سعيدا
لأن المهد صغير
والوجوه من حولي ضاحكة
تزّم شفاهها
كجنون طليق .
وكنت أكثر سعادة حين أحبو
وأكبو
بين زوايا بيتيّ الرحب جدا
وسجادته الوحيدة .
وحين غادرت أقمطتي
لففت بها دفئها
وأفردت أشرعتي للبرد والحزن
وأبحرت وحدي .


***



لاأريد شيئا
لاأنتظر أحدا
لكن رائحة " الشبوي "
في البيت المجاور
تطالبني بالمثول
أمام محكمة الدهور التي مرّت علي سريعا
لتسديد الفاتورات المستحقة على الذاكرة .


***



لاأريد شيئا
لاأنتظر أحدا
" فالكتب قرأناها .. والأحلام أنتهت ..
والعرّافة كذبت "
ومنذ العاشرة من العمر
وأنا أدفع أقساط الحزن
لبنوك البهجة .




***


مرّ كل شيء سريعا
وجاء كل شيء سريعا
وفاجأنا الليل بطول مديد
رغم الشتاءات القصيرة جدا
في الصحراء الكبرى للروح .


***



أخترعنا أماكن للعيش
كي نختبيء .
لم يعد العراق عراقا
لنلوذ به من السأم في آخر العمر
وننام بسلام
في كنف البيوت المعارة للاخرين عنوة .
لم يعد العراق صالحا للأختباء
كي لايداهمنا الليل هنا
في المنافي
وكي نفّر من حنين أمكنة
تطوّقنا بالنحيب
رغم بعد المسافة
وأنغلاق السبل .


***



شدّوا معي الرحال الى الليل
فالنهار هنا
ليل أيضا .

***



أي نوع من الكوابيس هذا
حين نفزّّ من النوم ..
يستغرقنا كالحقيقة .
يباغت المسرات المعلنة للعصافير بالصمت
ويداهم ضوء الصباحات خلسة .




***


في الأوطان الملعونة
لاتوجد لعنة عصيّة على الفهم .
ان اللعنة
لعنة .



***


سأغادر مواسم النهار
صوب منابع الليل
متأبطا حقيبتها
ورائحتها الحلوة
كقمح طازج .
سأغادر ..
قد أجدها
ربما أضاعتني في زحمة البحث عني .
ربما ضاعت في صخب البحث عنها .
ربما لم تغادر – مثلي – مساماتها
وأرتضت ان يكون الليل خيمة للحزانى
وسترا لمن يودون الفرار من وطن مستحيل .
ربما ....



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاتر الحرب ( مقاطع من هذيان جندي مسن من بقايا الحرب العراقي ...
- صحراء الربع الخالي
- الحوار الممكن .. بين الظلمة والنور
- مباديء الأقتصاد السياسي
- وطن الوجع .. ووجع الأمكنة
- ميكانزم الحب الأول
- ميكانزم الحب الأخير
- العراق وأشكاليات الفصل السابع :الابعاد الاقتصادية والسياسية ...
- الفساد في العراق : البنية والظاهرة ( محاولة للخروج من الحلقة ...
- جمهورية النفط في أرض ألصومال
- عراق مابعد الصناعة
- الريع النفطي في العراق : تحولات الدولة والسلطة وانماط الانتا ...
- اول اوكسيد الكراهية
- الابعاد الاقتصادية لاتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق
- وطن لايتسع لصباحات أمي
- قطار بغداد...
- يومياتِ يُتم ٍ غيرُ مُعْلَنْ
- اعداد ومناقشة واقرار الموازنة العامة الاتحادية في العراق
- ملاحظات عن الشأن الاقتصادي في مذكرات بول بريمرعن مهمته في ال ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - مواسم الهجرة من النهار الى الليل