أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إقبال الغربي - من يكترث لدم مسيحيي العراق و دموعهم في ارض الإسلام














المزيد.....

من يكترث لدم مسيحيي العراق و دموعهم في ارض الإسلام


إقبال الغربي

الحوار المتمدن-العدد: 3174 - 2010 / 11 / 3 - 23:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقدم لنا العراق يوميا جرعة من الدم و الدموع تجعلنا نضع مقولات ارتقاء البشرية من البربرية إلى الحضارة و من الهمجية إلى الثقافة موضع سؤال و تساؤل.

و لعل مذبحة كنيسة سيدة النجاة هي الحادثة التي خربت من جديد الصورة الحضارية للعراق كوريث لبابل وكحامل لدستور حامورابي و زعزعت مشهد العلاقات بين الأديان و العيش المشترك.
و الغريب أن مسلسل استهداف المسيحيين في الشرق الأوسط يبدو كقدر لا رد له . وكأن رسالة المفجرين هي: أيها المسيحيون في ارض الإسلام انتظروا دوركم. سنفجركم، سنعدمكم، سنستهدف الكنائس والأديرة، سنقتل المطارنة و الرهبان و. ولا دولة تحميكم ولا مجتمع مدني يكترث بكم. كلهم غير مبالين.

هل هذا هو القرن الجديد قرن حقوق الإنسان أي قرن الدفاع عن كرامة الإنسان بقطع النّظر عن دينه ومعتقده ولغته ونسبه وجنسه وحماية الأقليات?
أن هذه الأعمال الإرهابية المستمرة منذ سنوات تهدف إلى اقتلاع المسيحيين من العراق تمهيداًُ لاقتلاعهم من شرقهم التاريخي ومن ارض الإسلام عامة لتحويلها إلى ارض من لون واحد لا حياة فيها و لا حراك و لا ثراء.
فهو بالتالي تطهير عرقي منظم و مستمر سندفع كلنا ثمنه غاليا
فهذا التطهير ،الذي يمثل وصمة عار و يندى له جبين خير امة أخرجت للناس ، يهدد التوازن الحضاري الذي عاشته المنطقة منذ قرون. فتداعيات ما يجرى بدأ يظهر من خلال مغادرة المسيحيين المنطقة والإحصائيات تبين أن المسيحيين العرب الذين يشكلون اليوم 12 مليون نسمة تضاءل عددهم و تقزم تواجدهم في المنطقة العربية. إذ لم نعد نجد في سوريا سوى نصف العدد الذي كان موجود في الخمسينات و هم اليوم في القدس بضعة ألاف بعد أن كانوا 50 ألف في 1948. وفي العراق قدر عدد المسيحيين في الثمانينيات بين المليون و المليوني نسمة من مجموع السكان. وقد انخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينيات و ما أعقب حرب الخليج الثانية من أوضاع اقتصادية و سياسية متردية و العنف الطائفي إلى ستة مئة و خمسون ألف.

و يحتم علينا واجب الذاكرة أن نمرر للأجيال الصاعدة الحقائق التالية

- إن المسحيين العرب ليسوا امتدادا للقوى الغربية أو الاستعمارية فوجودهم يضرب في عمق التاريخ و جذوره.
فعلى أبناءنا أن يعرفوا إن مشاعل الحضارة التي أنارت طريق الإنسانية والتي استمدت نورها من ارض وادي الرافدين ساهم بها الكلدان والأشوريون الذين اعتنقوا المسيحية منذ القرن الأول ميلادي و أن أقدم كنيسة في العراق و آثارها موجودة إلى اليوم في محافظة كربلاء قرب بلدة عين تمر تعتبر من أقدم الكنائس في العالم.
كما أن العرب الذين اعتنقوا المسيحية ساهموا في نشر الثقافة وتأسيس العمران حيث كانت الحيرة مركزا ثقافيا و قطبا علميا لعدة قرون قبل الإسلام.
أما في العصر الحديث فقد كانوا حملة مشاعل التنوير ودعاة الحداثة و التحديث. وفي تاريخ العراق الحديث ساهموا بشكل واسع في الحياة السياسية والعلمية والثقافية ولعب الكثير منهم أدوارا بارزة في التنظيمات الحزبية وشاركوا في الحركات المعادية للاستعمار تحت شعار الدين لله و الوطن للجميع.

-علينا أيضا أن نعترف أن الأقليات في الفضاء العربي والإسلامي أسهمت بحصة الأسد في صنع الحضارة العربية الإسلامية. مترجمو"بيت الحكمة"كانوا من الأقلية المسيحية، ومعظم الأطباء والعلماء كانوا من اليهود والنصارى،
أهم المفكرين الذين رفعوا مشعل الرقي و التقدم أمثال الرازي و الفارابي كانوا من أقليات ارض الإسلام.

-إن الانحياز لحقوق الأقليات هو الذي يؤمن و يضمن حقوق الجميع في ارض الإسلام
فالديمقراطية المنشودة في عالمنا اليوم ركيزتها حكم الأغلبية عبر صناديق الاقتراع و حقوق الأقلية.
حكم الأغلبية هو وسيلة لتنظيم عمل الحكومة واتخاذ القرارات الخاصة بالقضايا العامة ولكنه، وهو الأهم، ليس تعلة لاضطهاد الأقلية لان حكم الأغلبية مصحوب بضمانات لحقوق الإنسان من شأنها أن تحمي حقوق الأقليات و المنشقين سواء عرقيا ، أو دينيا أو سياسيا.
- إن هاجس الوحدة و التوحد هو الطريق الملكي للانحرافات الشمولية وهوس الطهارة و الصفاء يؤدي دائما إلى إبادة كل مختلف.لماﺬا? لأنه يهدد المجموعة النرجسية و يعرضها إلى الخطر٬ خطر الشك ٬ خطر زعزعة اليقينيات ٬خطر الانقسام ٬ و ربما الاندثار . فالمختلف عرقيا أو دينيا أو سياسيا يعاش توهميا كعنصر ملوث و مسموم يهدد بكارة و نقاء جسد الأمة التي تماثلت في اللاوعي الجمعي مع جسد الأم الطاهرة .
يؤكد لنا فيلسوف الأخلاق ليفناس أن "الكائن يتحدَّد انطلاقًا من المعنى" أي أن ما يؤسس- ويصوغ هيكلية الإنسان إنما هي المسؤولية تجاه الإنسان الآخر. وهذه المسؤولية هي التي تعطي معنى ووقارًا وعظمة للوجود البشري.
إذن لماذا لا يشمل تضامننا إلا بني جلدتنا و لا يتسع تعاطفنا إلا لأخوانا في الدين و الملة و يلفت اهتمامنا إلا قضايانا الكلاسيكية?
لماذا لم نتجاوز الانتماء العتيق إلى مجموعة القرابة الدّمويّة و"الجلدة"، وهل بوسعنا أن نتجرّد قليلا من هذا الانتماء، أن نخرج من القبيلة، لنتماهى مع الآخر المختلف،
لندد بمجازر المسيحيين في العراق وباضطهاد الأقباط في مصر و لنصرة الأكراد و جميع الأقليات في ارض الإسلام لنبين للعالم أن صحتنا الذهنية و الأخلاقية بخير?



#إقبال_الغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلاموفوبيا :محنة و فرص
- التحرش الجنسي ضد المرأة :الإرهاب المخفي
- بشرى البشير و ردود الفعل السيكوباتية
- غزة ׃المأساة و اللعنة
- من روزا لكسمبورغ إلى نهلة حسين شالي مسلسل قتل النساء
- الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية: دراسة جندرية
- الفضاء الافتراضي للمرأة المسلمة : دراسة مضمون بعض المواقع ال ...
- في ذكرى 11 سبتمبر , العقل و اللاعقل
- الفتاوى الهاذية بين علم النفس و التراث الإسلامي
- رياح الأنوثة تهب على الفدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان
- تأملات جديدة حول الحجاب
- -ستار أكادمي- و -على الهواء- التداعيات السياسية و النفسية
- الثورة الجنسية : نداء إلى تطور دون تهور
- دفاعا عن الكلمة الحرة وعن حرية التعبير.
- المثقف الليبرالي والتعذيب
- مقاربة نفسية لفهم الطائفية و التطرف الديني
- لماذا تفضل نساء المسلمين عمرو خالد على ابن رشد و فولتير ?
- ما هي أسباب كراهية العرب للمرأة؟
- أين العرب والمسلمون من زمن الصفح و الغفران
- الحجاب في زمن العولمة: عودة المكبوت


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إقبال الغربي - من يكترث لدم مسيحيي العراق و دموعهم في ارض الإسلام