أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - اكثر من صحيحة أو الحقيقة المطلقة















المزيد.....

اكثر من صحيحة أو الحقيقة المطلقة


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 3171 - 2010 / 10 / 31 - 20:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


"الحمار فقط لا يغير رأيه" - موشيه ديان (1981-1915)

عندما قلت للسيد غسان المفلح ("الحوار المتمدن"، 2010 / 10 / 20) ان مقارنة مصير العرب الفلسطينيين بمصير الهنود الحمر في امريكا هي مقارنة غير صحيحة، لأن المهاجرين اليهود لم يأتوا الى فلسطين كغزاة او فاتحين بل رجعوا (اوعلى الأقل رأوا انفسهم راجعين) الى وطنهم التاريخي القديم ("أيريتس يسرائيل") الذي فيه اقاموا حضارتهم الأولى وفي اطاره انشأوا دولتهم (او دويلاتهم) لأول مرة في التاريخ، وانهم (او غالبيتهم الساحقة) لم يأتوا ليقتلعوا السكان الأصليين ويحلوا محلهم، بل ليشاركوهم العيش في الوطن الواحد، إذ "يوجد في هذه الأرض مكان متسع للشعبين" (بياليك)، جاء جواب غسان المفلح سريعاً حاسماً وقصيراً: "ان المقارنة مع الهنود الحمر هي اكثر من صحيحة".

بعد عشرات السنين من العمل في حقل الرياضيات و"الكومبيوتر"، وبعد دراسة جامعية ل"فلسفة العلوم"، انا اعرف ان كل جملة، فرضية، فكرة، نظرية او مقولة يمكن ان يكون لها احدى "قيمتين" فقط: صحيحة أو خطأ، TRUE أو FALSE، أو إذا شئتم: 1 (واحد) أو0 (صفر)، ON أو OFF.

(انا اعرف طبعاً، رغم اني لم افهم ابداً ماذا يعني ذلك بالضبط، ان الفيزياء الحديثة تقول ان كلا "القيمتين"، صحيح وخطأ، ON وOFF، الواحد والصفر، يمكن ان يتواجدا معاً في الوقت نفسه في "الجزيئ الكمي (Quantum Particle)" الواحد. وكلنا سمعنا عن قطة شريدينغر المسكينة، الحية والميتة في آن واحد. ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم).

لم افهم إذن ما الذي يعنيه السيد غسان المفلح عندما يقول: "اكثر من صحيحة". سألته لكن جوابه زاد الطين بلة. كيف يمكن لفكرة، اية فكرة، ان تكون "اكثر من صحيحة"؟ إما صحيحة وإما خاطئة، ولكن "اكثر من صحيحة"؟ ماذا يعني ذلك بالضبط؟

فكرت كثيراً، جندت كل مؤهلاتي الفلسفية (وهي ليست بالكثيرة)، استعرضت كل ما تعلمته عند ارسطو وافلاطون وهيغل وكارل ماركس (إذ لا بد من الأستناد الى كارل ماركس ولو بترجمة خاطئة)، وفجأة انجلى لي النور، وبات لي واضحاً، وضوح الشمس في رابعة النهار، السر الدفين وراء حجج المعترضين على مواقفي وآرائي في "القضية الفلسطينية"، هذه المواقف والآراء التي لا اتردد في الأعلان عنها، بوقاحة احياناً، من على منبر "الحوار المتمدن"، رغم نصائح الأخ حميد خنجي الحكيمة .

"اكثر من صحيحة" هي "حقائق مطلقة"، اشبه ب"الحقائق الدينية"، لا تقاس بمقاييس الصحة والخطأ، لا تخضع لمعايير التفكير العلمي او الحوار العقلاني المتمدن، ولا تنطبق عليها صفات الصحيح او الخطأ لأنها "اكثر من صحيحة" و"أعلى من الخطأ".
"اكثر من صحيحة" هي، بالأضافة الى ذلك، بديهيات ثابتة، او "ثوابت بديهية" (هل يذكركم ذلك ب"الثوابت الوطنية" التي لا يحق لأحد التلاعب بها؟) لا تشيخ ولا تتغير مع مرور الزمن.
كل شيء من حولهم يتغير، الأنسان يسير على سطح القمر وينزل الى اعماق الذرة (وقد بات باب قوسين او ادنى من الله تعالى نفسه)، واصحاب نظرية "اكثر من صحيحة" يرددون ما قيل، وما كان ربما صحيحاً او"اكثر من صحيحً"، قبل عشرات ومئات السنين، ولا يدركون انه الآن قد بلا ولم تعد له اية صلة بالواقع.

اليكم بعض الأمثلة:
1. "وعد بلفور المشؤوم": بلفور مات، "الوعد" تحول الى انتداب والأنتداب فر من فلسطين، "الوطن القومي لليهود" تحول الى دولة اسرائيل، و"عبد الحسين شعبان" لا يزال يطالب بالغاء "وعد بلفور".

2. "اليهود طائفة دينية وليسوا شعباً": المهاجرون اليهود الى فلسطين يقيمون مجتمعاً حديثاً، ينشؤون دولة عصرية (رغم نواقصها وشوائبها الكثيرة)، يبنون صناعة متقدمة وزراعة تعاونية متطورة، يحيون لغتهم العبرية القديمة، ينشرون الأدب العبري والثقافة العبرية في ارجاء العالم، يقيمون المعاهد ودور العلم، وسلامة كيلة يواصل نقاشاً عقيماً فيما إذا كان شعب اسرائيل شعباً ككل الشعوب ام انه مجرد طائفة دينية.

3. "المشروع الامبريالي الأميركي – الصهيوني في الشرق الأوسط": ايران تنشب مخالبها في العراق، حزب الله يخرب لبنان، حماس تمزق فلسطين، القاعدة في اليمن تقتل ابناء اليمن "السعيد"، والحمقى المجتمعون في اللقاء اليساري العربي في بيروت (22- 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2010 )، او الذين كتبوا البيان باسمهم، يتحدثون عن "ازدياد شراسة الهجمة الامبريالية – الصهيونية على عالمنا العربي". (في اي عالم يعيش هؤلاء الناس الذين اجتمعوا في بيروت؟ هل زاروا "الضاحية"؟ هل التقوا بالسيد حسن نصر الله؟ هل تباحثوا معه حول دولة الفقيه؟ هل فقدوا كل صلة لهم بواقع العالم العربي وبواقع الشعوب العربية؟ هل هم يعتقدون حقاً ان بيانهم "المنفوخ" سينقذ اليسار العربي من ازمته؟ وبأي جديد جاؤوا؟).
اما صديق حزب الله خالد حدادة، الذي يطلق على نفسه لقب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، فحدث ولا حرج. خالد حدادة مشغول هذه الأيام في البحث عن التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي وكل ما يخشاه هو ان يختلط الأثنان. كل العالم يعرف ما هو "التناقض الرئيسي" في لبنان، وما هوالخطر الرئيسي على لبنان، ما عدا خالد حدادة.

4. "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري": لا تتناقش مع حملة هذا الرأي. كل نقاش معهم لا يفيد. هذه بالنسبة لهم بديهية مثل البديهيات الخمسة في الهندسة الأوقليدية. وانا اشك كثيراً فيما إذا كانوا يعرفون ما هي الصهيونية وما هي العنصرية.
هل هناك صهاينة عنصريون؟ لا شك في ذلك. نحن نرى ما يفعله افراد من المستوطنين اليهود الأوباش، حثالة الجنس البشري، في الأراضي المحتلة. هم يفعلون ذلك باسم الصهيونية وهم عنصريون، لكن هذا لا يحول الصهيونية نفسها الى حركة عنصرية.
هل هناك في صفوف الحركة القومية الكردية، مثلاً، قوميون اكراد عنصريون؟ انظروا الى ما يحدث في كركوك العراق (إذا صحت الأخبار طبعاً). ولكن حتى إذا صحت الأخبار فأن ذلك لا يحول الحركة القومية الكردية نفسها الى حركة عنصرية.
لا نريد بهذا ان نقلل من خطر العنصرية والتمييز العنصري الذي يهدد المجتمع الأسرائيلي. نحن يقظون لهذا الخطر الداهم، ونحارب العنصرية والتمييز العنصري اكثر من كل الذين يصفون الصهيونية بالعنصرية، ويسدون لنا النصائح، بدل ان يحاربوا عنصريتهم هم وتعصبهم القومي هم.

5. "النظام في اسرائيل هو نظام ابرتايد عنصري كالنظام الذي كان سائداً في جنوب افريقيا": يصعب على ديمقراطي اسرائيلي ان يناقش هذه "الحقيقة"، لأن كل نقاش كهذا قد تفوح منه رائحة التستر على التمييز القومي التي تعاني منه الأقلية القومية العربية في اسرائيل، وانا لا اريد ان افعل ذلك. لكن الحقيقة يجب ان تقال: ان النظام في اسرائيل، رغم كل شوائبه ونواقصه، ورغم التمييز القومي، الذي لا يمكن انكاره، تجاه مواطني اسرائيل العرب، هو نظام ديمقراطي ولا يشبه، بأي شكل من الأشكال، نظام ابرتايد عنصري. وعرب اسرائيل هم اول من يعرف ذلك.

(لو كنت ديماغوغياً لقلت: ان حقوق عرب اسرائيل هي في وضع احسن بكثير من حقوق اخوانهم في غزة او ربما في اي وطن عربي آخر. لكنني لست ديماغوغياً، لذلك لا اقول ذلك).

ملاحظة: الوضع سيختلف تماماً طبعاً إذا نجح اليمين الفاشي الأسرائيلي، السياسي والديني، في ضم الأراضي المحتلة واقامة "اسرائيل الكبرى". هذا معناه القضاء على "الدولة اليهودية" وانهيار "المشروع الصهيوني" وهو امر بعيد الأحتمال جداً.

6. "اسرائيل قامت كجزء من السيطرة الإمبريالية على الوطن العربي" : قبل قيام اسرائيل كان الوطن العربي موحداً واقطاره تتمتع بالأستقلال والسيادة الوطنية الكاملة. وكخطوة أولى من اجل السيطرة الإمبريالية على الوطن العربي خلقت الدول الأمبريالية كياناً اسمته "اسرائيل" وغرسته في قلب الوطن العربي، اشبه بحصان طروادة.
المشكلة الوحيدة في هذا السرد هو انه لا يتفق مع اية حقيقة تاريخية معروفة.

7. أخيراً وليس آخراً عبد المطلب العلمي: "الصهيونيه هي صهيونيه مهما حاولتم تجميلها"
انا اكتب هذا المقال في الذكرى الخامسة عشر لاغتيال اسحاق رابين الذي كان رئيس اركان حرب جيش الدفاع الأسرائيلي ورئيس الحكومة الأسرائيلية. اسحاق رابين لم يحاول "تجميل" الصهيونية، بل اراد اظهار احد اوجهها الجميلة، فصافح الرئيس الراحل ياسر عرفات، على مسمع العالم وبصره، لكنه سقط برصاص من كان يمثل الوجه القبيح للصهيونية، في الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم 1995/11/4، دقائق معدودة بعد انهى "نشيد السلام" الذي غناه في قلب تل-ابيب مع مئات الألوف من الجماهير الحاشدة التي مثلت وجه اسرائيل الجميلة.
نحن، يا اخي العزيز عبد المطلب، لا نريد تجميل الصهيونية. بل نريد ان نجد حلاً لهذا الصراع الدامي.

كميل داغر (الحوار المتمدن - 2010 / 10 / 27 ) يكتفي ب"تفكيك" الدولة الصهيونية:
كميل داغر يريد يساراً عربياً "تكون قضية التحرر الكامل للشعب الفلسطيني، وعودته الكريمة وغير المشروطة إلى وطنه الأصلي، في مقدمة اهتماماته، وشغله الشاغل اليومي. على أن يكون ذلك من ضمن سيرورة تخرج تماماً من أوهام حل الدولتين، ويتم النضال في إطارها من أجل تفكيك الدولة الصهيونية وإحلال دولة ديموقراطية ثورية محلها، متجهة نحو الاشتراكية، على كامل أرض فلسطين التاريخية."

مشروع "تفكيك الدولة الصهيونية" هو تقدم ملحوظ طبعاً إذا قارناه بمشروع آخر كان يتحدث عن "انقاض الدولة الصهيونية".
بقيت مشكلة واحدة فقط: من س"يفكك" الدولة الصهيونية؟ الحرس الثوري الأيراني ام جنود حزب الله؟
وبعد " تفكيك الدولة الصهيونية" من الذي يضمن لكميل داغر قيام "دولة ديموقراطية ثورية" محلها وليس "دولة الفقيه" او "الخلافة الأسلامية"؟ وما هي هذه التي يسميها "كامل أرض فلسطين التاريخية"؟ هل هو متأكد انه يعرف حدودها؟



#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلامة كيلة يقودنا الى طريق مسدود
- حول الصهيونية والدولة اليهودية الديمقراطية
- من يخاف من دولة يهودية ديمقراطية؟
- محمد نفاع لا يعصرن المبادئ
- من يخاف من تصفية القضية الفلسطينية؟
- انصاف الحقائق في اجتهادات فؤاد النمري
- هل فقدوا البوصلة؟
- -عبد الحسين شعبان- يكيل بمعيارين
- عبادة ستالين : حقيقة لا افتراء
- جرائم ستالين
- يعيرنا أنا قليل عديدنا
- اسطول الرجعية يتقدم نحو شواطئنا
- قافلة حرية؟
- على من يتستر عبد الحسين شعبان؟
- موقفان لليسار : أيهما كان يسارياً حقاً؟
- من أنت، جورج حداد؟
- هكذا اختفى مفهوم الرجعية من أدبيات اليسار
- الدقة العلمية، الخيال الخصب والديالكتيك الإلهي
- فؤاد النمري ودفاعه عن -فناء الضدين-
- نحو فهم أوضح للستالينية (2)


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - اكثر من صحيحة أو الحقيقة المطلقة