أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - استحالة قيام الدولة الدينية














المزيد.....

استحالة قيام الدولة الدينية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3166 - 2010 / 10 / 26 - 22:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-

منذ أن أسس حسن البنا "جماعة الإخوان المسلمين" في الإسماعيلية عام 1928، وهذه الجماعة تعمل ما وسعها العمل وتجتهد ما استطاعت الاجتهاد، لكي تُعيد "الخلافة الإسلامية" التي أسقطها كمال أتاتورك عام 1924 . وكانت هي ساقطة من ذاتها، كالثمرة الناضجة، التي لا تحتاج إلا إلى هبّة هواء خفيفة، ثم تتدحرج على الأرض. فحاولت هذه "الجماعة" - بمشاركة الأزهر - أن تُوهم الملك فؤاد، بأنه من سلالة آل البيت. وأنه أحق الحكام بالخلافة لوجود حديث لفَّقه الأمويون يقول:

" الأئمة منَّا آل البيت".

وحديث آخر يقول:

"الأئمة من قريش".

ولكن الليبراليين في العشرينات من القرن الماضي، كانوا لهذه "الجماعة"، وللملك فؤاد بالمرصاد، وعلى رأسهم لطفي السيد، وعلي عبد الرازق، وطه حسين، وحسين هيكل، وغيرهم من رواد الليبرالية التنويرية الأولى. فنفى علي عبد الرازق في كتابه ("الإسلام وأصول الحكم"، 1925) أن يكون الإسلام قد دعا إلى الخلافة. كما نفى أن الإسلام دين ودولة. وأتبعه طه حسين بكتابه "في الشعر الجاهلي" الذي شكك فيه، بكل ما احتواه الكتاب المقدس، من أساطير الأولين. وهكذا تم دفن الخلافة في مصر، بعد أن قطع أتاتورك رأسها في اسطنبول.

-2-

في الحقيقة، أستغرب، ويستغرب غيري كذلك – لأول وهلة - سعي "جماعة الإخوان المسلمين" لإقامة الخلافة الإسلامية، علماً بأن أكثر من 90% من الخلفاء في العصرين الأموي والعباسي، وكذلك السلاطين في العهد العثماني، وما بينهم من المماليك، والسلاجقة، وغيرهم، كانوا حكاماً (طراطير) وفاسدين، وظالمين، وطغاة.

ولم يقم العدل والحق في الخلافة الإسلامية، طوال أكثر من عشرة قرون، إلا في سنوات معدودات.

فما سبب إصرار هذه "الجماعة"، وسعيها لإقامة دولة دينية متمثلةً بالخلافة الإسلامية، إلا لأنها ترى بأن مرشدها العام، هو المؤهل الوحيد، ليكون الخليفة، في ظل عدم وجود حكام عرب، يصلحون الآن لهذا المنصب.

إذن، إصرار هذه الجماعة وسعيها الدءوب لإقامة الخلافة الإسلامية، ليس خدمة للإسلام – كما تدّعي - بقدر ما هو خدمة لمصالحها هي.

-3-

في عام 1966 اشتد الشبق السياسي في رئيس وزراء السودان آنذاك (الصادق المهدي) وسعى إلى الخلافة الإسلامية من جديد، باعتبار أن المهدي و"المهدية"، كانوا يعتبرون أنفسهم من آل البيت، ويستحقون الخلافة !

وما أكثر من يدعي أنه من آل البيت!

فكلٌ يدّعي وصلاً بليلى

وليلى لا تُقرُّ لهم بذاك

فكلّف الصادق المهدي حسن الترابي – باعتباره زعيم "جماعة الإخوان المسلمين" في السودان، وهم أدرى الناس بشؤون الخلافة وشجونها- بكتابة دراسة عن احتمال قيام دولة إسلامية في السودان. وبما أن حسن الترابي لم يكن يأمل بأن يكون خليفة المسلمين في السودان، مع وجود الصادق المهدي، الزعيم الديني والسياسي اللامع، لذا فقد انصبت دراسة الترابي، على استبعاد هذا الأمر، وكان مسوغاته تقول:

1- إن الجنوب السوداني عقبة كأداء في وجه دولة الخلافة الإسلامية. فالخصومة السياسية بين الشماليين والجنوبيين على أشدها، فما بالك لو أصبحت الخصومة بين المسلمين والمسيحيين، نتيجة للدولة الدينية الإسلامية.

2- هناك مخاطر من إقامة مثل هذه الخلافة متأتية من جيران السودان المسيحيين في إفريقيا، وخاصة أقباط الحبشة، والاشتراكيين في مصر .

3- كافة الدول الصديقة في الغرب لن تقبل، ولن تعترف بدولة الخلافة. (والدليل ما حصل فيما بعد لـ "حماس" في غزة، وممانعة الاتحاد الأوروبي ضمَّ تركيا إليه.)

4- العالم الآن في شرقه وغربه وشماله وجنوبه أصبح عالماً مدنياً يقوم على شرائع مدنية موضوعة قابلة للتغيير والتبديل حسب الظروف والمستجدات في كل آن. وقيام خلافة إسلامية، أو مسيحية، أو يهودية، أو بوذية، أو أية خلافة دينية يعتبر ضد تيار العصر، ومجرياته.

-4-

وهذه المسوغات، تنطبق انطباقاً يكاد يكون تاماً على كل بلد عربي، يفكر بإقامة الخلافة الإسلامية، أو دولة دينية، يحكمها خليفة أو سلطان أو أمير أو والٍ.

فكل بلد عربي محاط بجيران رافضين للخلافة الإسلامية.

وكل بلد عربي فيه من الانشقاقات المذهبية والطائفية والعرقية ما يكفيه.

وكل بلد عربي يخشى من صدامه مع الغرب الليبرالي ذي الدول المدنية، التي ودَّعت الدولة الدينية منذ قرون.

-5-

ولكن الشبق السياسي، والسعي إلى دولة الخلافة الإسلامية عاد من جديد!

ففي العام 1979 بدأت إدارة الخميني في طهران، تقيم علاقات دينية متينة مع رموز دينية، ومنها حسن الترابي. وكانت هذه العلاقات والرسائل المتبادلة بين الطرفين، تدور حول إمكانية إقامة دولة دينية في السودان، على غرار دولة الخميني في طهران. وكان جعفر نميري يحكم السودان أثناء ذلك، وقد شرع في إعداد كتاب عام 1980 بعنوان "النهج الإسلامي.. لماذا؟" فوجد الترابي ضالته السياسية في النميري الذي أطلق عليه فيما بعد لقب "أمير المؤمنين"، ودفعه إلى شنق محمود طه زعيم الجمهوريين السودانيين، للاختلاف الحاد بينهما.

فالترابي يريد تسييس الإسلام، بينما محمود طه يريد أسلمة السياسة، كما قال الكاتب السوداني بابكر حسن مكي، في سلسلة مقالاته في جريدة "السياسة" الكويتية في الثمانينات من القرن الماضي.

وهكذا نرى، أن "جماعة الإخوان المسلمين" في كل بلد عربي، تحاول امتطاء ظهر الحاكم، لكي تتمكن هي من الحكم. ويكون الحاكم هو الدابة، التي يركبها الخليفة (المرشد العام، أو المراقب العام) في موكبه إلى المسجد، لأداء صلاة الجمعة.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ترفض إسرائيل الآن السلام العربي
- نقد ايديولوجيا ثورة المعلومات والاتصالات
- كيف نضبط ظاهرة الشبق السياسي العربي
- لماذا منعت مصر شعار -الإسلام هو الحل-؟
- ما ثمن بقاء الزعيم على كرسيه مدى الحياة؟
- كارثة القطيعة العربية لمدنية العالم وحضارته
- لماذا كان السلام الدائم خرافةً ووهماً؟!
- أعيدوا الانتخابات لكي تحسموا الخلافات
- هل كان -العراق الجديد- أكثر خطورة على العرب من إسرائيل؟
- ايجابيات الاحتقان السياسي العراقي!
- هل أضاع العراق اللبن في الصيف كما ضيّعته دخنتوس؟
- احتمالات الحرب الأهلية في العراق
- ما هي المبررات الإرهابية لقتل العراقيين في رمضان؟
- العراق: من النزاع السلمي إلى الصراع المسلح
- صوت العقل الذي لم يسمعه سياسيو العراق
- العراق: من دكتاتورية العسكر إلى دكتاتورية الأفندية
- ماذا كان الدور الأمريكي المطلوب في العراق؟
- ما فعله الساسة في العراق لم يفعله الاجتياح العسكري!
- ما فعله العرب في العراق لم يفعلوه في إسرائيل!
- (إماتة العراق عطشاً بعد تدميره بالمتفجرات)


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - استحالة قيام الدولة الدينية