أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل الدلفي - العلق - قصة قصيرة















المزيد.....

العلق - قصة قصيرة


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 19:17
المحور: الادب والفن
    


امتلأت حماسا وحيوية منذ ان ركبت طائرة العودة الى بلدي، وحين هبطت بي الطائرة في مطار العاصمة، لم اقم بتلك الحركات المستهلكة التي مارسها قبلي عائدون رومانتيكيون ، فمنهم من قبل تراب المطار ، ومنهم من احتضن اقرب عمود كهرباء ، ومن نائح عند جذع شجرة ، وما شابهه .
اما انا فقد سألت الله في سري ان يوفقني في برنامجي ، وان لااكون موضوعا لتندر سالي، زوجتي الافرنجية، التي ظلت ، هي والاولاد في بيتنا هناك ، حيث راهنت بتحد على فشل رحلتي ، مدفوعة بموقف مزاجي ، ما زادني اصرارا على المضي قدما ، فلم اترك ثغرة ادارية اووثائقية تنال من قدرة التصميم على النجاح، فترجمت كل وثائقي وشهاداتي العلمية الى اللغة الام، وصدقتها لدى سفارتنا في بلد المهجر. خرجت من الطائرة وانا اقرب الى صوص يتلمس العالم اول مرة ، ارسلت من داخلي المضطرب بطاقات حب الى الامكنة التي اخذت تمرني بها سيارة الاجرة ، والتي اوصلتني بحسب الوصايا الى فندق الانترناشيونال المطل على النهر ، فأنه يلقى شهرة بين الاوساط السياحية الخارجية، فقد وجدته يعج بحركة سياحية و اعلامية واسعة ، حجزت من فوري بشكل مفتوح وطلبت من الادارة دليلا سياحيا، او بالاحرى رفقة استشارية لانجاز بعض المعاملات التي ساحتاجها لاكمال اقامتي الدائمة ، لم افضل الاتصال باحد من عائلتي او علاقاتي القديمة ، لان ذلك سياخذ مني وقتا اطول ، جاء الى صالة الانتظار وعرفني باسمه ،، حارث،، ولد ممتاز ومتماسك ، خفف عني اعباء كثيرة، سألت الله ان يعوضه و يحميه ، من اللقاء الاول شرحت له مهمته ، وطلبت منه ان يرسم لي خريطة المؤسسات التي احتاج اليها ، لانجاز موافقة التدريس في جامعات البلد ، سيما وان العام الدراسي اوشك على الابتداء، كان على درجة من المهارة والدقة ، فاوجز مدة العمل الى نصف زمنها ، ما يدل على نقائه وحسن تربيته ، سلمنى موافقة الجامعة بعد وقت قصير ، ومارست تخصصي في قاعة الدرس في علم وظائف الاعضاء بنشوة غامرة.
ليلتها تلفنت الى سالي وسلقت اجدادها الافرنج ، وبطيبة خاطر مألوفة فيها، حيتني وباركت لي ، وقالت: " سنلتحق بك انا والاولاد بعد ان تستقر فعليا في العاصمة" ، شجعني ذلك لشراء سكن مناسب ، وحين فاتحت حارث بوصفه اول صديق لي في الوطن ، ذهب معي الى شركة عقار في الجانب الغربي من النهر ، واتفقنا على شراء دار من طراز حديث ، واوكل حارث عملية التسجيل في دائرة الطابو الى معقب تسجيل ، وجاءني هذا بعد اسبوع ليوضح لي بان دائرة التسجيل العقاري تطلب وثيقة تأييد من مؤسسة السكان الاصليين ، وان ذلك اجراء ضروري حسب قوله ، فلم اتوان ليقيني بعدم وجود مشكلة في هذا الامر ، و اذ دلني مكان المؤسسة ، استأجرت سيارة اجرة ، لكن السائق الذي استاجرته لم يوصلني في الوقت المحدد للدوام الرسمي ، فالمؤسسة تغلق عند الساعة الثانية ظهرا ، وكنت اتوسل اليه ان يكف عن الحديث ، ويوصلني قبل نهاية الدوام ، لكنه كمحترف من زمن الباشوية ولم يحض بالتقاعد او الضمان الاجتماعي ، بدا لي كانه مذياع كشكول ، وبما ان عمرالرجل لم يسمح لي بان ارفع صوتي معه ، فقلت في داخلي لقد استفدت هذا اليوم باني قدعرفت المكان جيدا فسآتي غدا مبكرا ، لكنه حين اوقف السيارة في باب المؤسسة ، لكزني قائلا : "مفتوحة والحمد لله ".
قلت : مستحيل ، واظنه لم يسمع ماقلت ، اذ لم يتوان ان حرك سيارته بعيدا عني.
تقربت رويدا من الباب الذي يحتفظ بمعالم تراثية عهدت في العاصمة ابان ستينيات القرن الماضي ، وقلت في سريرتي من الافضل ان اعود الى الفندق ، فلا جدوى من اللقاء بالحرس ، الا ان عيني قد تعرضت الى شد خارجي ، اذ وقع نظري على امراة ممشوقة القوام ، شعرها الاحمر يتكوم بغنج على كتفيها ، ابتسمت ، او ابتسم كلانا، وبأيماءة ساحرة اذنت لي بالتقدم ، انحنيت قليلا وعرفت بنفسي ، ردت باحسن منها :" انا الدكتورة فاطمة حسين غلام........ " ،
تشرفنا ياست ..
شممت رائحة شاي تاتي من الداخل ، لكنها بادرت بالاعتذار ، وبينت ان لا احد منهم ليقوم باجراء الضيافة ، همهمت شاكرا لها ، قلت سآتي غدا، فاومئت ان اقدم لها الطلب ، قرأته ، فلم تتوان ان دخلت سريعا وخرجت ، فرايت انها قد ختمته ، وسجلت عليه رقما للوارد ، ثم انحنت على طاولة في طارمة المبنى ، وكتبت : "الاستاذ عباس لاجراء اللازم" وادرجت اسمها ووقعت فوقه بالحبر الاخضر.
قالت غدا سيقوم الاستاذ عباس بالتفاصيل ، شكرتها وتمنيت لها التوفيق وودعتها بلياقة تامة ، قرأت الرقم الوارد فكان 33 في 10/10/2010 واستلقيت في سريري مرتاحا نشوان الى منتصف الليل.
دخلت الدائرة صباحا متخطيا غرفة الحراسة، فقد فتشني الحرس واخذوا هاتفي النقال .. ، و ادلوني الى مكتب السيد عباس وقد تبين بانه المديرالعام وقد رحب بي واستلم طلبي ، لكنه ذهل حين قرأ ما كتبت....
سألني بغضب : من كتب لك على الطلب ؟
اشرت الى اسمها .
قال : ومن تكون؟
قلت: لا اعرف ولكني وجدتها في الدائرة يوم امس .
قال :لا تلعب باعصابي ، ليس لدينا احد بهذا الاسم .
قلت: كيف ؟
قال يارجل " ساحمل الامر على حسن النية، وامزق الطلب ، وانت تنسحب بعيدا عني وكان شيئا لم يكن ،والا ، قسما بشرفي ، ساحيلك الى شؤون الامن بدواعي التزوير".
ارتفع صوت احتجاجي ، الامر الذي جعل الرجل الجالس على يمين الطاولة يتحرك ، ويتدخل في صراعنا انا والسيدعباس، فاستفهم منه عن الامر ، وحين سمع بأسم المرأة ، توجه لي مخاطبا ومبطنا في خطابه سخرية لاذعة:
- : " ياولدي ذلك مستحيل لأن الاموات لايذيلون الطلبات ولايحضرون بيننا، وعليك ان تكف عن مقابلة الاشباح ، وتعالج نفسك عند الاطباء النفسانيين، فانا اعرف بعضهم" .
قلت: ما الامر؟
قال : ان هذه السيدة كانت صاحبة هذه الدار، وقد سفرتها الحكومة هي وآخرين في العام 1979 ، الى دولة مجاورة بحجة انهم سكان غير اصليين، او يعودون بالتبعية الى هذه الدولة الجارة، وكان ذلك محض هراء سياسي ، فالدولة المجاورة نصبت لهم مخيمات على الحدود، وقد تواردت الاخبار عن موت غالبيتهم، بما فيهم السيدة صاحبة الاسم الذي ذكرته ، فارجو ان تمزق طلبك وتغلق هذا الباب ، الذي اذا فتح لاتحمد عواقبه .
ذهبت من فوري الى منزل حارث و طلبت منه ان يبطل عقد الشراء مع الشركة العقارية لقاء اي خصم ، و عدت الى الفندق متعبا ، قلقا ، وقرفان .. لكن موظف الاستقبال لم يتوان .... فقد اخبرني بان بريدا يخصني في الادارة، جاءت به سيدة انتظرت اكثر من ساعة ، انه هناك ، واشار الى الغرفة المقابلة، فتحت الظرف وانا في المصعد فوجدت شريطا اخضرا يشبه الاشرطة التي كانت امي تجلبها من الاضرحة المقدسة وتشدها طوال العام على معصمي ، قلبت الظرف ، قرأت اسمها " الدكتورة فاطمة حسين غلام" .
اتصلت بسالي واخبرتها باني ساكون عندها غضون اليومين القادمين وساجلب معي قطعة قماش بيضاء .



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث في مفهوم المواطنة والهويات الفرعية
- جماهير اليسار في العراق بين استبداد الماضي وتعسف الحاضر
- لائحة الارهاب العراقية- وسائل تعرية الملثمين
- ديخوخرافيا
- المعجزة و مقامُ النوّرِ
- الثديال- قصة قصيرة
- عدم إرتقاء العقل العراقي الى التمثل الابستمولوجي لصناعة الحا ...
- اعادة انتاج وحدة الوجود العراقي عبر الربط بين طرفي الزمن– ال ...
- اعادة انتاج وحدة الوجود العراقي عبر الربط بين طرفي الزمن– ال ...
- التاريخ لايجلس القرفصاء..إختصارات موجعة في الذكرى السادسة لإ ...
- المتاهة المهذبة في الدوران حول النص المشرعن للسلطة الغائبة ( ...
- أوباما والحلم الامريكي المفقودهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
- قتلتنا الردة ،دلالات في سوء القصد
- الهجنة المدينية في مثقف اليوم، السائد منه انموذجا!
- تمائم الكاهن الاخير.....(2) قصص قصيرة جدا
- تمائم الكاهن الاخير.....(1) قصص قصيرة جدا
- حيادية عالية &الخصاء المؤبد
- المفكر والناشط العراقي في حقوق الانسان الدكتور تيسير عبد الج ...
- احلام في زقاق منسي
- صناعة الاختلاف في غياب المنهج


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل الدلفي - العلق - قصة قصيرة