|
للنساء ... للرجال
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 14:18
المحور:
كتابات ساخرة
في كثيرٍ من الدوائر الحكومية ، وخصوصاً تلك التي يكون فيها زخم المُراجعين عالياً ، لجأتْ الإدارات الى فتح مَنْفَذّين او شُباكَين ، أحدهما للرجال والآخر للنساء ، وذلك لمجموعةٍ من الاسباب ، بعضها جندرية وعنصرية من قبيل "ضعف" المرأة وعدم قدرتها المُفتَرضة على المماحكة ، وبعضها شرعية ودينية تقليدية ، لعدم السماح بالإختلاط والإقتراب أكثر من اللازم من الجنس الآخر ، وسببُ ثانوي وهو توفير مناخٍ مناسب تقديراً لنعومة ولُطف المرأة ، وليذهب الرجل بخشونتهِ وصَلفِهِ الى .. الشباك الآخر !. يوم أمس ذهبتُ مع صديقي القادم من ألمانيا ، الى "مديرية التسجيل العقاري في اربيل" ، لتمشية معاملتهِ . إصطّفَ في الدور الطويل ، طبعاً خلف شباك " الرجال " . كان شباك النساء يبعد متراً ونصف فقط ، وكلاهما يطلان على نفس غرفة الموظفين او بالأصح الموظفات ، حيث كانت موظفتان جالستان خلف منضدة منهمكتان بالكامل في تمشية مُعاملات الرجال ، فإحداهما تستلم الرسوم وتكتب الوصل ، والاخرى تكمل بقية الإجراءات ، وإذا كانت المُعاملة اصولية وخالية من النواقص والمُراجع يحمل مبلغ الرسوم بالضبط ، فان العملية تستغرق حوالي الخمس او الستة دقائق . وبما انني كنتُ مُتفرغاً ، كان لابُد لي ان أدُسَّ أنفي الصحفي وأقف في مساحة المنطقة المُحرمة بين الشُباكَين ! . شباك الرجال كان وراءه واحد وعشرين مراجعاً من ضمنهم صديقي ، أما شباك النساء فكان فارغاً تماماً ، وكانتْ الموظفتان المسؤولتان عن النساء جالسَتَين تشربان الشاي وإحداهما تحل الكلمات المتقاطعة ! . تصّورْ اربعة موظفات في نفس الغرفة ، تقومان بنفس العمل ، لكن إثنتان منهما مشغولتان تماماً ، والأُخريتان تتبادلان الاحاديث والنكات وتحلان الكلمات المتقاطعة ، ضجراً ، ولقتل الوقت ! . ذهبتُ الى صديقي الواقف في المؤخرة ، وشرحتُ له الوضعيةَ عند الشباك الثاني ، فخرج من الطابور على الفور ، ووقف عند الشباك الفارغ مّاداً يده بالمُعاملة . نظرتْ اليه الموظفة شزراً وقالتْ : هذا المكان مُخّصص للنساء ، إذهب الى الشباك الثاني ! . أجاب صديقي : واين النساء ؟ لاتوجد ولا واحدة ، ما المانع ان تُمّشي مُعاملتي وإذا حضرتْ إمرأة فأنني سأتنحى وانا ممنون ! . قالت الموظفة : آسفة ، التعليمات واضحة ، لايمكنني تجاوزها . ورجعتْ الى الكلمات المتقاطعة ، أي ان الحديث إنتهى ! . كانَ الحديثُ مسموعاً مِنْ قِبَل الموظفتين المشغولتين ، والمُراجعين أيضاً ، فقال احد المُراجعين للموظفة المنهمكة : كيف تقبلين ان تعملي بكل هذا الزخم وزميلتك على المنضدة الاخرى لاتفعل شيئاً ؟ هل هي عندها واسطة أم ماذا ؟ أجابت قائلةً : يااستاذ ، نحن نتناوب على العمل ، فغداَ سنكون على شباك النساء وهما على شباك الرجال ! . انه حقاً كاريكاتور حَي ، وآليةٌ غريبة ، وطريقة بائسة في تقسيم العمل . اليسَ من الممكن ان يُستَغل عدم وجود مُراجعات نساء ، لتخفيف الزخم وتمشية بعض مُعاملاات الرجال ، إختصاراً للوقت والجُهد ؟ قال صديقي : نحن في المانيا ، مُستشارتنا إمرأة ولكن ليس هنالك تمييز في المُراجعات ، المكان الوحيد الذي يُفّرَق فيه بينهما هو : التواليت اي المرافق الصحية ، فقسمٌ مُخصص للرجال وقسمٌ للنساء !. لو كنتُ أعلم بهذه الآلية في الدوائر هنا لجلبتُ معي زوجتي ولكُنا أكملنا المعاملةَ في دقائق !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دهوك الى بغداد
-
نفوس العراق 45 مليون نسمة !
-
أنتَ تنتَقِد .. إذن انتَ غير مُخْلص !
-
هل المطالب الكردية عالية السقف ؟
-
احزاب الاسلام السياسي والتضييق على الحريات
-
حكومة قوية ..معارضة قوية ، وليس حكومة مُشاركة
-
إعتراف ... عدم إعتراف !
-
أثرياءنا ... وتطوير البلد
-
البعثيون يخافون من التعداد السكاني العام
-
اُم كلثوم وتشكيل الحكومة العراقية !
-
حاجتنا الى ثورة في التربية والتعليم
-
مليارات الدولارات - الفائضة - في العراق
-
إستفتاء تركيا وإستفتاء جنوب السودان ..وكُرد العراق
-
تعويضات عراقية لمواطنين أمريكيين !
-
تحديد يوم العيد والسياسيين العراقيين
-
ألقَس بن لادن والشيخ تيري جونز !
-
ألقاب ودَلالات !
-
هل تعرف أمثال هؤلاء ؟
-
متى سيقوم مجلس محافظة دهوك بدورهِ ؟
-
تَحيا العَدالة !
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|