أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جمشيد ابراهيم - ولادة القرآن














المزيد.....

ولادة القرآن


جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 18:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كثير من الناس كانت و لا تزال تعتقد ان المفاهيم و الافكار تظهر فجأة الى السطح او تلد دون فترة النضج و الحمل و ما كانت قبل الحمل من العلاقات. ولادة القرأن و غيرها من الافكار والمفاهيم و المفردات لا تظهر من الفراغ فجأة بظهور وحي من السماء كالمطر دون تأريخhistory او عمليات تكوين processes فتاسيس الاديان و ظهورها تشبه عملية الولادة او تأسيس شركة تجارية
setting up a company
و حتى نزول المطر هو عملية تكوين لها سوابق واذا آمنا بنزول الوحي فهو لاينزل دون سبب لان في كل فكرة اقلها ذرة او حبة من التجارة لابد ان تبدأ الكيانات بفكرة او بالاحرى بافكار تسبح في سماء مجتمعاتها
in the periphery
لفترة من الزمن اي قبل و بعد ولادة محمد فيما يخص الاسلام نتيجة الاحتكاكات مع الاقوام الاخرى والتجارة او تطور المجتمع و انتقاله الى مرحلة جديدة بعد التخلي عن القيم السابقة و نبذها. فمثلا يعطي قاموس OED المؤلف وفق الاسس التأريخية
Oxford English Dictionary based on historical principles
تأريخ تقريبي لظهور الكلمات في التداول اليومي الشفوي او في نصوص قديمة ان وجدت فكيف نستطيع ان نذكر تأريخ اختراق الافكار المسيحية و اليهودية في مجتمع مكة و متى بدأت مكة تتحول تدريجيا الى مركزتجاري كما تشير لها اللغة الانجليزية a mecca of fashion و كيف كانت حياة اليتيم محمد دون وجود نصوص او اشارات اخرى قبل القرآن؟

فالتأريخ و الديالكتيكية الهيغلية كفيلة بنضج الافكار و الحمل اي هناك اعتماد على البعض كاعتماد آدم على حواء و حواء على آدم. في الحقيقة يقلل هذا الاعتماد من غرورالانسان و يساعده على الانتقال الى مرحلة جديدة و لكننا لانستطيع التعرف بالدقة على بداية الفترة التي سبقت ظهور القرآن و كيف دخلت مدينة مكة الى مسيرة و عملية حمل هذه الافكار. نحن نعرف ان الجزيرة العربية كانت تحيطها ثقافات متطورة كالارامية و الساسانية و الاغريقية (قارن: ديوان عمر بن الخطاب للكاتب Rudiger Puin).

و لكن طريق اللغة احيانا تساعدنا اكثر من طريق التأريخ الصعب. فمثلا كلمة (قلم) التي هي استعارة من الاغريقية كانت معروفة عند العرب قبل الاسلام و كلمة (سراط) اللاتينية لا تشير فقط الى شارع او طريق بينما كانت لها معنى تجاري قبل الاسلام. وهكذا هناك اشارات لغوية اخرى تشير الى الاحتكاكات مع ديانة الفرس كفردوس و رزق و هناك كلمات ارامية كثيرة تم الاشارة اليها في مقالات سابقة نستطيع ان نرجع بواسطتها الى الوراء قبل ولادة محمد لربما بقرن او اكثر و ان حقيقة مواجهة محمد صعوبات كثيرة في اقناع الناس من ضمنها عمه (ابو لهب) ترك المال و التوجه الى الله تدل على ان مكة كانت منغرقة في ثقافة مالية جديدة منذ فترة من الزمن و تعودت عليها.

و لكن وجود فكرة ليست كافية اذا لم تكن هناك حاجة اوسوق لتقبلها و عزيمة قوية من قبل مؤسس المؤسسة . وهذا ينطبق على محمد و مكة موطن ظهور الاسلام من ناحيتين:

اولا بعدما انتشرت فيها التجارة و التهى الناس بكدس المال و تفشى الفساد ابتعدت مكة عن القيم العربية القبلية القديمة.

ثانيا انتشار الافكار اليهودية و المسيحية و الحنفية فيها بالتدريج.

ثالثا ظهور محمد على الساحة لم يأتي من فراغ ايضا. الذي يقرأ القرآن بتمعن وتأني يكتشف حالا كيف كانت حياة محمد قبل الاسلام (بعيدا عن الملاحم و الاساطيرالتي ظهرت بعد الاسلام). نحن لانعرف شئ عن محمد ماعدا الذي ورد في القرآن ولايمكن الاعتماد على ما ورد في الحديث و الاساطير. لقدعانى و قاسى محمد و تعذب كثيرا لانه ولد يتيما في مجتمع يعطي للاب المكانة الاولى وفقد والدته فوق ذلك عندما كان صغيرا. لقد ضعفت مكانة محمد و اصبح ضالا حزينا هامشيا و فقيرا نسبيا , انقض ثقل الاعباء و المشاكل ظهره لان الجد او العم لا يعوضان عن الاب و الام. هناك اشارات كثيرة في القرآن الى اليتيم (الم يجدك يتيما و ضالا و عائلا – الم نشرح لك صدرك و وضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك...)

شخصية محمد مثيرة للغاية حقا لانه كان حتما مؤمنا بالقيم الاخلاقية القديمة حسب اشارات القرآن الكثيرة و القسم بالظواهر الطبيعية لربما بسبب وضعه العائلي و الاجتماعي و تأثره بالافكار المسيحية و اليهودية التي وجد فيها تعويض عما كان ينقصه من حب الوالدين. الشخص الذي يولد في المحيط والظروف التي ولد فيها محمد و يتوفر فيه عزيمة و مثابرة محمد بعدم تقبلها يحتضن الافكار المسيحية و اليهوية و يتقبلها برحابة صدرلانها هي التي كفيلة بخلاصه و انقاذه.

هناك اشارات تأريخية كثيرة في القرآن الى اسماء مثل:
عاد (قبيلة يقال انها عاشت في جنوب الجزيرة العربية لا توجد مصادر عنها)
ثمود (قبيلة كبيرة عاشت في القرن الاول بعد الميلاد في شمال غرب الجزيرة العربية ذكرت في مصادر اللاتينية و الاغريقية لم تكن موجودة في زمن محمد) و عيسى ومريم وموسى وزكريا و فرعون و عدد من الانبياء يذكرهم القرآن على شكل قوائم بسيطة تترك لدينا انطباع على انها كانت معروفة عند العرب و الا لما ذكرها القرآن و لكن الظاهر انها كانت معروفة لدى محمد كفكرة غامضة غير دقيقة يستعملها القرآن كشهادة على العواقب التي تتنظرالذي يخالف اوامر الله. هناك فقط سورة كاملة و هي سورة يوسف تسرد لنا قصة بكاملها و لكن نجد في سورة مريم تحولات فجائية في الاشارات تبدأ بعبارة (و اذكر في الكتاب...). محمد يذكر بقصص الماضي و هو يرى دوره كمذكر و ليس كمسيطر.

و اخيرا لا يسعني الا ان اشير الى المحيط العربي قبل الاسلام و تجارة العرب مع الاقوام السامية الشقيقة خاصة الارامية و علاقاتها مع الفرس و الاغريق و الروم التي ساعدت على خلق محيط تجاري خاص في مكة جعلتها تنسى قيمها القبائلية الاصيلة و لكن الافكار المسيحية و اليهودية التي دخلت بنفس الطرق ساعدت محمد اليتيم على التمرد دون ان يشعر بمدى تاثير رسالته على الاجيال اللاحقة.
www.jamshid-ibrahim.net





#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحيرة مع الحرية و الديموقراطية 2
- اترك القرآن على الرف
- الحيرة مع الحرية و الديموقراطية 1
- براكين اوربا الغربية و الاسلام
- معنى السورة في القرآن
- نهج المبالغة
- دورالمقاطع في اللغة Syllables
- بلاغة العرب في المبالغة
- مفهوم الزمن والنفي في العربية
- القرآن بين الكرسي و المائدة
- الخوف وراء سجن النفس - 2 –
- الخوف التوقعي - 1 -
- كيف ينهض بلد من الصفرالى القمة؟
- الحوار المتمدن و ترجمته الانجليزية
- ام الكتاب 2
- أم الكتاب
- اسوء من العبودية
- دور الاسماء و النصوص في التضليل
- العنصرية في الثقافة الشرقية الاسلامية الحالية
- ضحايا ظاهرة Hypercorrection


المزيد.....




- المرحاض الذي نعرفه قد يُصبح شيئًا من الماضي.. كيف تبدو تصامي ...
- غواص مخضرم يكشف لـCNN مخاطر البحث بمنطقة انهيار جسر بالتيمور ...
- ماكرون يدعو من البرازيل إلى إبرام اتفاق تجاري جديد بين أوروب ...
- -أسابيع قليلة للنيل من قادة حماس-.. ماذا قال نتنياهو لأعضاء ...
- لأكثر من 25 ثانية.. عملية طعن على متن قطار في لندن والركاب ي ...
- وفاة السيناتور الأمريكي السابق جو ليبرمان عن 82 عاما
- شاهد: صناع الشوكولاتة في سويسرا يستعدون لعيد الفصح وسط ارتفا ...
- نيويورك.. كيف يحصل المهاجرون غير الشرعيين على تعويضات أفضل م ...
- حالة مزمنة تؤثر على 40% من سكان العالم تسرع من شيخوخة الدماغ ...
- فرقة -بيكنيك- الروسية تبدأ حفلها في بطرسبورغ بدقيقة صمت حداد ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جمشيد ابراهيم - ولادة القرآن