أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيمون خوري - هل - الإله - مؤلف كتب ..أم خالق الحياة ..أو قاتل للإيجار ..؟!















المزيد.....

هل - الإله - مؤلف كتب ..أم خالق الحياة ..أو قاتل للإيجار ..؟!


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 06:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل " الإله " مؤلف كتب .. أم خالق الحياة /
أم قاتل بناء على الطلب ..؟!


وصلني من أحد الأصدقاء ، شريط فيديو ، لما يسمى " محاضرة للدكتور " عبد الله النفيسي " سبق وبثته قناة " الجزيرة " الفضائية . وهذا رابطه لإطلاع القارئ الراغب بالتعرف على معنى الأرهاب عندما يتجسد الكلمة ويحولها الى آداة للقتل وسفك دماء الأبرياء .. هذه " الكلمة " التي هي سر التواصل والتخاطب الإنساني ، وسمو الإنسان والمجتمع معاً . الأرهاب اللفظي الذي يترجم الى فعل إجرامي ، لا لشئ فقط بسبب كون الأخر مختلف سواء بالرأي أو بالعقيدة . وكأن هذا " الإله " إن كان وجوده حقيقة أم لا ، يأمر بسفك الدماء ، كبرهان على محبته ، أو عندما يُطالب " الخالق " بقتل مخلوقاته عبر دعوات أتباعه ..؟! فإنهم بذلك يحولون " الخالق " الى قاتل بالإيجار مقابل مدحه في وعظهم النفاقي . وتنتفي عنه صفة الرحمة والعدالة ...هكذا حالات " مريضة " نفسياً هي خزان من التعصب والتطرف ، الذي يدمر البشرية ولا يساهم في تطورها .. إذا شئنا عدم المغالاة في إستخدام بعض التعابير التي قد لا تتناسب هنا ومنطق إحترام مبدأ الحوار المتمدن ، في هكذا أمور خطيرة .
رابط الموضوع :http:// http://www.tangle.comvideo .php?viewkey= 086ff33eabea1ceb73e4c

من حسن حظي أني لا أشاهد القنوات الفضائية العربية . ومن سوء حظي ، أني شاهدت هذا التسجيل الوثائقي المرعب للدكتور المذكور. ويؤسفني القول ، أن الشريط لا يتضمن أفكاراً فلسفية أو سياسية قابلة للنقاش بهدوء وموضوعية ، بقدر ما يتضمن تحريضاً غير مفهوماً ، يبيح القتل ويحلله . ولايمكن عن يصدر عن شخصية طبيعية ، ومن قبل رجل يدعي حيازته على درجة علمية ، يفترض جدلاً أنها كفيلة بصقل أفكاره بطابع إنساني ، تسامحي إتجاه الأخر ، ومن موقع إدعاءه بإنسانية العقيدة التي يمثلها . .
وفي الوقت الذي تخوض فيه الشعوب الأوربية معارك الدفاع عن مصالحها ومستقبلها في مواجهة النهب الجشع لحقوقها الذي يساهم فيه المال" الخليجي " الى جانب الرأسمال المتعدد الجنسيات ، تفاجئ بأن هناك على الجانب الأخر من العالم ، من يدعوا الى إبادة الجنس البشري المخالف عبر التحالف مع أكثر القوى ظلامية وتوحشاً . بتسعير الصراعات العرقية والطائفية . وعلى ما يبدو أن هكذا " خطاب طائفي " ليس معزولاًعن السياق العام الذي يهدف الى تأجيل ومصادرة النضال من أجل الحقوق المصادرة في العالم " العربي " بل تمييع القضية الوطنية وقضايا الإصلاح الإجتماعي – الحقوقي ، لصالح أهداف تستجيب لمصالح إقليمية ودولية في إستمرار عزفها على نغمة " الأرهاب ". والحيلولة دون دخول بلدان المنطقة العصر الحديث والتقدم الإجتماعي . إنه منطق تحالف " البزنس الديني " المحلي مع البزنس العالمي. من خلال إستغلال المعاناة اليومية لشعوب المنطقة ، وتحويلها الى قيمة سلعية .
أحياناً نتساءل ، من المسئول عن التدهور القيمي والخراب الطائفي الذي أصاب وما زال المجتمعات " العربية " ؟.
ونتساءل أيضاً ، لماذا ُترد كافة أعمال ودعاوي القتل الى هذا " الإله ".. ونفي المسؤلية الشخصية لهؤلاء الوعاظ عن بث دعاوي التعصب الطائفي أو الأثني أو حتى للرأي المخالف وعن هذا الدمار والخراب الذي أصاب منطقتنا..؟ ثم يطالب البعض " بعصرنة " العقيدة هذه وأن عمليات الإصلاح لن تتم إلا عبر رجال الدين ، وليس عبر القانون الذي يضع حداً لفتاوي الجهل والحقد الأعمى ؟ هل هؤلاء رجال دين ..أم زعماء مافيا متعددة الجنسيات ؟!
فحوى محاضرة " الدكتور " لا تعدو عن كونها فحيحاً عصابياً ضد الأخر المختلف .
المشكلة هنا تتمثل ، أنه بإمكانك محاورة شخص ما قابل للحوار ، بيد أنه عندما يمتلك الطرف الأخر مواقف مسبقة غير قابلة للحوار ، يتمترس خلف نصوص دينية منتقاة بعناية واضحة ، لكي تخدم غرضه السياسي - الإقتصادي ، وتتميز بدرجة عالية من المغالاة في التطرف والدعوة الى القتل ، يصبح الحوار مع هكذا حالات ، وكأنك تحاور جزارك وتخييره في إستخدام وسيلة قتلك ، أيهما أنجع، قطع الرأس بالسيف أم بواسطة متفجرة ؟ ثم بعد ذلك يتساءل البعض لماذا تتعرض هذه العقيدة الى تهمة " نشر الإرهاب " ..؟ أو ما يسمى " الإسلاموفوبيا " ترى هل العقيدة في جوهرها إرهابية أم أن ممثليها من المتطرفين هم إرهابيون مرضى بمرض تضخم " الأنا الوحدية " . وهي " الأنا " التي لا تدرك سوى تصوراتها الذاتية . مستخدمة سلطة اللغة للبرهان على منطقها المريض المصاب بالعجز على مجاراة العصر الحديث . وتعبيراً يجسد أزمة المتشددين من أية طائفة كانوا . يمكن أن تكون رجل دين متسامح وعقلاني ، وعصري أيضاً من خلال إحترام مبدأ حق الفرد في تحديد خياراته في هذا العالم . لكن في اللحظة التي تجري فيها مطالبة الأخر بالرضوخ لعقيدة الأخر بالقوة والإكراه ، وليس عبر القناعة العقلية ، تتحول هذه العقيدة الى أشبه بعصابات مافيا ، وليست ديانه . ترى هل يمكن للديانة الهندوسية أو البوذية أن تفرض ذاتها على العالم كعقيدة وحيدة ..؟
شئ مرعب ، ومقزز للبدن ، أن تكتشف أن هكذا نماذج تدعي الإنتماء الى هذا العصر ،من أمثال هذا الدكتور ونظرائه من أصحاب فتاوي الجهل والتجهيل .ترى كم عدد من تنطبق عليهم مقولة " القرآن " كمثل الحمار الذي يحمل أسفاراً " وليس كمثل صاحب " الفم الذهبي " . فإذا كان القرن السابع عشر هو عصر العقل ، والقرن الحالي هو عصر الثورة التكنولوجية والتحرر الإنساني ، فإن هؤلاء يعيشون عصر الردة ، ردة الإنسان الى طفولته الأولى يوم كان يقتات على لحم أخيه .
نحاور من ؟ إذا كان هذا " الدكتور " يعتبر حوار الأديان مسألة سخيفة .. ربما هو على حق من منطقه العصابي الخاص . وهناك بالتأكيد العديد من العناصر العقلانية التي تعتبر أن ما لله هو لله وما لقيصر هو لقيصر. بيد أنهم محاصرون بدعاوي التكفير . عندما يصبح الجهل ومنطق الحقد سيد الأحكام .
عادة في العقائد الفضائية ، هناك أربعة عوامل متداخلة ترتكز عليها العقيدة الدينية . وهي غموض النص ، سلطة اللغة ، اللباس الكهنوتي والممثلين . هؤلاء هم عناصر المسرح الديني . وفي فضاءهم يتحرك ممثل الدين مؤدياً دوره سواء سلباً أو إيجاباً إتجاه المجتمع الذي يعيش فيه . في التراث الإسلامي " النص " قابل للتأويل حسب نوعية ومستوى رجل الدين وإتجاهات تفكيره نحو الأخر . وكذا طبيعة الهدف أو نوعية التوظيف الأيديولوجي أو السياسي أو الإقتصادي للنص .. البعض يقول " لا أكراه في الدين " والأخر يرفع شعار " وقاتلوهم حيثما ثقفتموهم " ..؟!
قد لا يختلف المرء مع من يقول " لا إكراه في الدين " وهو موقف يدعونا الى إحترام صاحبه ، بيد أننا نختلف ونتعارض مع من يدعوا الى القتل كوسيلة لنشر عقيدته وموقفه على الأخرين . في وقت لم يعد فيه ممكناً إعتبار أن هناك " ديانة شمولية " واحدة تخص كافة البشر . فيما تنتشر في هذا العالم آلاف العقائد سواء الفضائية منها أم الأرضية . وعموماً كل فكرة يمكن أن تتحول الى عقيدة لها مرجعيتها الخاصة ومنطقها التاريخي الذي نشأت فيه .
للفيلسوف ديكارت ، تعليق حضاري له يقول : " لقد أدركت منذ فترة أنني في سنواتي الأولى تعلمت عدداً من الأراء الخاطئة معتبراً إياها حقيقية ، وبنيت في ضوئها مجموعة من المبادئ ، إكتشفت فيما بعد أنها غير أكيدة ، ومشكوك فيها . لذا كان علي ان أتخلص منها ".
جميعنا تعلمنا في الصغر مجموعة من المبادئ كانت تعبر سواء عن مفهوم الأهل والعائلة والمجتمع ونظرتهم للحياة ، أو تعبيراً عن مبادئ ذات صلة بالأديان ، أو الشعارات القومية ..الخ وعموماً هي أفكار ذات صلة بزمن ومكان محدد . لكن مع تطور المرء ، وعلاقاته بالأخرين والمجتمع والعلم ، قد يكتشف خطأ أفكاره ..ترى أليس من واجبه إتجاه ذاته تصحيح مسار عقله ..؟
الفيلسوف الفرنسي ، كلود أدريان هلفتيوس ، 1715-1771 في كتابة بعنوان " عن الإنسان " ص 20- 30 يقول التالي :
" إن رغبة رجال الدين في كل العصور إنصرفت الى القوة والنفوذ والثراء . وبأي وسيلة يمكن إشباع هذه الرغبة ؟ ببيع الرجاء " في التعليم " والخوف " من الجحيم " . إن الكهنة وهم تجار جملة في هذه السلع كانوا يحسون ويدركون ان هذا البيع سيكون مؤكداً رابحاً . وتتوقف قوة الكاهن وسلطانه على الخرافات وعلى تصديق الناس في غباء وحمق لهم . وليس لتعليمهم قيمة لديه ، وكلما قلت المعرفة عندهم إزدادوا إمتثالاً لأوامره . إن أول هدف للكهنة في كل ديانة هو خنق حب الإستطلاع عن الناس، والحيلولة دون فحص أية تعاليم ومبادئ يكون سخفها ملموساً محسوساً الى حد لا يمكن إخفاؤه."
وعن آفة التعصب الطائفي يقول هذا الفيلسوف الفرنسي :
"إنه التعصب أم عدم التسامح الديني هو ربيب الطمع الكهنوتي ، وسرعة التصديق الغبي الأحمق، وإذا أنا صدقت مربيتي أو معلمي ! أن كل ديانة أخرى باطلة زائفة ، وديانتي وحدها هي الصحيحة الحقة ..ولكن هل يعترف العالم كله بهذا ؟ لا ، فإن الأرض تئن تحت وطأة المعابد الكثيرة الموقوفة على الخطأ . وماذا يعلمنا تاريخ الأديان ؟ انها أضاءت في كل مكان مشعل التعصب وملأت السهول بالجثث ، وخضبت الحقول بالدماء . وأحرقت المدن وأقامت إمبراطوريات مهلهلة . "
في مقابل هذا الفيلسوف الإنساني ، هناك فيلسوف يمثل الضد أي فيلسوف التعصب والحقد الأعمى ، وهو الفيلسوف البريطاني " جورج باركلي " 1712 . في رسالته التي نشرها في جريدة " دبلن " العام 1738 يقول :
من يقاوم السلطة السامية ، إنما يقاوم الأمر الإلهي ، والإلحاد ليس جريمة ضد الدين ، بل ضد الدولة والعظمة الإلهية هناك عقل إلهي واحد ، وديانة واحدة . وأفكار تنتقل في عقولنا بإرادة الله ، لكنها لا تستقل عن العقل بل بتدبير من الله "
هناك نقطة تعارض رئيسية بين كلا المفكرين ، الأول يدعوا الى مبدأ التسامح وعدم التعصب الطائفي ، والثاني يدعوا الى نشر عقلية " الخضوع السلبي " للسلطة الممثلة برجال الدين . عبر مصادرة حرية الرأي والتعبير وحق إعتناق المرء ما يشاء من أفكار .
جورج باركلي ، مثل حالة الدفاع الأخيرة عن أفكار السلطة الكنسية التي كانت تتهاوي تحت أقدام المكتشفات العلمية في عصر شهد ولادة عصر المعرفة ، القرن السابع عشر الذي يسمى بعصر العقل . وأفكار الفيلسوف الفرنسي كانت الممهد الحقيقي لأفكار نيوتن وسبينوزا وجان لوك وحتى موليير . ونهاية عصر الإستبداد الكنسي . لكن في مجتمعتنا العربية مرة أخرى تدخل هذه المجتمعات عصر الإستبداد الديني ، الأولى عندما تجاوزت الديانة حدودها الجغرافية ، وحاول المصلحون الذين وصفوا بالزندقة إصلاح ذات البين أمثال الطبيب الرازي وإبن المقفع وأبو العلاء والفارابي وإبن رشد والمرة الثانية مع إنتشار أفكار النهضة على يد قاسم أمين ورفاعة الطهطاوي ومحمد عبدة وإنطوان فرح وحتى طه حسين وفرج فودة ، وفي دعاوي الإصلاح من قبل معروف الرصافي نصر حامد أبو زيد وأركون والجابري ..الخ
مرة أخرى تدخل المجتمعات " العربية " النفق المظلم لكن هذه المرة بمساعدة قنوات فضائية ، وليس فقط إعتماداً على دور العبادة . ترى الى أين يراد أن يسرق ويؤخذ هذا العالم " العربي " نحو حرب طائفية طاحنة ..؟! ألا تكفي كافة الحروب الطائفية – الأهلية السابقة ؟ أم أنه لا بد من تعميم التجربة الصومالية واليمنية والعراقية وما يجري فيها من قتل طائفي بشع ومقرف . ما هذا " الإله " الذي يدعون الإنتساب اليه ..؟!
هل هذا " الإله " مؤلف كتب .. أم خالق للحياة ..أو قاتل للإيجار ..؟!
في كتاب " الفيلسوف ستيوارت ميل " حول الحرية " الرأي التالي "
إذا كانت البشرية جمعاء متفقة على رأي معين ، وهناك شخص واحد له رأي مغاير ، فليس بيد البشرية أي مبرر لإسكات رأي هذا الفرد . بالضبط كما أنه ليس من حق هذا الفرد وليس مبرراً له إسكات البشرية جمعاء " .
أفكار " جورج باركلي " ماتت معه ، لأن البقاء للأفكار التي تولد الحياة ، وتقدس الإنسان بإعتباره صانع مستقبلة المشترك مع الأخر . تماماً كما سيكون الموت التلقائي ، مصير أفكار هذا " الدكتور النفيسي " الذي ينفث ويضخ تطرفة ويلقنه لعصبته الحمقى . هو نفس الغباء الذي دفعت فيه الإنسانية ثمناً غالياً للتخلص منه كما هي حالة الأفكار النازية العنصرية .
خطورة أفكار هذا الرجل تنبع ليس فقط لأنها أفكار قاتلة للحياة ، بل من خلال كونها تستخدم إحدى أهم محطات البث الفضائي إنتشاراً في عالم " عربي " مصاب بالقلق والخوف على مستقبله من أنظمة حولت أوطانها الى مزارع خاصة . فالحل الذي يقدم له حل فردي قائم على دعوته الى إنتهاج طريق قتل المخالف ، وليس النضال ضد النظام من أجل حقوقة المصادرة ، وإقامة مجتمع ديمقراطي يحترم أبناءه على قاعدة المساواة الإجتماعية والتسامح الديني . بل هو يقدم حل إرهابي فردي مدمر للمجتمع . عبر إستخدام وتوظيف اللغة بطريقة بشعة جداً ، وإستخدامها كسلطة ، في أمر مباشر بالدعوة للقتل ..؟! ترى هذا " الدكتور " يمثل من عندما إستضافته هذه القناة .. وما الهدف من نشر غسيله الملوث بالحقد والكراهية ، على هذه القناة الفضائية ..؟! هل هذه هي رسالة " القناة " الإعلامية نحو جمهورها المغلوب على أمره ..؟ أم أن مهمة ودور هذه القناة الفضائية ، خلق حالة هوس كوني معادي لشعوب المنطقة بكافة تلاوينها السياسية والإجتماعية والأثنية وتراثها ..؟ هنا نتساءل هل تمثل هذه " القناة " المتشددين والأصوليين لكن بلباس إعلامي شرعي حلال ..؟! ويبدو أننا سنصل الى فتاوي قائمة الإعلام والميديا الحلال .
عبر مختلف مراحل التاريخ البشري ، شكلت العقائد " الدينية " قانون السلطة القائمة ، من خلال إستخدام سحر اللغة وقوة تأثيرها المعنوي .. تماماً مثلما تستخدم الأن في مراكز العبادة في رفع الصوت وخفضه خلال الطقوس العبادية التي تؤدى . الى جانب ذلك إستخدام سيل من الكلمات الجوفاء المجردة من أي معنى واقعي لها . فكلمة " الوجود " على سبيل المثال هي كلمة جوفاء إذا كان المقصود منها وجود شئ مستقل عن العقل والعلم .. وهي من نوع تلك الكلمات الغامضة التي تبرر أفعال القتل وتردها الى إرادة " الإله " . فالإرادة الوحدية هي إرادة " الخالق " ..؟ لكن هل أحداً يملك دليلاً مادياً على صحة تلك الأفكار الحسية وعلى شكل ولادة هذا الكون الهيولي المتسع بلا حدود ..؟
قد لاتكون المشكلة في وجود " إله " أم عدم وجوده ؟، لنعتبره مثل صانع الساعات ، صنع الساعة ثم إستقال عن إدارتها ، وبدأت تعمل لوحدها حسب حركتها الميكانيكية . ترى هل من واجبي صباح مساء تمجيد صانع الساعات وشكره على هذا الإختراع العظيم ..؟ وحسناً خلق " الإله " هذا العالم بيد أنه إنسحب من تفاصيل ألية تفكير الإنسان . فهل سلوكنا إيجاباً أو سلباً هو الذي يتحكم بها عبر إرادته ، وكأن شغله الشاغل مراقبة سلوكي ؟ عندما يتحول " الإله " الى قائد أمني تساعدة مجموعة أخرى " من " الملائكة " الشرطة الإلهية هل هذا هو شكل الإحترام والتقدير الممنوح لهذا " الصانع " بل الأسوء عندما يجري تصوير أن شكر " الإله " هو في قتل مخلوقاته .. ماهذا الغباء ، وماهذا السخف في عصر العلم والتكنولوجيا ، لكن يبدو أن البعض ، جسداً في الحاضر ، " وعقلاً " في عصر يوم كانت القرود ديناصورات .
في عصور سابقة ، يمكن للمرء تبرير وتفهم لماذا إرتبط مفهوم الوجود بصانع ما .. بيد أن فكرة " الإله " الواحد لم تتبلور إلا مع " هرطقة " اخناتون ، من خلال خوفه على عرشه المتهاوي آنذاك ،والتمرد الكهنوتي الذي كان يهدد بقاءه . وأدى ذلك الى إنقلابه التاريخي على فكرة الديمقراطية ، في ذروة الصراع التاريخي بين ثقافتين كوكبيتين ، ثقافة الديمقراطية التي جسدتها الحضارة البابلية والإغريقية القمرية في مقابل حضارة " رع الشمسية " وبين حضارة وادي النيل القديمة ذات الصلة بمبدأ حكم الفرد الواحد أو الفردية القديمة . هذه العقيدة التوحيدية التي شكلت أسوء إنقلاب تاريخي أيديولوجي أسفر عن ملايين من ضحايا العنف الطائفي والتعصب الأعمى بحجة نشر هذه الديانة أو تلك . وهي ثقافة جسدت ذاتها في لغة ديكتاتورية . ووجدت هذه النزعة أفضل تعبيراتها في عصرنا الحالي في نظام " يعتبر نفسه أنه الحل " الأوحد كما في الشعار الضبابي " الإسلام هو الحل " الذي تحول الى نوع من " البزنس " على نطاق عالمي . شكل من أشكال إمبريالية تحالفت فيها الديانة مع الإقتصاد والسياسة . خادعة حتى " الإله " ذاته . لاغية بذلك كافة الحلول الإنسانية الأخرى لمعضلة الإنسان في هذا الكون .
نحو أكثر من مليوني عام عاش إنسان العصر الحجري على الصيد ، وكان يعتبر أن الحيوانات مشابهه للبشر ، وأن الألهة هي نوع خرافي حارسة للوحوش الكاسرة ، وأن الأرواح يمكن أن تسكن في الحيوانات بعد خروجها من الإنسان كما في بعض مظاهر العقيدة المصرية القديمة . كافة الأفكار القديمة لم تصمد عبر الزمن نتيجة لتطور معرفة الإنسان لما حوله . وتآكلت حضارات عديدة ، وبرزت تصورات جديدة ..هكذا دواليك منطق التاريخ . فلا يوجد في هذا العالم حضارة ثابته أو أبدية . قد تعيش طويلاً نتيجة تكيفها ، لكنها على المدى الطويل إذا لم تتطور مع منطق عصرها وتخضع له ، وتفسح المجال لحقائق جديدة وتتأقلم معها فإنها تحفر قبرها بنفسها . وتتحول الى نوع من الأفكار المنغلقة على ذاتها بإنتظار ضمورها مثل العديد من العقائد الصغيرة التي كانت يوماً ذات شأن .
لشديد الأسف هذا المدعو " الدكتور " وأمثاله من قادة فتاوي البزنس الحلال ، هم أسوء ممثلين لعقيدة يدين بها قرابة مليار من البشر ، وهم المسؤلون عن إنتشار ظاهرة " الإسلاموفوبيا " وليس غيرهم . ونحن تصيبنا الحيرة ، من هو هذا " الإله " الذي يمثلونه ..؟!
هل هو مؤلف كتب .. أم خالق الحياة .. أم قاتل للإيجار ..؟!
هل نحن بحاجة الى "إله" ومحامي ينوب عنه في غيابه..؟ أم بحاجة الى حلول عملية لمشاكل الفقر وإنعدام المساواة الإجتماعية ، ورفع الظلم عن المرأة ، والنضال من أجل أنظمة وطنية ديمقراطية حديثة ، أم أن البترودولار والبترو يان ، قد نخر عقولهم ، كما نفخ جيوبهم ، وكروشهم وأعمى بصيرتهم .....؟!



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقع الحوار المتمدن / هذا الملاك الجميل ..
- من بحر عكا.. الى بحر أثينا ؟
- صراع - القات - والأيديولوجية / في اليمن - الديمقراطية - ؟!
- من يستيقظ أولاً ...يصبح بطلاً قومياً ..؟!
- سقوط أخر سلالة - الملكة بلقيس - / هيلاسيلاسي .. أسد أفريقيا
- إنه .. عصر الزهايمر الفكري ..؟!
- - كارلا بروني - ليست عاهرة / منظمات ترميم الصمت هي العاهرة ؟ ...
- تأملات ..قيثارة ..وبيانو .. وعود
- الصيف .. صديق الفقراء والعشاق / والمهاجرين والمتعبين ..
- ملائكة - الحوار المتمدن - تغني للفرح ... ولنكهة الحناء .
- ملاءات بيضاء ...وقمرُ أحمر ..؟
- أسطورة خلق أخرى/ في عشرة أيام ..!؟
- ماذا يريد الإنسان من الحياة ..؟
- أبو مين ..حضرتك ..؟!
- لماذا يعشق البحر النساء ..؟
- كتالونيا
- مطلوب دولة حضارية .. تستقبل / اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ...
- الطبيعة الا أخلاقية / لإسطورة الخلق الميثولوجية ..؟
- إنه.. زمن التثاؤب..؟
- العالم العربي .. وظاهرة إزدواجية السلطة مع الأصولية


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيمون خوري - هل - الإله - مؤلف كتب ..أم خالق الحياة ..أو قاتل للإيجار ..؟!