أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - كيف نضبط ظاهرة الشبق السياسي العربي















المزيد.....

كيف نضبط ظاهرة الشبق السياسي العربي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3161 - 2010 / 10 / 21 - 17:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

دخلت كلمة "الشبق" إلى القواميس السياسية العربية والغربية من باب الجنس. فعرفنا الشبق ملاصقاً دائماً للجنس وليس للسياسة، كما يقول عنوان هذا المقال. وراح علماء النفس والأطباء، يضعون التعريفات المختلفة لمفهوم "الشبق الجنسي". فقال بعضهم، إن الشبق الجنسي ما هو إلا جوع جنسي محموم كالجوع إلى الطعام، يمكن إشباعه بمجرد اللقاء الجنسي، وملء المعدة بالطعام. ولكن لوحظ بعد ذلك، أن الشبق الجنسي لا ينتهي باللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة، ولكنه يظل ملتهباً حتى بعد هذا اللقاء؛ مما يعني أن الشبق ليس جوعاً عضوياً كالجوع للطعام، ينتهي عند الإشباع. ومن هنا، كان الإنسان الشبِق – ذكراً كان أم أنثى - لا يشبع من الجنس.
فالمريض بالشبق الجنسي – وهنَّ من النساء المصابات بمرض الـ (نيموفومانيا)، ومن الرجال وهم المرضى بمرض الـ (سايترياريز) - لا يستطيع الوصول للإشباع الحقيقي مهما مارس من مرات الجماع الجنسي. ويسعى للمبالغة في الممارسة الجنسية - للوصول إلى الإشباع - الى درجات شاذة وغير مألوفة. بل قد تكون هذه الممارسات مجنونة، وسبباً في تدهور الصحة، والإصابة بأمراض مختلفة، إضافة إلى ما قد تسببه من مهالك أخلاقية ونفسية.
وبذا، أصبح الشبق بالتالي، هو هوس الجنس، أو جنون الجنس، أو الجنون بالجنس.
وأخيراً، إنه الجنون بعينه.

-2-

هذه المقاربة، سقناها على هذا النحو، لكي نجعل من مفهوم "الشبق السياسي"، الذي كان - وما زال - متأصلاً في الشخصية السياسية العربية في الماضي والحاضر، مفهوماً واضحاً، سيما إذا جنحنا بالقول، أن الجدل الذي دار بين المهاجرين والأنصار في "سقيفة بني ساعدة"، في المدينة المنورة، على من الأولى بتولي الخلافة بعد رحيل الرسول عليه السلام، كان مرجعها ودافعها الشبق السياسي، الذي تحكَّم في الطرفين المتجادلين. كما أن الصراع الحربي الذي نشب بين معاوية والإمام علي، كان مرده أيضاً الشبق نفسه. ثم تكرر هذا، في الدولة العباسية حين تخاصم الأخوان الأمين والمأمون على الخلافة. وهناك أمثلة لا حصر لها في التاريخ الغربي أيضاً. ولكن الشبق السياسي وصل أوجه في الدولة العثمانية، حين كان الأخ السلطان، يقتل كافة أخوته لكي لا يطالبوا بالحكم (كما فعل السلطان سليم الأول)، أو يقتل السلطان أقرباءه للسبب نفسه.

كما ظهر الشبق السياسي جلياً في السياسة العربية في العصر الحديث، وذلك من خلال ما تم من توريث في النظم الجمهورية، وما سيتم مستقبلاً. كذلك أصبح الشبق السياسي مرضاً من الأمراض السياسية المستعصية، عندما أصبح الحاكم يُجدد لرئاسته أربع وخمس فترات، بعد أن يتم تعديل الدستور، مما يعني أن من يأتي بعده، سوف يقوم بالعمل ذاته، أو يعيد الدستور إلى عهده الأول، وهذا مستبعد، في ظل الظروف العربية العامة الآن.

-3-

معظم الحكام العرب، لديهم هذا النوع من الشبق السياسي، منه الظاهر ومنه الباطن. وهم محقون، وعلى صواب في شبقهم السياسي هذا. فليست هناك مهنة ناعمة ونعيمة كالرئاسة في العالم العربي. حيث لا سائل ولا مسئول، ولا حساب ولا عقاب. وحيث مال الدولة هو مال الراعي، وحب الوطن من محبة الحاكم، ونقد الحاكم خيانة للوطن، والمعارضة فئة خارجة على القانون، و"القانون" هو شرعية الحاكم. والحاكم لا يستشير ولكن يُستشار، ولا أحد يجرؤ على سؤاله. ومجلس شعبه يقوم بالمصادقة على القرارات وليس بالتصويت عليها. وإذا أُرغم الحاكم على إجراء انتخابات رئاسية من قِبل الداخل أو الخارج، فإنه يفوز بالخمس تسعات 99.999% العربية المشهورة. الخ. لذا، فإن الحكام لا يرجون اليومَ، الذي يتخلّون فيه عن الحكم.

فهل شاهدنا حاكماً عربياً (سابقاً) حياً الآن، في العالم العربي، فيما عدا لبنان، والعراق الجديد؟

-4-

وإذا أردنا أن نمعن النظر في ظاهرة الشبق السياسي العربي على الساحة العربية الآن، أو ما يُطلق عليها الباحث العراقي دانا جلال (الظاهرة السفيانيّة) وهي ظاهرة "الملاذ الديني في السياسة"، إشارة إلى أبي سفيان، الذي لاذ القتلة بداره عند "فتح مكة"، والذي قال للخليفة عثمان بن عفان عند توليه الخلافة: "لتتلقفوها تلقف الكرة، فليس هناك جنة ولا نار" كما ذكر المؤرخون كالطبري، والمسعودي، وابن عساكر.

والملاحظ اليوم، أن قادة الأحزاب الدينية في العالم العربي، هم أكثر القادة ابتلاء بالشبق السياسي. وأمامنا مثالان حيّان هما: مصر والعراق. ففي مصر نرى أن "جماعة الإخوان المسلمين"، تجد في الملاذ الديني خير وسيلة لتجييش الشارع المصري المتدين بطبعه، والذي تسهل قيادته من قبل الزعماء الدينيين، كما نرى الآن في السياسة، والإعلام (الفضائيات)، والفتاوى الدينية. وهذه "الجماعة"، ومنذ أن انتوى مؤسسها ومرشدها العام على دخول معترك السياسة عام 1942 والترشح في الانتخابات التشريعية، وتراجعه عن ذلك، برغبة من النحاس باشا والوعد – مقابل ذلك - بالسماح بفتح فروع للجماعة، في مختلف المناطق المصرية، وحتى هذا اليوم، و"الجماعة" تناطح وتباطح للوصول إلى الحكم في مصر بشتى الوسائل، حتى وإن اضطرها الأمر إلى التحالف مع اليسار اللاديني -كحزب الوفد - وها هي الآن تتبنى البرادعي العَلْماني، لكي تستعمله رأس حربة لها، للوصول إلى هدفها.

-5-

أما في العراق، فبلغ الشبق السياسي الآن حداً عالياً، بعد أن رفض المالكي مبدأ تداول السلطة، وراح يتنقل بين طهران ودمشق مجيئة وذهاباً، طالباً "القُرب"، لكي يتمكن من البقاء في الحكم فترة خمس سنوات أخرى، بعد أن عطّل الحياة السياسية أكثر من سبعة أشهر حتى الآن، على أمل البقاء في منصبه فترة أخرى. بل، وتناقلت الأنباء من بغداد، أن الشبق السياسي بلغ بالمالكي مبلغاً كبيراً، حين استبدل "حزب الدعوة" (وهو أحد أجنحة الإيديولوجية لـ "جماعة الإخوان المسلمين"، رغم إنكار قادة الحزبين.) الذي يترأسه المالكي، صورة الإمام علي بصورته هو. وانتشرت في قلب بغداد والمناطق الأخرى – كما قال موقع "عراق الغد" – لافتات عليها صور تشبُّه المالكي بالإمام علي. وكُتبت عليها عبارات بحجم كبير، تقول: "حيَّ على خير العمل .. المالكي هو الأمل." ثم عبارة أخرى تقول: " اللهم والٍ من والاه .. وانصر من نصره." وهي عبارة من تراث الإمام علي رضي الله عنه. وهذه عينة من الشبق السياسي العربي، الذي لن يوضع له حدٌ، إلا بالتطبيق الديمقراطي، واحترام الدستور، عملاً لا قولاً.

فالتطبيق الديمقراطي الصارم – كما في الغرب – هو القادر على لجم هذا الشبق السياسي المحموم، وعزل الحكام بقوة القانون والدستور، إذا ما أصروا على الموت فوق كراسيهم.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا منعت مصر شعار -الإسلام هو الحل-؟
- ما ثمن بقاء الزعيم على كرسيه مدى الحياة؟
- كارثة القطيعة العربية لمدنية العالم وحضارته
- لماذا كان السلام الدائم خرافةً ووهماً؟!
- أعيدوا الانتخابات لكي تحسموا الخلافات
- هل كان -العراق الجديد- أكثر خطورة على العرب من إسرائيل؟
- ايجابيات الاحتقان السياسي العراقي!
- هل أضاع العراق اللبن في الصيف كما ضيّعته دخنتوس؟
- احتمالات الحرب الأهلية في العراق
- ما هي المبررات الإرهابية لقتل العراقيين في رمضان؟
- العراق: من النزاع السلمي إلى الصراع المسلح
- صوت العقل الذي لم يسمعه سياسيو العراق
- العراق: من دكتاتورية العسكر إلى دكتاتورية الأفندية
- ماذا كان الدور الأمريكي المطلوب في العراق؟
- ما فعله الساسة في العراق لم يفعله الاجتياح العسكري!
- ما فعله العرب في العراق لم يفعلوه في إسرائيل!
- (إماتة العراق عطشاً بعد تدميره بالمتفجرات)
- صادق العظم مثالاً: الليبراليون وحل الأزمة العراقية
- انهيارُ المجتمع المدني قتلَ الديمقراطية في العراق
- هل قرأ بوش العراق من الداخل؟


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - كيف نضبط ظاهرة الشبق السياسي العربي