أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد الجندي - متى يكون الاقتصاد وطنيا















المزيد.....

متى يكون الاقتصاد وطنيا


محمد الجندي

الحوار المتمدن-العدد: 3160 - 2010 / 10 / 20 - 14:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الاقتصاد هو إنتاج مادي وإنتاج للخدمات ويخلق استهلاكاً معيشياً، أي مخصصاً للأمور المعيشية، المتعلقة بالأفراد والجماعات، واستهلاكاً إنتاجياً، أي من أجل إعادة الإنتاج.
الاقتصاد إنتاج مادي، أي إنتاج لمختلف السلع المستعملة لدى الإنسان من الرغيف وحتى القمر الصناعي، وإنتاج للخدمات، أي إنتاج ما يقدمه الإنسان من جهد لصالح الإنسان الآخر، من الخدمة المنزلية وحتى خدمة البنوك والمستشفيات والمطارات، إلخ. والاقتصاد يخلق الاستهلاك المزدوج المعيشي والإنتاجي، بمعنى أنه من دون الإنتاج لا يوجد استهلاك، فاستهلاك السيارة، مثلاً، لم يوجد قبل إنتاج السيارة.
والاقتصاد الحرفي هو الذي يعتمد الإنتاج الصغير، من الحرفة (النجار، الحداد، الخ.)، وحتى المصانع ذات الأدوات الضعيفة التطور والضعيفة الإنتاج، ومن الزراعة الفلاحية، وحتى الزراعة الفردية التي تستخدم بعض الحداثة، ويعتمد الحرفات الخدمية: الدكاكين والبسطات، والمؤسسات الخدمية الضعيفة التطور.
والاقتصاد المتطور هو الذي يعتمد الإنتاج الكبير المادي والخدمي، الذي يشمل القارات، ومن أجل ذلك يستخدم العلم والتكنولوجيا ومؤسسات البحث العلمي الضخمة، فالسلعة المتطورة تصل إلى مختلف زوايا الكرة الأرضية، ونشاطات البنوك ومختلف المؤسسات المالية تصل إلى مختلف البلدان.
والاقتصاد المتطور يستوعب الاقتصاد الحرفي بمعنى أنه قد يدمره، فالإنتاج الكبير يلتهم الإنتاج الأصغر، أو قد يلغيه، فصناعة السيارة تلغي عملياً صناعة العجلات، وكل سلعة متطورة تلغي، أو تلغي نسبياً السلعة الأقل تطوراً، ومن جهة أخرى، فقد يسخر الحرفة لتغطية إنتاج ما، أو للمساعدة في إنتاج ما.
المال هو إنتاج تقوم به البنوك، البنوك المركزية على شكل إصدارات نقدية واعتمادية، والبنوك الأخرى على شكل إصدارات اعتمادية (قروض)، شيكات، بطاقات ائتمانية، إلخ)، وهو يغطي مختلف أنواع التداول السلعي والخدمي والوهمي في المضاربات والبورصة. وهو نتيجة تطور تاريخي طويل للتداول، الذي بدأ عينياً، وانتقل إلى النقد العيني (المواشي، الجلود، إلخ، ثم الذهب والفضة)، ثم إلى النقد الورقي وأشكاله الحديثة.
التضخم النقدي ينتج من تضخم المراهنة على المستقبل، أي من تضخم القروض الصناعية والتجارية، وبالدرجة الأولى من تضخم القروض المالية عبر توسيع نشاطات البنوك والمؤسسات المالية وعبر المضاربات والبورصة.
في 1944 أقر في مؤتمر بريتون وودز (الولايات المتحدة) دولار الولايات المتحدة نقداً عالمياً، وبصرف النظر عن التطورات فيما بعد، فإن ذلك ربط اقتصادات جميع البلدان بالمؤسسات المالية الأميركية. أصبح التضخم النقدي الأميركي عامل هزات لاقتصادات جميع البلدان، ويؤثر بوجه خاص على الاقتصادات الثالثية. وعندما يتضخم النقد الثالثي، فإن انهياره يصبح مضاعفاً مرات عديدة بسبب التضخم الدولاري. وقد تسبب ذلك بكوارث مالية في بلدان عديدة.
مررنا على كل ما تقدم من أجل القارئ العادي، لا من أجل الاقتصاديين الذين يعرفونه كله وبتوسع.
الاقتصاد الثالثي هو عموماً حرفي، فهل يمكن أن يكون وطنياً؟ وطنياً أي لصالح الوطن (استقلاله، دفاعه عن نفسه، تطوير مجتمعه، الخ)، من جهة، ولصالح شعبه (رفع مستوياته المعيشية، توفير وتطوير حاجاته المادية والخدمية والثقافية، إلخ)
إن الاقتصاد الحرفي لا يمكن أن يكون وطنياً، فالاستعمار القديم امتد على كامل الكرة الأرضية تقريباً بالاعتماد على ضعف التطور، الذي هو في نفس الوقت ضعف مادي ومعنوي في وسائل الدفاع عن النفس، والاستعمار الحديث، الذي ينطوي على نهب الثروات الطبيعية والإدخارات في المستعمرات القديمة، وفرض النفوذ المتعدد الجوانب على بلدانها، يعتمد أيضاً ضعف التطور الذي يجعل اقتصاد البلد الثالثي ملحقاً بشكل أو بآخر باقتصاد البلدان المتطورة، ويجعل البلد الثالثي سياسياً واجتماعياً تحت سيطرة المخططات الرأسمالية الدولية.
الشرط اللازم وغير الكافي ليكون الاقتصاد الثالثي وطنياً هو تطويره، فبدون ذلك يكون الحديث عن التحرر وعن السيادة فارغاً. إن جميع الأدبيات الثالثية المتعلقة بمحاربة الاستعمار هي كلام فارغ من دون تطوير الاقتصادات الثالثية. ومثلما الفلاح لا يستطيع الوقوف في وجه البيك ومحاربة ظلمه واستبداده قبل أن يصبح مالكاً مثله، كذلك البلد الثالثي لا يستطيع الوقوف في وجه الاستعمار ما لم يملك الوسائل الكافية لذلك. وهذا ما أثبته الاستقلال الثالثي الذي لم يستطع أن يرفع عن البلدان الثالثية الكابوس الاستعماري.
وتطوير الاقتصاد يتطلب أولاً وقبل كل شيء إرادة سياسية.
فالإدارة الثالثية التابعة للرأسمالية الدولية لا تستطيع تطوير اقتصاد بلدها، لأنها غير قادرة أن تجمع بين الواقع التبعي والإرادة السياسية للتطوير. أيضاً المنظمات السياسية، أياً يكن منظورها السياسي ـ الاجتماعي، قد تستطيع تعبئة الشعب، ولكن لا تستطيع توفير الإرادة السياسية للتطوير، إذا كانت تهدف إلى ذلك، إلا بعد أن تنتقل إلى إدارة المجتمع.
وإذا توفرت الإرادة السياسية، فتطوير الاقتصاد يتطلب رأس المال والإمكانات العلمية والتكنولوجية والكادرات البشرية، والسوق، التي تستوعب المنتجات المادية والخدمية.
ورأس المال لا يأتي من القطاع الخاص، لأنه ضعيف نسبياً، وغير هادف اجتماعياً أو وطنياً، فيهدف إلى الربح فقط، عن أي طريق (طريق المضاربة، التهريب، بيع الخدمات للخارج، التجارات غير المشروعة على اختلافها، إلخ) وقد يتفق في بعض القطاعات مع الإرادة السياسية.
رأس المال يأتي عن طريق الدولة، وسلطتها وسلطة بنوكها في إصدار النقد. حتى الرأسمال الخاص يعتمد على السلطة النقدية، وتكون هذه حينئذ مسخرة لخدمة الفئة الغنية في المجتمع بدلاً من خدمة المجتمع ككل، وخدمة التطور. أيضاً يمكن أن يأتي الرأسمال عن طريق التحالفات الإقليمية، إذا أمكن بناؤها، أو التحالف الندي مع بلد متطور، مثل التحالف أيام الإتحاد السوفيتي معه، فقد أدى ذلك إلى تمويل الكثير من المصانع والسدود في البلدان الثالثية. والإمكانات العلمية والتكنولوجية تأتي عن طريق التحالفات، وعن طريق المغتربين المؤهلين علمياً، وطبعاً عن طريق الجامعات. هذه يجب أن تكون موّردا أساسياً بشرياً لمراكز البحث العلمي في البلد الثالثي. ولكن لكي تكون كذلك يجب أن يكون العلم فيها علماً حقيقياً، يعتمد أساتذة كفوئين في اختصاصاتهم، وأنظمة ترفع المتميزين حقاً، دون أن تدخل الموالاة والعوامل التحيزية في الموضوع، وأن تكون مراكز البحث فعلية وليست للزينة. أيضاً يمكن توفير الكادرات، ولو تدريجياً، فالعالم الثالث مليء بالإمكانات التي تهدر بسبب التركيب القبلي لمجتمعاته.
المصنع والمؤسسة الخدمية يجب أن يخضعا للنواظم الموضوعية في الإنجاز، وهذا لا ينتج عن وضع أنظمة صارمة أو أقل صرامة، فكلها أثبتت التجارب أنه يمكن الالتفاف عليها. والضمانة الوحيدة لهيمنة النواظم هي إشراك العمال في الرقابة وفي الإدارة. هم وحدهم يستطيعون تلبية الحاجة لتوجيه المصنع والمؤسسة لخدمة المجتمع.
الجودة الضعيفة والسوق الضيقة يمكن أن يقفا عقبة في سبيل التطور الاقتصادي، ويمكن التغلب على ذلك بالإدارة الجيدة وبالتحالفات الإقليمية والدولية.
الإرادة السياسية ضرورية لكل ما تقدم. فهي تعني أولاً النهج الوطني، الذي لا معنى من دونه لأية أدبيات، وثانياً التخطيط للتحالفات الضرورية، فأي بلد ثالثي لا يستطيع وحده المواجهة السياسية والاقتصادية للرأسمالية الدولية، وثالثاً توفير الإدارة الجيدة للتطوير الاقتصادي والاجتماعي عبر التحالف مع الطبقة العاملة والانتقال بها لتتحول إلى قوة اجتماعية ـ سياسية ـ اقتصادية مهيمنة.
والنضال سياسياً في سبيل ذلك هو الذي يحمل الأمل بالخلاص لشعوب العالم. والأحزاب الوطنية والتقدمية هي المسؤولة تاريخياً عن هذا النضال.



#محمد_الجندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Made in CIA
- الإدارة الأمريكية والسعودية
- راشيل كوري
- الباب المفتوح الإرهاب الجيد والإرهاب السيء


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد الجندي - متى يكون الاقتصاد وطنيا