أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل حقاً عاد البعثيون الصدّاميون إلى الحكم في العراق ثانية؟















المزيد.....

هل حقاً عاد البعثيون الصدّاميون إلى الحكم في العراق ثانية؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 953 - 2004 / 9 / 11 - 11:05
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عند متابعة المقالات التي تكتب والحوارات التي تنشر أو تدور في ما بين العراقيات والعراقيين على صعيدي الداخل والخارج يصاب الإنسان بقلق بالغ على ما يجري في العراق, ويبقى يتساءل مع نفسه, هل حقاً ما يقال من أن البعثيين عادوا إلى الحكم ثانية وامتلأت بهم أجهزة الدولة, أم أن هناك مبالغة في ما يقال؟ وإذا كان صحيحاً وليس مبالغة, فما هو سبب ذلك؟ وهل بالإمكان عقلنة العملية الجارية, إن كان ما يقال صحيحاً أو يقارب الحقيقة؟
كنت في حوار عبر الهاتف مع صديق يقطن في المملكة المتحدة حول هذا الموضوع, كما كتب لي زميل وصديق عزيز أشار لي, إلى نفس ما قيل لي في الحوار الهاتفي, بأن عليّ أن لا أكون في ما أكتب وحيد الجانب, فأهاجم كل الذين يمارسون الإرهاب في العراق, إذ أن بعضه ينطلق من مواقع الحرص عل البلاد وأن هناك ضرورة أتباع أساليب أخرى في معالجة هذه المشكلات. وكان يقصد بذلك ميليشيا مقتدى الصدر. وأن نقدي يفترض أن يتوجه صوب الحكومة. ناقشت الأول وحاولت إقناعه بأن استخدام السلاح من قبل مليشيا الصدر قد خرق كلية قواعد اللعبة الديمقراطية السلمية التي يسعى العراق إلى تكريسها في الحياة السياسية الجديدة, ويصعب التفاهم بمثل هذه الحالة, ولا يجوز التسامح بها. والصديق المحاور لا يثق بحكومة الدكتور أياد علاوي ويعتبرها خاضعة للقرار الأمريكي, وبالتالي يصعب الحوار معه بهدف الوصول إلى نتيجة مناسبة, إذ ليست الثقة وحدها هي المطلوبة حالياً, بل المطلوبة أيضاً وبشكل خاص المراقبة والمحاسبة على الأفعال والنتائج قبل إصدار الأحكام المسبقة. وكتبت إلى الصديق الثاني عن تصوراتي بشأن الموضوع وأبديت وجهة نظري ورجوته تزويدي بما يؤكد هيمنة البعثيين على الحكم في العراق. فأرسل لي مقالاً نشر في إحدى الصحف الخليجية بشأن هذا الموضوع.
راجعت ما كتبت خلال الفترة المنصرمة بهدف ممارسة الرقابة على الذات ولمعرفة موطئ قدمي, وأتجنب أرتكاب أخطاء غير مبررة يمكن تجاوزها. لا أدعي امتلاكي الصواب في ما كتبت حتى الآن, بل أدعي بأني كتبت من منطلق الحرص على الوضع الجديد الناشئ في العراق ومن منظوري وفهمي لعملية التطور الجارية التي يفترض أن يتوفر الحرص على إنجاحها, إضافة إلى توضيح رأيي بالعمليات الإرهابية أو سياسات العنف التي مارستها بعض القوى أو ما تزال تمارسها في العراق منذ شهور,
وصلتني خلال الأشهر المنصرمة كمية كبيرة من الرسائل الإلكترونية من أخوات وأخوة كرام, سواء من داخل العراق أم من خارجه, حول رأيهم في كتاباتي في الفترة الفائتة. فمن أيد أفكاري لم أشر إليه مع شكري لتفاعله مع ما أكتب, وناقشت من انتقد أرائي بحرص على أن يكون الحوار ديمقراطياً وأميناً لحرية تبادل الآراء وأن الإنسان لا يمتلك الحقيقة كلها وليست هناك حقيقة مطلقة. يبدو لي بأن كتاباتي كانت تعبر بهذا القدر أو ذاك عن نبض الشارع العراقي الديمقراطي والتقدمي الذي يتطلع إلى بناء عراق ديمقراطي فيدرالي مزدهر, ووجدت أني لم أكن في مواقع الزلل, وكنت عموماً في المواقع التي يفترض أن أكون فيها وأن أمارس, قدر الإمكان, الكتابة, إذ لا أمتلك وفق الوضع الصحي الراهن, إمكانية السفر إلى العراق والمشاركة المتواضعة مع بقية الناس الطيبين في بلدي في عملية التغيير المنشودة.
أعود الآن للحوار حول موضوع تسرب البعثيين إلى أجهزة الدولة ومحاولة الإجابة عن الأسئلة السابقة.
لا أستطيع أن أنفي عودة جمهرة من البعثيين إلى أجهزة ودوائر الدولة المختلفة, بل هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى وجود بعثيين في مواقع غير قليلة في أجهزة الحكم الجديد في العراق. ويمكن توزيع هذه المجموعات على النحو التالي:
1. جماعات من البعثيين التي انشقت عن حزب البعث العفلقي في فترات مختلفة وشكلت تنظيماتها الجديدة, ولكن صبغتها ما تزال بعثية بسبب ماضيها السابق, أو حتى أسس تفكيرها, مع تغيرات باتجاهات ديمقراطية طرأت على فكر هذه المجموعة. ويمكن اعتبار مجموعة الدكتور أياد علاوي التي ترتبط بالوفاق الوطني ضمن هذه الجماعات ممن يطلق عليهم أحياناً ب "البعثيين السابقين".
2. جماعات أخرى من بعث اليسار, أي تلك الجماعة المحسوبة على "قيادة قطر العراق", والمرتبطة فكرياً بمجموعة حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا والتي انفصلت منذ عقود عن البعث العفلقي, وأفراد هذه الجماعات يجدون لهم مواقع في الوضع الجديد, باعتبارهم كانوا جزء من المعارضة العراقية للنظام, رغم كونهم يحملون فكر البعث الذي لا يمكن إصدار حكم الموت عليه ولا على أي فكر آخر. علماً بأن بعضهم قد عاد إلى أحضان النظام قبل سقوطه بفترة وجيزة, ومنهم جبار الكبيسي الملقب ب "حازم حسين" وانفصل عنهم وغادر سوريا إلى باريس وتصالح مع النظام العراقي قبل الحرب الأخيرة, وهو الآن يقود جماعة مناهضة للوضع القائم وتساند العمليات الإرهابية الجارية في العراق.
3. جماعات أخرى كانت تعمل في إطار حزب البعث الصدّامي حتى يوم سقوط نظامه, وهي مجموعة كبيرة حقاً, إذ ساد حكم البعث في العراق طيلة 35 عاماً ً. وهذه الجماعات ليست واحدة بل تتشكل من مجاميع مختلفة في مواقفها:
أ?) مجموعة (أ) التي تزال مخلصة لصدام حسين ونظامه وتعمل من أجل عودة الوضع السابق, سواء تتحدث علناً بذلك أم تساهم بصورة مسلحة وسرية في العمليات الإرهابية الجارية في البلاد. وهذه المجموعة ترتبط مباشرة بفلول صدام حسين وتمارس نشاطها بشكل مشترك وتتخذ من وظائفها غطاءً لها. وهي تتعاون وتنسق مع بقية القوى الإرهابية, وخاصة جماعات الإسلام السياسي المتطرفة, المحلية منها والعربية ومن البلدان المجاورة.
ب?) مجموعة (ب) الصامتة تماماً ولكنها تحن للفترة المنصرمة. إلا أنها غير مستعد للعمل المباشر والمبادر ضد الوضع القائم, ولكنها مستعدة لتقديم الدعم لجماعات (أ) تطوعاً أن تحت التهديد والابتزاز. وأغلب الظن تخشى هذه المجموعة من إرهاب فلول وعصابات البعث, إذ يمكن أن يكون أفرادها ضحاياها القادمة, كما حصل لعدد غير قليل منهم,
ت?) ومجموعة (ج), وهي الأكبر, لم يكن أفرادها بالأصل بعثيين, رغم كون المجموعة كانت منخرطةً في حزب البعث أو ارتبطت بمنظماته المختلفة وعملت في مراكز وظيفية مختلفة, وكانت تتمنى الخلاص من صدام حسين ونظامه, إذ عاشت في العقد الأخير تحت كابوس خيم عليها وأرهق أعصابها ونغص حياتها.
لا يمكن منع الجماعات الأولى والثانية ولا المجموعة الثالثة من الجماعة الأخيرة من العمل في أجهزة الدولة وفي مختلف المناصب ,والمواقع, فأفرادها مواطنات ومواطنون لهم كل الحقوق والواجبات ويفترض أن يشغلوا المواقع التي يستحقونها وفق الكفاءة والمنافسة, إذ لا يجوز حرمان هؤلاء الناس من العمل بحجة أنهم كانوا بعثيين أو أجبروا لأن يكونوا بعثيين ... الخ. فلائحة حقوق الإنسان ترفض المواقف المبنية على أحكام مسبقة كما أن قانون الإدارة المؤقتة يميز بين البعثيين, وإلا تعود السياسة السابقة إلى الممارسة اليومية تماماً كما مارسها صدام حسين إزاء القوى الأخرى. والشرط الوحيد المطلوب هو خضوع هذه المسألة لقدرات وكفاءات الشخص المطلوب لوظيفة معينة وليس على أساس حزبيته أو ولاءات معينة.
أما أفراد المجموعة (أ) فهم الذين يفترض أن يبعدوا نهائياً عن أجهزة الدولة, إذ أن هؤلاء يريدون زعزعة الوضع القائم ويمارسون هذه السياسة حيثما وجدوا. وهم الذين يشكوا الناس منهم ومن عودتهم إلى بعض مراكز المسئولية. ويعمل أفراد هذه المجموعة في مواقع مختلفة وبعضها استطاع الوصول إلى قوى سياسية أخرى وفي أجهزة الإعلام الخاصة ويمارس نشاطه الإرهابي في أوقات مختلفة ووفق تقسيم عمل بين أفرادها. والقسم الآخر من هذه المجموعة لا يعمل أصلاً ولا يريد الوظيفة بل احترف العمل الإرهابي ويعيش من الموارد المالية التي خصصها لهم صدام حسين قبل خلعه وإسقاط نظامه.
أما أفراد المجموعة (ب) فهم يشكلون حصان طروادة للمجموعة (أ) ويعملون حيثما أمكن ضد الوضع القائم ويقدمون المعلومات الضرورية للعمليات التي يراد تنفيذها ضد المجتمع من قبل المجموعة (أ). وتجارب الفترة المنصرمة تدلل على أن فلول النظام وقوى الإسلام السياسي المتطرفة المتعاونة معها, التي تخطط وتنفذ العمليات الإرهابية, تحصل على معلومات قيمة حول أجهزة الدولة ونشاطها وأوقات عملها وفترات وجود المسئولين منهم وكل ما يفيدهم في تنفيذ عمليات الاختطاف والقتل أو التخريب أو العمليات الانتحارية. ومن هنا تأتي أهمية الحذر واليقظة من الجماعة (ب) أيضاً, إذ أن أفرادها معرضون للابتزاز من فلول البعث وغيرهم, وهم الذين استطاعوا ربما الوصول إلى مواقع مهمة, سواء في دوائر الدولة أم القوات المسلحة أم الشرطة أم في الجامعة ومعهد البحث العلمي والصحافة وغيرها. .
لا أعرف كيف تجري عملية التوظيف وفحص أضابير العاملين في دوائر الدولة. هل هناك هيئة مختصة مسئولة عن إعادة المفصولين إلى وظائفهم أو فحص من بقي في الوظيفة؟ وما هي الإجراءات المتخذة بهذا الصدد بعد أن حلت تلك الهيئة التي سميت ب "هيئة اجتثاث البعث ..."؟ إذ بقدر ما يفترض أن لا تكون تلك الإجراءات بيروقراطية مرهقة وثقيلة, يفترض أن لا تفلت منها عناصر يمكنها أن تقود إلى خراب كبير وإلى موت الكثير من البشر. ولا بد هنا من التمييز بين أولئك الذين تلطخت أيديهم بدم الشعب أو كانوا قاعدة أساسية مرعبة ضد الشعب, وبين أولئك الذين لم يلحقوا أي ضرر بالناس خلال وجودهم في حزب البعث أو في وظائفهم أيا كان المستوى الحزبي والوظيفي الذي بلغوه, وهنا تبرز مسئولية الحكومة المباشرة, وبشكل خاص مسئولية رئيس الحكومة والحكومة, في أن تكون واعية لما يجري وما يفترض تجنبه في هذا الصدد, فالعيون تتوجه كلها نحوها أساساً.
إن سيادة الهدوء والاستقرار والتخلص من الانفلات الأمني وعمليات الإرهاب ستوفر الفرصة المناسبة لمعرفة ما يجري في عراق اليوم, فنحن بحاجة إلى أحكام متوازنة إزاء الناس لا تحركها العواطف الشخصية ولا الثأر ولا فقدان البوصلة في التمييز بين المجرمين من البعثيين وبين الأبرياء أو الانتهازيين منهم, بغض النظر عن الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك. إذ أن فقدان هذه البوصلة يدفع بقوى كثيرة نحو قوى الإرهاب ويتسبب بخلق مشكلات جديدة.
أشعر بأن الحكومة الحالية لا تؤدي عملها بشكل منتظم ويسوده عدم التنسيق وعدم التجانس, كما أشعر بأن رئيس الوزراء غير عارف بتصريحات الوزراء إلا بعد فوات الأوان, مما أجبره على فتح مكتب خاص لهذا الغرض, وأن الحكومة ما تزال ترتكب جملة من الأخطاء التي تستفيد منها تلك الجماعات الإرهابية. هذا من جهة, ومن جهة أخرى, أرى بأن الحكومة مجبرة أيضاً أن لا تستخدم السلاح فقط بل الحوار والمفاوضات السياسية وبعض المساومات الضرورية للوصول إلى حلول عملية للوضع القائم. وهي مسئولة عن إدارة الصراع حالياً, وبالتالي لا يمكن حرمانها من حرية الحركة بما يساعد في الوصول إلى الأهداف المنشودة, شريطة أن يكون كل ذلك محسوباً بصورة جيدة ويساهم في إنجاز مهمات فترة الانتقال وفق قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت. وأرى بأن الانطلاق من الشك بالحكومة ورفضها من حيث المبدأ لا يحتاج إلا إلى المطالبة بإزاحتها, وهو ما يريده البعض, ولكني لا أرى ذلك, لا لأني أؤيد الحكومة في كل شيء أو لا أرى الأخطاء التي ترتكبها, بل لأن القوى السياسية العراقية الفاعلة ارتضتها للفترة الانتقالية وارتضت التعامل معها ومنحها فرصة إنجاز المهمات في هذا الظرف المعقد والصعب. وعلينا منحها هذه الفرصة. وتأييدها لا يعني منحها صك الغفران, بل يعني مراقبتها ومحاسبتها وتوجيه النقد لها حين يستوجب الأمر ذلك, وكذلك مساندتها في المسائل السليمة التي تتخذها. إن الوضع في البلاد معقد جداً والنظرة المتطرفة إلى الأمور لا تساعد في الوصول إلى الحلول العملية, بل تزيد الأمر تعقيداً وتساهم في مزيد من نزيف الدم.
إن تعيين البعثيين القدامى الذين كانوا جزء من النظام المخلوع يفترض أن يخضع للرقابة والتدقيق الشديدين, إذ أن ذلك يثير المجتمع وبدفعه باتجاه التطرف في أحكامه على الوضع القائم. وسبب ذلك بسيط جداً إذ يكمن في معاناة الشعب الهائلة من جرائم النظام السابق.
إن رقابة الشعب يفترض أن لا تتوجه صوب الحكومة وعملها فحسب, بل وإزاء المواقع الأخرى, سواء أكانت أحزاباً سياسية أم منظمات غير حكومية أم أجهزة إعلام حكومية وخاصة أم صحافة وفضائيات, إذ في مثل هذه المجالات يمكن أن يحصل أخطر الاختراقات وأكثرها تأثيراً على فكر الفرد والمجتمع. فالمعلومات المتوفر تشير إلى أن البعثيين لم يتسربوا إلى أجهزة الدولة وحدها, رغم أنهم لم يعودوا إلى الحكم حقا كما يشار إلى ذلك, إذ في هذا بعض المبالغة, بل أن هناك بعض الجهات الأخرى التي يعمل فيها البعثيون بمحض إرادة المسئولين عن تلك المجالات. أورد لهذا الغرض مثالين لتوضيح الفكرة.
بدأت منذ فترة فضائية قناة الشرقية ببث برامجها الموجهة إلى العراق والدول العربية وأوروبا. وهي كما يشار تعود إلى السيد سعد البزاز, أحد أقطاب نظام البعث السابق وأحد المسئولين البارزين عن أجهزة الإعلام الصدامية وتلك التي كان يديرها عدي صدام حسين, ومنها قناة التلفزيون العراقية إلى ما بعد حرب الكويت. تستخدم فضائية قناة الشرقية بعض البعثيين, الذين عملوا في السابق تحت إدارة السيد البزاز عندما كان مسئولاً عن محطة التلفزيون العراقية, ثم واصلوا عملهم حتى سقوط النظام. يشاهد الناس بعض برامج هذه الفضائية ويستمعون إلى أصوات نشاز, أصوات أولئك البعثيين الذين كانوا يذيعون بيانات وقرارات الدكتاتور صدام حسين بحماسة, إذ تعود بهم الذاكرة مباشرة إلى تلك الفترة المرعبة من حكم البعث, فيشعر هؤلاء الناس بالانقباض والكآبة والانزعاج. وكثيراً ما تدور الأحاديث حول هذا الموضوع في ما بين الناس.
أعتقد أن تسويق هؤلاء الأفراد لم يعد أمراً مقبولاً وبالطريقة الفجة التي تجري حالياً, إذ يمكن لهؤلاء أن يبتعدوا عن الأضواء ويعملوا لصالح الفضائيات أو الصحف بعيداً عن خدش أسماع الجماهير أو عدم تصديق عيونهم بعودة مثل هؤلاء الناس ثانية إلى المسرح الإعلامي.
والمثال الثاني يبدو لي وكأنه مسألة غير طبيعية, ولكنها مطلوبة. إنها محاولة وعملية تسويق مقصودة لأولئك الناس الذين غاصوا حتى القعر برذيلة ووحل مدح رأس النظام المخلوع شعراًُ وكتابة, وأصبحوا مكروهين حتى من أفراد عائلاتهم الديمقراطية, ومنهم الشاعر المعروف والشيوعي السابق يوسف صائغ, هذا الصوت الذي تغني بصدام حسين كما تغنى به عبد الرزاق عبد الواحد, ولم يحس حتى هذا اليوم بأي تأنيب للضمير, كما عبر لي أحد الأصدقاء الذي زاره في داره ببغداد. ومع ذلك تقدمه الفضائية بطريقة تجرح آذان وضمائر ومشاعر الذين داس عليهم يوسف صائغ بقصائده وكتاباته في مدح الدكتاتور. فهل هذه الممارسات صدفة أم هي سياسة يراد بها الوصول إلى أهداف معينة؟ وهل يراد منها تسويق هؤلاء الناس وأفكارهم ومواقفهم السابقة وكأنهم لم يفعلوا شيئاً؟ إن فضائية الشرقية تقدم هذا الذي انتقده وتخلطه بما هو جيد فيضيع على الشباب التمييز بين المجموعتين من الناس وبين أفكارهما. من حق فضائية الشرق أن تفعل ما تشاء, ولكن من حقنا أن ننتقد هذه الممارسات التي يمكن أن تشوه الكثير من المفاهيم والقيم وتسمح بعودة طبيعية إلى هؤلاء الناس الذين أساءوا إلى تاريخهم وشعبهم والقضية العادلة التي كان يناضل من أجلها الشعب العراقي.
نحن أمام تساؤلات كبيرة تفرض على أفراد المجتمع مراقبتها قبل أن يصبح ممكناً دفع الأمور بالوجهة الديمقراطية المنشودة, خاصة وأن هناك بعض الصحف التي أصبحت عملياً ناطقة باسم الاتجاهات المريضة والمرفوضة والإرهابية والغيبية في المجتمع, لأنها مخالفة لجهود تعزيز مفهوم ومضامين الحرية والديمقراطية والقيم الإنسانية ورفض الانتهازية في صفوف المجتمع.
ما تزال كثرة من الناس تعتقد بأن هناك خطر تحويل أجهزة الدولة وغيرها من المجالات إلى ملعب حر ومفتوح للبعثيين الإرهابيين يستطيعون من خلاله ممارسة ما يشاءون في الدولة العراقية وفي المجتمع, ولهذا لا بد للشعب من فتح عيونه على ما يجري لانتقاد ما هو سلبي ومعرقل لإرساء دعائم الحرية والديمقراطية والأمن والاستقرار في العراق الجديد.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الدفاع العراقي حول الموقف من ماض ...
- 2-2 من هم ال?يشمر?ة في كردستان العراق؟ لِمَ تشكلت ميليشيا مق ...
- 1-2من هم ال?يشمر?ة فی كردستان العراق؟
- !حوار مع مضامين رسالة السيد حلمي حول اغتيال الأساتذة في العر ...
- أين تقف حكومة قطر من مصالح الشعب العراقي؟
- لنناضل سوية ضد جرائم اختطاف واغتيال الأساتذة والصحفيين الأجا ...
- هل انتهت مشكلة مقتدى الصدر أم بدأت لتوها؟
- نحو تغيير جذري في واقع ودور وحياة المرأة العراقية
- !لنتذكر جميعاً, مع تصاعد الإرهاب, خطط صدام حسين لمواجهة الأو ...
- هل من علاقة بين الإرهاب في العراق وارتفاع أسعار النفط الخام ...
- !حوار مع الأخ الفاضل زهير الزبيدي حول مواقف إيران إزاء العرا ...
- مرة أخرى حول مواقف إيران من الوضع الراهن في العراق؟
- هل لم يعد مقتدى الصدر حراً في قراراته أو حتى في تصريحاته؟
- من المستفيد من الحسابات الخاطئة للعقلية السلفية المتطرفة لمق ...
- موضوعات للمناقشة في الذكرى الخامسة والعشرين لانتهاء مذابح ال ...
- هل سياسات الولايات المتحدة في العراق في قفص الاتهام؟ وما هي ...
- أين تكمن مشكلة الدكتور أحمد عبد الهادي ال?لبي في العراق؟
- من يخدم الصدر عبر فعاليات جيش المهدي وعمليات المغامرة العسكر ...
- شكر وتقدير وعتاب في كتاب لمحات من نضال حركة التحرر الوطني لل ...
- هل الصداميون من البعثيين والمتطرفون من المسلمين العراقيين يت ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل حقاً عاد البعثيون الصدّاميون إلى الحكم في العراق ثانية؟