|
أنتَ تنتَقِد .. إذن انتَ غير مُخْلص !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3158 - 2010 / 10 / 18 - 19:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلال العهد البائد ، إذا لم تكن من الهتافين بحياة القائد الضرورة صدام ، فأنتَ مشبوه وخائن . لم يكن من المهم إنتماءك الى حزبٍ معارض محظور ، لكي تُراقَب وتُلاحَق وتُحاسب ، فبمُجرد انك لستَ بعثياً ، فأنتَ موضع شك وريبة !. العَم جورج بوش الابن ، أطلقَ في 2001 ، جملتهُ الشهيرة الخطيرة قُبيل غزوهِ لأفغانستان : " مَنْ ليسَ معنا ، فهو ضدنا ! " ، وبفعلِ سطوة الولايات المتحدة وجبروتها ، فلقد أحرجَ العديد من دول العالم وإضطرها الى الإصطفاف معهُ . طيلة عام 2002 ولغاية نيسان 2003 ، شاركَ بوش وصدام في حصر الشعب العراقي في زاويةٍ ضيقة حرجة ، طالبينَ منه الإختيار بين أمْرَين كلاهما مُرٌ كالعلقم : أما البقاء تحت حكم صدام والدفاع عنه ، او الترحيب بالتدخل الامريكي والرضوخ للإحتلال !. الغالبية العظمى من العراقيين كانوا يحلمون بالتخلص من الحكم الديكتاتوري الفاشي ، في نفس الوقت الذي لايريدون فيه الاحتلال الامريكي . لكن هذا الخَيار لم يكن مُتاحاً ولا مُتوفراً للأسف . فكانَ ما كان . الأحزاب الكردستانية بصورةٍ عامة ، لم تستطع التخلص من التأثيرات السلبية التي إكتسبتْها من البيئة العراقية التي نشأتْ فيها منذ العهد الملكي . فلقد تَرّبتْ على المركزية والشخصنة وعبادة القائد ، وإكتسبتْ تجارب إضافية سيئة خلال تواجد قياداتها لفترات طويلة ، في دول الجوار ذات الحكم الشمولي ولا سيما سوريا وايران . التجربة الكردستانية أثبتتْ لحد الآن ، ان الاحزاب المُسيطرة على السلطة لا تستطيع او لا تُريد ان تبني دولة مؤسسات يكون فيها القانون فوق الجميع بالتساوي ، وبالتالي فانها في الواقع العملي لاترغب ولا تعمل من اجل فصل الحكومة اي الحزب الحاكم ، عن الدولة . فهي بهذهِ الطريقة تُسيطر على " أرزاق " الناس ، وتتصرف وكأنها راعية وصاحبة الفضل على المجتمع ، وليستْ خادمةً له كما هو المُفتَرض . وحتى الاتفاق الاستراتيجي بين الحِزبَين الحاكِمَين ، رغمَ انه ساهمَ في إنهاء الصراعات المُسلحة بينهما ، إلا انه لم يستَجِب حتى الآن لآمال الجماهير العريضة في تكريس المزيد من الديمقراطية ، وإقرار الشفافية ، ومعالجة الفساد المستشري ، وتوزيع أكثر عدالة للثروة ، وفصل الاحزاب عن الدولة . من المؤسف ان [ الثقافة ] التي نشَرها الحزبان الحاكمان ، طيلة السنوات العشرين الماضية ، وحاولا ترسيخها في المجتمع الكردستاني ، ونجحا في تحويلها الى أمرٍ واقع ، تشبه ثقافة الحزب القائد القديم ، من ناحية " فَرض " رؤى وتوجهات الحزب على المجتمع وعلى الدولة ، بل لقد بَّزا في ذلك حزب البعث المقبور . فأحياناً كنتَ تجد في هذا الموقع او ذاك موظفاً كفؤوأً فلتَ من الإنتماء الى الحزب الحاكم ، أو جُندياً في الجيش مُستقلاً ، لكن اليوم من النادر ان تجد أحداً في موقع وظيفي مؤثر إذا لم يكن على الأقل مُزّكى من احد الحزبَين . نعم يوجد الآن وزراء ومدراء عامون من " الاحزاب " الاخرى ، ولكن الحقيقة هي ان هؤلاء لا علاقة لهم بمركز ( صنع القرار ) ، فصنع القرار حِكرٌ على مجموعةٍ صغيرة في الحزبَين فقط !. وفي السابق اي تحتَ حُكم البعث ، كُنتَ تستطيع إنتقاد أداء الكثير من الدوائر الحكومية ، بل وحتى تقديم شكوى على المُدراء والمسؤولين " إذا لم يكونوا من الدائرة الضيقة المحيطة بعائلة صدام نفسهِ " ، ولم يكن نادراً ان تحصل على حقوقكَ وفق الضوابط القانونية المتبعة . ولكن اليوم من الصعب ان تقول مثلاً ان دائرة البلدية لا توزع الأراضي بطريقةٍ عادلة ، بل فيها الكثبر من المحسوبية ، فسينبري لكَ أحدهم ويتهمك انك مُعادي للحكومة ! . أو إذا قلتَ ان المؤسسة الفلانية او المنشأة العلانية فيها مظاهر للفساد الاداري والمالي ، فليسَ غريباً ان يُقال عنكَ انك من المعارضة الهدامة !. أو إذا تجرأتَ وتحدثتَ عن ضرورة توسيع هامش الحريات وإفساح المجال للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني ، لممارسة دورها الرقابي المُهم ، فَرُبما تقتربُ من تخوم الخيانة ! . ان الإتهام بمعاداة الوضع الحالي او الخيانة ، او المحاربة في الرزق والتضييق والتهميش ، لكل مَنْ ينبري لنقد المظاهر السلبية او التأشير على مكامن الخطأ ، هي سياسة لا تَتَسِم بالكثير من الحكمةِ والحصافة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل المطالب الكردية عالية السقف ؟
-
احزاب الاسلام السياسي والتضييق على الحريات
-
حكومة قوية ..معارضة قوية ، وليس حكومة مُشاركة
-
إعتراف ... عدم إعتراف !
-
أثرياءنا ... وتطوير البلد
-
البعثيون يخافون من التعداد السكاني العام
-
اُم كلثوم وتشكيل الحكومة العراقية !
-
حاجتنا الى ثورة في التربية والتعليم
-
مليارات الدولارات - الفائضة - في العراق
-
إستفتاء تركيا وإستفتاء جنوب السودان ..وكُرد العراق
-
تعويضات عراقية لمواطنين أمريكيين !
-
تحديد يوم العيد والسياسيين العراقيين
-
ألقَس بن لادن والشيخ تيري جونز !
-
ألقاب ودَلالات !
-
هل تعرف أمثال هؤلاء ؟
-
متى سيقوم مجلس محافظة دهوك بدورهِ ؟
-
تَحيا العَدالة !
-
- إنتهاء مفعول - أحمد الجلبي !
-
حكومة الكترونية أم بشَرِية ؟
-
هذا الرَجُل !
المزيد.....
-
سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء
...
-
-الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية
...
-
انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح
...
-
عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
-
اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان
...
-
الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
-
موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا
...
-
رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض
...
-
بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي
...
-
البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|