أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال شاكر البيابي - لا يوجد في البنات صغيرة !!















المزيد.....

لا يوجد في البنات صغيرة !!


نضال شاكر البيابي

الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 17:46
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"لا يوجد في البنات صغيرة" أطلقت هذه العبارة المحرضة العنان للرغبات المسعورة للمأذون الشرعي، وأماطت اللثام عن نزواته المستترة المريضة ، ليقتحم بلا هوادة عالم طفلة -كان أبيض َ- لم تتجاوز بعد الأنثى عشر عاما!!
وفي حديثه لإحدى الصحف المحلية طفق يسرد ببطء مضن ، حكاية مغامرته الوحشية ، وفتحه الميمون ، وغزوته المباركة ، بلذة عارمة مقززة ، وبزهو خالطته فحولة بربرية ملطخة بدماء طفلة بريئة " رحت أحدثها عن قصة أبينا آدم وأمنا حواء، وتمكنت من الدخول بها بعد عدة محاولات استمرت أسبوعين" .
وكما تذكر الصحف أيضا أن أب الطفلة الضحية ، المنتهكة مع سبق الإصرار والترصد ، قد طلب من المأذون ألا يدخل بها إلا بعد سنة من الزواج - ولكم أن تتخيلوا ما قد يمكن أن يفعله هذه الثلاثيني الشبق بطفلة هزيلة لمدة عام، وكأن الطفلة بعد عام ستبلغ سن الرشد والكمال وتتجاوز أسوار الطفولة والبراءة بأمان - إلا أن المأذون الشبق ضرب بعرض الحائط طلب والد دميته أو جاريته في أحسن الأحوال ، برا ً بوالدته التي ما برحت تحرضه بقولها " لا يوجد في البنات صغيرة" .
والحقيقة .. أجدني غير قادر على تفهم وتخيل مقدار قسوة هذا الأب متبلد الإحساس ومسلوب الوعي والضمير الذي قدم فلذة كبده فريسة سهلة المنال لضارٍ متوثب ٍومتعطش ٍلسلب أجمل ما فيها من بياض ونقاء.
وكم من طفلة بيننا تقاد كالأنعام - ولعمري إن الأنعام أكثر شفقة ورحمة بصغارها من كثير من أبناء جنسنا - نحو المذبح باسم الزواج والستر ؟!
في مجتمعنا الطهراني حيث تسود ثقافة الصمت وتعد الشكوى نوعا من العيب أو الخطيئة في أحايين كثيرة ، فلا غرو أن تكون احتضارات الضحية وزفراتها موجهة نحو السماء أوفي الغرف المغلقة في أحسن الأحوال. حفاظا على الأمن النفسي الذي يبدو لي في حالات كثيرة مشوها وبليدا.
بيد أن الحديث عن ضحايا القهر الجنسي "المشرعن" في واقع مركب ومعقد بين ما هو ديني وعرفي وتراثي وقانوني وحتى إنساني -وفقا لمفهوم حقوق الإنسان- يحتاج بدءا لغربلة المفاهيم المتجذرة في النفوس، لعلنا نصل لمفهوم عقلاني إنساني واضح المعالم يمكننا من خلاله تحديد الجاني من المجني عليه ، ولعمري تلك مقاربة لن تروق لكثير من سدنة المفاهيم المعلبة والمستنفعين من ديمومة سطوة النسق .
والقانون الذي يفترض فيه أن يكون طوق نجاة للضحايا ، يبدو في حالات كثيرة في واقعنا السعودي مهلهلا ومنحازا وشوفينيا لجانب الجلاد الذكوري .
طالما قضاته وحراسه هم في ذاتهم ترجمة أمينة للنسق العشائري الذي يعلي من شأن السلطة الأبوية المستمدة سلطتها المطلقة من شطحات تاريخ عتيق ، وبقايا مومياء محنطة ، وفكرة السيد والعبد ، والقوامة المشوهة ، ويحط بالمقابل من شأن المرأة التي لا عقل لها ولا إدراك وفقا لتلك النسقية .
فهي -أي المرأة - كريشة في مهب الريح تتقاذفها الأهواء يمينا وشمالا تلبية لنزعات أصيلة فطرية تدفعها نحو التوافه وسفاسف الأمور ، فهي أيضا شديدة الخطر وسريعة العطب، بعبارة ..هي الشيطان اللطيف مكمن المفاسد كما يقول أرباب القبيلة !!
ولسنا في حاجة للتوغل في دهاليز محاكمنا الموقرة لكي نعرف حجم فداحة الظلم الذي مورس بحق نساء كثيرات تحت ذرائع الوصاية والقوامة والعقوق والتعدد...إلخ
ففي الواقع قضايا فاقعة من هذا النوع، وما تزال ملفاتها المكسوة بالغبار مكدسة على رفوف النسيان ، مثل قضية سمر البدوي على سبيل المثال وغيرها الكثير.
وهذه العقلية أو الذهنية المتكلسة تجعل كل ما له علاقة بتاء التأنيث الملعونة موضع شبهة وتنظر إليه بدونية وبتحفظ شديد ، استلابا لذاكرة تراثية - انتقائية - تصور المرأة كـحقل للإغراء والإغواء والغواية والخطيئة ، وتجرد المرأة من مفاهيم العطاء والفكر والخلق والإبداع .
ووفقا لهذه الرؤية القمعية تحول المرأة إلى تابع يساق نحو أهداف محددة تخدم في النهاية السلطة الذكورية وتعزل عن المرأة حقها في الرفض ولو بهمس.. وأنّى يكون لها ذلك وهي موسومة بالاعوجاج من المهد إلى اللحد.
ولذا هي في حاجة ماسة ومستمرة لمن يرشد نزعاتها الضارة ويقوم سلوكها المعوج " فطريا" فلا وصاية لها على نفسها ولا لها حق تقرير المصير، فلعنة ولي الأمر تطاردها إلى القبر ، ولو كان ولي الأمر أميا وغارقا في جهله ، وأقصى رؤاه عقلية الراعي والرعية واستحلاب النوق.
ولو كانت المرأة التي تحت وصايته من حملة الشهادات العليا وقد تكون أديبة مرموقة أو طبيبة. إلا أن سوط الوصاية سيظل رهينة في يد ولي الأمر - مهما بدت بلادته فاقعة - ، متوعدا به رهينته عند كل إيماءة تخالف رغباته وهواجسه.
وسلطان الوصاية في واقعنا " الملائكي "رقيب لا ينام ، ولا تفوته شاردة ..فأينما تلفت فثمة سوط وصائي متوثب.
والحمد لله رغم كل ذلك إلا أن بقع الضوء ما تزال تتسع شيئا فشيئا و تقاوم بشراسة - ناعمة - أسراب العتمة ، وتمخضت لنا من تلك المقاومة المباركة نساء ناضجات ثقافيا ومعرفيا وقد تفوقن في حالات كثيرة وتجاوزن بسنوات ضوئية الكثير من ولاة الأمور على مختلف المستويات المعرفية والعلمية ، ولكن لن تستطيع إحداهن السفر مثلا دون إذن ومباركة من ولي الأمر" الذي له الأمر من قبل ومن بعد" ..!
والذي يؤسف له حقا على الجانب الآخر ، إن هذا الواقع المشوه خلق وأفرز نساء ميالات بطبيعتهن للإنزواء والخضوع والاستكانة والتوجع بصمت عند كل نوبة قمع واضطهاد إلا من رحم ربي .
وكم من امرأة استمرأت القمع وتناغمت مع وخزاته المريرة وأذعنت لبراثنه كقدر عصي على التغيير، وقد تعده إحداهن ابتلاء ً إلهيا ً لا بد منه لتتمايز المعادن السامية عن المعادن الوضيعة . هكذا قيل لهن في صوامع الخدر..!
وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل عقدة الإثم المتلازمة هي الإحساس الأعمق والأكثر رسوخا وسطوة على نفوسهن ولو عند معانقة شخوص الوهم وأطياف الخيال، وقد تغتسل إحداهن عند معانقة هواجسها وأخيلتها الشهوانية..!
حتى أصبح استجداء الموت هواية مفضلة لمن أتخمت باليأس والهوان .
وأخريات قد يجدن سلوى في استجداء هروب مجازي ومتخيل بطبيعة الحال بعيدا عن شراسة الواقع من خلال الانغماس في التعبد والتهجد على أمل التعويض أخرويا عن السكينة والطمأنينة المنتزعتين عنوة لصالح الواقع السوداوي . بعبارة أخرى أن سطوة هذه الذهنية العتيقة هي السبب الرئيس لتشويه المفاهيم وحرفها عن سياقها الموضوعي خدمة لنزعات ذاتية تصب في قالب شيخ العشيرة وقد يكون أبا أو أخا أو زوجا ..إلخ
إن هذه الجرائم أوالاغتصاب العلني المشرعن ، تعبر بطبيعة الحال عن الخطاب ذي النزعة البدوية العتيقة الذي يحتكر ليس جسد "الأنثى" فحسب ، بل يعمل على تأصيل احتكار المشاعر والوعي وحتى الإرادة استلابا لذاكرة تراثية ومفاهيم ظلامية معتقة .
وذلك يبدو جليا في تحريف فطرة المشاعر وتزييفها نحو سياقات وأهداف مشوهة ، تخدم في النهاية الرجل "فحل القبيلة " ورغباته "المشروعة " ، في احتكار الجسد والفكر والعواطف وتطويع كل ذلك لخدمة نزواته ، من خلال تصوير أن التعدد مثلا فطرة ذكورية ، وينبغي على المرأة وفقا لذلك ، أن تتناغم مع هذه الرؤية وتزيف فطرتها ومشاعرها احتراما لرؤية دينية - يغلب عليها التأويل - ولذاكرة تراثية حبلى بشواهدَ تؤيد هذا التوجه وتكاد تجعله سمة غالبة في طبع الرجال.
والضحية هنا بين خيارين- إن كانت ضحية للتعدد أو للزواج المبكر - إما أن تنصاع لنداء الفطرة وتتمرد على فكرة التعدد أو فكرة الزواج المبكر، فتصبح محط سخط السماء ووكلاء السماء أيضا ، لتمردها على "النسق" ، والخيار الآخر الأكثر سلامة ، الاستلاب للقيمة أو لمفهوم التعدد أوعدم تحديد سن الزواج كم يقدمه لها الوكلاء .
ولا يسعها بعد ذلك سوى أن تطوع المشاعر وتشوه الوعي وتقسر الفطرة لكي تتناغم بسلام – مزيف – مع حيثيات ومتطلبات المفهوم أو القيمة . طمعا في ثواب مؤجل وخلود بعيد المدى كتعويض عن فداحة الخسارة الدنيوية التي هي بطبيعة الحال دار ابتلاء وفناء. وكأن الابتلاء هنا مختص بالمرأة دون الرجل في هذا السياق.
ويبدو لي إن الستار لن يرخى على هذه الجرائم حتى يُصدر قرار سياسي جاد وحازم يمنع شرعنة تزويج القاصرات من جهة ويقوض على الأقل سلطات ولي الأمر المطلقة على مصائر النساء من جهة أخرى....



#نضال_شاكر_البيابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يذكي النزعات الطائفية في أوطاننا ؟!
- حرق القرآن الكريم..كلنا ندين بشدة ولكن..!
- الهيئة عندما تنتهك إنسانيتنا!
- شخصنة الاختلاف
- عندما يتحول المثقف إلى روزخون ..!
- مجتمعنا السعودي وبعبع الحرية
- البريك والرغاء الطائفي وتأصيل الكراهية..!
- الكارثة الأخلاقية..تكريم الجلادين..!
- انتظار المخلص..وأسئلة حائرة
- شات القنوات الفضائية والحب المحرم
- (المرأة ومجتمع التناقضات)


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال شاكر البيابي - لا يوجد في البنات صغيرة !!