أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - تمثيل دور مسرحي وفق منهجين















المزيد.....

تمثيل دور مسرحي وفق منهجين


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 3156 - 2010 / 10 / 16 - 02:18
المحور: الادب والفن
    


تعددت مدارس الأداء التمثيلي ، وتمايزت فيما بينها ، وبرز من بينها منهجان رئيسيان هما منهج المخرج الروسي قسطنطين ستانسلافسكي ، المعروف بالمنهج النفسي أو منهج المعايشة ، ومنهج المؤلف والمخرج الألماني برتولد بريخت المعروف بمنهج التغريب الملحمي. وما بين التقمص الجزئي ( المعايشة أو الاندماج ) عند ستانسلافسكي و ( التغريب أو التبعيد ) عند بريخت اختلاف يعرفه الدارسون لفنون المسرح ، وهو خلاف في الأسلوب وفي الهدف منه. فالاندماج في الدور المسرحي ، يتطلب تركيز الممثل على إبراز الصفات الداخلية والخارجية للشخصية التي يقوم بتمثيلها حتى يحقق مصداقية الأداء ، بحيث يبدو مقنعا للمتفرج بقدرته على تجسيد ذات الشخصية ، وهذا يتطلب منه الاندماج مع الشخصية ، حتى يوهم المتفرجين بأنه الشخصية ذاتها التي يمثلها . أما التغريب فيهدف الممثل عن طريقه عرض الشخصية ، بالتركيز على الصفات الخارجية ، باعتبارها نموذجا لواقع اجتماعي .
والمسألة بهذا الشكل ، تبدو وكأنها تلزم الممثل أو الممثلة على أن تتخذ منهجا واحدا من هذين المنهجين عند الإقدام على تمثيل دور مسرحي ما ، بمعنى أن تلتزم بأداء الدور إما تبعا لمنهج ستانسلافسكي ، وإما تبعا لمنهج بريخت !! وهذا ما تعلمناه بالفعل .
غير أن الجديد في الأمر أن تطلب منّا أستاذتنا تحليل دور مسرحي مرتين ، في كل مرة تختلف مع المرة السابقة . بمعنى أن نحلل الدور المسرحي الذي طرحته على كل طالب أو طالبة منّا .. مرتين .. مرة بمنهج ستانسلافسكي ، ومرة بمنهج بريخت !!
ولا شك أن مثل هذا التدريب على تحليل دور مسرحي هو شكل من أشكال التجريب في منهج تدريب الممثل . ولقد أصبت بالحيرة أو الصدمة في بداية الأمر . لكن بعد تفكير وتأمل رأيت أن أخوض هذه التجربة ، أو المغامرة .
في البداية سألت نفسي : هل يمكن تمثيل دور مسرحي محدد مرة وفق منهج ستانسلافسكي ومرة أخرى وفق منهج بريخت ؟! مع أن المنهجين مختلفان؟! وللإجابة عن هذا السؤال المحير، رأيت أنه لابد لي من عرض طبيعة كل منهج منهما عرضا موجزا ومكثفا ، لنتبين مابين المنهجين من نقاط تقارب ، ونقاط تباعد :
• أولا : منهج ستانسلافسكي : يقوم منهج ستانسلافسكي على معايشة الممثل للدور الذي يقوم بأدائه عن طريق التقمص ( الاندماج) ، حيث تتفاعل الصفات الداخلية والخارجية الذاتية للشخصية، أي وفق ( مبدأ تقمص الممثل الإبداعي للشخصية ، اعتمادا على النص مع تأكيد ه على أهمية الفعل الدرامي )
• ثانيا : منهج بريخت: يرتكز منهج بريخت في مسرحه الملحمي على نظرية التغريب أو التبعيد ، حيث يقف الممثل عند الصفة الاجتماعية الخارجية ، بعيدا عن الذاتية ، لأن الممثل يؤدي الشخصية باعتبارها نموذجا لطبقتها الاجتماعية ، ولذا يركز الممثل على إظهار ما يطلق عليه بريخت ب ( الرائع في المشوّه والمشوّه في الرائع) ، بمعنى تصوير الممثل للشخصية بكل تناقضات أفعالها - أي يظهر وجهها المضيء ووجهها المعتم في آن واحد –

• ثالثا: وجوه التقارب والتباعد بين المنهجين:

تبعا لاختلاف المنهجين ، يظهر التباعد بينهما هدفا وأسلوبا ، مما ينفي إمكانية تمثيل دور مسرحي واحد بعينه مرتين ، مرة بمنهج الاندماج أو التقمص الجزئي ، ومرة أخرى بمنهج التغريب الملحمي . . لكن بمراجعة التحول الذي طرأ على منهج ستانسلافسكي ، من ضرورة اعتماد الممثل لتحقيق المصداقية والإمساك باللحظة الشعورية على ( الذاكرة الانفعالية ) حيث حرص على اعتماد الممثل عليها أما وقد تحول ستانسلافسكي نفسه عنها إلى ما أطلق عليه ( الحركات الطبيعية ) التي أعطى لها مثلا بهرولة فتاة لم تتزوج بع ، إلى طفل رضيع يبكي ، وضمه إلى صدرها دون أن تكون لها خبرة الأمومة - أي لم تكن أما وليست صورة الأمومة قد عرفت طريقها إلى ذاكرتها الانفعالية بعد- فما الذي جعل الفتاة البكر تفعل ذلك ، بالطريقة نفسها التي تفعلها أم الرضيع ؟ هي الغريزة ، وهذا هو ما قصده بالحركات الطبيعية - ، ومثل ذلك إسراع جفن العين إلى الإغماض عندما تشعر العين بالتهديد ،. وتلك حركة آلية طبيعية ، في الغريزة نفسها-
ولا شك أن ستانسلافسكي قد تحول عن الذاكرة الانفعالية ودورها في تحقيق مصداقية أداء دور تمثيلي ، بعد أن ابتكر تلميذه مايرهولد نظريته المعروفة ( البيو ميكانيك) في فن الأداء التمثيلي ، والذي يعتمد فيه الأداء على الصفات الآلية الخارجية للشخصية موضع التمثيل.
تبعا لنقطة التقارب الرئيسية تلك بين منهج ستانسلافسكي بعد تحوله عن ( الذاكرة الانفعالية) إلى ( الحركات الطبيعية) يمكن أداء دور مسرحي محدد بطريقتين الأولى تبعا لمنهج الحركات الطبيعية لستانسلافسكي والثانية وفق منهج التغريب الملحمي لبريخت. مع وجود حالة الإحساس بالصدق في كلا الحالتين. . لأن الصدق عندئذ ليس صدق الممثل بأنه الشخصية ذاتها ، وإنما هو صدق الطبيعة ، صدق الغريزة التي تعمل آليا كما في مثال الطفلة التي تجري لتحتضن رضيعا بدلا من أمه وتصنع ما تصنعه الأم دون أن تكون لها خبرة مختزنة في ذاكرتها الانفعالية ، فالإحساس هنا يكون إحساسا غريزيا في طبع الخلق ذاته لا في التطبع. أما حالة الإحساس بالصدق التي يكون عليها الممثل في إعادة تمثيل الدور نفسه تبعا لمنهج التغريب البريختي ، فهي الإحساس بصدق تعبيره عن صفة الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها الشخصية التي يقوم الممثل في هذه المرة بإعادة تصوير فعلها تصويرا يبدو غريبا ، وغير مألوف - عن قصد - لمن يتفرج عليها ، حتى يكتشف المتفرج وجه التناقض في فعلها
وتبعا لهذا التقارب بين نظرية الحركات الطبيعية ، في منهج ستانسلافسكي المعدّل ونظرية التغريب في منهج بريخت الملحمي . يتخلى الممثل في المرة الأولي لأداء الدور عما أكده ستانسلافسكي من قبل حول ضرورة إيمان الممثل بأن ( للشخصية أبا واحدا هو المؤلف) ، بينما يتمسك بمفولته التالية لها ( ولكن لو تناول هذه الشخصية أكثر من ممثل ؛ فإنها ستؤدى بشكليختلف من ممثل لآخر ؛ نظرا لاختلاف خبرات الممثلين، وقدراتهم ومواهبهم.)
ومعنى هذا أن تعدد أداء الدور المسرحي الواحد نفسه بأكثر من ممثل ، يتبعه بالضرورة تغير طريقة التعبير والأثر الدرامي والجمالي لذلك الدور، ما بين أداء ممثل ، وأداء ممثل ثان غيره من بين الممثلين أو الممثلات للدور نفسه . ولا شك أن النظر إلى ذلك الاختلاف ما بين أدائين مختلفين للدور الواحد نفسه سيكشف عن وجوه التناقض في الشخصية نفسها موضوع التمثيل.
وبالمثل إذا اعتبرنا ممثل أو ممثلة ما تقوم بدور (الأميرة) في مسرحية من المسرحيات ، ولتكن ( عريس لبنت السلطان ) للمؤلف المصري محفوظ عبد الرحمن مرتين ، مرة اعتمادا على نظرية ( الحركات الطبيعية) في منهج ستانسلافسكي ، ومرة ثانية اعتمادا على نظرية التغريب أو تبعيد الدور في منهج بريخت ، فهي هنا كما لو كانت ممثلتين مختلفتين ، وليست ممثلة واحدة تؤدي الدور نفسه بطريقتين مختلفتين متقاربتين ، لاعتماد كل منهما على الصفات الخارجية ( الحركات الطبيعية) و ( التغريب) فلا شك أن دور الأميرة سيظهر مختلفا من حيث إحساس الممثلة بالدور في المرة الأولى عن الإحساس به في المرة الثانية، باعتباره تعبيرا غريزيا ينطبق على كل أميره من الأميرات تعيش الظرف التاريخي الذي تعيشه شخصية الأميرة في كل عصر وليس كما رسمها المؤلف محفوظ عبد الرحمن في نصه . وهنا تتأكد نظرية ( الـتأرخة) التي اشترطها بريخت في إعادة تصوير الحادثة المسرحية عن طريق التغريب . لأن صدق الاحساس هنا في تصوير الممثلة المتأمل للصفات الخارجية الطبيعية التي هي صفة مشتركة عند كل الأميرات (بنات الملوك) عبر العصور.
وبناء على ما سبق يمكن تحليل دور (الأميرة) في مسرحية ( عريس لبنت السلطان) تحليلا أدائيا بطريقتين ، تقاربان بين منهجي ستانسلافسكي وبريخت.



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنون المسرح بين الهواية والاحتراف
- زمن شويكار وبهجت قمر
- بديع الكلام المصري
- برومثيوس الأسود في قيود الحرية
- مسرح باكثير بين التسجيلية ودراما الأوتشرك
- المعارضات المسرحية في عصر العولمة
- جماليات الصورة الشعرية في القصيدة العربية
- أصدق المسرح أكذبه/ أصدقه؟!
- المسرح والتفاعل الاتصالى بين النوظيف الإبداعي والتوظيف العلم ...
- ( وشم الهناجر ) بين النقد ونقد النقد
- الفراق الطبيعي بين المفكر ومنتجه الإبداعي
- فن المخرج المسرحي بين التحصيل المعرفي والتأصيل العلمي
- تربية الإرهاب - مصادر الإرهاب الفكري ومصادر الفكر الإرهابي
- المشروع السياسي .. مجرد دليل عمل
- أصداء البوح الذاتي في شعر كفافي
- أوركسترا عناكب الثقافة العنصرية ومغزوفة النشاز القروسطية
- جسد الممثل والأعراف الاجتماعية - دراسة في مناهج التمثيل المع ...
- نصوص مسرحية للمسرح ونصوص للدراسة
- ديموقراطية اليونان بين الفلسفة والسياسة والمسرح
- مونودراما ( مذكرات شمعة)


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - تمثيل دور مسرحي وفق منهجين