أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حوار عربي صيني حول الماضي والحاضر والمستقبل















المزيد.....

حوار عربي صيني حول الماضي والحاضر والمستقبل


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3155 - 2010 / 10 / 15 - 18:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على هامش المؤتمر الرابع للعلاقات بين الحضارتين
حوار عربي ـــ صيني حول الماضي والحاضر والمستقبل
كانت زيارة خادم الحرمين جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز الى الصين والوفد المرافق له مناسبة مهمة لتعزيز العلاقات العربية- الصينية المعاصرة، لاسيما وقد اكتملت بإقامة علاقات دبلوماسية بين الصين الشعبية الحديثة وبين البلدان العربية في العام 1990، خصوصاً وقد بدأت الصين الجديدة تأخذ مكانها في المجتمع الدولي تدريجياً، لاسيما بعد التحوّلات والتطورات المهمة التي حدثت فيها، وبخاصة في في عهد الانفتاح والاصلاح الذي بدأ في العام 1978-1979 .
وحققت خلال الثلاث عقود ونيّف المنصرمة تنمية شاملة في جميع الميادين، خصوصاً بعد أن تخلّصت من تأثيرات الثورة الثقافية التي استمرت عشر أعوام 1965-1975 وحدث ذلك بعد وفاة زعيم الصين التاريخي ماوتسي تونغ، وتصفية كتلة الاربعة بمن فيهم زوجة الزعيم الراحل، والذي ما يزال تمثاله ينتصب في ساحة تيان إن مين التي شهدت هبّة طلابية وصدامات مع الحكومة في أواخر السبعينات راح ضحيتها عشرات من الطلبة واعتبرت تاريخاً فاصلاً بين عهدين.
ويعود تاريخ العلاقات العربية- الصينية المعاصرة الى تعرّف شوان لاي الزعيم الصيني في العام 1955 في مؤتمر باندونغ الذي تبنّى سياسة الحياد الايجابي، على مطالب الفلسطينيين والعرب، واعترفت مصر كأول دولة عربية بالصين الشعبية في العام 1956 وتبعها العراق بعد نجاح ثورتها في 14 تموز (يوليو) العام 1958، ولكن العلاقة العربية- الصينية لم تتطور فعلياً أفقياً وعمودياً، الاّ بعد استعادة الصين موقعها في الامم المتحدة وعضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي في العام 1973، وكذلك بعد المتغيّرات الداخلية الصينية التي تمثّلت بانتهاج سياسة جديدة مرنة وأقلّ آيديولوجية، لاسيما مع دول العالم الثالث والبلدان النامية في أواخر السبعينيات، ومن ثم إتباع سياسة جديدة بعد المتغيرات الدولية، وبخاصة عند انهيار الكتلة الاشتراكية في أواخر الثمانينيات، وهو ما هيأ لإقامة علاقات إيجابية بين البلدان العربية وبين الصين، بغض النظر عن التوّجهات السياسية وطبيعة النظام الاجتماعي وسبل التنمية المنشودة.
وقد تمخّضت العلاقات العربية- الصينية، ولاسيما في السنوات الأخيرة عن إقامة مجلس عربي- صيني، عقد دورة رابعة قبل فترة قصيرة، حيث إغتنتْ العلاقات وتنوّعت في المجالات الاقتصادية والتجارية والعلمية والتكنولوجية وبعض الحقول الاستثمارية، إضافة الى التعاون السياسي الذي عرفته العلاقات العربية- الصينية المعاصرة. وللأسف فإن الجوانب الثقافية ظلّت شحيحة ومحدودة، لاسيما في حركة الترجمة والتبادل الأدبي والفني في حقول الرواية والشعر والمسرح والفن التشكيلي والسينما وغيرها، وهو ما يستحق وقفة جدية، لعل المجتمع المدني يمكن أن يسهم فيها بشكل جدّي، بما يعزز العلاقات بين الحضارتين العظيمتين والأمتين العريقتين العربية والصينية.
وإذا كانت ثمت مقاربات ومجايلات فلسفية بين فلسفة بلاد ما بين النهرين القديمة وبخاصة حضارة السومريين والآشوريين والبابليين وكذلك حضارة وادي النيل، وبين حضارة الصين القديمة، وخصوصاً فلسفتها الكونفوشيوسية والبوذية والتاوية، ولعل بعض هذه الفلسفات يمكن مقاربتها أيضاً مع الفلسفة العربية- الاسلامية والفلسفة الصوفية تحديداً.
لقد عرف سكان منطقتنا علاقة قديمة مع الصين بواسطة التجارة فمنذ أكثر من 2000 سنة كان هناك ما يسمّى بطريق الحرير لنقل البضائع الصينية الى المنطقة وبالعكس. وحتى في ظل الدعوة المحمدية فقد وصل بعض الصحابة الى الصين، وقد رخّص لهم "الامبراطور" في حينها عرض أفكارهم وتعاليم دينهم، وأجاز لهم حق التعبير في بادرة تقدير للعلاقات، وفي إطار من التسامح إتسمت به الحضارتين الخالدتين.
ولعل قول الرسول محمد (ص):" اطلبوا العلم ولو في الصين" يشكل دلالة كبيرة على احترام النبي لدور العلم وتقديره له من جهة وعلى معرفة لما وصلت اليه الحضارة الصينية المجايلة للحضارة العربية القديمة.
ان التطورات التي حصلت في الصين خلال السنوات الثلاثين ونيّف الماضية تشير الى القفزة السريعة في ميدان التنمية التي حققتها، لاسيما في منهاجها الاصلاحي والانفتاحي حيث بلغ معدّل النمو خلال العقدين الماضيين نحو 10% وهو من أعلى المعدّلات على المستوى العالمي، وحتى عقد من الزمان لم يكن إنتاج الصين يساوي "ثمن" 1/8 إنتاج الاقتصاد الياباني، أما اليوم فقد تجاوز الإنتاج الصيني الإنتاج الياباني، على الرغم من استمرار الفجوة مع العالم الغربي واستمرار الخلل في الإنتاج بين الساحل والداخل، ولعل هذا هو ما يدعو بعض الباحثين والأكاديميين والزعماء الصينيين الى الإصرار على أن الصين ما تزال دولة نامية، على الرغم من أنها ثاني دولة في الإنتاج العالمي، وقد تصبح الدولة الاولى في العام 2020، ولعلهم يتشبثون بمستوى المعيشة الذي لم يزل لا يرتفع عن 105% من مستوى المعيشة العالمي.
ولعل مثل هذه التبريرات كأنها تدفع الاعتقاد الى عكسه، إذ لا بد من دور سياسي قد يطالب به الآخرون، بحيث يوازي الدور الاقتصادي الكبير على المستوى العالمي. وهو ما لا ترغب به الصين في الوقت الحاضر على أقل تقدير.
وإذا كانت التجربة التنموية الصينية في مرحلتها الاولى 1949- 1979 قد شهدت تطوراً ملحوظاً ببناء قاعدة تحتية وهياكل ارتكازية وتراكم أولي وأدوات إنتاج عامة بيد الدولة وعلاقات إنتاج اشتراكية وعدالة اجتماعية ضمن المفهوم السائد آنذاك، الاّ أنها كانت تنمية محدودة، لاسيما في شكل النظام السياسي والمركزية الصارمة والبيروقراطية المستحكمة، الاّ أن المرحلة الجديدة تغيّرت الى حدود غير قليلة، لاسيما في تعزيز دور القطاع الخاص مع بقاء القطاع العام لأدوات الإنتاج الأساسية بيد الدولة، الاّ أن التنمية الهائلة في المجالات المختلفة التي شهدتها الصين باعتبارها نموذجاً عالمياً متميّزاً رافقها اشكالات تتعلق بتوزيع الثروة، لاسيما ببقاء نحو 150 مليون انسان في حدود خط الفقر أو دونه، واختلالات بين التنمية لمناطق الساحل الغنية، ومناطق الداخل الفقيرة، إضافة الى مشاكل البيئة والحداثة والحرية، حيث لا يمكن الاستمرار في خط التنمية المتطور دون حلّ اشكالاتها.
وإذا كانت الأزمة الاقتصادية والمالية التي هزّت العالم في أواخر العام 2008 وما تزال مستمرة لحد الآن وقد تتواصل حتى نهاية العام 2012، فإن الصين لم تتأثر بها، بل أصبحت حسب بعض التقديرات الاقتصادية المحايدة أقوى من قبل، لكن ذلك لن يستمر الى ما لا نهاية، خصوصاً بوجود مشكلات الفقر والتلوث والاقليات والتنوّع وغيرها، الأمر الذي يتطلب منهجاً جديداً في التعامل مع المستجدات والمتغيرات، خصوصاً في كيفية تجاوز البيروقراطية وتحقيق انسجام وتفاعل مع متطلبات الحداثة وتحدياتها.
لقد تسنى لي مؤخراً زيارة الصين للمشاركة في حوار عربي- صيني ساهم فيه نخبة متميّزة من المفكرين والباحثين والمثقفين العرب والصينيين، فمن الجانب العربي شارك د. عبد الكريم الارياني ود. جواد العناني وسمير حباشنة ود. يوسف الحسن وعبدالله بشارة ود. علي أومليل ود. محمد نعمان جلال ود. محمد عبد العزيز ربيع ود. همام غُصيب، ومن الجانب الصيني شارك نائب وزير الخارجية الصيني Song Tao والسفير Wu Sike والسفير Liu Boalai والباحثة السيدة Lee Rong المستشارة في معهد الصين للدراسات الدولية والسيد تشانغ شيادونغ والاعلامي Gu Zhenglong من وكالة أنباء شينخوا والباحثين Lee Shaoxion و Gu Xiangang و An Huihou إضافة الى مدير معهد الصين للدراسات الدولة Qu Xing.
وقد التأم المؤتمر في بكين للفترة بين 20-24 أيلول (سبتمبر) 2010 وهو المؤتمر الرابع في سلسلة دورات متواصلة لبحث الجوانب المختلفة في العلاقات منتقلين من العام الى الخاص، وربما ستكون الدورات القادمة أكثر خصوصية، وانشغل الأكاديميون والباحثون في حوارات عميقة وشائقة لبحث جوانب مختلفة من العلاقات العربية- الصينية، حيث أظهرت مدى الاهتمام المشترك في التعرّف من كلا الطرفين على ما لدى الآخر، لا فيما يتعلق بالمستجدات والمتغيّرات في العلاقات الدولية وفي علاقة العرب بالصينيين حسب، بل بجوانب مهمة من الفلسفة والتاريخ والمشترك الانساني لكلا الأمتين والحضارتين المتناظرتين.
وكان المعادل الفكري والأكاديمي والشريك في ملتقيات الحوار العربي- الصيني، هو منتدى الفكر العربي، في حين كان الجانب الصيني ممثلاً بمعهد الصين للدراسات الدولية، التابع لوزارة الخارجية الصينية، وهو معهد عريق يسهم في تقديم آرائه وتصوّراته لأصحاب القرار السياسي والاقتصادي ويعتبر مؤتمر بكين الا خير للحوار العربي- الصيني هو الرابع من نوعه، فقد التأم المؤتمر الأول في عمان في العام 1986، أما المؤتمر الثاني فقد كان في بكين في العام 2002، وكان المؤتمر الثالث في عمان في العام 2006، وهذا هو المؤتمر الرابع، كما تم الاتفاق على عقد دورة جديدة من الحوار (الخامس) في العام 2012 في عمان.
وإذا كان التعاون السياسي والتجاري والاقتصادي قديماً بين العرب والصينيين، لكنه تطور بسرعة خلال السنوات الأخيرة الماضية وبلغ حجم التبادل التجاري نحو 110 مليار دولار، ولعل مجالات كثيرة يمكن تغطيتها، خصوصاً بمعادلة النفط مقابل السلع، حيث يشكّل نحو 70% من اجتياحات الصين من النفط من العرب والايرانيين، لكن ذلك وحدة ليس كافياً، ولا بدّ من تعزيز العلاقات في مجال الاستثمار، لاسيما في اطار البنى التحية العربية ثنائياً أو من خلال استثمارات عربية لأكثر من دولة مع الصين، ولا بدّ من صيغ متطورة للتعامل الاستثماري. وبالتأكيد ستكون الحاجة الى حاضنة ثقافية أمرٌ مهم خصوصاً بتعزيز وتنمية وتطوير التبادل الثقافي والادبي والفني وتعزيز حركة الترجمة من وإلى العربية والصينية وبالعكس.
لعل ذلك هو الذي يمكن أن يحي طريق الحرير الجديد القائم على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة واحترام الخصوصيات والبحث عن المشترك الانساني بما يعزز العلاقات بين الشعوب وحضاراتها وثقافاتها.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “إسرائيل” دولة نووية هل يصبح الأمر الواقع واقعاً؟
- ازدواجية المعايير وانتقائية المقاييس وسياسة الهيمنة!
- هل الصين دولة نامية؟
- انسحاب أم إعادة انتشار؟
- المثقف والهاجس المفقود
- بعد التعويض العراقي لأمريكيين من يعوّض العراقيين؟
- بلجيكا في مواجهة الانقسام
- المفارقات الكبيرة بين الرأسمالية المتوحشة والرأسمالية ذات ال ...
- الحريات الأكاديمية
- الغزو الأمريكي نجح عسكرياً وفشل سياسياً والفراغ الحكومي يعيد ...
- ما يريده بايدن من العراق
- التنمية الموعودة والشراكة المنشودة!
- اعتقال العقل
- الحق في التنمية
- كوسوفو وقرار محكمة لاهاي: أية دلالة مستقبلية؟
- جديد الفقه الدولي: كوسوفو وقرار محكمة لاهاي أية دلالات عربية ...
- جرائم بلا عقاب
- دلالات قمة نتنياهو أوباما نووياً
- ثلاث سلطات تلاحق المثقف
- الثقافة رؤية والسياسة تكتيك


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حوار عربي صيني حول الماضي والحاضر والمستقبل