أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان يوسف رجيب - قيمة الإنسان في شيلي وفي منطقتنا العربية والإسلامية















المزيد.....

قيمة الإنسان في شيلي وفي منطقتنا العربية والإسلامية


عدنان يوسف رجيب

الحوار المتمدن-العدد: 3155 - 2010 / 10 / 15 - 07:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إستأثر بالإعجاب والتقدير العاليين العمل الإنساني الرائع الذي قام به الشعب الشيلي والحكومة الشيلية في جهودهم لإنقاذ عمال المناجم الـ 33 الذين كادوا أن يطمروا في المنجم الذي إنهار وسدت عليهم منافذ الخروج منه لمدة أكثر من شهرين لحد يوم 13 اكتوبر 2010.

أستنفرت الجهود بكل ما ينبغي لها أن تتسع له لإنقاذ العمال، البشر، إبتدأت من التفكير بطريقة الإنقاذ الى طلب المساعدة من الغير وتجهيز الآلات والمعدات الى صرف الأموال الباهضة الى تقديم العواطف والمؤازرة الإنسانية وغيرها كثير. كان الجهد صادقا والعمل إنسانيا والإحترام بشريا والنتائج، بالتالي، بشرت بروعة الإنقاذ الذي شاهدته الملايين في بقاع الأرض ... الإنقاذ الذي هز المشاعر الإنسانية حقا كعمل بطولي مثابر لعمال شجعان يستحقون التضحية.
حينما سئل الرئيس الشيلي سباستيان بينيرا عن المبالغ التي صرفت على عملية الإنقاذ قال بوضوح: المبالغ هائلة، لكنها ليست مهمة بالنسبة لإنقاذ عمالنا الأبطال، لا قيمة للأموال تجاه إنقاذهم، وهو يعلن بجرأة إن إنقاذهم هو واجب الدولة وحكومتها. دمعت عيون الكثيرين لعنفوان تعبيرات الرئيس الشيلي الرائعة المسؤولة، ولمواقف التعاطف الغامرة لقطاعات واسعة من الشعب الذين أبدوا كل المساعدة في الإنقاذ عملا ومشاعرا مع العمال.
كان سباستيان يقف بين الناس بكل تواضع لا حماية ولا سيارات مصفحة أو رشاشات فوق الرؤوس، وبإبتسامة صادقة صادرة من أعماقه لم تفارقه طوال حوالي إثنين وعشرين ساعة. ولو لم يعلن المعلق بأن هذا الذي نراه هو بينيرا (الرئيس الشيلي)، لبقي في أذهاننا ان نحسبه فقط سباستيان، واحدا من الناس المتواجدين مع زوجته سيسيليا الرائعة أيضا. ولم يكن التواضع الجم والبساطة تغمر الرئيس الشيلي وحده بل كان ذلك طبيعة جبلت وزير المناجم لورنس كولبورن ووزير الداخلية وكبار المسؤولين المتواجدين بين الناس طيلة وقت الإنقاذ. وكان ذلك يتجلى في الإحتضان والعواطف الحارة والقبلات من هؤلاء المسؤولين لعمال المناجم الذين ينم إنقاذهم، وكأنهم أصدقاء يلتقون بعد فراق طويل عن بعضهم. وكان هذا، كذلك، شأن الناس في البلاد بكل مداخلها ومخارجها يحبسون أنفاسهم وتقطب جباههم حين تتباطأ كبسولة الإنقاذ عن إظهار راسها الأصفر، وما أن يظهر متبوعا بالجزء الأزرق حتى يتعالى التصفيق وتعلو الفرحة والغبطة والإنشراح المواطنين كلهم كأنهم يعثرون على أصدقاءهم واهليهم، وهم بدورهم في مدنهم وحواضرهم يحتضن بعضهم بعضا منغمرين بقبلات السعادة والإنتصار.

أي مقارنة نعقدها مع سلوك شعب وحكومة شيلي حينما نقف نحن أبناء المنطقة لنعاين قيمة الإنسان لدينا... قيمته في المنطقة العربية والإسلامية. يكاد يكون دم الإنسان عربيا وإسلاميا يساوي صفرا.

منظمة القاعدة والمنظمات الإسلامية بتفرعاتها وجحافل المسلحين وسراياهم وميليشياتهم، وعلى شاكلتهم تتوزع عصابات البعث ومنظمات عروبية غارقة في وحل تطرفها القومي، تقتل يمينا ويسارا وما ملكت سيوفهم ومسدساتهم الكاتمة ومفخخاتهم المترسنة، وقبلها ومعها القبور الجماعية سيئة الصيت ويترافق معها كبت الحريات والعنجهية والتسلط الفارغ. يتروع أبناء العراق وأبناء أفغانستان وأيران ولبنان وسوريا والسعودية وحتى يصل الأمر الى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وأعماق أستراليا. هذا هو النتاج العروبي والإسلاموي الحضاري (؟!!)، هذه هي قيمة الإنسان عندنا. وينبري طويلي اللسان بالقول إن الإسلام دين الحق ويعطي للإنسان قدره ومن قتل نفسا كأنما قتل الناس أجمعين (؟!!)، وأطول لسانا القائلون بإن العروبة حركة إنسانية (؟!!) هي الأفضل والإنسان عزيز طالما دخل في بلد العروبة. فمن أين، إذن، يأتينا القتل والظلم والهوان، أمن ساكني كوكب المريخ.!

لا أحد من المسؤولين الكبار في منطقتنا، العروبية والإسلاموية، يكلف نفسه في البحث عن القتلة ومضطهدي الناس لأن هؤلاء من نتاج المسؤولين، والمسؤولون هم في حقيقتهم من نتاج هذه المجاميع المخربة إنسانيا. لم يحصل أن نرى أي رئيس او وزير او حتى مدير عام في منطقتنا العروبية والإسلاموية يتنازل ليقف مع الناس هكذا بطبعه وطبيعته، هذا حلم بعيد المنال ...

تألم الكثيرون على حالنا المضني الهزيل الذي يصل للدرك الأسفل في غمط الحق الإنساني للفرد والقتل والفقر والهوان عندنا وهم يقارنون حالنا وحال حكامنا مع المثل الإنساني الرائع القريب في دولة شيلي. يقول بعض المبتلين بلوثه في اذهانهم، إن الغرب كافر ولا تعامل معهم فهم جميعا في النار ونحن العروبيون والإسلاميون في الجنه التي عرضها السماوات والإرض (؟!!). هل حقا إن الله يجزي الخيرين المتواضعين الذين يخدمون الناس بحرص ومسؤوليه بالنار، ويجزي الجائرين الظالمين القتلة بالجنة. أنا أعتقد بأن هذه هو الكفر بعينه في إتهام الله بهذه الإفعال، إن الحقيقة هي إن الله لابد أن يعمل العكس تماما مما يقوله المشعوذون العروبيون والإسلاميون.

رئيس فرقة عمال المناجم لويس أورزوا كان رائعا في تعامله مع فريقه. لقد بث روح التحدي فيهم والإصرار على الحياة و مقاومة الوضع المزري الذي هم فيه، وحسب ما قاله زملاءه، كان هو العامل الذي شكل قوتهم. لقد أصر على أن يكون هو آخر واحد يتم إنقاذه بعد أن يطمئن على وصول زملاءه لسطح الأرض سالمين. في أرضنا العربية والإسلامية، المسؤول هو الأول الذي يريد النجاة بنفسه ويضرب بعرض الحائط أرواح من هو مسؤول عنهم ولا يهتم بتهدئة روعهم، لأن أمثاله يكون هو في حالة مروعة لأبسط المشاكل.
كان الرئيس الشيلي بينيرا يستمع بتواضع لشرح لويس أورزوا عن الحالة في داخل المنجم، الفخ. وقبلها كان الرئيس ينتظر بشوق ظهور رئيس العمال في كبسولة الإنقاذ مقدرا عاليا عمله الرائع الشجاع، وقال هذا أمام الناس: كنت متيقنا من العمل على إنقاذنا. إنها ثقة عالية بشعبه وحكومته. كما يعبر الرئيس الشيلي عن أمله في تغيير الصورة الكالحة عن تأريخ الإنقلابات الفاشية في شيلي ودكتاتورية بينوشيت،أمام العالم، ويضيف إن صورة شيلي هي كما تروها الان في الود والتعاون.

أطلقت صحف عالمية على عملية الإنقاذ بـ "المعجزة" في سان خوسي وقالت صحف أخرى : لقد كنا شهود على لحظة عظيمة للبشرية. في وقت تندد هذه الصحف العالمية بالمآسي التي ليس لها آخر في منطقتنا العربية والإسلامية، الأنانية والقتل والظلم والفقر هي إحدى أوجه نكبتنا.

كشف رئيس شيلي بأن شركة التشغيل لم تكن تفكر أن تعمل لإنقاذ عمالنا الشجعان، وكنا نعرف ذلك، لذلك أخذنا الأمر على عاتقنا. عندنا، في منطقتنا، المسؤولون يناصرون الشركات في بخس حقوق العمال.

الشيئ الذي يبعث على الأسى والحزن، إن حكامنا في منطقتنا العربية والإسلامية لم يبادر أحدهم (حتى كذبا) في أن يرسل تحية أو تمجيد الى حكومة شيلي والعاملين الآخرين للإنجاز الرائع المثابر والبطولي الذي قاموا به، في وقت حصلت حكومة شيلي على رسائل التحية والمؤازرة من العديد من دول العالم، و بضمنها إسرائيل. المتتبع يجد إن مواقف حكوماتنا العربية والإسلامية تتصف بموقف ثابت وطبيعي لسلوكها، لأن توجه هذه الحكومات هو دائما ضد المواطن، ولذا فهي تشمئز من موقف الحكومة الشيلية من شعبها.



#عدنان_يوسف_رجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان يوسف رجيب - قيمة الإنسان في شيلي وفي منطقتنا العربية والإسلامية