أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - واصف شنون - تشيلي تهزم الموت 33 مقابل صفر *














المزيد.....

تشيلي تهزم الموت 33 مقابل صفر *


واصف شنون

الحوار المتمدن-العدد: 3154 - 2010 / 10 / 14 - 14:01
المحور: المجتمع المدني
    



عَرفت ُ هذا البلد منذ كنت في الرابعة عشر من العمر في عام 1973 حين دعى الشيوعيون العراقيون الى الإحتجاج والتظاهر لمناهضة الإنقلاب الدموي الذي نفذه الديكتاتور اغينيستو بينوشيه بتعاون وتخطيط عسكري محبوك و علني من قبل الإدارة الأميركية آنذاك والتي تتمثل بوزير الخارجية هنري كيسنجر وتدخله في ذلك الإنقلاب الذي راح ضحيته الرئيس المنتخب شعبيا ً سلفادور الليندي ذو التوجهات اليسارية والذي ُقتل وهو يدافع عن نفسه في شرفة القصر الجمهوري في العاصمة سانتياغو ، ثم تحويل ملعب كرة القدم الشهير في سانتياغو الى سجن جماهيري ومعتقل وحشي لأنصار الحركة الشعبية ، وتقطيع أصابع المغني فيكتور جارا قبل إعدامه ،إحتجاجات شاعر تشيلي العظيم بابلوا نيرودا ،حتى ظهرت اغنية عراقية لجعفر حسن مطلعها – دم ٌ في الشوارع سانتياغو -،وأجد صعوبة في العثور على شخص يهتم بالإنسانية و ينشط في شؤونها لم يسمع ببابلو نيرودا أو يقرأ مذكراته الموحية لعدة أسباب ليست مرتبطة الأن بالموضوع .
وعموما ً فأن شعب تشيلي أنتج بعد تلك الحقبة السبعينية الدموية قادة جددّ من نساء ورجال بعضهم ّيعد من القادة العالميين الذين ساهموا و يساهمون من خلال افكارهم واعمالهم بخدمة البشرية وعلى نطاق واسع ،فالرئيسة السابقة ميشيل بلاشيت ، هي المديرة العامة لهيئة (تمكين المرأة ) التابعة للأمم المتحدة .

اليوم الرابع عشر من تشرين الأول/ اوكتوبر 2010، تم إنقاذ أخر عامل منجم من عمال المناجم التشيليين الثلاثة والثلاثين الذين حوصورا لمدة 70 يوما في أعماق الأرض بعيدا ً عن القشرة الأرضية وسطح الحياة والشمس والأوكسجين عميقا ً في الأسفل بحوالي 620 مترا أو ما يعادل إرتفاع برج إيفيل الباريسي الشهير مرتين .
عملية الإنقاد ُتعد اول عملية انقاذ بشرية نوعية تتحقق بنجاح هائل لمساع ٍ وتجارب خبراء اميركيين واستراليين ويابانيين ونيوزلينديين وألمان وتشيليين وبرازيليين ..الخ ، علماء من وكالة الفضاء الأميركية ( ناسا ) وعلماء في الجيولوجيا وطبقات الأرض ، علماء في التغييرات المناخية وعناصر الهواء وانواع الأوكسجين ، أطباء في علم النفس وأمراض القلب والسكريّ والجلد والبيكتريا المعدية والبصريات وأنسجة العضلات ، مهندسون مختصون في بناء المصاعد السريعة وأسلاك الفولاذ الغليظة ،خبراء في الحفر الصخري والمعدني المعقد في طرق سحب الأحجار والمواد المعدنية من أعماق أعماق الأرض ،وخبراء في طرق فنون الإنقاذ من الكوارث ...الخ ، هؤلاء جميعا ً قد تمكنوا من إعادة -33 -عامل منجم الى الحياة الى عوائلهم واطفالهم وزوجاتهم واصدقائهم ،ولم تستعن الحكومة التشيلية عوضا ً عن الخبراء والعلماء المذكورين بجلب آلاف من الوعاظ - والدعاة والرهبان الدينيين الى مكان الحدث ليمارسوا سحرهم الطاغي ومغناطيسيتهم المخيفة الجبارة لإستخراج المنكوبين ، ولو فعلت - لاسامح الله - لما حصلنا على أي نجاح يذكر ولا فرحة ُترسم على جبين ولاكأس شمبانيا يُدلق على الوجوه.
والأكثر روعة هو نزول عامل الإنقاذ الأول الى موقع العمال المحاصرين وهو يبتسم بينما مازحه رئيسه في العمل في اخر اللحظات قائلا ً ( وأنت نازل الى هناك تصور نفسك في ساحل البحر )،وتشيلي لها أطول السواحل في القارة الأميركية الجنوبية ، وأجمل البلاجات والسحنات والرقصات والخلطات البشرية ،ومن حسن حظي أني تعرفت وصادقت وخالطت بعض من مواطنيهم هنا في سيدني .

في قصص البشر الذين يفقدون الأمل نهائيا ً ، طالما يبرز - الإستسلام - ويمتثل للقدر الواقع المحقق الذي هو الشر واليأس دون بذل الجهود ونفخ الهمم وزيادة الإصرار ، وبالنسبة للمتدينين الروحانيين الحقيقيين يكون الأمل = الله = المعجزة والموت = الشر = الشيطان ، لكن عملية الإنقاذ هذه هي انتصار كامل لبشرية ومادية العلم ، للإنسان الواحد حين يكف عن التفكير بأنه عاجز وهو لاشيء امام الوجود ،لواقعيته اليومية التي ينكرها ويمارسعها يوميا ً، فقد طلب احدهم الزواج من شريكته التي يعيش معها منذ 25 عاما دون زواج رسمي ( كاثوليكي )،بينما بعث اخر برسائل يعتذر فيها عن كل سيئاته وعربداته ، وثالث طلق امرأته وهو محاصر وأعلن سره الدفين بأن لديه عشيقة سوف يتزوج منها، و قال احدهم انهم لم يكونوا 33 فقط بل 35 ، فقط كان الله والشر معهم ، ثم قال الأمل هو الله ، لقد تحقق لكن الشر موجود ايضا ً ، ثم دعى شركات المناجم في جميع انحاء العالم الى تحسين ظروف العمل والعمال خاصة بعد الإطلاع الحيوي على ما قد يتعرضون له من مخاطر ، بينما قال الرئيس التشيلي ساباستيان بنيارا لكل العالم أن شعبه ليس معروفا ً فقط بحقبة الجنرال بيونشيه الدموية ومصادره الطبيعية الهائلة ، بل بقوة شعبه وحبهم لأنفسهم واصرارهم على الحياة !!.

انها قصة انسانية حقيقية وقعت وقد سهلت لنا التكنولوجيا مشاهدتها والتفاعل معها على كافة الصعد ،لكن قيمتها الجوهرية تكمن في مزاوجة العقل والمنطق بالعاطفة الحزينة .
وقد بات علينا أن نتساءل : لماذا يبذل الأخرون كل هذه الطاقات والجهود من أجل إنقاذ (حفنة من عمال المناجم ) !! ، بينما يقوم شخص او شخصان بالتخطيط والتآمر المستمر لقتل اكبر عدد ٍ من البشر وبشكل يومي ؟؟حقا ً قيل البناء أصعب من الهدم وهذا ما يخص الحجر والصخر ،أما ما يخص البشر فأن من قتل نفسا ً، فأنه يقتل البشر جميعا ً .


• شعب تشيلي يهوى لعبة كرة القدم كثيرا ً.



#واصف_شنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعور بالخجل العام !!
- مَنْ يُدخل البعير في خرم إبرة؟؟
- إنسانية غير معقولة
- ثقافة سياحية
- كريستيانا كينالي : الفشل المحتوم
- أكو -لو- ماكو *-ستيفن هواكينغ ونفيه لخالق الكون-
- الدين والدم والدموع
- شجاعة العراقي جمال ايليشع
- تلك البلاد...
- الوعي الإنتخابي في استراليا
- الفقدان مرة أخرى: عبور ليلى محمد
- غير معقول..!
- من هو اكثر تقدما ً العراق أم الصومال !!؟؟
- بلد الشهداء : شهداء الكهرباء ...أخيرا
- الحكومة (.....) والمعارضة (طاهرة)...
- حقا ًبلا خجل....
- عائد ٌ من الديمقراطية الإسلامية
- التعليم ،وأميّة التعليم
- ضريح أم قصر رئاسي
- رشوة الإمام الشهيد ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - واصف شنون - تشيلي تهزم الموت 33 مقابل صفر *