أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صادق إطيمش - إنقاذ عمال المنجم المنهار في شيلي درس حي في إحترام الإنسان














المزيد.....

إنقاذ عمال المنجم المنهار في شيلي درس حي في إحترام الإنسان


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 21:46
المحور: حقوق الانسان
    


منذ الخامس من آب يعاني ثلاثة وثلاثون عاملآ من عمال المناجم في شيلي من تبعات إنهيار المنجم الذي يعملون به والذي سد عليهم منافذ الخروج خارج المنجم وحصرهم في زاوية من زواياه لم يطلها الإنهيار صدفة . لقد جاء الخبر كالصاعقة في ذلك اليوم لذوي المحتجزين وأصدقاءهم بشكل خاص ولكل الشعب الشيلي على العموم وللحكومة الشيلية التي هرع وزراؤها ورئيسها إلى موقع الحدث مباشرة ولازم الرئيس الشيلي سيستيان بينروا مكان الحادث لأيام حتى إستطاع أن يستلم أول إشارة حياة من العمال المحتجزين على عمق 600 متر تحت الأرض والذي كان له سبق إيصالها إلى الجموع المحتشدة قرب موقع الحادث التي كانت بأشد الترقب لبارقة أمل مهما كانت ضعيقفة جداً ، بعد أن تسرب اليأس رويداً رويدآ إلى كثير من ذوي المحتجزين وأصدقاءهم . ومنذ ذلك الحين وإجراءات الإنقاذ تجري ليلاً ونهاراً دون توقف ورئيس البلاد وبعض وزراءه ظلوا ملازمين الموقع ومتابعين عمليات الإنقاذ الذي سخرت لها الحكومة الشيلية كل الطاقات الفنية المحلية والأجنبية ووعدت بإخراج المحتجزين في مدة أقصاها أعياد ميلاد هذه السنة أي في شهر كانون أول القادم . إلا أن الإخلاص المتفاني في العمل الذي تجسد لدى المشتركين في عملية الإنقاذ من أبسط عامل حتى رئيس الجمهورية حقق المستحيل بجعل المدة أقصر من ذلك بكثير حيث تم اليوم في الثالث عشر من تشرين الأول ـ اكتوبر ـ البدء بإخراج العمال من المنجم بعد أن تم حفر نفق عمودي على عمق 700 متر جرى تزويده بأفضل وأجود وأحدث مستلزمات الصعود بالمحتجزين واحداً تلو الآخر في عملية كان المتوقع لها أن تتم في ساعة إلى ساعة ونصف لكل شخص إلا أن عزيمة المشتركين في عملية الإنقاذ وإخلاصهم وتفانيهم في العمل المضني قصر الوقت إلى أربعين دقيقة فقط تحقق فيها إخراج الوجبة الأولى من العمال الذين نُقلوا فوراً بالطائرات المروحية إلى المستشفيات التي تم تهيأتها خصيصاً لهم بعد ان يتم إنقاذهم جميعاً بعد ساعات قلائل من هذا اليوم . هذا الجانب من الإصرار على إنقاذ هؤلاء العمال لا ينبغي له أن يغفل الجانب الآخر من الإصرار الذي أبداه العمال المحتجزون أنفسهم والذي تمثل في سعيهم لتنظيم حياتهم داخل الكوة الصغيرة المحتجزين بها. فقد إنتخبوا من بينهم رئيسآ لهم أشرف على توزيع ما بدأ يصلهم من الأعلى عبر النفق العمودي الضيق الذي تم حفره فور حدوث عملية الإنهيار والذي أوصل أولى إشارات بقاء العمال على الحياة إلى الأعلى . ثم إستمر التواصل معهم خلال هذه الفترة التي جرى فيها حفر النفق العمودي الواسع والصالح لإستخدامه لرفع المحتجزين بالتناوب إلى ألأعلى . وحينما وصلهم جهاز التلفون أخذوا ينظمون الإتصالات مع ذويهم على سطح الأرض ، ومن خلال هذا النفق الضيق جرى إستلام رسائلهم كما جرى إيصال الضروريات التي يحتاجون إليها لبقاءهم على الحياة بشكل يسمح لهم بالتواصل المستمر كالماء وقناني الأوكسجين والمواد الغذائية الخاصة . وربما لا تصدق آذاننا الخبر الذي أكد على إستلام المحتجزين من خلال هذا النفق الضيق لأجهزة صغيرة إستطاعوا من خلالها مشاهدة مباراة لكرة القدم كان الفريق الوطني الشيلي مشاركاً بها . وبالفعل فقد شاهد العالم جميعاً من خلال أفلام الفيديو التي أُلتقطت لهم وهم يشاهدون بفرح وغبطة هذه المباريات وكأنهم في مقهى أو نادي . والغريب في هذا الحادث أيضاً هو التنظيم المذهل الذي حققه هؤلاء العمال لمجرى حياتهم على هذه البقعة الضيقة . كما أن ألإيثار الذي تميز به هؤلاء الأبطال وتفاني كل منهم في سبيل الكل ووقوف الكل إلى جانب أي منهم حقق لهم فسحة كبيرة جداً من تحقيق التضامن الذي أشعر الكل بالأمان والإطمئنان وعدم وجود أي مشاعر للخوف من بقاءهم مدة أطول حيث كانوا على يقين تام بأنهم ليسوا وحدهم في هذه المحنة . وهذا ما دعى كل منهم أن يرجو رئيس المجموعة ليكون هو آخر من يتم صعوده إلى الأعلى . هل هناك أروع من هذا الصمود وهذه الثقة المطلقة بقدرات ألإنسان وبما توصل إليه من العلم والمعرفة والسلوك المرتبط بهما إرتباطاً فعلياً . فالعلم والعمل هما اللذان يصنع منهما الإنسان بوصلة حياته وهوالذي يسيرهما لخيره وسعادته إذا ما توفرت له الأيدي المخلصة الحريصة الرائدة في السير على هذا الطريق السوي .
فأين نحن اليوم في وطننا العراق المبتلى بزمر المتحاربين على المال والجاه والسلطة من هذا الحدث العظيم . السؤال الذي قد يتبادر ، وعن حق ، إلى ذهن كل مواطن عراقي يقول: ماذا سيجري للإنسان العراقي لو تعرض مجموعة من المواطنين في عراق اليوم المنكوب إلى حادث كهذا ؟ والجواب الذي لا نرى غيره تحت المعطيات التي يمر بها الوطن اليوم بدءً بالفساد الإداري الذي تقوده شلل المعممين وغير المعممين ومروراً بنشر الأفكار الطائفية العنصرية الشوفينية العشائرية المتخلفة ووقوفاً عند حرب المحاصصات والشراكة التي يسمونها وطنية على المناصب والحكم والسلطة والتسلط وانتهاءاً بالمآسي التي يمر بها الوطن منذ سبع سنوات والتي لم تتوقف عند مآسي الخدمات الصحية والكهربائية والمحروقات والنقل والمواصلات والشوارع والتعليم وكثيراً من الواوات الأخرى التي طالت حتى مصدر الغذاء الذي يكاد يكون الرئيسي لكثير من العوائل العراقية والمتمثل بالبطاقة التموينية التي إختفت بعض مفرداتها الهامة وساءت نوعية مفرداتها المتبقية بشكل يزداد رداءة يوماً بعد يوم . الجواب على السؤال المطروح أعلاه سيكون في نهاية المطاف: لا يوجد في ميزانية الدولة العراقية من المبالغ ما يمكن رصده لعملية كهذه إذ ان الميزانية خاوية بسبب المصروفات الجسيمة التي تتحملها هذه الميزانية للإنفاق على المشاريع الوهمية على الورق والإنفاق على شلل الطفيليين الذين لا هم لهم غير التصريحات الرنانة والخطب المعسولة وكأنهم بهذيانهم هذا الذي ملَّته ألآذان وعافته النفوس يريدون أن يطمئنوا أنفسهم بأنهم يعملون شيئاً ما يعطون به صيغة الكسب الحلال لأموالهم وعقاراتهم وضِياعهم داخل وخارج العراق ، وليذهب الشعب والوطن الى حيث ألقت رحلها أم قشعم .
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع الحوار المتمدن دوماً
- الموقع الإعلامي الحر روج تي في سيستمر صوتاً هادراً للشعب الك ...
- تمديد الثورة الكوردية لوقف إطلاق النار .... محتواه وأبعاده
- تصرفاتكم أخجلتنا ....فمتى تخجلون أنتم يا ساسة العراق ...؟
- كفوا عن هذا اللغو البائس
- إطعام جائع ....أو بناء جامع ...ما الأحب عند الله ...؟
- ألا من هبَّة شعبية شرق أوسطية لردع العنصريين الأتراك...؟
- الثورة الكوردية بين جنوحها للسلم والقارعين طبول الحرب
- جولة في مزرعة علي الشوك
- أيها العراقيون أبشروا .....ستفطرون على جرِيَّة
- بغداد برلين
- جدلية العلاقة بين السياسي والمثقف في العراق الجديد
- دعوة عبد الله أوجلان للسلام في كوردستان تكتسب طابعاً أُممياً
- النائب النائم
- قرآت شيطانية
- ثورة الرابع عشر من تموز وعمليات تجميل الوجوه القبيحة
- حينما يحاول المُشرعون الإلتفاف على ما شرَّعوه بأنفسهم
- درس للسياسيين العراقيين ....علَّهم يفقهوه فيأخذوا به
- القضاء العراقي بين الساهرين عليه والمتلاعبين فيه
- مَن وأين هم اللصوص إذن ...؟


المزيد.....




- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...
- الفيتو الأمريكي.. ورقة إسرائيل ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحد ...
- -فيتو-أمريكي ضد الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة بالأم ...
- فيتو أمريكي يفشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأ ...
- فشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ...
- فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صادق إطيمش - إنقاذ عمال المنجم المنهار في شيلي درس حي في إحترام الإنسان