أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري!














المزيد.....

ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


فيلم "ولا دالعم"
قصة: عمرو سليم
إخراج: شريف عرفة
موسيقى: عمر خيرت
بطولة: منى زكي، كريم عبد العزيز، شريف منير

لماذا خرجتُ من فيلم "ولاد العمّ" وبي هذا الغضب؟ بالرغم من إنه، من الوجهة التقنية، خرج متقنًا: تكنيكٌ متطورٌ في دراما الأكشن، مؤثرات صوتية عالية التقنية. ذكاءٌ في حركة الكاميرا وانتقالاتها وزوايا التقاطها. أداء الممثلين، منى زكي خصوصًا، كان في أعلى درجات تألقه. ملامح وجوههم، ونظرات عيونهم، كانت تحمل من التعبير أكثر مما تقوله كلمات الحوار. موسيقى عمر خيرت مُلهِمةٌ، شأن كل موسيقى عمر خيرت. فماذا إذن؟ القصة تعالج أزمة وجودية، سياسية، أظنّها أبديةً، بين عدوّين، اختار لهما التاريخُ، والعقائد، نعتًا متناقضًا يقترب من العبث: "أولاد العم"! بينما العرف الجمعي التراكمي يظل يمنحهما نعت: "الأعداء". نجح المخرج في نصف دقيقة، مدة التتر، في تلخيص الحكاية كاملةً، من خلال أسرة مصرية شابة هانئة تتنزه في مركب بمدينة بورسعيد. الزوج يتأمل العلم المصري، الخافق على الصارية، بنظرة تحمل الكثير من القول، تتجول الكاميرا، فنلمح في الداخل الزوجة الشابة تصليّ صلاة المسلمين، فيما الطفلان، يوسف وسارة، وللاسمين دلالة، يلعبان ويرسمان.
حياة زوجية عامرة بالحب، سوى أن عقدة الفيلم ستنفجر فور يقول الزوج: "أنا مخبي عليكي سر، أنا إسرائيلي اسمي دانيال، وباشتغل مع الموساد." تضحك الزوجة قائلةً: "ماشي يا عم دانيال، شالوم!" ثم تنصرف لشأنها. لن تعرف أن الأمر ليس مزحةً، إلا حينما تصحو لتجد نفسها وطفليها في تل أبيب. وأن عزّت زوجَها المسلم الحنون ليس إسرائيليًّا يساريًّا، ولا هو صهيونيًّا يمينًّا متطرفًا حتى، إنما بطلٌ داهية في قسم الاغتيالات بالموساد. ملفُّ خبراته عامرٌ بعشرات الاغتيالات والتدميرات البارعة لأفراد وجهات مصرية! لتواجه حقيقةً مرعبة؛ أن عليها تقبّل الأمر، ثم التكيّف مع فكرة قضاء بقية عمرها في إسرائيل. عليها قبول فكرة أن يسقط عن وجه زوجها القناعُ المصري الدافئ ويستبدل به القناعَ الإسرائيلي الخشن، أن يبدأ طفلاها المسلمان في ممارسة الطقوس اليهودية، وتلقي التعاليم الصهيونية الكارهة لكل ما هو عربي، وبداهةً، لكل ما هو مصري، مادامت مصرُ هي التي حملت الهمَّ الأكبر من قضية فلسطين، وقدّمت من دماء أبنائها القسط الأوفر. وكذا يشرعان في تعلّم كلماتهما الأولى في اللغة العبرية. عليها أن تتعود على أن تتجول بقديمها في شوارع "دولة "إسرائيل"(!) التي لن تعترف ثقافتنا العربية يوما بوجودها، اللهم إلا على شاشات نشرات الأخبار العالمية، في حين تبقى في وعينا الجمعي العربي منعوتةً باسم: "الكيانُ الصهيونيّ". على هذه الفتاة المصرية البسيطة التعامل مع جيران إسرائيليين يحتقرون العرب، ويكيدون لكل ما هو مصريّ! فتجهد لتجد لنفسها مخرجًا، يبدو مستحيلاً، للهروب بطفليها إلى مصر!
حتما كان في نية صناع الفيلم تقديم وجبة مخابراتية يتفوق فيها الجانب المصري على الجانب الإسرائيلي، خلطة رأفت الهجان الناجحة مسبقًا! لكنهم وقعوا في مجموعة أخطاء قلبت المعادلة، فوضعت كل ما هو جميل في خانة إسرائيل: شوارعُ نظيفةٌ، حدائقُ منسقةٌ، وبشرٌ هانئون نفسيًّا وماديًّا. كأنما الفيلم يصدِّر للمشاهِد المصري رسالة تطالب بحقهم (المشروع) في حياة آدمية في بلادهم. صحيح أن السيناريو قم نماذج إسرائيلية رديئة: متعصبة وخائنة، لكنه أيضًا قدّم مبرراتها، كأن يكون خائن لإسرائيل روسيًّا يشعر باضطهاد المجتمع الإسرائيلي له.
وإذا ما تأملنا التقابلات بين الإسرائيليين والعرب وجدنا أنها تصب في صالح الطرف الأول. فالعامل الفلسطيني ناقم على المصريين، رغم ما قدمته مصر لقضيته! ورجل عرب الداخل رفض نجدة مصرية ملهوفة، فقط بأن يدلها على عنوان السفارة المصرية!
في المقابل، نجد الإسرائيلي "السفاح"، زوجًا متحضرًا، متعلمًا تعليمًا رفيعًا، منعه من ممارسة الحب مع زوجته، ضد رغبتها، بعدما أصبح غريبًا عنها. رغم حب مازال يشتعل في قلبها نحوه. في المقابل نجد الزوجة المصرية نصف متعلمة، دبلوم تجارة، فقيرة الثقافة، حتى وطنيتها غريزيةٌ لا تنطلق من وعي بأبعاد القضية سياسيًّا وتاريخيًّا. كما إنها لا تفهم نسبية الأشياء. فما نراه جاسوسًا، يراه الإسرائيليون بطلا مناضلا.
ضابط المخابرات الذي من المفترض أنه يمثل قمة الذكاء المصري، بدا سطحيًّا. يجيد الكلام والطنطنة، على حساب الفعل، شأن العرب، على عكس الإسرائيليين الذين تكلموا قليلا وفعلوا الكثير. ما كرّس فكرة أن العرب مجرد "ظاهرة صوتية". لحظة تجنيده الزوجة، سألها إذا ما كان بينها وبين زوجها علاقة حميمة، بعدما كشفته. مدهشٌ أن يهتم ضابط مخابرات بأمر كهذا! وصدّق أن بوسعه دخول مبنى الموساد بيسر، قبل أن يكتشف أن الموساد هو الذي سهّل له الدخول لاصطياده. وفي مشهد استجوابه ليعترف، مع تعذيبه بالموجات الكهربائية، سب أمّ الضابط الإسرائيلي وبصق عليه!
نتأمل الطريقة التي توغّل بها الضابط الإسرائيلي في نسيج المجتمع المصري: إذ عمل في بنك محترم، وتزوج من فتياتها وأنجب أطفالاً، بينما لجأ الضابط المصري إلى أساليب بدائية مستوحاة من أفلام المخابرات العتيقة، فعمل فاعلاً في الجدار العازل، وحصل، ببساطة، على تصريح عمل في صيدلية أمام البناية التي تقطنها الزوجة. ثم يكتشف أن اسمه على قائمة الاغتيالات، ما يكرّس فكرة أن تقنيات الموساد الاستخبارية فائقة التطور. أما الأشد قسوةً، فهو أن معظم الضالعين في الجرائم ضد العرب من أصول عربية!
مشاهِدُ كثيرةٌ تكرّس انتصار الفيلم، دون دراية ربما، لكل ما هو إسرائيلي على حساب كل ما هو مصري. فهل لو كان كاتب السيناريو إسرائيليًّا، كان من الممكن أن يفعل أفضل من هذا؟



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي
- سوزان مبارك، والبرادعي
- صور آل البرادعي على فيس-بوك
- فليحاسبْني القانونُ على ذلك!
- شكرًا للصّ زهرة الخُشخاش
- الرحابُ فى جفاف
- مسرحية -قطط الشارع-
- مجدي أحمد علي مُخرج اللقطات الملهمة
- عسلٌ أسود، مرآةُ ميدوزا
- البنت المصرية سعاد حسني
- مسرحية -أوديب وشفيقة-
- مسرحية -العميان--أشعرُ بالقمر فوق يدي
- جبل راشمور في الشيخ زايد
- متشوّقون للجمال
- عقيدتُك ليست تعنيني
- محمود سلطان، الإعلاميُّ الجميل
- تثقيفُ البسطاء في ثقافة الجيزة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري!