أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب














المزيد.....

تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 13:24
المحور: حقوق الانسان
    


لستُ من أنصار تلخيص الكتب. الكتابُ إما يُقرأ، أو يُترك، في سلام. ذاك أن الكتابَ، أيَّ كتابٍ، ليس، وحسب، بما يحويه من أفكار، بل بالأسلوب الذي طُرحت به تلك الأفكار. فالأفكارُ، كما قال الجاحظ، مُلقاةٌ على قارعة الطريق. ولكن الذي يميّز كاتبًا عن كاتب، إن اتفقا في الفكر، هو طريقة عرض ذلك الشيء الذي يسبحُ مُهوَّمًا في دماغ الكاتب، حتى يحوّله إلى حروف، تستقر على صفحة ورق بيضاء، في كلمات وجمل وفقرات وكتب ومجلدات!
في طفولتنا، كانوا يمنحوننا مسرحيات شكسبير "مُلخّصةً"، Simplified Shakespeare ، فتعرفنا منها على الملك لير وبناته الثلاث، وكرهنا ليدي ماكبث إذْ أودت بزوجها إلى التهلكة حين تآمر طمعُها مع طموح زوجها على مائدة الخديعة، غضبنا على بروتس الذي خان عرّابه يوليوس قيصر فأوجعه الغدرُ أكثر مما أوجعه الخنجر يُغمَد في ظهره، أحببنا أوفيليا وتعاطفنا مع هاملت وهو يبحث عن هويته وثأر أبيه. بكينا مع أوديب، وحلمنا مع روميو وجولييت، احترمنا ديدمونة وحنقنا على عُطيل. عرفنا مضمون الحكايات، لكننا لم نعرف شكسبير حقًّا، ولم ننصت إلى صوته، إلا حينما قرأنا مسرحياته، كما كتبها قلمه، قبل أن يشوّهها مقصُّ "التلخيص" المجرم.
قبل أعوام، أعطيتُ صغيري مازن رواية "الخيميائي" لباولو كويللو، في ترجمتها العربية التي اختار لها الروائي بهاء طاهر عنوان "ساحر الصحراء". وعدتُ مازن بمكافأة ضخمة إذا قرأها، تشجيعًا له على تجربة "متعة" القراءة. دخل غرفته، ثم عاد لي بعد ربع ساعة يقول: "رواية جميلة، وأجمل ما فيها أن سنتياجو وجد الكنز في السعي نحوه، وليس ذلك المدفون تحت الهرم!" صعقتني سرعة قراءته، وكدتُ اصدّق أن ابني يمتلك موهبةً فائقة، تمنيتُ طوال عمري أن أمتلكها! أن أقرأ أي كتاب في دقائق خاطفة، فأتمكن من تحصيل كل ما فاتني من كنوز البشريةّ! وقبل أن ينطلق من عيني شعاعُ الحسد نحو صغيري، سألته بكثير من الغيظ: "لحقت تخلص الرواية، ما شاء الله!" فأجابني الصغير: "الحق الحقّ يا ماما مقرأتهاش، بس قرأت مقدمة بهاء طاهر." فعرفتُ وقتها أن على المترجم ألا يلخّص العمل، حتى يُجبر القارئ على القراءة.
برغم كراهتي لجريمة تلخيص الكتب، إلا إنني فرحتُ بدعوة مجموعة من الشباب المصري الجميل، لكي أدعم مشروعهم غير الرِّبحي، بكلمة تشدّ الأزر وترفع الهمة. أما المشروع، فتلخيص "عشرة آلاف كتاب"، من المنجز العربي والعالمي، ثم طرحها للشباب مجانًا. وكان أن دعمهم الداعية الإسلامي عمرو خالد، وأدخلهم في شراكة مع منبره النهضوي على الشبكة العنكبوتية، لكي يتكاتف قراؤه من الشباب مع أولئك المتحمسين لصنع غد أفضل لمصر. وها أنا ذا أشدُّ، اليومَ، على أيادي أولئك الشباب الذين تبنّوا تلك الفكرة وعكفوا على منحها الجهد والوقت لعمل تلك التلخيصات، المبتسرة مهما توسّعت، علّها تكون لونًا من "الإغراء" أو "الإغواء"، أو "التحنيس"، من شأنها أن تفتح شهية الشباب على البحث عن الكتب الأصلية وقراءتها. خاصةً أولئك الشباب الذين لا تُغريهم القراءةُ، أو أولئك الذين تستلب الحياةُ أوقاتهم بين العمل والاستذكار، وربما اللهو ومباريات الكرة وغرف الدردشة العنكبوتية. ومثلما كتب الطهطاوي كتابه الأشهر "تخليص الإبريز، في تلخيص باريز"، قبل حوالي مائتي عام، ليفتح كوّة لشباب مصر آنذاك يتعرف من خلالها على الفكر الفرنسي المستنير، فربما فكرة "تلخيص" الكتاب هذه، تفتح باب "تخليص" شبابنا الراهن من الكسل، وتدعمهم بسلاح يحاربون به الظلام الضارب حولهم من كل صوب. أقول لأولئك الشباب الواعد القائم على المشروع، وأقول لصاحب الفكرة محمد جمال، نحن معكم، وبعضُ تروسكم، نقف من وراءكم ونشد أزركم. والله موفقكم، لخير مصر العريقة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي
- سوزان مبارك، والبرادعي
- صور آل البرادعي على فيس-بوك
- فليحاسبْني القانونُ على ذلك!
- شكرًا للصّ زهرة الخُشخاش
- الرحابُ فى جفاف
- مسرحية -قطط الشارع-
- مجدي أحمد علي مُخرج اللقطات الملهمة
- عسلٌ أسود، مرآةُ ميدوزا
- البنت المصرية سعاد حسني
- مسرحية -أوديب وشفيقة-
- مسرحية -العميان--أشعرُ بالقمر فوق يدي
- جبل راشمور في الشيخ زايد
- متشوّقون للجمال
- عقيدتُك ليست تعنيني
- محمود سلطان، الإعلاميُّ الجميل
- تثقيفُ البسطاء في ثقافة الجيزة
- صديقي المبدع، بهيج إسماعيل


المزيد.....




- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب