أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - كارثة القطيعة العربية لمدنية العالم وحضارته














المزيد.....

كارثة القطيعة العربية لمدنية العالم وحضارته


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3152 - 2010 / 10 / 12 - 17:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
هناك علاقة وثيقة للقطيعة الحضارية والمدنية لأية أمة مع أية أمة أخرى نتيجة لاشتداد التعصب الديني. وفي هذه الحالة تكون القطيعة الحضارية في أسوأ حالاتها، حيث يكون الصراع بين الأمم وحضاراتها صراعاً عقائدياً. ومن هنا، يصعُب أن يتنازل أي طرف للطرف الآخر، حيث يعتبر كل طرف من الأطراف المتنازعة، أو المتصارعة أن ما يعتقده هو الحق والصواب، الذي لا يأتيه باطل.
-2-

ولكن، شكراً للعلم الحديث وأجهزة الاتصالات الحديثة التي وفرها هذا العلم، والتي ساعدت - كما لم يسبق ذلك – على تقارب وتفاهم الشعوب، وتقريب المسافات بين الشعوب، وحدّت - إلى درجة كبيرة - من القطيعة بين الشعوب. فيما انحصرت هذه القطيعة بين فئات دينية متشددة فقط. ثم انكمشت هذه القطيعة، من الفضاءات العامة والمنابر السياسية، إلى داخل دور العبادة المختلفة، وظلت محصورة بين جدران هذه المعابد. وربما كان السبب أيضاً في هذا الانكماش ما يؤكده كثير من الباحثين والمفكرين كمُطاع صفدي المفكر السوري/الفرنسي في كتابه "نظرية القطيعة الكارثية" من أن "المجتمعات المدنية تتولى في العصر الحديث ريادة الانفتاح على بعضها، ومد جسور التعارف ما بين قواعد الأهرامات الدولية القائمة." وهذا – رغم الإنكار الشديد من الكثيرين – من "بركات" العولمة الاقتصادية التي أطلقت الشركات العابرة للقارات، وأزالت الحدود والسدود بين الدول والشعوب، حيث خفَّ الشعور بالقطيعة، والكوارث المتسببة منها.

-3-

لقد لفت نظري كثيراً، ما قاله الأستاذ علي بن سعد الموسى، في الأسبوع الماضي، في "الوطن" (13/9/2010) في مقاله بعنوان "نحن والرموز: ثلاثة يهود وخمسة عرب"، وهو المقال الذي كان هدفه وغايته، تنبيهنا بحرص وذكاء شديدين، إلى أن القطيعة الحضارية، هي الكارثة المُحققة لنا، ولأية أمة تسير في هذا الطريق الموحش، وخاصة عندما تكون هذه القطيعة بفعل إنكار علم وعطاء رموز كبار، والاستكبار على عطائها ومساهمتها في الحضارة الإنسانية جمعاء، وهو ما عبَّر عنه الدكتور الموسى بقوله في بداية مقاله، من أن " أية ثقافة تحترم نفسها، فإن مثل هؤلاء (الرموز الحضارية الذين ذُكروا في المقال من عرب وعجم) يجب أن يكونوا موضعاً للاتفاق والاختلاف البناءين، وأن يكونوا قصة نقاش وجدال مثمرين، من أجل الوصول إلى الحقائق المنشودة."

-4-

إن نداء الدكتور الموسى الحضاري، لن يُلبى إيجابياً إلا إذا تمَّ تغيير المناهج الدراسية المدرسية والجامعية في العالم العربي عامة، بحيث تصبح مثل هذه الرموز الحضارية من عرب وعجم، مادة للدراسة والبحث وترسيخ الوعي الثقافي الإنساني، في مدارك الطالبات والطلبة. فمن الملاحظ الآن، أن الشعراء الحداثيين العرب لا يُدرَسون في مدارسنا، ولا في جامعاتنا، كما أن فلاسفة العرب القدماء والمحدثين، وكذلك فلاسفة الإغريق والأوروبيين لا يُدرَسون، ولا تعرفهم طالباتنا، كما لا يعرفهم طلابنا في المدارس والجامعات، إلا من قرأ عنهم في مقال عابر، أو شاهد لهم كتاباً – ولم يشتره- في معارض الكتب السنوية. كما أن الحديث عن هذه الرموز من العرب والعجم في الإعلام الخليجي عامة، من غير المحبب غالباً، لمخالفتهم الإيديولوجيا المتوحدة السائدة. وإن تجرّأ كاتب، وتحدث عن فكر مثل هؤلاء الرموز، راح المفسرون، والمبشرون، والمتصيدون، يكيلون للكاتب ولما كتب، شتى التُهم المضحكة.

إذن، فالإعلام -حتى ولو قام بواجبه على أكمل وجه، وبكافة وسائله - لن يستطيع أن يُحيي هذه الرموز التي حولنا في الثقافات الأخرى، كما لن يستطيع إحياء رموزنا الثقافية القديمة والحديثة.

-5-

بوادر القطيعة بين العرب والعالم، اشتدت وطفت على السطح بعد كارثة 11 سبتمبر 2001، وإعلان قيادة الإرهاب متمثلاً بتنظيم "القاعدة" الإرهابي، أن العالم أصبح فسطاطين: "فسطاط الكفر"، و"فسطاط الإيمان". وتمَّ تبني هذا الخطاب دينياً، من قبل أصحاب المصلحة الضيقة، في هذا الخطاب المتشدد والمتشنج. واتخذ أعداء الإسلام في الغرب هذا الخطاب حجة وحاجة لتبرير خطاب القطيعة مع الإسلام وحضارته، وبالتالي مع المسلمين، كما يحدث الآن.

ولكن مُطاع صفدي في كتابه المهم عن "نظرية القطيعة الكارثية"، يلفت نظرنا إلى نقطة مهمة، وهي أن مفهوم القطيعة، يجب أن لا ينطبق على ما ادعته إدارة بوش من الانفصال بين عالم ما قبل 11 سبتمبر، وعالم ما بعد هذا التاريخ.

-7-

إن المعضلة الكبرى في العالم العربي انتفاء الحوار والنقاش. فالحقيقة لا يمكن الكشف عنها، والتوصل إليها إلا عن طريق الحوار والجدال. فالحقيقة هي صوت الجماعة، وليست صوت الفرد الأحادي. والرأي لا يُعرف إلا بالرأي الآخر. ويظل الرأي في صدور الأفراد ساكناً، ما لم تُتح له فرصة الظهور، نتيجة الاحتكاك بالرأي الآخر. ومن هذا الاحتكاك، تخرج شرارة الحقيقة التي يَقدحُ شررها حجرا الرأي والرأي الآخر. وبدون هذين الحجرين (الرأي والرأي الآخر) لا يخرج شررُ الحقيقة، ولا يظهر نور المعرفة. وكما قال الفيلسوف الألماني المعاصر يورغن هابرماس Habermas في كتابه "الأخلاق والتواصل"، المشترك مع الفيلسوف الألماني الآخر كارل آبل Apple ، فإن "الحوار هو الذي يكشف حدود التفاهم، بقدر ما يدفع بالمتحاورين إلى الإدلاء بما لديهم من الحجج والحجج المضادة." وبالحوار يتم التواصل، وبالتواصل تبزغ المعرفة.

فالرأي فردٌ واحد، والمعرفة جماعة!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كان السلام الدائم خرافةً ووهماً؟!
- أعيدوا الانتخابات لكي تحسموا الخلافات
- هل كان -العراق الجديد- أكثر خطورة على العرب من إسرائيل؟
- ايجابيات الاحتقان السياسي العراقي!
- هل أضاع العراق اللبن في الصيف كما ضيّعته دخنتوس؟
- احتمالات الحرب الأهلية في العراق
- ما هي المبررات الإرهابية لقتل العراقيين في رمضان؟
- العراق: من النزاع السلمي إلى الصراع المسلح
- صوت العقل الذي لم يسمعه سياسيو العراق
- العراق: من دكتاتورية العسكر إلى دكتاتورية الأفندية
- ماذا كان الدور الأمريكي المطلوب في العراق؟
- ما فعله الساسة في العراق لم يفعله الاجتياح العسكري!
- ما فعله العرب في العراق لم يفعلوه في إسرائيل!
- (إماتة العراق عطشاً بعد تدميره بالمتفجرات)
- صادق العظم مثالاً: الليبراليون وحل الأزمة العراقية
- انهيارُ المجتمع المدني قتلَ الديمقراطية في العراق
- هل قرأ بوش العراق من الداخل؟
- التقييم الاستراتيجي لديناميكيات النزاع في العراق
- خسائر العراق والعرب من تلاعب الدكتاتوريين الجُدد
- العراق هو الشغل الشاغل الآن للإعلام والسياسة


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - كارثة القطيعة العربية لمدنية العالم وحضارته