أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - قمة سرت التهريجية واهدار المصالح العربية















المزيد.....

قمة سرت التهريجية واهدار المصالح العربية


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3152 - 2010 / 10 / 12 - 16:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انعقدت قمة سرت الاستثنائية العربية وانفضت، كأنها لم تكن، لتضيف رقما جديدا إلى سلسلة القمم العربية العادية وغير العادية، التى لا تعدو كونها مناسبة إحتفالية بروتوكولية، يحضرها الملوك والرؤساء العرب لإلتقاط الصور وإلقاء خطب إنشائية، باتت تخلو حتى من تسجيل مواقف ذات حد أدنى، رغم أنه منوط بهذه الآلية رفيعة المستوى، خاصة في هذا التوقيت الحرج، تدارس التحديات المحيطة وإتخاذ قرارات حاسمة والتوافق على استراتيجيات تمس الأمن القومي العربي ومصيره الذي باتت تتهدده المخاطر وتعصف به الأنواء المعادية.
ولا أرى معنى ولا مبرر، لحضور القادة العرب قمة تحمل صفة الاستثنائية ، سبقتها بأشهر ليست بالبعيدة قمة عادية في ذات المكان، وما بين القمتين اجتماعات على مستوى الخبراء والسفراء فوزراء الخارجية، ثم يمضون دون أن يقروا ما هو مطروح على أجندتهم، بحجة الحاجة إلى مزيد من الدراسة أو إحالة الملفات إلى لجان ذات مستوى أقل، الأمر الذي يشير دون أدنى مواربة إلى أن هؤلاء يمارسون التهريج واللهو في غير موضعهما، ولا يبدون أية جدية ولا مسئولية تجاه العمل العربي المشترك، ولا يستشعرون الإلتزامات المنوطة بهم أزاء شعوبهم، ومستقبل أمتهم العربية التى أصاب الوهن قلبها ومفاصلها، وضربت الاختراقات خارطتها من محيطها لخليجها .
فالموضوعان المكرس لهما هذه القمة أساسا، "تطوير منظومة العمل العربي المشترك"، و"رابطة الجوار العربي"، تم ترحيلهما للمرة الثانية كحل مؤقت مرض للجميع، وفي تصوري أنه لن يحسم القادة موقفهم منهما بشكل حقيقي وجاد، لأنهما محل خلاف وتباين واسع في الرؤى، والتأثير الأمريكي حاضر فيهما بقوة، ويحتاج الأمر إلى إرادة سياسية للأسف غائبة عن هؤلاء الحكام، وتتطلب شجاعة في المواقف، وتحرر قبل هذا من أسر التبعية لواشنطن والرهان على الذات، لا الارتهان للخارج، بحثا عن المصلحة الوطنية والقومية.
وبدون هذه المعطيات، ستكون المحصلة صفرا، والحلول شكلية، ويتم تفريغ أى تغيير أو اصلاح من مضمونه، وما هو استراتيجي سيتم تحويله إلى تكتيكي، بغية إرضاء الجميع، ولو على حساب الإستحقاقات المطلوبة، والمصلحة العربية المبتغاة.
وهذا هو النهج العربي الرسمي المعتاد للقفز على الإشكاليات، بالتهرب من المواجهة، وليس انتهاج الحوار العقلاني والموضوعي والجدي، وصولا إلى نتائج تحقق الصالح العام وتضيف للجميع.
فمنذ غزو العراق وحتى الآن، وحديث التغيير والإصلاح متداول، يخفت حينا ويعلو أحيانا، ولا توافق حوله، فبعض الأنظمة العربية تتحدث عن تغيير شامل في بنية الجامعة العربية، لدرجة التضحية بأسمها التاريخي، وإستبداله بمسمى جديد كاتحاد على غرار الاتحاد الافريقي أو الاوروبي، وإستبدال اللجان بمفوضيات، واستحداث آليات جديدة، والبعض الآخر يرى ضرورة الحفاظ على المسمى الراهن، وتنشيط الآليات القائمة، أو تركها كما هي كرمز تاريخي فحسب، له قيمته المعنوية أكثر من المادية، بينما آخرون يرون أنه لا جدوى من هذه المؤسسة العتيقة وأنها قضت نحبها وفي إنتظار إعلان وفاتها ومن ثم دفنها، والتركيز على الكيانات الأصغر والأقرب إلى ذات الخصائص الإقليمية، مع الإندماج في ذات الوقت مع الأطر الدولية.
وكل من هؤلاء، له رهاناته الفردية، ولايدرك المصلحة المتحققة من وراء التمترس حول كيان عربي جامع قوى وفعال، واستيعاب أن الأمن الجماعي بصوره المتعددة الشاملة ضرورة ملحة، وليست شعارا أو مطلبا عابرا، خاصة حين يكون العدو مشتركا والتحدى واحدا والمصير مهددا.
وأن نقطة البداية في امتلاك الارادة السياسية، وليس البحث عن مسمى أو إنشاء هياكل ومؤسسات شكلية، مثلما حدث من قبل في قمة الجزائر، التى حملت شعار "قمة اصلاح العمل العربي المشترك"، ودشنت مؤسسات لحقت بغيرها بلا جدوى ولا أثر.
وبنفس عدم الجدية في التعاطي مع"تطوير منظومة العمل العربي المشترك"، يجئ التعاطي مع"رابطة الجوار العربي"، رغم خطورة الملفين، وكونهما يكمل كل منهما الآخر ويحققان مصلحة عربية ملحة ولا تستدعي أي تلكؤ أو مماطلة أو استهانة.
وإن كان الملف الثاني وضعه أكثر صعوبة، لأنه يحظى بمعارضة علنية من جانب كثير من الأنظمة المرتهنة لأمريكا، لأنهم بقصور رؤية، وغباء سياسي، يتبنون وجهة النظر الأمريكية في العداء لإيران، واعتبارها العدو للعرب بدلا عن الكيان الصهيوني العدو الحقيقي للأمة العربية حاضرا ومستقبلا.
ويغيب عنهم أن عدو عدوي صديقي، وأن ثمة تلاقيا في المصالح والأهداف، وأن هذه الدولة القوية والمتطورة وذات التأثير الأقليمي الملحوظ، ستضيف حال التحالف معها، إلى معادلة القوى العربية المختلة، وستمثل الرافعة من حالة الانحدار الحالي، وستعيد التوازن المفقود مع الكيان الصهيوني، إن لم تضعف هذا الكيان وتقلم أظافره هو ومن يقف وراءه، ويستضعف المنطقة ويهدد مستقبلها.
ومن المؤسف، ألا يعي هؤلاء القادة الذين يمثلوننا ويتحدثون باسمنا هذه الأهمية الاستراتيجية للتحالف مع إيران، ويستهترون بما طرحه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، ويضغطون عليه على ما يبدو، للدرجة التى تم فيها تفريغ الطرح من مضمونه قبل ترحيله، ليتم الحديث عن منتدى للحوار، وليس رابطة ذات أهداف استراتيجية، ويتم استبعاد اسم إيران، والحديث عن أطراف أخرى تضعف العرب وتمثل عبئا عليهم، على الأقل في هذه المرحلة، كبعض دول أوروبا المتوسطية أو أفريقيا من الفقراء والضعفاء والمخترقين من القوى العظمى و إسرائيل.
وحتى الملفات السياسية الملحة التى كانت كل واحدة منها تستدعى قمة بمفردها، تم العبور عليها، كأنها لا تستحق وقفة جادة ومواقف حاسمة تتسم بالمسئولية، فأزمة السودان لم تأخذ مكانتها اللائقة على خطورتها، وأكتفوا قادتنا بعبارات مكررة عن التضامن مع السودان واحترام سيادته ووحدة أراضيه، وتقرير دعم مالي، لن يتم الوفاء به كما هو حال الإلتزامات المالية السابقة، ولم يتعاملوا بجدية مع انفصال الجنوب الذي بات قاب قوسين أو أدنى، وبحث كيفية إحباطه، وكأن الأمر لا يعنيهم، رغم أن عدواه ستنتقل إن عاجلا أو آجلا للمنطقة كلها، إذا نجح هذا المخطط الصهيوأمريكي للتقسيم.
وسبب عدم النقاش الجدي لهذه القضية ذات التداعيات الكارثية، مفهوم في اطار أن تقسيم السودان وإستضعافه رغبة أمريكية لا يجب الوقوف في طريقها، كما هو الحال في تجاهل أزمة تشكيل الحكومة العراقية وصراعات القوى السياسية المختلفة التى أحدثت فراغا يزيد من معاناة الشعب العراقي، الذي يعاني أصلا منذ التآمر عليه وتدمير مؤسساته ونهب ثرواته وإعادته إلى حقبة الاستعمار الاحتلالي.
والشئ نفسه تكرر في قضية العرب الأولى، التى لم تتطرق لها القمة من قريب أو بعيد، ولم يًشر إليها بيانها الختامي، مكتفين بما أراده رئيس السلطة الصهيوأمريكية محمود عباس أو بالاحرى ما أرادته إدارة اوباما منه ومن العرب عبر لجنة المتابعة العربية التى باتت سيئة السمعة بلا جدال، بلعبها دور المحلل لما هو محرم، والتى بدلا من أن تُوصي بإنهاء لعبة التفاوض العبثية، بعد أن وصلت لمنتهاها، وفاحت رائحتها النتنة، و بعد أن تمت مكافأة الكيان الصهيوني على تشدده وعدوانه بصفقة طائرات أمريكية أكثر تطورا، تسير "لجنة منح الشرعية العربية للتنازلات" وراء عباس وتنفذ التعليمات الأمريكية في تعليق المفاوضات دون الإعلان عن توقفها، والحديث عن مهلة شهر لإدارة اوباما لتجديد مساعيها لوقف الاستيطان، وفي حقيقة الأمر فإن المهلة فقط لتحرير إدارة اوباما من أية ضغوط وتمرير انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الذي تلعب فيه ورقة الصراع العربي الإسرائيلي دورا جوهريا، ما يعني أننا وصلنا إلى درجة التضحية بمصالحنا من أجل مصالح الآخر، ومن مجرد تلقى الضغوط والمناورة حولها إلى الانبطاح و التلذذ المرضي بإطاعة أوامر السيد الأمريكي الراعي الرسمي للكيان العدواني الصهيوني.
فعن أية قمة، وأية استثنائية نتحدث، وأي إصلاح نرتجي ، وإلى أي مصير نمضي؟
*كاتب صحفي مصري
Email:[email protected]



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يكون للاستغلال ورثة وللنضال حصاد
- الورقة الايرانية والورقة الامريكية والرهان العربي
- عفوا عمرو موسى.. الموقف الرصين لا يقتضي شراء الوهم
- دراما رمضان المصرية :تلميع وتنميط وتشويه
- مسلسلات رمضان المصرية:استنساخ يكشف عن افلاس درامي
- عقد من السينما التسجيلية والقصيرة المصرية:حركة في ذات المكان
- المؤامرة على قوى المقاومة وجدارة نصر الله
- طلاق بائن بين إسرائيل والفلسطينيين و-محلل عربي-
- ثورة يوليو العربية وبوصلة تحرير فلسطين
- -ماراثون-:كوميديا موقف وتوظيف جذاب ل-الاوتيزم-
- رجال مبارك وعباس والتطبيع الديني
- صراحة ليبرمان وتناقض عباس وفياض
- حرب فرنسا الصهيونية على المقاومة
- حين يلون -خان الهندي- صورة السوداء لأمريكا
- تجريع الفلسطينيين السم بالعسل
- لا عزاء للفلسطينيين ولا للشعب العربي
- تجليات الهم الانساني وحكمة العجائز
- العدو الاول للعرب الذي نراهن عليه
- مأزق عباس وسلة البيض الامريكية
- الإنسان حين يصارع ذاته ويحتج بالإنتحار أو الهروب


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - قمة سرت التهريجية واهدار المصالح العربية