أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثاني-11














المزيد.....

سيمفونية العودة- المشهد الثاني-11


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3152 - 2010 / 10 / 12 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


انتظِر ُعودته بتحرّق. "الانتظارُ صخبٌ مبعثه القلق". هكذا كتبَ رولان بارت وهكذا أشعر الآن. قلبي نحلة نزقة تقفز على أغصان الترقـّب. أتناولُ كتابًا لدرويش وأقرأ لعلـِّي أتخلـّص من هذا القلق.

وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرةِ الموتى،
و قالوا : أنت قاتل !

أخذوا طعامَهُ و الملابس و البيارق
ورموه في زنزانة الموتى،
وقالوا : أنت سارق !

طردوه من كل المرافئ
أخذوا حبيبته الصغيرة
ثم قالوا : أنت لاجئ !

يا دامي العينين و الكفين !
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
و لا زرد السلاسل !

نيرون مات ، ولم تمت روما ...
بعينيها تقاتل !
وحبوب سنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل ..!

*



من قال إنَّ الحياة بدون تحديات، حياة لا يجب أن نحياها..؟! أحيانًا تكونُ التحدياتُ أكبر من طاقتنا على الإحتمال. آهٍ، سقراط ..! لو أنك تدرك كمية التحديات التي واجهتها منذ الشهقة الأولى، لكنت تراجعت عن فكرتك.
تناولتُ الدمية الروسية، دميتي المفضلة.
رحتُ أحررُ دمية ً من جوفِ الأخرى.
كهذه الدمية هي الحياة.
كلما تمكـَّنتَ من دمية، تباغتــُكَ بدميةٍ أخرى إلى أن تنتهي اللعبة.
أخيرًا، لمحتُ آدم.
حين تغيّرتْ إشارة ُ المرور عبرَ الشارع.
صار القلقُ حصانا جامحا مستعص ٍعلى الترويض.
أحسستُ بالرهبة تغمر روحي وهو يتهالك فوق الأريكة.
أشعلَ سيجارة من عقبِ أخرى وراح ينفثُ دخان سيجارته من حولي وهو يرشفُ قلقي.
لم أعد أقوى على الانتظار. رجمته بالسؤال:
-ماذا أرادوا منك.؟!
= أن أعمل معهم.
-تعمل معهم..!
= قال الرجل: "عار عليك أن تعمل في تنظيف السيارات وأنت شاب مثقف.
تعاون معنا، نجد لك ولزوجتك عملا في سلك التدريس".
-ألم تخبرهم أنك لم تعد تجد الوقت لممارسة أي نشاط سياسي في الجامعة..؟!.
= أخبرتهم. لكن الرجل قال:" لا نريدك أن تتخلى عن نشاطك، بل أن تبقى وسط الطلاب لتنقل لنا أخبارهم".
-وماذا أجبته..؟!
= قلتُ له: "أعمل في "الزفت ولا أحتاج الزفت." فجنّ جنونه وسألني: " يعني أنا الزفت..؟!"
أجبته: "هذا مثل."

*



لم تنتهِ ملاحقات رجال الأمن لآدم. ظلوا يتصلون بنا في البيت عازمين على إغوائه بالعمل معهم ، إلى أن أخبر آدم أحد الصحفيين بالأمر فكتب مقالا فضح فيه كل التفاصيل والأسماء، فكفوا عن مطاردتنا.

*



جارتي لا تجيد القراءة والكتابة، عرضوا عليها العمل كمدرّسة في سلك التعليم. ألايكفي رضاهم عن زوجها الذي يتعاون معهم كي تصل إلى أرقى المناصب. طبعا، هم معنيون بمدرّسين ينشرون الجهل في وسطنا العربي، كي نظل في القمقم. وكما يُقال، على كل عربي في الداخل خمسة جواسيس عرب، كلّ منهم مستعد أن يبيع جاره أو قريبه أو حتى ابنه لأجل منصب مرموق.

*



انتهت السنة الدراسية الجامعية بعد رحلة بقاءٍ شاقة. حاولتُ أن أعثر على وظيفة في سلك التدريس، إلا أنّ أبواب وزارة المعارف كانت مغلقة في وجهي. قرأتُ اعلانا عن وظيفة شاغرة فهرعتُ أقابل مفتشة اللغة الانجليزية في حيفا. قابلتني بحفاوة فقد كانت في أمسّ الحاجة لمن تقوم بتدريس اللغة الانجليزية بعدما اضطرت المُدَرِّسَة للتنازل عن وظيفتها بسبب إنجابها المبكر.
بعدما اطمأن قلبي إلى أن الوظيفة صارت مضمونة، قامت المفتشة باتصال هاتفي. امتعض وجهها. أعادت السماعة مكانها. ثمّ، اعتذرت عن عدم تمكنها من السماح لي بالتدريس.
آهٍ أيتها الأبوابُ المغلقة، أين المفرّ..؟!
هنالك وظيفة شاغرة في المدرسة الثانوية في الناصرة.
توجهنا إلى الناصرة.
أخيرا،حصلتُ على وظيفة..! فقد قام رئيس البلدية، المناضل توفيق زيّاد، بتوظيفي فورا، متحديا كل التهديدات.
كان حظي أفضل من حظ الآخرين. ها مُدرّس علم الاجتماع يخبرني أنه حصل على الوظيفة بعدما قامت البلدية بتوظيفه دونما راتب إلى أن ربح القضية في المحكمة التي أعلنت أن ليس هنالك ما يمنع انخراطه في سلك التدريس، طالما المدرسة بحاجة إلى مُدرّس وهو حاصل على الشهادات المطلوبة.

*



مشوارُ الألفِ ميل، يبدأ بخطوة. ها نحنُ نخطو الخطوات الأولى فوق طريق الآلام، مصرين على حمل كل صليب نضطر لحمله لأجل استمرارية هذا الزواج المختلط المُدان بالفشل من قِبل المجتمع والمدان بالازدهار من قبل قلبين عاشقين يؤمنان أن الحياة لا تسلّم مفاتيحها إلا لمن لا يخشى المواجهة.





#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-10
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 9
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني-8
- سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 7
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-6
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-5
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-4
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-3
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 2
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 1
- سمفونية العودة-الفصل السادس
- سمفونية العودة-الفصل الخامس
- سمفونية العودة-الفصل الرابع
- سمفونية العودة-الفصل الثالث
- سمفونية العودة-الفصل الثاني
- سمفونية العودة-الفصل الأول
- وأنَا أبحَثُ عنِّي.. وَجَدْتُكَ
- مذكراتُ أنثى عاطلة عن الأمل
- ومن لا يعرف ريتا ..!؟- عرض الأديب السيد حافظ
- الطَّريقُ هيَ الطَّريق


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثاني-11