أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - البكاء على اطلال السينما















المزيد.....

البكاء على اطلال السينما


هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي

(Haitham Jabbar Abbas)


الحوار المتمدن-العدد: 3151 - 2010 / 10 / 11 - 15:55
المحور: الادب والفن
    


البكاء على أطلال السينما

تكست / هيثم جبار عباس


امام تمثال العامل , وعلى بعد خطوات من قِِدر أم البروم الحديث , ثمة ركام , وبقية من ماض مازال عالق في ذاكرة البصريين , الا ان الصدفة شاءت ان تلعب لعبتها , فشع نور احمر من بين ذلك الركام , والسقف المهدوم , واكوام الطابوق , بكلمة مشطورة الى نصفين ( الكر/ نك ) . لا يوجد بصري يرى منظر سينما الكرنك اليوم الا وتلتهمه الحسرات على تلك الايام التي كانت تعج بالسينما وروادها .
ان من اهم الظواهر الحضارية والثقافية في جميع البلدان هي دور السينما , فالسينما لها تأثير مباشر وفعال على جميع المجتمعات العربية والغربية, وهذا التأثير له القدرة على التغيير والارتقاء بالمجتمع , اذ ان السينما هي رافد ثقافي تربوي في آن معا .
كثير من الأميين الذين لم يقروا كتابا واحدا في حياتهم الا ان السينما منهلهم الثقافي الوحيد في الحياة , لذا نرى المدمنين على السينما والذين هم على وشك الانقراض يحملون قيما إنسانية وأخلاقية عالية استلهموها من شخوص وإبطال السينما , فمشاهدة الفلم عبارة عن قراءة قصة او رواية
والرواية مستنبطة من واقع معيشي , أي انها تجربة واقعية زمكانية لمجتمع ما , كثير من عشاق السينما من يحفظ مصطلحات باللغة الانكليزية , يعجز عن حفظها اليوم طالب جامعي , وان الذي لفت انتباهي هو ابان سقوط النظام البائد رأيت رجلا عجوزا يبلغ من العمر اكثر من ستين عاما يتحدث مع جندي بريطاني , وحينما تحريت عن هذا الرجل وجدته أمي , وهذه المصطلحات تعلمها من السينما حيث قال لي : حينما أشاهد الفلم انظر الى الصورة وأصغي الى اللغة الانكليزية ولم اشغل فكري بقراءة الترجمة لانني لا اعرف القراءة والكتابة , هذه هي السينما وهذا عطاؤها وهؤلاء عشاقها , واكثر الناس عشقا للسينما هم البصريون , حيث عرف البصريون السينما في ثلاثينيات القرن الماضي واول دار سينمائي في البصرة هي سينما ( الحمراء ) التي تم افتتاحها عام 1933 , ثم افتتحت سينما الوطني عام 1935 , وبعدها سينما الرشيد عام 1936 , وبدأت السينمات تتكاثر في البصرة منذ تلك العقود , حتى وصلت الى اكثر من عشرين سينما في مدينة البصرة , وكانت السينمات شتائية وصيفية , وليس في مركز المدينة ( العشار ) فحسب بل كانت في البصرة القديمة وفي الجمهورية والابلة وبريهة , وكان الفلم الذي يعرض في احد السينمات في العشار يتم عرضه في اليوم الثاني في احد السينمات الاخرى في الابلة او في الجمهورية وهكذا , ومن السينمات التي ما زال يذكرها البصريون هي سينما شط العرب الصيفي الذي كان موقها المجمع التسويقي الان في العشار , وسينما الوطني , والرشيد واطلس , وهوليود ( سينما غازي ) في شارع الوطن , وسينما السندباد خلف سينما الوطني الصيفي , وسينما البصرة حاليا مجمع حجي جاسب , وسينما النصر مقابل سينما البصرة , وسينما الحمراء الجديدة الشتوي موقها في مدخل بريهة , سينما الحمراء الجديدة الصيفي شمال منطقة بريهة قرب ساحة عبد الكريم قاسم في شارع الاطفاء , سينما الحمراء القديمة الشتوية في ما بعد سميت الكرنك في ساحة ام البروم , سينما الحمراء القديمة الصيفية شمال مأرب المربد قرب بريد البصرة , سينما السياب , سينما بورت كلوب خلف مستشفى المواني , سينما الميناء الشتوي وسينما الميناء الصيفي في المعقل , سينما الرافدين في البصرة القديمة شارع سيف , سينما رويل قرب سوق العطارين في العشار , هكذا كانت البصرة تعج بالسينمات , واليوم كل من يمر في ساحة ام البروم ويرى سينما الكرنك وهي خاوية على عروشها , عبارة عن كومة من الانقاض فلا يسترق النظر اليها حتى تخنقه العبرة وتأكله الحسرة .
لا ادري ما هو السبب الذي يجعل من المسؤول ان يرى السينما هي بيت الشيطان والدخول الى السينمات حرام , لماذا ينظرون الى السينما على انها عارضة ازياء للملابس القصيرة اوالصور نصف العارية , لماذا لا ينظرون الى الجانب الاخلاقي في السينما , الى الدرس الانساني الذي تتعلمه الناس من ثيمة الفلم , لماذا لا ينظرون الى التضحية والكفاح والايثار الذي يستلهمه المشاهد من الفلم السينمائي , لماذا يركزون احداقهم في اشياء تافهة ويتركون غاية السينما التي نشأت من اجلها .
هذه نظراتهم القاصرة جعلت سينمات البصرة عبارة عن مخازن لبضائع التجار ولم تبق في البصرة سوى سينما اطلس التي فتحت بعد غلقها الذي دام اكثر من خمس سنوات .
التقينا مدير سينما اطلس / السيد محمد محمود شاكر فتحدث : تم افتتاح سينما اطلس اول يوم عيد الفطر المبارك سنة 2009 وقد واجهنا صعوبات كثيرة بسبب غلق السينما حوال 5 او 4 سنوات , وحينما تكون السينما مغلقة تصبح ظاهرة افتتاح السينما شيئا غريبا بالنسبة للجيل الجديد, حين يأتي شخص يتفرج على صور السينما يتفاجأ وعند دخوله ومشاهدته شاشة كبيرة فكأنه يرى شيئا غير مألوف , للاسف الشديد وصل جيلنا الى هذه المرحلة .
لان السينما دار ثقافي تقوم بتفعيل حركة البصرة الثقافية ولكن للاسف الشديد ان تسليط الاضواء عيها لم يكن بالمستوى المطلوب .
السينما ترتبط معها ثلاث دوائر حكومية دائرة السياحة والسفر ومديرية البلدية ودائرة الصحة , دائرة السياحة وقفت معنا بكثير من الامور وقدمت لنا الدعم المعنوي اما مديرية البلدية فقد واجهنا منها معاناة كثيرة ووقفت حائلا دون افتتاح السينما بسبب القانون المطبق في زمن النظام السابق ولحد الان مازال فعالا وهو ان لمديرية البلدية 30% من نسبة التذاكر فكيف استطيع ان ادفع للبلدية نسبة 30% اذا كان عدد الإقبال على السينما اقل من عشرين شخصا , اتصلنا بمدير البلدية وقلنا له : نحن خسرنا أموالا بما فيه الكفاية بدون أي ربح نحن فقط نريد ان نعيد نشاط السينما في البصرة , السينما بحاجة الى كوادر بحاجة الى افلام , تجتاج تبديل التكراسي وتصليح الاثاث , بحاجة الى ترميم , الصيف مقبل بحاجة الى تبريد لماذا يقومون بعرقلة افتتاح السينما ويكسرون كل طموح لدينا ,
حاولنا الاستنجاد بالمحافظ ولكن استغاثتنا ذهبت ادراج الرياح , لم نر أي مساعدة لا معنوية ولا مادية من قبل المحافظة , فمديرية البلدية تقول : لا استطيع ان اسقط هذه النسبة الـ( 30% ) فقدمنا كتابا للمحافظ على ان يتحمل هذه النسبة او تأجل لمدة سنة على سبيل المثال لكي تستطيع السينما ان تفق على اقدامها , ولكن للاسف الشديد لم يدعمنا حتى بهذا الكتاب .
هذا بالنسبة لمديرية البلدية والمحافظة اما دائرة الصحة فقد قامت بغلق السينما لمدة سبعة ايام والسبب هو تجديد عدم الاجازة فهل تجديد ورقة معلقة على الحائط يستوجب إغلاق دار عرض ثقافي لم تمارس عملها منذ أكثر من خمس سنوات ؟ , وحين التقيت بمدير الصحة قال : هذا ليس عملي ولا مسؤوليتي هناك جهات اعلى مني تطبق القانون وكان القانون مطبق بجميع حذافيره عدا سينما اطلس لا تطبق القانون , فغلقت لمدة سبعة ايام مع غرامة (50) الف دينا عراقي وتم تجديد الاجازة .
المشكلة ان سينما اطلس هي السينما الوحيدة التي بقيت في البصرة فسينما الكرنك هدمت , وسينما الرشيد بيعت لاحد التجار وسينما الوطن اصبحت مخازن للبضائع .



#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)       Haitham_Jabbar_Abbas#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافات مستهلكة
- محمد طالب الاسدي يرغم مظفر النواب على صعود السفينة
- جمادات حية
- بصمات الارجوان في (خارج السواد)
- هروب الى وطن
- مبارزة
- زينب
- مشروع شعري جديد للشاعر هيثم عيسى عن دار ازمنة
- اكباد الآلهة
- حوار مع ابي الطيب المتنبي
- الثعالب لاتقود الى الورد بل تقود الى نسف الموروث
- احلام لا واقعية
- دم وتراب
- من سلالات الضياع
- مخاض
- عراقيون
- بغداد
- خالد خضير والقضية الشعرية
- خروج بدون ارادة
- قصيدتان


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - البكاء على اطلال السينما