أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق آلهتنا ( 10 ) - الله جعلناه لصا ً .















المزيد.....


نحن نخلق آلهتنا ( 10 ) - الله جعلناه لصا ً .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3151 - 2010 / 10 / 11 - 07:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنتابتنى الحيرة فى إرفاق هذا المقال على أى سلسلة من المقالات التى أكتبها ..فمضمونه يمكن أن يخدم سلسلة مقالات " الدين عندما ينتهك إنسانيتنا " حيث يبرز لنا كيف نكون إزدواجيون فى الفكر والسلوك و تقبل الشئ ونقيضه ...كما يمكن أن تُرفق بسلسلة مقالات " تديين السياسة أم تسييس الدين " فهى تقدم تعضيد قوى لفكرة أن الدين ماهو إلا مشروع سياسى توسعى لا يتوانى السياسى ( النبى ) عن إبداع النصوص والقصص ليلحفها بالمقدس لتخدم أجندته السياسية .
كما يمكن التعامل مع فكرة المقال فى تدعيم سلسلة مقالات " نحن نخلق آلهتنا " لتقدم رؤية قوية لكيفية قيام الإنسان بخلق إلهه بالصورة التى ترضى حاجاته ونفسيته ومزاجه وأطماعه .. ولنجعلها تكون هاهنا .

نحن نخلق آلهتنا كما نريد ونُشكل ملامحها وفقا ً لحاجاتنا النفسية ورغباتنا بل وأهوائنا أيضا ً ..فخلقنا الإله ووضعنا عليه صفاتنا البشرية التى نَستحسنها فنمنحاه العدل والرحمة فى عالم قاسى يسحقنا ..ولم نجد بأسا ً فى أن نجعله مقاتلا ً وربا ً للجنود ومنتقما ً من أعدائنا والظالمين والطغاة .. ولعلنى تطرقت فى المقالات السابقة لبعض الصور التى شكلنا منها الإله .
بقدر ما أحسنا فى رسم ملامحه فى الكثير من الأحيان إلا أننا بشر نمتلك الوحشية والشراسة مع كم لا بأس به من الجهل والبداوة ..فمددنا فرشاتنا لنضع ألوان قاتمة على الصورة التى رسمناها فجعلناه داعيا ً للقتل والذبح والتطهير العرقى , ولم نخجل أيضا ً أن نجعله لصا ً داعيا ً ومباركا ً لأفعال اللصوص الكبار.!

توقفت فى طفولتى أمام قصة خروج اليهود من مصر لتصيبنى بصدمة فى أحداثها وسيناريوهاتها كما صدمتنى عشرات القصص الأخرى التى تفيض بشاعة ولا يوجد ما يبررها بل هى تُلقى بالمرء أمام تلال من التناقض وتزرع بذور الشك وتخاصم كل قيمة جميلة شاء للمرء أن يقتنيها .
تقول القصة :
وأعطى نعمة لهذا الشعب في عيون المصريين . فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين . بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين " سفـر الخـروج (3 : 21 – 22)
" وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى . طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً . وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم . فسلبوا المصريين " سفـر الخـروج (12 : 35 – 36)

إندهشت من هذا السرد ..فالله هنا يشجع اليهود على سرقة المصريين وبخسة وندالة !!
الله يًمارس دور المُخطط والمُدبر والمُيسر للسرقة بأن أعطى نعمة فى عيون المصريين حتى يُعيروا اليهود أمتعتهم من فضة وذهب وثياب ولا بأس من بعض ملابسهم الداخلية وأوانى حلل الطهى ..فيقرضهم المصريون الطيبون طلباتهم لينهبها هؤلاء الرعاع ويفروا بها من أرض مصر .
حسب القصة فالمصريون تم خداعهم والخدعة لم تأتى من اليهود بل من المخطط والمدبر الأكبر .!!
ماهذا الذى أسمعه هل السرقة أصبحت حلال ؟!!..هل الله مالك الكون وواهب النعم ينزلق ويخطط لهكذا عملية نهب وسلب ؟!!..هل الله يعجز عن منح اليهود الخيرات والنعم الوفيرة بدون أن يسلبوا المصريين ليحافظ على وصيته الشهيرة " لا تسرق " .؟!!

هذه القصة أثارت فى داخلى الغضب ليست للحمية على أجدادى المصريين فحسب بل لأننى أرى القيمة وهى تنهار بهذا الأسلوب المخادع والقذر الذى تمت به السرقة والنهب وإشتراك الله فيه ..لتبدأ الشكوك تفعل فعلها فى داخلى .
أردت أن أتخابث مع أبى الذى يحمل إيمانا ً عميقا ً لمثل هكذا قصص بل له قدرة على إبتلاعها بسهولة ويسر شأنه شأن أى إنسان إنبطح أمام المقدس فأسأله : أبى ..لو هزمنا إسرائيل فى حربنا معها ( كان هذا قبل هزيمة 67 المخجلة ) فهل يحق لنا أن نسرق منازلهم وأموالهم وأجهزتهم التلفزيونية ودراجاتهم .
أبى يجيبنى بلهجة قاطعة : لا يجوز فهذه سرقة وخطية والرب قال " لا تسرق " وسيكون مصيرنا بحيرة النار والكبريت إن نهبناهم.
ولكن يا أبى : موسى واليهود فعلوا هذا عند خروجهم من مصر ..إنهم سرقوا المصريين .!!
أتذكر إرتباك أبى أمام هذا المطب ولكنه تدارك نفسه برد رائع وقال : هذا زمان وقد ولى .
إلى الآن أحترم وجهة نظر أبى فهو زمان وولى ..هو تاريخ لجماعة بشرية وليس أكثر من هذا ..تاريخ بلا قداسة ولا مقدس ..ولكن من يريد أن يجعله مقدسا ً وآيات تم إلقاءها من السماء وإرادة إله هكذا تعامل مع الحدث فعليه أن يبرر كيف يكون الإله لصا ُ بل زعيما ً للصوص .

فى الحقيقة أن هذه القصة ليست الوحيدة والفريدة فى الكتاب المقدس فالتراث العبرانى ذاخر لحد التخمة بقصص السلب والنهب للشعوب الأخرى ..وسأحاول أن أذكر البعض منها .

من سفر التثنية 20 : 10 ، 14 : " وَحِينَ تَتَقَدَّمُونَ لِمُحَارَبَةِ مَدِينَةٍ فَادْعُوهَا لِلصُّلْحِ أَوَّلاً. فَإِنْ أَجَابَتْكُمْ إِلَى الصُّلْحِ وَاسْتَسْلَمَتْ لَكُمْ، فَكُلُّ الشَّعْبِ السَّاكِنِ فِيهَا يُصْبِحُ عَبِيداً لَكُمْ. وَإِنْ أَبَتِ الصُّلْحَ وَحَارَبَتْكُمْ فَحَاصِرُوهَا فَإِذَا أَسْقَطَهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ فِي أَيْدِيكُمْ، فَاقْتُلُوا جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ، وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ أَسْلاَبٍ، فَاغْنَمُوهَا لأَنْفُسِكُمْ، وَتَمَتَّعُوا بِغَنَائِمِ أَعْدَائِكُمُ الَّتِي وَهَبَهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ. " ... تمتعوا بالغنائم التى وهبها الرب لكم .!!!

(( وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى : انْتَقِمْ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَعْدَهَا تَمُوتُ وَتَنْضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ». 3فَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: جَهِّزُوا مِنْكُمْ رِجَالاً مُجَنَّدِينَ لِمُحَارَبَةِ الْمِدْيَانِيِّينَ وَالانْتِقَامِ لِلرَّبِّ مِنْهُمْ. . . . فَحَارَبُوا الْمِدْيَانِيِّينَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ؛ 8 وَقَتَلُوا مَعَهُمْ مُلُوكَهُمُ الْخَمْسَةَ: أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابِعَ، كَمَا قَتَلُوا بَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9 وَأَسَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ الْمِدْيَانِيِّينَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَغَنِمُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَسَائِرَ أَمْلاَكِهِمْ، وَأَحْرَقُوا مُدُنَهُمْ كُلَّهَا بِمَسَاكِنِهَا وَحُصُونِهَا، 11 وَاسْتَوْلَوْا عَلَى كُلِّ الْغَنَائِمِ وَالأَسْلاَبِ مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ ))

*وفي سفر يشوع في العدد 19 : " أَمَّا كُلُّ غَنَائِمِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ، فَتُخَصَّصُ لِلرَّبِّ وَتُحْفَظُ فِى خِزَانَتِهِ ".

* "ويقف الأجانب ويرعون غنمكم. ويكون بنو الغريب حرّاثيكم و كرّاميكم. أمّا أنتم فتُدعَون كهنة الرّبّ. تُسمّوْن: خدّام إلهنا. تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتأمّرون " .اشعيا:61/5
* (كل من وجد يطعن وكل من انحاش يسقط بالسيف. وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم). سفر أشعيا (13: 15، 16):

تلهيك هذه النصوص بحجم بشاعتها وهمجيتها والتى مارسها اليهود بأوامر من الرب , فهم لم يكتفوا بالقتل بل مارسوا عملية تطهير عرقى لم تسلم منها رؤوس الأطفال !! فتنسى فى خضم هذه الوحشية والبربرية أن هناك سلب ونهب وتمتع بغنائم الأعداء التى وهبها الله لهم !!
لك أن تختار هنا ما بين وجود إله هكذا يكون فكره وسلوكه أو أن الأمور لا تزيد عن وجود مجموعة قبائل همجية مارست الذبح والنهب وخلقت إلها ً ونصا ً يسوق لها هذا.

ولكن إشكالية النهب والسرقة لا تقف عند الغنائم من الذهب والفضة والأغنام والحمير فتتعداها لتصل لتسويق مشروع السرقة الكبرى وهو وطن بأكمله يتم سلبه من أصحابه .
نجد أن التوراة منذ نصوصها الأولى وهى تمهد لقصة الأرض الموعودة وتلح إلحاح قوى على منح الله أرض فلسطين وكنعان لليهود وليس علينا الإندهاش فالتوراة لم تأتى إلا لتسويق هذا مشروع .. بل أننا لو حاولنا نزع هذا المشروع من التوراة فلن نجد شيئا يستحق القراءة .

فى طفولتى الساذجة كنت أظن أن الله منح إبراهيم وأولاده أرضا ً فضاء خالية لا يقطنها أحد ولكنى أكتشفت أن هذه الأرض يسكنها الكنعانيون والفلسطينيون قبل ان تدوس قدم إبراهيم تلك الأرض .!!
في سفر التكوين : : "أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين لأعطيك هذه الأرض للاستيلاء على ذلك"
و "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات... فإنّي أسلم إلى أيديك سكان الأرض، فتطردهم من أمام وجهك، لا تقطع لهم عهداً، ولا تأخذك بهم رحمةٌ".‏

كما كان يستنفرنى بشدة مقولة أن مصر ستكون من نصيب ديان وجولدا مائير ( ديان وزير الدفاع الإسرائيلى وجولدا رئيسة وزراءه آنذاك ) إستنادا ً على هذا النص الأخير .
لأسأل سؤالا ً بريئا ً ..طالما ربنا حابب إبراهيم هو ونسله هكذا فلماذا لا يهبهم قارة أمريكا فهى أرض ممتدة الأطراف وتنعم بثروات هائلة وخالية من البشر بعيدا ً عن هذه الأرض المحدودة بسكانها الأصليون .!!
بالطبع لا اليهود ولا فكرة إلههم يهوه يعلموا شيئا عن أمريكا فالأمور لا تزيد عن فكر إنسان بدوى همجى حلم فى أن ينال أرض فلم يجد إلا أرض الكنعانيين ليسرقها بعد أن رأى أنها أقل الممالك قوة فهكذا إمتد طموحه .. فلم يَجرؤ خياله أن يُفكر بأن يستقطع قطعة أرض من ممالك عظيمة كمصر وبابل ..لذا صارت الأرض الموعودة هى هذه البقعة الصغيرة والبائسة من الأرض .

قبل أن نتطرق لقصص أخرى فى التراث الدينى يجدر الإشارة أن الله فى صورتيه المسيحية والإسلامية قد أقرا بعملية نهب فلسطين وكنعان القديمة ..إن المسلمين والمسيحيين يتفقون بأن الله وعد الشعب اليهودي بهذه الأرض ، والقرآن يسمي هذه الأرض ويتكلّـم بإسـهاب عن قيـادة موسى لشعب إسرائيل من مصـر إلـى أرض كنعـان .
الله المسيحى إعتمد القصة كاملة بل جعل المسيح من نسل هذا الشعب وإن حاول أن يجعل المملكة الحقيقية فى السماء ولكنه لم يلغى تاريخية هذا النهب .
والله الإسلامى إعتمد أيضا هذه القصة وأقر بأفضلية هذا الشعب قبل أن يقلب الطاولة عليهم ويناصب اليهود العداء ليحتل هو مركز خير أمة أخرجها الله للبشرية .
قال تعالى (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) !!
وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) سورة الإسراء(104) .!!

هى مشكلة كبرى من مشاكل التراث الدينى عندما يتم إستحضاره فهو يسوق لقصة نهب فلسطين ويؤكدها لنجد أن هؤلاء الرعاع لهم حق فى فلسطين كونهم أحفاد اللصوص الأوائل .!!..ولنتجرع نحن هذه المصيبة .

نأتى للتراث الإسلامى والذى هو ليس أفضل حالا ً من التراث العبرانى فهو مارس أيضا عمليات القتال والقتل وتكللت جهوده بنهب القبائل والشعوب دون أن يُمارس حقيقة عمليات تطهير عرقى واسعة فهو أراد الإنسان إما دافعا ً للمال أو مقاتلا ً لإستجلاب المال .
إذا كانت التوراة مارست القتل والنهب تحت دعوى تأسيس وطن موعود ..فالإسلام جاء هو أيضا كمشروع سياسى توسعى ومارس الغزوات ونهب القبائل المجاورة قبل أن ينطلق خارج الحدود ليمارس دوره التوسعى تحت يافطة الجهاد فى سبيل الله ونشرالإيمان ..وكأن الإيمان لا ينتشر إلا بالسيف ..ولتندهش أيضا ًمن علاقة الغنائم والسلب بالدخول فى الإسلام .!

الإسلام يُسمى سرقة ونهب الشعوب الأخرى بالغنائم " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله ان الله غفور رحيم "
ولا تصل الأمور إلى حد تحليل الغنائم والنهب بل يتم إرسال تشريع من السماء لينظمه بعد حدوث حالات فوضى عند تقسيم الغنائم عقب غزوة بدر فنجد أن المقاتلين ثلاثة أقسام: قسم واجه العدو... وقسم من ورائهم، وأولئك جمعوا الغنائم.!! وقسم حاط العريش الذي كان به رسول الله الكريم وهو يدير المعركة...وإختلفوا فيما بينهم بشأن توزيع تلك الغنائم .!!
فقال من جمع الغنائم: "هو لنا"...وقال الذين كانوا يقاتلون العدو: "والله لولا نحن ما أصبتموه , فنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم"...وقال الذين كانوا يحرسون رسول الإسلام: "والله ما أنتم بأحق به منا، لقد خفنا على رسول الله كرة العدو فقمنا دونه، فما أنتم بأحق به منا".!!

ليتحرك الله سريعا ً أمام هذه المشكلة فى توزيع النهب !!..فهل للذين يقاتلون ..أم الذين كان عملهم هو جمع الغنائم !! ..أم الذين كانوا يحرسون القائد !!.. فينزل آياته البينات التى تعالج هذا الخلاف العويص !!!
فنزل القرآن بالتشريع الذي يحسم الخلاف : "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [الأنفال: 1].
ثم أوضح القرآن أسلوب تنفيذ هذا التشريع : "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [الأنفال: 41]

وكما شارك يهوه بملائكته فى حروب إسرائيل فالله الإسلامى ليس أقل شأنا ً فمارس هذا الفعل !!
"إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" [الأنفال: 9 - 13].

هناك تصريحات قوية ولا تحتاج لتأويل تُبرز أن العملية كلها غزوات وقتل وسلب , فيقول رسول الإسلام : جعل الله رزقي تحت ظلّ سيفي" !!!..بل وصلت الأمور إلى الحد الذى نهر فيه المسلمين من إحجامهم عن الغزو بأن قال : من لم يغزو ولم يفكر بغزوة مات ميتة جاهلية .!!..ألهذه الدرجة يكون رزقنا فى ظلال سيوفنا وبنادقنا ودباباتنا ..!! وألهذه الدرجة من لم يغزو أو يفكر فى الغزو يخرج من دائرة الإيمان ويموت ميتة جاهلية .!!

لم يُخيب الأتباع وصيته فصالوا وجالوا وغزوا فلم يكن الأمر سخيفا ً بالمرة بل كله منافع وغنائم ونهب لقبائل وشعوب أخرى .. فتمتلأ خزائنهم من أموال تم سلبها من شعوب عاشت بأمانها لتتحول إلى كروش الغزاة الجدد أو بمعنى أدق الناهبين الجدد .

يقال إن الرشيد كان يستلقي على ظهره وينظر إلى السحابة مارة ويقول : اذهبي إلى حيث شئت يأتني خراجك (من كتاب صبح الأعشى في صناعة الإنشا )!!
ويُذكر أن ثروات خمسة من كبار الصحابة أسماؤهم لوامع ، فهم جميعاً مبشرون بالجنة وهم من الستة الذين حصر فيهم عمر الخلافة ، وأحدهم هو الخليفة المختار ، وهم عثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف ، ننقلها إليك من كتاب موثوق به هو ( الطبقات الكبرى لابن سعد ) .
يقول ابن سعد بسنده :
( كان لعثمان ابن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف ( الألف ألف هي المليون ) درهم و خمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة ألف دينار ( الدرهم عملة فارس والدينار عملة الروم .
وكانت قيمة ما ترك الزبير واحد وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف .. وكان للزبير بمصر خطط وبالإسكندرية خطط وبالكوفة خطط وبالبصرة دور وكانت له غلات تقدم عليه من أعراض المدينة .
وتذكرعائشة بنت سعد ابن أبي وقاص فى نفس المصدر: مات أبي رحمه الله في قصره بالعتيق على عشرة أميال من المدينة ، وترك يوم مات مائتى ألف وخمسين ألف درهم .
أما طلحة بن عبيد الله فقد ترك عقارات وأموال كما ترك من الناض ثلاثين ألف درهم ، وترك من العين ألفى ألف ومائتى ألف دينار ، والباقي عروض .
و ترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة بالبقيع ومائة فرس ترعى بالبقيع ، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحاً ، وكان فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه وترك أربع نسوة فأخرجت امرأة من ثمنها بثمانين ألفاً .
و قد ذكر المسعودى تقديرات مقاربة لما سبق من ثروات مع اختلاف في التفاصيل ، واستند طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى لتقديرات ابن سعد ، وذكر ابن كثير أن ثروة الزبير قد بلغت سبعة وخمسين مليونا وأن أموال طلحة بلغت ألف درهم كل يوم .
إنه حديث الملايين والقناطير المقنطرة التى حازوا عليها من نهب وسرقة البشر فلم يكن يملك هؤلاء الغزاة يوم أن وطئوا هذه البلاد غير أقدامهم وسيوفهم وإرهابهم .

ماذا يعنى هذا التراث وكيف لنا أن نفهمه بعيون مفتوحة لن نحتاج لمجهود ذهنى كبير فى إداركها .
فكرة الله الذى ينزعج من سرقة إنسان لنعجة جاره فيهدده بعذاب أليم فى شوايته المفترضة ويوصى أتباعه المؤمنيبن التقاة بقطع يده كعقاب له ليصبح مشوها ً ويلحقه العار والتجريس طيلة حياته .
هذا الإله الذى شرع تحريم السرقة لا يتورع أن يحث أتباعه المؤمنين بسرقة المصريين والشعوب الأخرى ونهبها ليأكلوا مما غنموا حلالا ً طيبا ً وبالهنا والشفا .!!

هل لنا أن نتصور آلهة بهذه الصورة وهذا المنظر الفج أما الأمور لها معنى آخر .
بالفعل الأمور لا تكون بهذه السذاجة والسخافة فلا توجد آلهة لتشرع بتحريم السرقة وتحليلها , بل هناك الإنسان الذى يحلل ويشرع ويرسم آلهته ويضع فيها مصالحه وأطماعه ويعرف كيف يسوقها .
الإنسان هو من حرم السرقة عندما ظهرت الملكية وخشى الملاك من تبديدها ونهبها فلم يتورعوا أن يعاقبوا أى إنسان يقترب من أملاكهم وإستخدموا فكرة الإله فى أنه يرفض هذا الأمر بوصاياه وسيعاقب كل من يسرق على جرمه فى الأرض والسماء .
تم إستخدام الفكرة كرادع للإنسان من الإقتراب من ممتلكات السادة ولا مانع من تقديم بعض المخدرات ليتعاطاها المحرومون بأن هذه الخيرات التى يُنعم بها الله على الملاك هى أرزاق مقسمة وإرادة إلهية وعلى كل إنسان أن يقنع بحاله وسيكون التعويض فى العالم الأخروى - هذا لو كان هناك عالم آخر- ولكنه الوهم والمخدر الذى يتم تجرعه .

تظهر بشرية الفكرة والرؤية وتتأكد من خلال تحليل سرقة ونهب الآخر فتسقط القيمة والمعنى فى لحظة واحدة وليُمارس الإنسان إزدواجيته ونهمه وطمعه ولا يتورع فى هذه المرة أيضا ً أن يعطى لها مظلة مقدسة من دعوة الله لأحبائه المجاهدين والمقاتلين لغزو القوافل والقبائل والشعوب الأخرى.

لا يكون الجهاد فى سبيل الله ولا شعار تحقيق وعد الله بالأرض الموعودة سوى غطاء يخفى الصراع والطمع والجشع ..فلا هى دعوة ولا يحزنون بل بتعبيرنا العامى المصرى هى " تلكيكة ويافطة " لكى أسرقك وأنهبك .

نحن نخلق آلهتنا ونشكلها وفقا ً لرغباتنا ونزواتنا وأطماعنا ..نرسمها بأيدى خشنة وألوان وخطوط قاتمة ولكننا نريدها هكذا لتعبر عن أطماعنا ووحشيتنا ..نحن من نخلقها ونريدها هكذا .
دائما ً ما أتحدث عن الأديان بأنها مشاريع سياسية لا يتوانى السياسى فى تسطير آياتها ونصوصها وقصصها لخدمة هدفه السياسى .. تصبح مقولة مشروع سياسى تعبير مهذب لوصف الغزوات والحروب ..فماهم إلا مجموعة من المرتزقة وقاطعى الطرق تطور بهم الحال من نهب قافلة إلى نهب شعوب ويكون هكذا رزقهم تحت أسنة رماحهم ..ليسرقوا حلالأ طيبا ً ويغنموا ما وهبهم الله .

تتغير الصور فى عالمنا المعاصر ولكن يظل النهب مستمرا ً على قدم وساق ولكن فى مكاتب أنيقة وغرف مكيفة فيتم سلب الغلابة والمطحونين عرقهم وجهدهم لصالح البرجوازيون لتنتفخ كروشهم ولكن لا يجب عليك أن تعترض على هذا النهب فهكذا هى إرادة الله فى توزيع أرزاقه ونعمه .

دمتم بخير .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- * الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 16 ) - تعلم كيف تكره فهو أوث ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 10 ) - إبحث عن الذكر .
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 5 ) - آيات حسب الطلب .
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 9 ) .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 15 ) - كيف تكون مزدوجا ً فاقدا ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 8 ) - لن نرى حضارة طا ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 9 ) - فوبيا الآخر والشيطان ..إ ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 7 ) .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 14 ) - كيف تكون متبلدا ً و مست ...
- نحن نخلق الأسطورة والميثولوجيا والحلال والحرام ويمكن أن نسرق ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 4 ) - وهم الخطيئة والذنب ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 3 ) - هل يوجد شر ؟!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 13 ) - إنهم يشوهون الطفولة ويم ...
- نحن نخلق الأسطورة والميثولوجيا والحلال والحرام ويمكن أن نسرق ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 8 ) - إستحضار العنف الكامن وتف ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 7 ) - ما بين وطأة الموت وما بي ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 12 ) - الأم ماتت والجنين مات و ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 6 ) - إشكاليات الفكر الدينى وك ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 6 )
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 2 ) - زهور الله المقطوفة ...


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق آلهتنا ( 10 ) - الله جعلناه لصا ً .