أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - في تقييم الواقع السياسي العراقي















المزيد.....


في تقييم الواقع السياسي العراقي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 21:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نيسان 2003 لم يكن ولن يكون في نهاية التحليلات ونتائجها مجرد داله زمنيه تشير الى حدث تاريخي عراقي...انه فقط يعني كذلك في حال تداوله كنموذج نظري يدعم الفكره القائله بسطوة منظمات السياسه السريه العالميه وهيمنتها بشكل يكاد ان يكون مطلقا على مصائر الشعوب وانظمتها السياسيه ...نيسان 2003 العراقي هو فقط في هذه الرؤيه عباره عن نيسان المؤامره والارادات الخفيه...والا فمن هو المالكي؟ وما هي حقيقة الموهبه السياسيه والنضاليه التي يمتلكها السيد احمد الجلبي ؟ ...نيسان 2003 العراقي تاريخ حافل بالاشارات والاحداث الرمزيه ,قد تبدء بزيارة السيستاني (الشخصيه الغامضه) الى بريطانيا واجتماعه المغلق مع سيدة التاج العظيم ..لكنها لاتنتهي بزيارة المالكي الخاطفه والمفاجئه الى الفانتيكان (دولة الاسرار والغموض) ومن ثمه أهدائه النخله الذهبيه الى البابا الذي من المفترض انه يعرف ,لا بل يجب ان يتذكر في كل لحظه ان ضيفه هذا يتبراء ويدين المسيحيه 19 مره في كل يوم (...غير المغضوب عليهم ولا ضالين) وانه من المفترض ايضا ان يعلم بصوره اكيده ان دين المالكي وايدلوجيته الدينيه يحتمان عليه ان يعتبره رأس تلك الضلاله وامير الضالين ...؟اذن ما الذي يحدث ؟ انها بكل تاكيد طقوس الموؤسسات السريه العالميه وليس كما يمكن ان يبررها المتحذلقون البلهاء بمتطلبات البروتوكولات السياسيه والدبلوماسيه...لكن في النهايه هذه الموؤسسات وان كان البعض يضفي عليها صفات القوه الخارقه والامكانيات الغامضه لا تتعدى ان تكون واجه من واجهات النشاط الطبقي العالمي في اعلى مستوياته ..انها محافل ومنظمات يديرها الرأسماليون المترفون باراده تصوغها بالكامل روحية النزق والتامليه المنحطه الى حظيظ الوهم والخرافه ...لكن هل نعني بذلك ان الوهم والمتوهمين والسحر والسحره والمشعوذين ..قادرون على التلاعب وبهذا المستوى من الكفأه بمصائر الشعوب وجماهيرها ؟ نعم ..وبالتأكيد كلا .. نعم حينما تكون تلك الشعوب هي ذاتها من يستدعي اؤلئك السحره وهي لا تكون كذلك على الاطلاق الا في الحالات النادره لغياب ادنى درجات وعيها فالمسحورين يجب ان يكونوا قبل السحره تماما مثلما تسبق النبؤه الانبياء وتصقلهم ومعارفنا تؤكد لنا بان المسيح كان قبل اليسوع وان أحمد كان قبل محمد ..هكذا تعمل وتنشط تلك المنظمات السريه الخارقه .وحتى نكون دقيقين في وصفنا لنشاطاتها التي تفتحت بمديات اوسع لتشمل هياكل تنظيميه تمثل في النهايه طموح عصابات محدده لان تكون دوله داخل دوله على طريق احتواء مفهوم الدوله ..علينا ان نشير الى تمايزها عن الموؤسسات الامنيه الرسميه ونحدد بذلك الخط الرفيع الذي يسبق تداخلهما معا باعتبار ان تلك الاخيره قد بدات منذ ستينيات القرن المنصرم وتحت ظغط النهوض الثوري الطبقي تتجه نحو اسلوب العمل المشترك ومنهجية النشاط الجبهوي ...هذا التقارب والتداخل بين نشاطات المنظمات السريه المدنيه ذات الطابع الطبقي الصرف وبين توجهات الموؤسسات الامنيه الوطنيه خلق عالما سياسيا فنتازيا بمعنى عالم يتجه بصوره مستديمه ومتصاعده نحو تنظيم فوضويه الوعي من خلال ارباك قياساته العقليه اولا..لهذا نجدهم اليوم يخلقون الدعايه السياسيه الغبيه ويسوقونها بروحيه الاستغباء المفرط للمتلقي الذي على ما يبدوا ليس معنيا بعد في فك رموز الاحداث والظواهر والدعوات السياسيه (ليست الفكريه على الاقل) التي تشتمل على مفاهيم متناقظه ومتناحره بصوره نهائيه (انهم يجعلون درجة التناحر في ما بين المفاهيم على المستوى الفكري حدودا آمنه بين المتناقضين على المستوى الاعلامي ) ..مثل مشاريع (الليبراليه والاسلام السياسي) (التدين الاجتماعي والعلمانيه ) (الديمقراطيه والسلطه الاسلاميه) ...(روحية الاخاء الديني ) ..بمعنى مثلا(اخوية اسلام السيف والمسيحيه المسالمه) (اخوية سيف الدم مع الخد المتسامح مع الصفعه )...هذه الاطروحات اللاعقليه التي تتغافل ابسط قواعد القياسات المنطقيه وبديهياتها ,هيء لها الواقع العراقي الشاذ وبالاستثناء محيطا مثاليا تمت وتتم فيه عملية الترويج لها وتأسيس صيغ وسلوكية التعامل مع السلطه والموؤسسات السياسيه وفق شروطها التي تزاوج بين نقيضين متناحرين ..مما ادى ذلك الى تأزم حالة الازدواجيه في الواقع الاجتماعي والسياسي العراقي ...ازدواجيه متأزمه ومهيمنه تبدأ من سرير النوم وطقوسه وتنتهي بكرسي الرئاسه وصلاحيات مالكه وامتيازاته .. العراق ..الوضع السياسي والاقتصادي والامني ...العراقيون .افراد ,وجماعات, يبدون اليوم اكثر من اي وقت مضى ..اكثر انحدارا نحو ازدواجية السلوك وشيزوفرونية الاحكام والمعايير .لهذا نجد ان التقيمات والتحليلات الاوليه الواقعيه لابد وان تنحاز بدرجه كبيره نحو منعطف السياسه السريه وعالمها الفنتازي (ميتافيزيقية السياسه) ..التحليلات الاولى ,الاحكام المبسطه التي تتمسك بالشكليه الواقعيه ولاتذهب الى ابعد من ذلك تقزم 9نيسان 2003 حينما تتوقف عند وعي عواقبه وتعتبرها نتائج نهائيه ..لكن التحليل الجاد المتزن الذي يفكك الظاهره الواقعيه ليعيد ربطها فكريا سيجد ان نيسان 2003 هو شاره صوريه حيه يعلن فيها نهاية عالم واختفائه الى الابد وبداية عالم اخر لم ينضج بعد تشكيله..شاره انبثقت فورا كنتيجه حتميه للانهيار المتدرج للمعسكر التقدمي بزعامة الاتحاد السوفيتي ,يقابله الانهيار الغير مرئي الجوهري لتطبيقات مفهوم الدوله التي تهيمن عليها سلطة المرابين ..9نيسان 2003 يعني قرار هؤلاء المرابين اللاأرادي ..وبتعبير ادق انه قرار تطور الراسماليه العالميه .ومن ثم قرار الوجه السياسي الراسمالي لان يكون العراق نموذجا مختبريا لحالة انهيار الدوله والتاسيس للبديل ..فكان ان اتسعت مديات ذلك الانهيار وحطامات ليتحول العراق الى ما يمكننا بكل تاكيد من ان نطلق عليه (كيان الشرق اوسط) ...غاب العراق ..وغيابه هذا جزءا من حالة اختفاء عالم ما قبل نيسان 2003 ..أما اختفاء العراق فانه لا يتم الا بالنضوج النهائي لازدواجية وجوده ..توزع وجوده بين القالب القانوني والاعلامي الشكلي وبين الحظور الواقعي الفعلي ..فالعراق مازال رسميا دوله ..جمهوريه العراق ..وان تحولت في احيان نادره الى جمهوريه اتحاديه ..لكن الواقع يقول ان العراق كيان كونفدرالي (عربي-عربي- كردي) وتكرار العربي هنا مقصود لانه يعني ثنائيه اخرى تعبر عن حقيقة (الشيعي- سني- كردي ) ..العراق دوله وان كان منقوص السياده وفق القانون الدولي ..لكن الواقع السيادي ملغا تماما ليس فقط بسبب المعاهده الامنيه الامريكيه وليس بسبب معاهدة التعاون الستراتيجي ..بل بسبب تقاسم وليس تصارع القوى الاقليميه لقرار السلطه في العراق الذي تحول بحق الى مجسم دقيق يرسم طبيعة العلاقات والروابط الشرق اوسطيه ومجال علني تكتمل فيه ممارسة ما يجب ان يكون سريا وفق مراسيم وتعاليم السياسات السلطويه ..لقد كانت الدعوه لاقامة شرق اوسطي كبير تعني في حقيقتها تحويل العراق وتماهيه في هذا الشرق ..بمعنى تحويله الى مكثف لمصغر سياسي شرق اوسطي تسهل من خلاله قيادة لاعبيه الكبار وتنظيم منافساتهم تحت رعاية وشروط صاحب المشروع .وهذا بالضبط المثال النموذجي الذي يجب ان يساق لتعريف ماهية (الفوضى المنظمه) ,فالتنظيم هنا يعني التبني الفكري المطلق للشروط العامه للمشروع بصوره شكليه مجرده من خلال الرضروخ التام للتجريبيه الواقعيه ..اما الفوضى فهي التفسيرات والاحتمالات الناشئه لتطبيقات شكل ذلك التنظيم والمرتبطه ارتباطا اكيدا بنزعة التماثل الواقعي (التماهي بتجربه محدده والتاكيد على نقدها بالتجربه ) ..وهذا ايضا يبدو لحد الان الوضع السياسي الذي تقدمه وتفرضه شروط ديمومة النمط الرأسمالي الاحتكاري العالمي وتعبيرا دقيقا عن نزعتها الطارئه لتغيير مفهوم الدوله والوقوف على اعتاب عهد جديد لشكل السلطه..كذلك فان حتم تطور المجتمع الانساني بصوره مجرده يخلق شكلا اخر لقمه هرم القطيع الانساني المتقدم ولهذا فاننا نرى ذلك التوجه الراسمالي انما يتشابه كليا مع ما يسمى بالعرف الطبي ب (الوحام الكاذب ) فالاعراض اعراض مجتمع انساني ناضج الى حد يتشابه فيه مع مجتمع يشترك افراده فيه بصوره عاليه من العداله ..اما الكذب فان الواقع يؤكده بصوره يقينيه (نصف البشريه تلتهمه المجاعه ونصف نصف الاخر فقير مرشح للمجاعه ) .. هذا الالتباس اللافت للانتباه يمكن وضع بدايه لتفسيره بملاحظة وتشخيص اتجاه ارادوي محافظ يدرك اولا تلك الشروط ويعي ثانيا دور الدوله بمفهومها الكلاسيكي كوعاء حيوي يهذب التوجهات الطبقيه ويضمن بقاء الطبقه الراسماليه والبرجوازيه ويجعله امرا اكثر سهوله وامنا . الراسماليون اليوم اكثر توحدا واقعيا وهم يحثون الخطى نحو تنظيم نشاطاتهم ..اما ما يحدث هنا او هناك فهو محض اختلافات ناشئه عن افتراضات واقتراحات مختلفه ولا يعبر عن قرارات مختلفه ..قرارهم واحد ..فتطور المجتمع الانساني الان اذا ما بقى محبوسا بذات المجرى ..فانه بذلك ينتج بالحتم شروط الانتقاء الاجتماعي الاصعب الذي لايعني بالفعل الا بقاء ثله من مجموع البشر اللذين يمكن ان يوصف وجودهم بصفته الانسانيه ,يليهم فقط ما يمكن ان نصفهم بالكاد بالآدميون ,حيث ادنى درجات شكل الوجود بقيمه الاجتماعيه الواعيه والتي تقوم على محور جدلية (الامن والحريه ) ..الرأسماليون ..البرجوازيون الكبار ..نجحوا في انتزاع النصيب (الحرام) من منجزات الانسانيه وبالتالي استفردوا بصفة الانسانيه ,واليوم يندفعون بأمكانيات متراكمه وهائله للدفاع عن كسبهم واحتكارهم للانسانيه (علينا ان نتذكر ان الانسان شيء وان الآدمي شيء مختلف ) علينا ان نتذكر ايضا ان من مجموع المليارات السبعه من البشر ,,لا يتجاوز عدد من تنطبق عليه مواصفات (الانسان)( بمعنى مقدار تمتعه وحيازته نتائج تطور المجتمع الآدمي )..اكثر من بضعه مئات الاف ,وأما الباقين فهم آدميون حد النخاع لدرجة تصل بغالبيتهم الغالبه الى حالة التواصل بشكل ما مع واقع ومواصفات اسلافهم النيترداليون .واستمرار تطور المجتمع الانساني بشكله الحالي لا يعني الا اشتراط آدمية هؤلاء الى الحد اللذي ينسف امكانيات تواصل وجودهم وبالتالي يوفر المبررات الفعليه لقطع نسل هذه النيترداليه وفق تعاليم النظريه (المالثوسيه )التي تجعل من فوقية ارادة الدالات العدديه ذئبا يفترس بقرار رياضي ابله يوسف الانسان ..فهذه النظريه حينما تصل الى استنتاج ان الانسان ينتج بقاؤه اكثر بما يقارب المرتين من انتاجه لشروط الماديه لبقائه ,فأنها بذلك تبرر المأساة وتشرعنها بروحيه ساديه قذره ..وهذا ما تقوم به تلك الثله (الانسانيه) ..ثلة محتكري الانسانيه وسارقي ثمار كدها وتعبها .ان نموذج هذا الفعل الشائن بكل تفاصيله يضمها المشهد العراقي ..واللذين يتعايشون مع الواقع العراقي يدركون جيدا حقيقة وصف هذا النموذج .فما يدور في العراق منذ نيسان 2003 والى ما يشاء الله عباره عن مجزره منظمه يتم خلالها تجريد البشر من انسانيتهم بشكل لم يشهد له التاريخ مثيلا ولا قرين ..تراجع في كل الاتجاهات وهو تراجع قوي الى الوراء من الشروط التي تفترضها الصفه الانسانيه الى ضرورات البقاء الآدمي .وبالتعبير الفكري الضيق والدقيق فان هذا يمثل تراجع حركة نشاط المجتمع من مطالب الحريه الى شروط الامن ..مما يعني توافر ظاهره تناقض قانون فوقي عام يشترط جدليه متصاعده بين مفهوم الامن وصياغة مفهوم الحريه في جوهر وجود المجتمع ما دام هو موجود ..ما دام هناك نشاط اقتصادي ..ما دام هناك عراقيون يتناسلون (وان كانت مواليدهم تذبح )فانه من الحتم ان يتغير شكل مردوات ذلك النشاط تبعا لمفرداته .الامر لا يمكن ان يدوم الى ما لا نهايه بالمعنى الذي يخص وجودنا كجيل من الافراد ,فقط كل ذلك التآمر يمكنه ان يجعل جدلية التطور والتغيير ابطء زمنيا عن طريق ضرب الوعي الاجتماعي المنظم والتشديد على نزعة (الانا الواحديه )بمعناها العامي ليتشكل حينها الوجود الاجتماعي وحدات غيريه مفروطة العقد ومتناحره فيما بينها ومنغلقه على ذواتها الى الحد الذي فقط لا يهدد وجودها ..ان اشاعة روح التأمليه الفاسده والاتكاليه الغيبيه هو اساس نجاح مشروع التراجع والارتداد الاجتماعي ..لهذا فاننا نرى كل الشركاء الحقيقين لأرث دولة العراق وعلى اختلاف آيدلوجياتهم ,يدعمون الاطروحات المتدينه التي هي وفي كل الاحوال تعبر عن نماذج تحط من انسانية الايمان وتحصره في ادميته ولأن هذه ألآدميه تتلاشى بحكم الضروره في مستوى الوجود الاجتماعي وتبقى كمفهوم وحضور مجرد ..فأن العراقي ..وكل من يتواجد بحظور عراقي ..يمثل ازدواجيه واضحه بين الذات الآدميه وبين الانا الانسانيه ...هذه الازدواجيه في صيرورة شكلها الفوقي المتصاعد من الفرديه الى الجماعيه تتشل على هيئة ازدواجية قويه بين السلطه الواقعيه وبين سلطة الدوله ..بين سلطة العصابات بكل انواعها وبين الاستحقاقات القانونيه .واذا ما تذكرنا ان هذه الوضعيه المزدوجه هي نتاج ارادوي موضوعي تم خارج ذات المجتمع العراقي من خلال تغييب وعيه وتصدير استباقي (تصوري) للازمه السياسيه العالميه ..واذا ما آمنا بأن ما يتفرد الفكر في خلقه انما يمثل شرط حتمي ينقض خالقه تماما كظاهرة توالد العقارب ..فاننا بهذا يجب ان ندرك بالنتيجه ان الوضع العراقي الراهن مع قتامته وسوداويته انما يوفر امكانيات مشروطه بشكل مبسط لعملية تغييره تغييرا شامل وقوي ..ان الواقع الذي صاغه حدث نيسان 2003 بأرادة الرأسماليه العالميه يوفر اليوم شروط قويه لتمكين ارادة نسف هذا الواقع والى الابد ...و(التمكين) هنا يرتبط بوجودنا كافراد ..بوجودنا (الآن)...يرتبط بوعينا الرافض .اما حتم التغيير بدون قيد او شرط ..فانه في صيروره لا محال ..لكننا نسعى لان لا نكون عبيدا ..وانه لمن المؤكد لنا بان احفادنا سيولدون احرار ولربما يقترب الحتم من كتابة صكوك تحرير ابناؤنا .ولان اكثرنا غباءا وحمق واقلنا وعيا وفطنه لا يجد متعه ولا يثق بان هيكله العظمي في ذلك الحين سينعم بحريته ..فأننا والحال هذه لا نجد امامنا خيارا الا الاندفاع القوي والمتمرد بكل القياسات الى طريق التغيير الذي يكفل لنا حريتنا ويعيد لنا انسانيتنا التي كانت تعاني العوز قبل نيسان 2003 والتي أجهزعليها في ما بعده ..وهذا الامر يتطلب منا كاشتراكيين من ان نعيد صياغة طرحنا النظري لمشروعنا ودواعيه اولا (ولربما يفضي بنا هذا الى تصحيح تفسير بعض اسس منهجية تفكيرنا ) وثانيا ان نعمل لبلورة شروط مطالبنا بتوجهات سياسيه اكثر واقعيه ..وهذا كله يستدعي منا تشخيص مفصل للواقع السياسي في العراق والذي يمكن ان نقرأه في الوضع الحالي على انه يمثل محاور متداخله كحزمه اولا في الهرم اي تعاطيها بالايجاب مع قرار المشروع الراسمالي وبالاعتماد الواقعي على ظاهرة الغيبوبه الفكريه ..وثانيا تناقضها مع بعضها بسبب طبيعة نشاطاتها المحدده بالفئويه الشعبيه ..ولهذا فاننا نجد انفسنا وجها لوجه امام حقيقه مره تجعلنا ندرك جيدا ان الذي يريد ان يغير لابد وان يجد له مكانا في احد هذه المحاور وهذا يحدث بصوره خارجه عن ارادته فالمقاومون موجدين وفاعلين والمؤيدين يقفون متقاربين في صفين ,محافظون وتصحيحيون .وبالتال فان صاحب ارادة التغيير عليه ان يدرك انه لا محال ساقطا بنسبة ما والى حد ما في سفالة السياسه ..قدر محتوم يجب ان يتحقق وتكتيك مفروض لابد منه للانعتاق الى المرحله الثانيه التي يتم فيها فقط تعميد سلوكية المنهج وتطهيرها لتتهيء له بعد ذلك اسباب الانعتاق نحو التغيير ..انها لحظات غير مرغوب بها تحتم تفرض على الاراده الثوريه من ان تكون اولى خطاها الجاده محكومه بالسير في طريق النفاق والمراءات ولربما حتى طريق الرذيله ..طريق المهادنه الفكريه والترتيقات النظريه او حتى طريق العماله الخجوله والتي تعني هنا ان يتحول الثوري مع اصراره على ثوريته جزءا من تكتيك الاخرين (المقاومين المشبوهين) دون ان يجد تبريرا صادقا لان يعلل ذلك الا ان يصفه بحالة ( تقاطع المصالح )وهي عباره شائنه غير مرغوب التلفظ بها في العرف الثوري الكلاسيكي الاصيل ..لهذا فاننا نفسر المهادنه بفتوى ثوريه أي انها تصلح الان وليس من الواجب ان تكون كذلك فيما بعد وبالتاكيد فان الترتيق النظري لا يمكن ان يتجاوز الصمت او التغاضي عن واجب النقض النظري الراديكالي وهذا يعني بالنسبه للاشتراكيين الاحرار ..ان لا مهادنه على الاطلاق مع الاسلام السياسي بل اندفاع مستمر في طريق المواجهه معه وان الترتيق الثوري يعني المهادنه الى حد التحالف مع العلماني الوطني او القومي ..واذا كان هذا الشرط التكتيكي الالزامي وعلى مستواه التنظيري والاعلامي يبدو صعبا فانه يتحول الى غايه في الصعوبه حينما يتجه بنا الى الامر الى المستوى العملي والتنفيذي ,فهذه الاتجاهات تتناقل بها المحاور السياسيه الشرق اوسطيه والتي يمكن ان نحدد الفاعله منها الان ب(محور ايراني باتجاه الخليج ) (عربي باتجاه ايران ) (ايراني باتجاه اسرائيل ) (عربي باتجاه ايران واسرائيل ) (عربي باتجاه عربي ايراني )(تركي –عربي باتجاه ايران) .وهذه المحاور بذاتها تظم اكثر من اتجاه واكثر من تنظيم ولعل شيوع ظاهرة الائتلافات في النشاطات السياسيه العراقيه وتبدلاتها تمثل ادق دليل على تلك التداخلات .اذن في مدار اي محور سيكون الحظور القسري للاشتراكي العراقي كيما يخطو الخطوه الاولى باتجاه بلورة مشروعه الفكري ويعمل على ترجمته بصوره فاعله ؟ ان الجواب على هذا التساؤل ليس ذي اهميه كبيره لانه لا يتطلب الكثير من الحذاقه ليؤشر لنا نحو المحور العربي باتجاه ايران واسرائيل معا .لكن الصعوبه كل الصعوبه تكمن في ادراك جوهر هذا الجواب ,فهو يضعنا امام اختيار واقعي بين موقف (قومية الاشتراكيه) و(الاشتراكيه القوميه ) ..الاول يعني تقديم الالتزام الطبقي على الالتزام القومي لكنه لا يلغيه ويعتبره شرط واقعي مقبول .بينما الثاني يقدم الالتزام القومي على الطبقي الى درجة ذوبانه في الذي تقدم عليه ..وهنا يضعنا القدر امام مهمه معقده تتمثل في احتواء هذا الموقف الاشتراكي المؤدلج قوميا والذي يستند الى تفسير مبسط ومبتسر لحقيقة تفاوت حركة تطور المجتمعات الانسانيه من جهه وقبوع المجتمعات العربيه في الدرجات الدنيا من سلم هذا الحركه مع توافر( الامكانيات العقليه) لتقدمها ,من جهه ثانيه ..الامر الذي وفر مبررات نظريه تفسر ما هو خاص لما هو عام ومن ثم تتجاوزمستوى الاضطهاد الطبقي الى حيث الاضطهاد او الصراع القومي ..فيصبح حينها ازاحة الهم القومي حلا عادلا ومشرفا للازمه الطبقيه ..ولهذا فاننا نعتبر مهمتنا في التصدي لهذا الموقف مهمه معقده ومتداخله في مدى جديتها ومطلبيتها خصوصا ونحن منذ البدايه حددنا واجبنا بهدف تكتيكي (محدد) .لكننا في ذات الوقت نستطيع وبكل ثقه ان نؤكد على قدرتنا في تذليل صعوبة المهمه وتعقيداتها من خلال تأكيدنا اللارجعة منه على صفتنا العماليه وثوريتها .فالتصور الاولي للمحور الاشتراكي العربي لابد وان يضفي عليه صفته العماليه كقاعده حيه ناضجه بدرجه كافيه لان تشكل بنيته التنظيميه ..العمال العرب هم الان اقرب العرب من دليل وعي التاريخ ..ولربما يكون من العدل ان نقول ان عمال الغرب العربي وعمال مصر الافذاذ هم الاقرب الى نداء التاريخ من بقية عمال العرب ...ان الهم الذي يولده تقييم صعوبة مهمتنا ليتبدد حينما نستنتج بصورة واقعيه قدرتنا المتمكنه في رفع شعار (يا عمال العرب اتحدوا) ...لان هذا يعني اننا قادرون بعد ذلك واثناءه من ان نرفع شعار(يا عمال العراق ثوروا) ...



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي يتجه نحو (حكومة طوارىء)
- المجد لكومنة باريس العماليه
- الكوتا العماليه ..صوت وصدى
- نعم للانتخابات بشرط الكوتا العماليه
- دروس من التجربه القتاليه للشيوعيين العماليين الاحرار
- مختصرات من وثيقة المشروع
- الشيوعيه العماليه ومحاكمة الاتجاهات الثلاثه (المشروع)
- في نقض (الدستور ) الاسود
- سلاما ..فتية باريس
- ليكن الهدف(قلب)الاسلام وليست (اطرافه) 2
- ليكن الهدف (قلب) الاسلام وليست( اطرافه )1
- أنه اوان (البرنو)) فامتشقوها ايها الكردستانيون
- الاشتراكيه الان وفلسفة الوعي العمالي
- موقف (سكراب) الشيوعيه من قضية كردستان
- هل انتج فايروس الاسلام ..الكونفدراليه العراقيه
- وتكلم الشيوعي (حميد) ...يا ليته لم يتكلم
- (النهضه) الاسلاميه ..وبؤس الواقع الطبقي
- ولكردستان (جبل) يحميها
- الحزب الشيوعي العراقي ..تيه فكري أم اشكاليه سياسيه
- نهاية (الدكتوديمقراطيه) متى وكيف؟


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - في تقييم الواقع السياسي العراقي