أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسين الحاج صالح - هذا التفاوض متهافت، و-عملية السلام- كاذبة















المزيد.....

هذا التفاوض متهافت، و-عملية السلام- كاذبة


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 16:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يكاد يصدق المرء عينيه وهو يقرأ عن رسالة الضمانات الأميركية التي وجهها الرئيس أوباما لإسرائيل. الرسالة التي يبدو أن وزير الدفاع الإسرائيلي شارك مسؤولين أميركيين "العمل عليها" ("الحياة"، 30/9/2010) تتعهد بـ"تزويد إسرائيل أسلحة متطورة عند التوصل إلى حل نهائي للصراع"، وتلتزم "منع أي محاولة من المجموعة العربية لطرح الموضوع الفلسطيني على مجلس الأمن لمدة عام كامل"، وكذلك "منع الفلسطينيين من وضع الاستيطان كشرط أساسي للمفاوضات وكنقطة منفردة، بحيث يكون الاستيطان على جدول المفاوضات كباقي المواضيع". وهذا مقابل "تمديد تجميد الاستيطان بشكل كامل لمدة شهرين"! صحيفة "معاريف" الإسرائيلية التي نسبت لها "الحياة" هذه المعلومات قالت إن نتنياهو "متردد" في قبول رسالة الضمانات!
والصحيفة الإسرائيلية نفسها أعلنت بعد يومين أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تلقى بدوره رسالة ضمانات أميركية "تضمن له نتائج المفاوضات" شرط أن يستمر بها "رغم مواصلة الاستيطان". وتتضمن الرسالة تعهدا أميركيا بـ"إقامة دولة فلسطينية في حدود العام 1967 مع تبادل للأراضي"، لكنه يكون لاغيا ومعه الرسالة نفسها إن توقف الطرف الفلسطيني عن التفاوض ("الحياة"، 2/10/2010).
قد نلاحظ أن الرسالة استرضائية للأحد الطرفين وتهديدية للآخر، وقد نتساءل عن سبب الإصرار على استمرار الفلسطينيين بالمفاوضات إن كان الإسرائيليون يرفضون النتاج المفترضة لها، فيما الأميركيون يرفضون الضغط الجدي عليهم؛ وقد لا نملك غير ابتسامة مرة حيال الثمن المطلوب من الإسرائيليين: تجميد الاستيطان كليا لمدة شهرين، بخاصة حين نرى الإغراءات الكبيرة المقدمة بالمقابل، وهي لا تقتصر على مكافأة عسكرية طيبة للإسرائيليين بعد "الحل النهائي للصراع"، بل ومنع العرب من جهود دبلوماسية عادية كانت متواضعة الثمرات دوما، وكذلك منع الفلسطينيين، الطرف الآخر في التفاوض، من مطالبات لا يقتضيها الواقع وحده، ولا تنبع من تعريف الطرف الفلسطيني لنفسه، وإنما تستلزمها المفاوضات ذاتها. ما معنى التفاوض وما جدواه إن كنت لا تكف عن قضم كيان مفاوضك!
هذا المنوال معروف في الواقع ولا جديد فيه. لكن جرت العادة، فلسطينيا وعربيا، على نقد "عملية السلام" لكونها لم تعط الثمرة المرجوة؛ وقد يرد ذلك إلى اختلال موازين القوى بين الطرفين، أو إلى سوء أداء المفاوض الفلسطيني، أو إلى انحياز الوسيط والراعي الأميركي. هذا كله صحيح. لكن لا اعتدل ميزان القوى وارد، ولا النزاهة الأميركية متصورة، بحكم نوعية العلاقة بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي. والفشل، تاليا، متأصل في العملية ذاتها، وليس في ملابسات عارضة تطرأ عليها. أما الأداء الفلسطيني فلا يسعه أن يحدث فرقا أمام الشراكة الأميركية الإسرائيلية الفذة التي تطالب لنفسها باسم الوساطة النزيهة.
النزيهة: وزير دفاع إسرائيل باراك أسهم في كتابة رسالة الضمانات الأميركية لنفسه وجماعته! هذا أكثر من "أكل هوا" بكثير!
*****
باختصار، العملية ليست "زابطة"، ولا يمكن أن "تزبط".
هناك أشياء لا تستقيم. يمتنع مثلا للدين أن يكون دولة. أو الجمهورية وراثية، أو أن تطير العنزة. ومثلها تماما لا يمكن أن نثابر على التفاوض أنا وأنت، بينما أنت تستمر في أكلي. إلى حين ننتهي من المفاوضات، وقد انطلقت قبل 19 عاما ونيف كما نعلم، أكون انتهيت. ستنجح المفاوضات، لكن القضية التي يجري التفاوض عليها ستكون تلاشت!
فإذا كان هذا الكلام قريبا من الصواب، على ما نقدر، تعين أن نتحول من سبب الاستمرار في تفاوض لا طائل من تحته إلى سبب فقداننا حس البداهة إلى هذا الحد. في الأمر مزيج من فقد الثقة بالنفس، ومن انحلال الإرادة والهزيمة الداخلية، ومن تشوش متعدد المستويات، يصيب الذهن والوجدان والكيان نفسه، مما هي سمات راهنة للنخب العربية، السياسية والمثقفة على حد سواء. في شروط كهذه تبدو الخيارات كلها متساوية، أو تتضاءل الفوارق بينها. وتحل مدركات مموهة وملعوب بها كالحوار والتفاوض والحلول السياسية محل ما يلزم من إدراك سديد للواقع ومن وصفاء ذهن.
ليس لهذا التقدير المتشكك علاقة بـ"مواقف مبدئية" أو بسياسة بديلة أكثر تصلبا، بل أساسا بالسداد والتوفيق وحس الإصابة. وبالوضوح السياسي والأخلاقي. لا شيء جيدا ينبني على عمليات متهافتة ومغشوشة إلى هذا الحد، ومن أطراف على هذا القدر من الإسفاف والعجرفة وانعدام النزاهة. وقبل التوقف عن التفاوض أو نفض اليد من عملية أوسلو كلها، يقتضي الأمر التوقف عن استغفال الذات في لعبة اسمها "عملية السلام"، لكن واقعها يتمثل في التبديد السياسي للفلسطينيين وقضيتهم.
وهذا بعدُ لا يتضمن دفع أي ضريبة، ولا حتى لفظية، لنخب فلسطينية وعربية، لا تتصف بقدر أكبر من الاتزان، ولطالما استخدمت الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية أداة في ألعابها الخاصة. ما نخسره مع نخب "حماسية" من هذه النوع لا يختلف عما نخسره مع النخب العباسية: السداد وقوة الروح وحسن التصرف.
***
من المحتمل أن رسالة الضمانات الأميركية الموجهة للطرف الفلسطيني تتضمن تحذيرا من "قرار تاريخي" قيل أن القيادة الفلسطينية كانت توشك أن تقدم عليه، ويتمثل في تبني "خيار الدولة الواحدة" بعد الفشل المتمادي لحل الدولتين. لكن لم يكد يتسرب شيء عن "القرار التاريخي" حتى يبدو أنه طوي. هذا مؤشر إضافي، سبقه ألف مؤشر آخر، على نقص الجدية وانعدام أي مبدأ، وعلى فقد الطاقم الفلسطيني المفاوض احترامه لنفسه وشعبه. يجري توسل فكرة الدولة الواحدة أداتيا وبغرض التلاعب السياسي. وطبعا هذا لا يثمر شيئا غير إفسادها.
قضية الدولة الواحدة أكثر أهمية وخطرا من أن تترك لملاعبات من هذا النوع. والأرجح أن الفريق الذي ارتبط مصيره بالرهان على حل الدولتين غير مؤهل لأن يبلور سياسة فلسطينية تتمحور حول حل الدولة الواحدة. هذا بينما يبدو أكثر وأكثر أن الطرف صاحب المصلحة في حل الدولتين ليس الفلسطينيين، بل إسرائيل، هذه التي لا تكف عن تقويض فرص قيام دولة فلسطينية من أي نوع في نطاق حل الدولتين. لكن هناك مخرج مجرب من هذا التناقض هو "التغول"، أي الاستمرار في رفض الدولة الواحدة وفي جعل حل الدولتين محالا، وحشد القوة المهولة اللازمة لتحقيق ذلك. أي أيضا الجمع بين السيطرة المادية والسيطرة العقلية على الطرف الآخر. وهذا متاح دوما. ما دام ثمة من هو مستعد لتزويدها بـ"أسلحة متطورة" عند التوصل إلى "حل نهائي" للنزاع، ومن بلغت به النزاهة أن اعتبر وزير حرب الطرف الوحيد القادر على الحرب أحد أهل بيته!



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمركز حول الدين في تنويعتين إيديولوجيتين
- محمد أركون.. منقذا من الضلال!
- الإصلاح الإسلامي: من -الدين الصلب- إلى -الدين اللين-
- خسر العلمانيون، وفازت العلمانية!
- هل المثقفون مسؤولون عن نوعية تلقي أعمالهم؟
- -النظرية الثقافوية في التاريخ- ووكلاؤها العامون
- الغيلان الثلاث وأزمة الثقافة العربية: مقالة غير عقلانية
- ياسين الحاج صالح في حوار مفتوح مع القراء والقارئات حول : الي ...
- إسرائيل ك-لاعدل- جوهري مستمر
- الدولة، الدولة أيضا، الدولة دوما
- في -السياسة الطبيعية- والمشكلات غير السياسية
- أهي نهاية الحداثة السياسية العربية؟
- في الخروج من بنية مغلقة لا مخرج منها
- التدين الإسلامي والحاجة إلى أخلاقية عامة
- في شأن النقاب وحركة التنقّب الاجتماعي
- -المسألة النِّقابية- وعبء المرأة المسلمة
- في تاريخية الإسلام المعاصر وحداثته - إلى روح نصر حامد أبو زي ...
- هوامش مناورة.. الولاء كنظام وكعلاقة سياسي
- في الواقع لا في النص: أيّ يسار، أين، وأية سياسات يسارية؟
- أربع صيغ للنزعة المحافظة... ثلاث منها عالمة


المزيد.....




- لماذا أصبح وصول المساعدات إلى شمال غزة صعباً؟
- بولندا تعلن بدء عملية تستهدف شبكة تجسس روسية
- مقتل -36 عسكريا سوريا- بغارة جوية إسرائيلية في حلب
- لليوم الثاني على التوالي... الجيش الأميركي يدمر مسيرات حوثية ...
- أميركا تمنح ولاية ماريلاند 60 مليون دولار لإعادة بناء جسر با ...
- ?? مباشر: رئيس الأركان الأمريكي يؤكد أن إسرائيل لم تحصل على ...
- فيتو روسي يوقف مراقبة عقوبات كوريا الشمالية ويغضب جارتها الج ...
- بينهم عناصر من حزب الله.. المرصد: عشرات القتلى بـ -غارة إسرا ...
- الرئيس الفرنسي يطالب مجموعة العشرين بالتوافق قبل دعوة بوتين ...
- سوريا: مقتل مدنيين وعسكريين في غارات إسرائيلية على حلب


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسين الحاج صالح - هذا التفاوض متهافت، و-عملية السلام- كاذبة