أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - باب النجار إمخلّع














المزيد.....

باب النجار إمخلّع


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 11:07
المحور: كتابات ساخرة
    


سمعتُ مرة عن سائق سيارة إسعاف وطوارئ نشيط جدا في عمله ومخلص جدا في عمله وأمضى من حياته وهو ينقل الجرحى والمصابين من مواقعهم إلى المستشفيات حتى جاءه يوم كما يقولون (يوم أغبر) كانت سيارته الخاصة قد انزلقت به بين الأشجار على احدى الطرق الرئيسية وبقي ينزف حتى مات بسبب تأخر سيارة الإسعاف والطوارئ عن نجدته ومساعدته .

والطبيب اللي داوى وعالج معظم أهل قريتنا من أمراضهم لم يجد أحدا يشفيه من مرضه يوم مرض ومات في نفس السنة التي اشتد بها المرضُ عليه وآلمه كثيرا حتى نبذته الحياة ونبذها , والشاعر اللي رثا معظم الباشوات ومدحهم لم يجد يوم مماته من يرثيه ببيت شعر واحد, وهذه الدنيا تأخذُ أكثر مما تعطي , والإنسان المعطاء يعطي طوال حياته الكثير الكثير من جهده وتعبه ولكن لا أحد يعطيه شيئا , وأنا شخصيا أكتبُ في كل يوم مقالاً وحين تأتيني ابنتي برديس لأكتب لها (الإذاعة الصباحية المدرسية) أقول لها : روحي على بنت الجيران على شان تكتبلك وتساعدك فتقول لي أمي (شو مالك يا زلمه أنت طول انهارك تقرأ وتكتب مش قادر تكتب لبنتك كلمة إذاعية من خمسة أسطر!, فأقول (والله مشغول جدا وأفكاري مشتته).

وبعرف وأنا طفل صغير رجل حراث كان يعيش في حارتنا وهذا الرجل كان يحرث لكل الناس أراضيهم وما كان يقدر يحرث حاكورته الصغيرة اللي ورى داره ودائما كنت أسمع زوجته ختيارته وهي تناديه بصوتها العالي: وين بدك تعال أحرث الحاكوره, فكان في كل يوم يقول لها (ماشي يا ختياره بس أرجع بعد العصر) وكان كل يوم على هذه الحالة وينتهي موسم الحَرث ويفوته حرث أرضه.

وفي واحد من أهل حارتنا كان وين ما يسمع عن أي مناسبة عند أقرباءه حزن أو فرح في قريتنا إلا ويحمل نفسه ويذهب لتقديم الخدمات للناس فكان يسقينا القهوة والشاي في الأفراح وفي الأحزان ويتقدم لخدمة أهل الفرح أو أهل المأتم وهو أول من كان يسارع إلى المقبرة للعمل في حفر القبر للمتوفى أو لتصفيف كراسي الفرح أو العزاء وفي اليوم الذي مات أبيه في قريتنا لم يحضر إليه أحد لكي يقوم بتسديد ديونه له فلم يُقدّم عنه أحد ولا حتى فنجان قهوة واحد أو حبة تمر.

والمرأة العجوز اللي ساعدت كل نساء قريتنا في أعراس أولادهن وكانت تشمر عن ذرعانها وتطبخ ليهن لم يتجد يوم زواج ابنها الوحيد من تأت وتُشمّر ثوبها لمساعدتها في واجبات حفلة العرس.
وذكر لي أحد الرجال الوجهاء أو شكا لي قائلاً: ما فيش حدى من أقربائي إلا وقدمتُ له خدمة سواء أكانت في المحاكم أو لدى الحكام الإداريين أو في القضايا العشائرية وكلهم يقولون (احنا ما إلناش غيرك) وفي كل دورة انتخابات للبرلمان يقفون ضد ترشيح نفسي للإنتخابات ويقولون لي بعلامة السؤال)ليش هو ما فيش حدى غيرك يصلح للترشيح؟).
وسمعت مرة عن امرأة (دايه-قابله) كانت تساعد كل نساء قريتها بالولادة وفي اليوم الذي كانت تضع به مولودها لم تجد أي امرأة إلى جانبها وكادت أن تموت جراء النزيف الحاد الذي أصابها. يعني اللي ما إلهوش حظ بالدنيا لا يتعب ولا يشقى , ولا يروح ولا يجي, وخليه قاعد في داره أفضل له.

واللي دهن نصف بيوت أهل قريتنا لا يستطيع أن يدهن بيته فإذا دخلت منزله تجد الجدران من كل الاتجاهات معتمة ومظلمة والرطوبة قد أكلت من أعلى الجدار مترا أو مترين , واللي صنع لأهل قريتنا معظم أفراحهم وأعراس أولادهم وهو يغني على المجوز والشبابة والعود عاش طوال حياته وهو يحلم بأن يتزوج وبأن يحيي حفلة عرس على باب داره وبعد مضي 15 عاما من الحفلات استطاع الزواج واستأجر حبل لمبات(لمضات كهربائية) وربطه في الشارع الرئيسي بين عمودين من الكهرباء بعرض الشارع ولكنه لم يجد من يغني في عرسه ولم يجد من يطبل له ويزمر أو يدبك في عرسه دبكة شعبية له علماً أنه طبّل وزمّر لمعظم أهل القرية.

بدي أحكيلكم إنه باب النجار امخلع وباب الحداد امطعّج أو ما فيش عند النجار أصلاً لباب داره أي باب ولا الحداد فيه لباب داره باب دار, ومعظم معاليم العمار ساكنين في بيوت مستأجرينها بالأجرة, وأنا عملت مع معلم عمار كان هذا المعلم قد بنى تقريباً نصف دور قريتنا ومع ذلك لا يملك بيتا ويجلسُ مع زوجته وأولاده بالأجرة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انسوني يا أصدقائي
- الغريب
- إخراج القرآن
- ظل الغراب
- لا تلوموني على كثرة الكتابة
- بيت جدي
- نزهة المشتاق في كشف النفاق
- أسبوع راحه
- سمفونية الحياة
- فلسفة الوجود
- سأعيش أكثر من جلادي
- فوائد الشاي الأخضر
- من هو الأفضل؟
- لعبة الرجل
- زيادة براغي
- أسوأ أنواع الاستعمار
- الكلمات الحبشية في الآيات القرآنية
- دين الملك
- بشاره الخوري
- بالون لميس


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - باب النجار إمخلّع