أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم نعمة الفريجي - لمحة تأريخية عن الإبوذية في العراق















المزيد.....

لمحة تأريخية عن الإبوذية في العراق


هاشم نعمة الفريجي

الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 11:02
المحور: الادب والفن
    



إذا أردنا أنْ نبحث عن مرجع نستفتيه في فن الإبوذية وما يتبعه من تاريخ وتطورات ومن هم رواده والبارزون فيه، فإنَّنا لن نجد إلا عددا قليلا من الأدباء المهتمين بهذا الفن الرائع ويقف على رأسهم الأستاذ الفاضل علي الخاقاني الذي لمع نجمه في آفاق الأدب الشعبي وحاز قصب السبق ونال وسام الفخر في ما كتبه عن هذا التراث وما جمعه منه على امتداد سنين طوال فأخرج لنا كتبا ودراسات ألقى فيها الضوء وأنار بها زوايا النسيان التي كانت تكتنف هذا اللون وفرسانه المجهولين الذين كانت لهم صولات وجولات في سوحه الواسعة الممتدة ما بين دجلة والفرات شرقا وغربا.

وبقولي هذا لن أضيف شيئا لألق هذا الأديب الذي قل نظيره، ولكن هذا من جانب العرفان والشكر اللذين يستحقهما بكل جدارة هو وكل من قدم شيئا لهذه الفنون الرائعة.
والخاقاني أول من صنف الإبوذية إلى مُطلَق وَموَلَّد ثم قسم النوعين إلى مَن عُرِف قائلُه ومَا لَم يُعْرف قائلُهُ، وقد جمع منها آلاف الأبيات على فترة امتدت لأكثر من أربعين عاما قضاها متنقلا في مناطق الفرات الأوسط والجنوب وهي المعاقل الأصيلة للإبوذية في العراق، وتمكن من نسبة خمسين في المائة منها إلى قائليها. وبقيت خمسة وثلاثون بالمائة مجهولة القائل، والباقي يُشَك في نسبته او يتنازعه أكثر من شاعر. واستطاع بذلك نسبة أكثر من عشرة آلاف بيت إلى أكثر من خمسمائة شاعر ظهر خلال القرون الثلاثة الأخيرة أي القرن العشرين وما قبله. وقد قام بنشر الكثير منها في سلسلة منشورات دار البيان واتضخ له أنَّ بعض الأبيات تنْسَب خطأ لشعراء لم يقولوها او حتى لغير الشعراء ناهيك عن الإغارة على الأبيات الرائعة ومحاولة سرقتها في وقت كانت فيه ملكية الإبوذية مشاعة بين الناس إلا ما ندر مما تعرف الرواة على قائليه.
وعندما يتطرق الأستاذ الخاقاني إلى اسم الإبوذية يشبع الموضوع بحثا واستقراء فيذكر أنَّ للإبوذية أسماء قديمة ليس أولها ( أبو الأذية) أي من التألم وليس آخرها ( أبو ذِي يَهْ) أي البيت صاحب ال ( يَهْ)، وإنَّما يعرج بنا في سماء التاريخ عندما يسال الدكتور مصطفى جواد عن أصل الإبوذية فيجيبه بأنها مأخوذة من ( الدوبيت) ثم صارت ( ذوُ بَيْتْ) ثم حُرِّفت فصارت ( بُوْذَيْتْ) وأخيرا انتقلت إلى الإبوذية. ولعل الحكاية تشبه اسم مدينة سامراء الذي بدا بسر من رأى ثم ساء من رأى ثم انتهى بسامراء.
ويذكر الخاقاني انه استطاع الحصول على مخطوطة لم يُسَمِ كاتبها ضمت مئات الأبيات في الموال وعشرات الإبوذية والعتابة ويقدر تاريخها إلى ثلاث قرون قبل هذا القرن، اعتمادا على نوعية الورق والكتابة، وكان عنوانها ( أبيات عَتَابَة وَبْنَيَّةْ) مما أوحى له بان اسم الإبوذية لم يكن شائعا قبل قرن ونصف على الأقل.
أمَّا تسميتُها ( بالبْنَيَّهْ) فهو مقارب كما يعلق الخاقاني إلى ( بُوْذِيَّةْ)، ويضيف: إنَّ ( الِبْنَيَّه) هي غاية ما يتصوره الولد لإكمال وجوده وأن ألْطفَ تعبير يراه هو ( البنيه)،
ويقترح إنها أصبحت بعد فترة ( وَبْنَيَّه) ثم لاكتها الألسن فصارت ( بُوْنَيَّه) ثم انتقلت إلى إبوذية.
واسم الإبوذية ظهر في زمن الشاعر حسين العبادي على ما رواه له سباح آل ثاني، وقال إنَّ أول من نظمها حسين العبادي وأول بيت قاله فيها وهو يخاطب زوجته:
تَرفِ بْهِوَاك مِن مِثْلِي وَلِهْـدُوْم
َبثْنَايَاهَا الخَلَل بَيَّن وَلَهْدُوْم
اَمِلِّ الْفَرَس لُو كُبْرَت وَالهْـدُوْم
إشْبُصْرَك بِرْذَعَه الْنَّامَت عَلَيَّه
فاحَسَّت زوجته بقصده وقالت مفارقة له:
جِد بِهْوَاك لِلْيِهْوَاك وَعْرَه
عَمَن چِي عِشْرِتِي وَيَّاك وَعْــرَه
إوْ بَعَد مَانِي مَعَك بِشْظَاظ وَعْــرَه
إلْكِل مِنَّا إنْشَحَن وَانْكَر خَوِيَّه
وهناك ملاحظات على ما أورده الخاقاني منها قوله إنَّ الوثيقة التي عثر عليها تعود إلى ثلاثة قرون وفيها مئات الأبيات من المَوَّال والإبوذية والعتابة، وعلى أساسها يستند إلى أنَّ الإبوذية قيلت منذ ذلك الحين، فأعتقد إذا صح تاريخ الوثيقة التقديري، أنْ يكون عمر الإبوذية أكثر من ثلاثة قرون لأن جامع هذه الوثيقة ما قام بهذا العمل إلا بعد ثبوت وزن الإبوذية وشكلها وجناساتها وانتشارِها كفن من فنون الأدب الشعبي وتهافت الشعراء على نظمِها، وَكَثُر عدد أبياتها بحيث أنَّ جامع الأبيات لم يكتب لنا إلا المشهور منها وما هو جيد وبليغ، وهو موضوع يستغرق وقتا طويلا حتى يصل إلى ما وصل إليه، وربما تكون بذلك قد قيلت لأول مرة قبل قرن آخر من تاريخ هذه الوثيقة المخطوطة أي قبل أربعة قرون.
وعلى كل حال فإنَّ هذا التاريخ البعيد يتناقض مع ما رواه له سباح آل ثاني من أنَّ أول من نظمها هو العبادي قبل حوالي نصف قرن.
وبالنسبة لرواية الشيخ سباح حول أول من نظمها ففيه نظر، ذلك أنَّ فنون الشعر تظهر أول مرة بشكل بدائي وبكل تأكيد على يَدَي أحد المبدعين، ثم تبدأ بالانتشار والتوسع فيضاف إليها ويحذف منها ويتغير شكلها وربما وزنها أيضا ويمضي عليها زمن ليس بالقصير قبل أنْ تأخذ شكلها النهائي ويبرز شعراؤها ومتذوقوها وجامعوها، بالضبط كما حدث مع الموال الذي ظهر رباعيا ثم تحول خماسيا وأعرجا ثم نعمانيا وربما كان قبل كل ذلك قَوْما او كَان وَكَانْ. وعليه لا يمكن أنْ يكون أول من قالها العبادي فأتى بها تامة مُجَنَّسَة موزونة هكذا فجأة دون تقليد او تطوير. وعلى افتراض انه تمكن من ذلك فكيف تمكنت زوجته أنْ تجيبه بنفس الوزن والشكل والجناس مباشرة لو لم يكن هذا النوع من الشعر معروفا ومتداولا وله عشاقه وشعراؤه وتعلمته حتى النساء.
لقد مر بنا أنَّ فن المواليا الذي يعتقد بأن الإبوذية قد نشأ منه كان قد بدأ فصيحا ثم استقر شعبيا مع ميل إلى استعمال الجناس فيه وهو الأمر الذي التصق بهذا الفن ولم يغادره أبدا. وقد نشأ هذا الفن في مدينة واسط كما ذكرنا سابقا، ولعل أهل البطائح، ( الأهوار) هم الذين اخترعوه او نشروه، كما يذكر ابن الجوزي إبان نفيه إلى هذه المنطقة سنة 592هـ /1195م. أمَّا بالنسبة إلى اسمها فإنَّي أؤيد الرأي القائل بأنه ( ذي يَهْ) لأننا رأينا فنون الشعر الأخرى تكنى بمسميات لها علاقة بنهاية ( رَبَّاطاتها) مثل الهَات الذي ينتهي دائما بالف وتاء ويقال عنه ( أبو الهات) أحيانا، و( البُومْعَنَّه) الذي ينتهي بنون وهاء، و( الْعَتَاب) الذي ينتهي معظمه بالف وباء، كذلك الْمَيْمَر ( أبو نْخَيلَة) الذي كان يبدأ بكلمة ( بونخيلة) وينتهي بيته براء. وحتى الكان وكان مشتق إسْمُه من الكلمات التي تتردد فيه. بينما لم يكنَّ الموال ب ( أبو) لأنه ينتهي نهايات مختلفة بحسب جناساته.
ثم الْتَقِي مع الأستاذ الخاقاني بان ( ذِي يَهْ) أضيف إليها ( أبو) فأصبحت كما هي الآن. وربما كان يقول الشاعر سآتيكم ( بِذِي يَهْ) أي كما نقول سآتيكم بموال التي يسبقها حرف الجر وهو الباء، او يقول أجبت الشاعر الفلاني ( بِذِي يَهْ) ثم وُحِّدَت الياءان ووضعت عليهما الشدة فكانت ( بُذِيّة). وهنا التقي مع الاستاذ الخاقاني أيضا الذي يرى أنَّ كلمة ( بُنَيّه) لاكتها الألسن فأصبحت ( بُذيّه)، وواصلت تغيرها حتى أخذت شكلها النهائي وهو الإبوذية .
ومن الجدير بالذكر أنَّ كلمة ( بُنيَّه و بُذيَّه) قريبتان من بعظهما بخط اليد وحتى بالطباعة الحديثة كما يلاحظ القارئ الكريم، فلا يبعد أنْ يكون عنوان الوثيقة التي حصل عليها الخاقاني هو ( أبيات عَتَابَة وَبُذيَّةْ) بالذال وليس بالنون، فحصل التباس لكون الوثيقة قديمة فقرأها الخاقاني بالنون، كما أنَّ تحليله حول أنَّ ( البُنَيَّه) هي غاية ما يتصوره الولد لإكمال وجوده وأنَّ ألطَفَ تعبير يراه هو ( البُنَيَّه) مصغر بنت، غير مقنع.



#هاشم_نعمة_الفريجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم نعمة الفريجي - لمحة تأريخية عن الإبوذية في العراق