أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - منازلة الصمت- قصة قصيرة














المزيد.....

منازلة الصمت- قصة قصيرة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3148 - 2010 / 10 / 8 - 17:16
المحور: الادب والفن
    


الساعة أشارت الى العاشرة والنصف.

كنت جالسة على سريري دون حراك, أمسك بيدي كتابي, الذي اقتنيته مؤخّرا لقتل عاداتي القديمة, وقتل انتظاري... أقرأ فيه منذ أكثر من ساعة.

في الخارج كان الهدوء يطبق على الكون, والظلمة تلفّ الأرض, وحدها الرياح كانت تصفّر من حين الى آخر, كأنها رياح الشوق تناديني, تريد أن تغويني وتجعلني أنسى يقيني مرة أخرى.

المنضدة الصغيرة التي بجوار سريري كانت خالية, بعد أن حرّرتها من هاتفي الصامت صمت الجفاء... والقطيعة... والتحدّي, ووضعته بعيدا هناك على الرفّ, وتوقّفت عن الإنتظار, وعدّ الأيام... أيام الصمت... والجفاء... والعذاب.

في داخلي كان قلبي ما يزال يحترق حبا وشوقا, ويصطدم بعزة نفسي التي دخلَت في منازلة الصمت بحزم واصرار, بعد أن اقتنعتُ أخيرا بضرورة المواجهة, مواجهةً تضع حدا قاطعا لهذا الجنون, مهما كانت صعبة وشاقّة, والدفاع عن كرامتي التي تعريت منها منذ زمن, بكل ما أوتيت من قوة وشجاعة. فإن كان الذي أحب لا يبالي بعذابي وشقائي, اذا فهو لا يستحق ذرة من حبي, والأفضل أن يبقى بعيدا غارقا في صمته, وأبقى أنا هنا قاعدة في مواجهة الصمت, أنازع اشواقي الملتهبة, وأهدم أحلامي الشاهقة, وأودّع عني حبه الآثم.

أفكار كثيرة كانت تدور في ذهني وأنا جالسة هناك أحتضن كتابي, أركض بعيني وراء الكلمات الهاربة من بين السطور.

وفجأة... رنّ الهاتف!

وقفز قلبي داخل صدري... أراد أن يرقص للوهلى الأولى, ولكن سرعان ما أمسكته ورميته في بقعته, فاستكان فيها مقهورا مذلولا.

قمت من مكاني واقتربت من الرف. مددت يدا مترددة وأمسكت بالهاتف. نظرت الى الرقم. انه هو!

وقفت في مكاني تلفّني الحيرة وتضجّ في نفسي أسئلة كثيرة.

هل أرد؟؟ ماذا سيقول؟ وكيف أرد على أقواله؟ ربما الأفضل أن لا أرد وأدعَ الصمت يتمدد بيننا ويفعل فعلته.

وأخيرا... هزمني فضولي للرد.

"آلو؟"

"... آلو؟؟" فاجأتني الرجفة التي في صوته... رجفة التردد والخوف.

"نعم؟"

صمتَ قليلا, ثم سأل: " كيف حالك؟؟" وكأن لسانه لم ينقطع عن ذلك السؤال يوما واحدا.

"ماذا تريد؟" سألته بحدة.

فقال بلا خجل, بصوت مغلّف بالرقة: "اشتقت لسماع صوتك." ظانا أنه ما زال يملك مفاتيح قلبي, ودون أن يدرك أن قلبي المغشى بالجراح استعاد مفاتيحه في غيابه.

"أحقا؟!" قلت بلا تصديق.

تفاجأ صوته وظلّ عالقا في حنجرته لحظة طويلة.

"ألا تصدقين؟" قالها بخفوت... وضعف... وقلق.

"لا يهمّ." قلت له بكل ثقة.

ثم قال باندفاع, كأنه يهمّ لإنقاذ الحال: "ولكن, أنا يهمّني! أريدك أن تصدّقي كم أنا..."

"لم يعُد يهمّني ماذا أنت!"

فاجأته لكماتي المتكررة. تعثّر لسانه أمام صلابتي.

ثم قال بلهجة شبه يائسة: "بهذه السرعة نسيتِني؟!" ناسيا كم من مرة ذهب بعيدا... في صمته... وصدّه.. وظلمه. ذهب ظانّا أنه سيجدني بانتظاره, كالعادة, متى شاء ان يعود. ولم يتخيّل لحظة أنني هذه المرة لن أنتظره!

"بل تذكّرت نفسي قبل فوات الأوان." قلت له.

وتذكّرت عزة نفسي التي مزّقتها الأيام.

"انا ما زلت أحبك!" قالها برجاء يائس.

يحبني بكبريائه المشتعلة... القاتلة.

"تأخّرت كثيرا." قلت له بخيبة وأسى.

مزّقتُ حبه في قلبي, وقضيت عليه قضاءً مبرما, ونثرت أشلاءه الى الرياح المصفّرة في الخارج, وودّعت ضباب الأسى وغيوم الماضي التعيس وداع الطيور للروض الكئيب.

كفر كما
مايو 2010



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الثاني
- مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الأول
- العودة- قصة قصيرة
- حدّثتني جدتي...
- بيت الأحلام- قصة قصيرة
- الشاردة- قصة قصيرة
- حب خلال الهاتف- قصة قصيرة
- أحلام كبيرة- الحلقة الحادية عشر والأخيرة
- أحلام كبيرة- الحلقة العاشرة
- أحلام كبيرة- الحلقة التاسعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة
- أحلام كبيرة- الحلقة السابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة السادسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الرابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - منازلة الصمت- قصة قصيرة