أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فواز طرابلسي - عدالة الانقلابات















المزيد.....

عدالة الانقلابات


فواز طرابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3146 - 2010 / 10 / 6 - 08:31
المحور: بوابة التمدن
    












لم يلفت النظر بما فيه الكفاية الى مدى الشبه بين التعاطي السائد مع المحكمة ذات الطابع الدولي وبين التعاطي التقليدي مع القضاء والقانون والمحاكم في لبنان. بمعنى آخر، لقد تلبننت المحكمة ذات الطابع الدولي أكثر بكثير مما يبدو على السطح.
في العادات السائدة أن المثول أمام المحكمة إهانة بحد ذاته، حتى ولو أن المستدعى إليها استدعي بصفة شاهد. ومحاولات التأثير في المحكمة والحكم تمضي على درجات متصاعدة: بالواسطة والنفوذ ثم بالمال. وليس دوماً بهذا الترتيب. وإذا لم ينفع المال فبالتهديد. والمخالف الصغير يتذرع بالمخالف الكبير والكبير بالأكبر منه. والأخيران لا يطالهما القضاء عادة (ماذا حلّ بفضيحة بنك المدينة مثلاً؟). إلى هذا، إذا رضينا بالمحكمة، فنريدها أن تصدر الاتهام والحكم والعقوبة سلفاً على هوانا. وعندما يجدّ الجدّ، لا بأس من تهديد القضاة وصولاً إلى الاغتيال. وإذا مرّ الاغتيال دون اكتشاف الجناة، كما هي حال قضاة محكمة صيدا، أو دون معاقبتهم، فخير على خير: هذا درس يردع القضاة عن الحكم بمقتضى القانون والضمير ومقاومة الضغوط والصمود أمام التهديدات.
أما عندما يتعلق الأمر بجرائم القتل فيكون اللعب على قانونين: القانون الوضعي والقانون العرفي. وعندما يندغم القانونان، تشهد مأساة «العدالة المباشرة»، كما في طقس القتل الجمعي في كترمايا. وفي التعاطي مع القضاء، ولو كان دولياً، بالمنطق العرفي، تعطى الأولوية لـ«ولي الدم» فيصير حجر الرحى في القضية، له القول الفصل فيها ـ لا للمحقق ولا للمحامين ولا حتى للقاضي ـ. لولي الدم أن يسقط حقه، فيسقط معه الحق العام، أو هكذا يُراد لنا أن نصدّق. سيان أكان إسقاط الحق بواسطة الصلحة أم بقبض الديّة. وما أدراك ما الديّات السياسية؟
في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قطع الاتهام الطريق على التحقيق منذ البداية. عندما يطالبنا «أولياء الدم» الآن بانتظار كل مراحل المحاكمة، لا يجيبوننا لماذا سارعوا أصلاً إلى «الاتهام السياسي»، الذي تراجعوا عنه مؤخراً، ولم يتركوا للتحقيق والمحكمة أن يأخذا مجراهما القانوني؟ وعلى فرض أنهم لم يستطيعوا كتمان الاتهام السياسي ضد دمشق في العام 2005 أمام هول الجريمة والجرائم التي أعقبتها، فلماذا لجأوا إلى شهود الزور؟ ولماذا قدّموا العام 2010 اتهاماً بحق عناصر من «حزب الله» كان معروفاً لديهم منذ العام 2006؟
للسؤال جواب: كان المطلوب تحويل اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى مناسبة ليس لإخراج الجيش السوري من لبنان وحسب، إنما لإسقاط النظام في دمشق لوهم يقول إنه لن يستطيع البقاء دون ولايته اللبنانية. أما على الصعيد المحلي، فكان المتوقع لتلك التوقعات أن تحسم أمر الغلبة الداخلية لمعسكر 14 آذار دون منازع. وهنا محاولة الانقلاب.
صدّت المعارضة المحاولة بتضافر عوامل داخلية (من التظاهرات والاعتصام المديد في وسط المدينة وصولاً إلى أيام أيار 2008 الدامية) وتحولات إقليمية (التقارب بين سين وسين) ومتغيّرات دولية (أبرزها فشل المغامرة العسكرية الأميركية المدمرة في العراق).
كالعادة لم ينطبق حساب حقل سياسيي الداخل على حساب بيدر القوى الإقليمية والدولية.
في المقابل، لم ينجح الانقلاب المضاد إلا جزئياً. لم تستطع المعارضة فرض نفسها أكثرية في الانتخابات النيابية ولا فرض مرشحها للرئاسة الأولى رئيساً. ولكن تمخضت تسوية الدوحة عن حضور المعارضة الحكمي في السلطة التنفيذية وعن تعطيل منطق الأكثرية النيابية بواسطة الثلث الإلزامي في تشكيل الحكومة. ومثلما أن نقيضين لا يبنيان وطناً، فإن معسكرين انقلابيين لا يصنعان حكومة ـ ولو أسموها ائتلافية ـ ولا يحققان السلم الأهلي. والمؤكّد أنهما باتا يهددانه تهديداً.
فيما كانت المحكمة أداة انقلاب، ها هي الآن تنقلب على انقلابييها وتطلق محاولة انقلاب جديدة، هي الانقلاب على المحكمة. فمرة أخرى لم ينطبق حساب حقل السياسيين اللبنانيين على حساب البيدر الإقليمي. ساد الظن أن «اتفاق سين سين» سوف يعني انفكاك دمشق عن طهران وإمكان تحميل «حزب الله» ـ برضاه! ـ اتهام عناصره «غير المنضبطة» باغتيال الرئيس رفيق الحريري. بل ساد اعتقاد وجيز أنه يمكن الاكتفاء بالاعتذار عن الاتهام السياسي لتحقيق الصلحة بين «تيار المستقبل» ودمشق. لم يستوِ الأمر محلياً ولا إقليمياً، ناهيك عن الضغوط الدولية، أميركية منها وإسرائيلية. ربما فرطت مصالحة سين وسين في بغداد، وإن تكن صمدت بما فيه الكفاية لتغطية البدء بالمفاوضات الفلسطينية دون النجاح في التغطية على استمرارها.
حتى أن معادلة «المحكمة في مقابل الحكومة» لم تعد كافية. لم يعد رافضو التسييس يكتفون بالمطالبة بمحكمة غير مسيّسة. ولم يعد «حزب الله» يصر على تسييسها إسرائيلياً. بل انتقل، على لسان بعض نوابه، إلى تخوين مَن لا يزال ينادي بالمحكمة الدولية أصلاً. ويبدو أن الأوان قد فات حتى على التضحية بمحاكمة شهود الزور بما هم أكباش محرقة لإنهاء قضية المحكمة. تسارعت مطالب معسكر 8 آذار إلى المطالبة برأس المحكمة الدولية ذاتها، والتهديد بمعادلة أن التمسّك بالمحكمة يعني الاقتتال الأهلي. رد الضابط المخابراتي الذي اجتمع بأرييل شارون 52 مرة خلال الغزو الإسرائيلي للبنان العام 1982، بدعوة معسكر 14 آذار إلى التزوّد بالأدوات ذاتها التي يملكها «حزب الله» لتحقيق توازن إرهاب بين المعسكرين.
في التباهي اللبناني حول ميزات نظام الطوائفيات والمذهبيات المسيّسة، أن البلد يملك من تقاليد «العيش الواحد» والحريات ما حمى لبنان من الانقلابات العسكرية التي عصفت بالمنطقة في الخمسينيات والستينيات وأورثتها الأنظمة الدكتاتورية السائدة. بعض نقّاد هذا التبجّح كانوا يقولون: يا جماعة، صحيح، يتمتع لبنان بقدر من الحريات، لكنها ليست ممأسسة ولا هي مشرعنة كلياً ولا تعادل النظام الديموقراطي بالمعنى الفعلي للكلمة. ثم يضيفون على شيء من الاستحياء: إن الحروب الأهلية ليست أقل ضرراً من الانقلابات العسكرية. أقل ما يقال الآن أننا، في أعقاب خمس عشرة سنة من أهوال الحروب الأهلية، لم نفلت من محاولات الانقلابات الأمنية ـ العسكرية ـ السياسية. فات النقّاد أن الحروب الأهلية تورث قواها، خصوصاً وقد ارتقت إلى سدة الحكم، المنطق الانقلابي الذي هو التعبير «السلمي» عن المنطق العسكري ـ الميليشياوي زمن الحرب.
وكأنما هذه العدالة الانقلابية اللبنانية ليست كافية. كان لا بد من أن تضاف إليها عدالة انقلابية سورية أطول باعاً بكثير، أطلقت مذكرات جلب لثلاثة وثلاثين شخصاً معظمهم من اللبنانيين وفيهم سوريون وأجانب، بناء على لائحة استنسابية لمدير سابق للأمن العام. وعززتها تصريحات تذكّر بالأيام الخوالي بينها ما يفيد «الرئيس الحريري يعرف واجبه». والسؤال: مَن يحدّد واجبات رئيس وزراء لبنان؟!!
قد يكون إصدار دمشق مذكرات الجلب من قبيل التصعيد في شد الحبال حول مصير المحكمة. وفي انتظار البازار الذي سوف يعقب ذلك، فالمؤكّد أن عدداً كبيراً من اللبنانيين، خصوصاً من الجيل الجديد، قد فوجئ بحق محكمة في دمشق إصدار استنابات لمواطنين لبنانيين بالمثول أمامها. كائناً ما كانت الدقة القانونية في هذا الاستنساب السياسي بامتياز، يصح أن يقال لهؤلاء الشباب إن الاستنابات تسعى لمرتكز قانوني في «معاهدة الدفاع والأمن» اللبنانية السورية، وهي تحتاج إلى التعديل حكماً. وهي مناسبة، لمطالبة هؤلاء الشباب بإحصاء عدد الذين صوّتوا على هذه المعاهدة من زعماء ونواب وسياسيين ووزراء ينتمون الآن إلى معسكر 14 آذار. فإذا قالوا لكم إن غازي كنعان أجبرهم على التصويت، فاسألوهم: لماذا لم يرفضوا. وإذا قالوا إنهم تعرّضوا للتهديد، فاسألوا المجيب: لماذا لم تستقل من النيابة أو الوزارة؟ ألا تستحق السيادة والحرية والاستقلال مثل هذه «التضحية»؟
[email protected]





السفير



#فواز_طرابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاح النفط في المعركة ... الأخرى
- من حفر القبور إلى «تثوير النبوّة»
- لبنان من دون فلسطينيين!
- مفاوضات واشنطن وبوسطة ناجي العلي
- العراق: خرّبوا البلد وهربوا
- أماتوا الماركسية.. فلمَ لا تزال حية؟ (2)
- أماتوا الماركسية مراراً... فَلِمَ لا تزال حية؟(1)
- الفيلم البوليسي الطويل: سيناريو جديد
- وثيقة «حزب الله»: هل «النظام» من الإيمان؟
- المرأة العربية زمن الردّة
- لا يكفي أن يكون تشافيز مع الفقراء!


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - فواز طرابلسي - عدالة الانقلابات