مَنْ يُغَني لا يعَرفُ الشر

ئاشتي

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 23:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

يتأرجح في روحك الفرحُ،فتصغي إلى ضوضاء الصمت،بكل ضجيج نواقيسه،وبكل انفعالات ضوضائه الخرساء،لكي تسترجع ذاكرة الزمن الذي استطال منذ قرون مضت،زمنك العراقي بكل تفاصيل انكساراته،وبكل تفاصيل انهزاميته،وتراجعه ونكوصه،بكل سواد نهاراته ولياليه،بكل تعرجات تاريخه الذي اتعب الحكام،وبكل تاريخ تعرجات حكامه الذين أتعبوا العوام،لعلك تجد فارزة واحدة،تبحث في منع صوت الناي عن بث الحزن،(ما أكثر الحزن في العراق !!)،أو عن فارزة تبحث في منع نغمات أوتار العود وهي تصلي لفجر أزرق،(لماذا يريدون للفجر رداءً رماديا؟؟)أو ربما عن فارزة تبحث في منع قول الشعر(هل سيقطع الشعراء ألسنتهم؟؟)،فلم تجد كل هذا،إلا في هذه السنوات السبع،والتي شبعت من قحط الجمال،رغم عدم انحناء قامات من يرفعون راية الجمال.
يتأرجح الفرح في روحك،فيفرش كابوس المنع على جفنيك أجنحته،ويمضي بك إلى غابات الوحشة،كي يرتوي هو من زمهرير طغيانه، فتأريخ الطغيان موسوم بسواد المنع،منع كل ما يمنح الضوء لعيون العشاق،منع كل ما يرسم الابتسامة على شفاه المحبين،منع كل ما يتناغم وصوت العصافير،منع كل ما ينسجم وخرير مياه الينابيع،منع كل ما يلامس شغاف القلب من نغم هادئ ،منع كل ما يجعل الروح تحلق بعيدا مع أمواج دجلة في مساء شفيف،كابوس المنع يفرش أجنحته،ليس على جفنيك فحسب،بل يفرشه على كل زاوية تريد أن تتنفس الفرح، ذلك الذي غادرنا،منذ أكثر من أربعين عاما.
يتأرجح الفرح في روحك،وأنت تستعيد تلك الذاكرة،ذاكرة الزمن الحاضر،زمن الأمس،وفي الأمس كانت دماء العراقيين،ترتوي منها الأرصفة،وصحائف معادن السيارات،مثلما تستعيد ذاكرة الغد،فمازال الشر يحلق في سماء الوطن،يلقي بظلاله على كل منحنى في كل مدينة،لا يرتوي من دماء العراقيين،يبحث عن المزيد منها في كل لحظة حزن،مع كل هذا،نرى أجنحة كابوس الفجيعة تمنع الغناء،لأن بالغناء،وبالغناء وحده يمكن أن تتكسر أجنحة كابوس الفجيعة،وبالغناء وحده يمكن أن تصان دماء العراقيين،وبالغناء وحده يمكن أن نرى سماء عراقنا زرقاء،وبالغناء وحده نستطيع أن نتعانق كأبناء وطن واحد،وبالغناء وحده نبني وطنا من بنفسج وياسمين.،لأن من يغني لا يعرف الشر...لا يعرف الشر أبدا.

#ئاشتي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات